جهينة نيوز:
"بالرغم من هزيمة المشروع الإرهابي في سورية، والذي كان أداة لتعميق الحرب المفروضة على البلاد، لكن واشنطن ماتزال تعتقد أنها قادرة على التحكم برافعة العدوان، وتحريكها في اتجاهات عديدة، آخر هذه الاتجاهات، التحرك نحو العقوبات الاقتصادية، وفرض قانون قيصر، الذي عزز من استمرار واشنطن في سرقة مقدرات الشعب السوري، وزيادة الضغوط المعيشية عليه، فسرقة النفط السوري بكل الأشكال التي تمارسها الإدارة الأمريكية، دليل إدانة جديدة ضدها"، يقول حسام زيدان في مقالته المنشورة اليوم في موقع قناة "العالم" الإخبارية، ويضيف: في هذا السياق أفاد السيناتور الأمريكي عن الحزب الجمهوري "ليندسي غراهام"، بأن المسؤول العام لـ "قسد"، وقع اتفاقاً مع شركة نفط أميركية لتحديث حقول النفط في شمال شرق سوريا، وكشف "غراهام" خلال جلسة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بحضور وزير الخارجية مايك بومبيو، عن أن مسؤول "قسد"، "مظلوم عبدي"، أبلغه أنه وقع اتفاقاً مع شركة نفط أميركية لتحديث حقول النفط في شمال شرق سوريا، وأعرب الوزير "بومبيو" عن دعم الإدارة لهذا التوجه، وقال: إن الاتفاق أخذ وقتا أكثر مما كان متوقعا"، مضيفاً: نحن في إطار تطبيقه الآن.
ويتابع الكاتب: المعلومات الواردة من الجزيرة السورية تؤكد أنّه من المزمع قيام شركة “Delta Crescent Energy LLC” "الأمريكية بتشغيل آبار جديدة لحقول النفط السوري برعاية السيناتور الأمريكي غراهام بعد توقيع الاتفاقية مع قوات "قسد"، حيث تسيطر القوات الأمريكية على أهم حقول النفط والغاز في شرق سوريا، وأبرزها حقل “العمر” النفطي، الذي يعد أكبر حقول النفط في سوريا مساحة وإنتاجاً، وعلى حقل “التنك”، وهو من أكبر الحقول في سوريا بعد حقل “العمر”، ويقع في بادية الشعيطات بريف دير الزور الشرقي، بالإضافة إلى حقل “كونيكو” للغاز، وهو أكبر معمل لمعالجة الغاز في سوريا، كما يُستفاد منه في إنتاج الطاقة الكهربائية ويقع بريف دير الزور الشمالي. وحقول " رميلان " بمحافظة الحسكة. وحقول " الجبسة " للغاز بالحسكة.
ويضيف: إن التقييمات الموضوعية لتوقيع هكذا اتفاقية، لا تنفصل عن الواقع السياسي والعسكري والاستراتيجي في المنطقة، وكلها تدور في فلك الخطة "ب " التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن أسقطت سوريا مخطط العدوان، واستطاعت أن تمزّق رزمة العدوان " أ " والتي كانت تعتمد على المجموعات الإرهابية المسلحة، والمؤشرات تكشف عن أن تكثيف العدوان الأمريكي على الحدود السورية العراقية وفي بادية السخنة من خلال خلايا "داعش" الإرهابي، لا تكاد تترك مجالاً للشك أنّ القيادة المركزية للعدوان تنتقل للمرحلة "ب" والتي تراهن على الدواعش بقطع التواصل الجغرافي بين سوريا والعراق، لحرمان سوريا من منفذ بري يصلها بالعاصمة الإيرانية، ويضيق عليها اقتصاديا أكثر، وذلك لكسب الوقت وإنهاء مشروعهم بالسيطرة الكلية والنهائية على حقول النفط والغاز في الجزيرة السورية، ما يعني أنّ الإشغال مايزال مستمراً، وفي الوقت ذاته يأتي توقيع هذه الاتفاقية والإعلان عنها، لإيصال رسائل سياسية، منها أنّ الإدارة الأمريكية وخلافاً لكل التصريحات السابقة، تحاول إيهام المجتمع الدولي والإقليمي، أنّها تعترف بما يسمى "الإدارة الذاتية" و"قسد" وأنّ توقيع الاتفاقية معها يجعلها مخولة بالتحكم والتصرف بكل مقدرات وثروات مناطق الجزيرة السورية، وهذا يعني الاستمرار بمشروع الانفصال والحكم الذاتي، وتفتيت سوريا إلى مناطق وأقاليم، ما يعزز أنّ الولايات المتحدة الأمريكية، قوة متوحشة تهدد النظام المركزي العالمي، من خلال الغطرسة، وأنّها لا تلقي بالاً للقوانين الدولية، بل تزدري المبادئ والمواثيق لفرض هيمنتها على المنطقة بكل ما فيها من ثروات.
ويقول زيدان: الغريب في الأمر أنّ واشنطن التي تملك أغبى وزير خارجية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، تتجاوز بيدها الآثمة الشرعية الدولية، وتتعدى وتنهب وتصادر ثروات الشعوب، عبر نهج البلطجة، والعقوبات الاقتصادية وما ينتج عنها من تهديد للتنمية الاجتماعية والإنسانية، وهذا ليس غريب على الولايات المتحدة، التي بدأت منذ فرض الحرب على سوريا، بسرقة كل مقدرات الشعب السوري، الزراعية والنفطية، وانطلقت بإخراج نفسها من الاشتباك العسكري بشكل مباشر إلى التفرغ، لسرقة النفط، والحفاظ على ثقلها السياسي في مناطق الجزيرة السورية، وجغرافيا انتشار "قسد"، مع إبقاء الضغط الاقتصادي على سوريا، وحرمانها من الموارد والذهب الأسود، حيث تؤكد المعلومات الخاصة أنّ توقيع الاتفاق الأخير، لم يكن إلا خطوة نهائية بعد إنهاء خطة أمريكية لاستثمار حقول النفط والغاز، عبر عمليات مد أنابيب لنقل النفط خارج البلاد، من مناطق دير الزور، مع الاعتماد أيضا على توفير أسطول من الصهاريج أيضاً لتهريبها، ضمن مخطط لرفع كمية الضخ والاستخراج يومياً، وتشير المعلومات إلى أنّ الصهاريج تابعة لشركة عراقية خاصة اسمها "شركة الناجي" وهي شركة توفر الصهاريج لنقل النفط الخام من حقول دير الزور إلى الشدادي بريف الحسكة الجنوبي، ومنها تنطلق الصهاريج بمرافقة عسكرية إلى منطقة الرميلان القريبة من معبر المحمودية الحدودي مع شمال العراق، وتبين المصادر أنّ أكثر من 150 صهريجاً يعبّر الحدود يومياً في وضح النهار.
ويختم زيدان بالقول: إن المؤسسات الدولية التي لا تحرك ساكناً بوجه الانتهاكات الامريكية وسرقة النفط السوري، تحولت إلى مؤسسات بلا مصداقية، بل في بعض الأحيان شريكة مع واشنطن في ظلم الشعوب، وإن استعادة الحقوق المسلوبة من قبل الولايات المتحدة الامريكية، لا ينتظر الإرادة الدولية التي تحتاج الى استعادة دورها، والرهان الآن على اخراج الأمريكي من المنطقة، بكل السبل المتاحة، وإحقاق القانون الذي لا يستثني أحداً، والجميع يعلم أنّ واشنطن لن تفلت من العقاب على ما ارتكبته بحق العالم أجمع وشعوبه، وشعوب منطقتنا بالذات، وآخر هذه الجرائم الإرهاب المنظم بشقيه التكفيري والاقتصادي، والتي ماتزال تستثمر فيه