"مُشعِلة الحروب رقم واحد"...الولايات المتحدة تعتبر ما اقترفته من فظائع بحق المدنيين "أخطاء غير مقصودة"

السبت, 21 أيار 2022 الساعة 17:32 | سياسة, عالمي

جهينة نيوز

على مدى تاريخها الممتد لأكثر من قرنين من الزمان، ظلت الولايات المتحدة مهووسة ببناء نظام حرب دائمة. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كثيرا ما أثارت المولعة بالحروب ولديها طموح ملتهب إلى إدامة هيمنتها العالمية، حروبا أو انخرطت فيها هنا وهناك.

من الحرب الكورية وحرب فيتنام إلى حرب العراق وحرب أفغانستان، ارتكبت الولايات المتحدة، التي وصفها الرئيس الأسبق جيمي كارتر بأنها "مُشعِلة الحروب رقم واحد"، فظائع جماعية بحق المدنيين الأبرياء مرارا وخلقت العديد من الكوارث في مجال حقوق الإنسان.

لكن هذه الجرائم الدنيئة ضد الإنسانية قوبلت بالتجاهل ولم تتحقق فيها العدالة بعد. دعونا نلقي نظرة على ما ارتكبه ما تسمى بـ"صانعة السلام الليبرالي".

-- الحرب الكورية

كانت مذبحة نو غون ري، وهي واحدة من أكثر الهجمات التي ارتكبها الجيش الأمريكي خلال الحرب الكورية دموية، مدفونة في أعماق التاريخ، حتى كشفت وكالة ((أسوشيتد برس)) هذه المأساة الرهيبة في عام 1999.

بعد اندلاع الحرب، سرعان ما واجهت القوات الأمريكية انتكاسات بينما كانت قوات جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية تتقدم إلى الأمام. في 26 يوليو 1950، وخوفا من أن تتنكر قوات حرب العصابات التابعة لكوريا الديمقراطية في صورة لاجئين، أمر القادة الأمريكيون الوحدات التي كانت تتقهقر في جميع أنحاء كوريا الجنوبية بإطلاق النار على المدنيين.

وقُتل حشد من اللاجئين، كثير منهم من النساء والأطفال، في هجوم جوي وبنيران الأسلحة الصغيرة والثقيلة لفوج سلاح الفرسان الأمريكي السابع على جسر للسكك الحديدية بالقرب من قرية نو غون ري في وسط كوريا الجنوبية، وفقا لما ذكره تقرير ((أسوشيتد برس)).

ولقي نحو 400 لاجئ مصرعهم في المذبحة، وفقا لما جاء في سلسلة من الالتماسات التي قدمها كوريون للمطالبة بإجراء تحقيق أمريكي في عمليات القتل.

في عام 2001، أجرى الجيش الأمريكي تحقيقا واعترف بوقوع عمليات القتل، لكنه وصف المذبحة التي استمرت ثلاثة أيام بأنها "مأساة مؤسفة متأصلة في سياق الحرب وليست قتلا متعمدا".

إلى جانب المذبحة، أجرى الجيش الأمريكي أيضا عمليات حرب جرثومية سرية في شمال كوريا الديمقراطية وبعض الأنحاء بشمال شرق الصين، حيث أمر طائرات أمريكية بإسقاط ناقلات للفيروسات مثل حشرات وجرذان مصابة ببكتيريا يرسينيا وضمة الكوليرا.

في الحرب التي استمرت ثلاث سنوات، لقي أكثر من 3 ملايين مدني حتفهم، وأصبح حوالي 3 ملايين آخرين لاجئين.

ويشبه بروس كامينجز، المؤرخ الأمريكي لشرق آسيا، القصف العشوائي الذي شنته القوات الأمريكية إبان الحرب الكورية بالإبادة الجماعية. وفيما يتعلق بذبح المدنيين، قال إن "حليفنا الديمقراطي ظاهريا كان أسوأ جاني".

-- حرب فيتنام

في 16 مارس 1968، قامت سرية من الجنود الأمريكيين بغزو قرية ماي لاي الفيتنامية في مهمة بحث وتدمير، وقتلت بوحشية حوالي 500 من المدنيين العزل، معظمهم من كبار السن والنساء والأطفال، بما في ذلك ما يقرب من 50 دون سن الرابعة.

في عام 1989، في مقابلة من أجل الفيلم الوثائقي البريطاني أربع ساعات في ماي لاي، ذكر فارنادو سيمبسون، وهو جندي أمريكي شارك في المذبحة، أنه قتل حوالي 25 شخصا وأضاف سلخ فروة الرأس والتشويه الجسدي إلى وصفه للأحداث.

ولكن، في تلك السنة الانتخابية من عام 1968، تم التستر على مذبحة ماي لاي لمدة 20 شهرا من قبل الجيش الأمريكي، الذي أخفى أفعاله البربرية وأساء تصويرها واصفا إياها بأنها "انتصار مدو" في جبهة القتال بفيتنام.

كما إن ملفات الجيش الأمريكي التي رُفعت عنها السرية، كجزء من أرشيف سري تم تجميعه من قبل فرقة عمل تابعة للبنتاغون في أوائل سبعينيات القرن الماضي، تصف بالتفصيل 320 حادثة تردد أنباء عنها وأثبت المحققون بالجيش وقوعها، حسبما كشفت صحيفة ((لوس أنجليس تايمز)) في عام 2006.

علاوة على ذلك، رش الجيش الأمريكي ما يقرب من 20 مليون غالون من المبيد النازع لأوراق الشجر والمعروف باسم العامل البرتقالي في فيتنام، ما أسفر عن مقتل 400 ألف فيتنامي وترك مليوني آخرين يعانون من السرطان أو أمراض أخرى.

استمرت حرب فيتنام لما يقرب من 20 عاما، قُتل خلالها مليونا مدني وأصبح أكثر من 3 ملايين لاجئ.

في كتابه "اقتل أي شيء يتحرك: الحرب الأمريكية الحقيقية في فيتنام"، طرح المؤلف نيك تورس سؤالا مقلقا قال فيه: لماذا، رغم كل الأدلة التي جمعها الجيش الأمريكي، لم تتم ملاحقات قضائية بشأن الفظائع التي ارتكبت في فيتنام؟

"كما رأيت" هكذا كتب تورس، "فإن القتل العشوائي لغير المقاتلين في جنوب فيتنام -- المذبحة اللانهائية التي قضت على المدنيين يوما بعد يوم، وشهرا بعد شهر، وعاما بعد عام طوال حرب فيتنام -- لم يكن عرضيا ولم يكن غير متوقع".

-- حرب العراق

في 19 نوفمبر 2005، قتلت قنبلة زرعت على جانب الطريق جنديا أمريكيا في بلدة حديثة غربي العراق. وبعدها، اقتحم بعض مشاة البحرية الأمريكية منزلين بالقرب من موقع القصف وذبحوا ما لا يقل عن 24 من المدنيين العراقيين العزل، بينهم نساء وأطفال.

في مارس 2006، كانت مجلة ((تايم)) من بين أوائل وسائل الإعلام التي جمعت قصة بلدة حديثة، والتي قال فيها مراسلها إن "الجثث التي رأيتها، والتي تم إخراجها من أكياس الجثث المصنعة في الولايات المتحدة، كانت ترتدي ملابس النوم".

ولكن تم تبييض مثل هذه الفظائع على أنها "انخراط مشروع" و"عمل قتالي حسن النية" من قبل ضباط الجيش الأمريكي، وفقا لما ذكرته مذكرة منشورة. وأجاب الضباط، عندما سئلوا عن عدد مشاة البحرية المتورطين في ذلك، قائلين "نحن لا نعرف ما الذي تتحدث عنه عندما تقول 'عمليات قتل'".

في مارس 2003 غزت واشنطن، مع حلفائها، العراق، مدعية أن الدولة الواقعة في الشرق الأوسط تمتلك أسلحة دمار شامل. بعد تدمير العراق بالكامل تقريبا والتسبب في مقتل ما يتراوح بين 200 ألف و250 ألف مدني، من بينهم 16 ألفا قتلوا مباشرة على يد القوات الأمريكية، انسحب الغازي، ولم يجد أي أثر لتلك الأسلحة الفتاكة ولكنه ترك ندوبا عميقة وراءه.

ووجدت دراسة أجرتها منظمة باكس الهولندية لبناء السلام أن الولايات المتحدة وبريطانيا اعترفتا بإطلاق 116 ألف كيلوغرام من ذخيرة اليورانيوم المنضب خلال حرب العراق عام 2003. ومع وجود ما يقدر بنحو 20 مليون لغم أرضي تحت الأرض، وفقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لا يزال العراق واحدا من أكثر البلدان تلوثا.

وحكت المحللة السابقة في الاستخبارات العسكرية الأمريكية تشيلسي مانينغ، التي زودت ويكيليكس بوثائق سرية تتعلق بالحرب، لصحيفة ((نيويورك تايمز)) ما رأته خلال خدمتها في العراق قائلة "جنود أمريكيون دمويون، ومدنيون عراقيون أجسادهم مثقوبة بالرصاص".

وذكرت أن "التعرض للكثير من الموت على أساس يومي يجعلك تكافح مع فنائك".

-- حرب أفغانستان

في 29 أغسطس 2021، قبل يوم واحد فقط من الانتهاء من إجلاء القوات التي تقودها الولايات المتحدة من أفغانستان، أسفر هجوم بطائرة بدون طيار عن مقتل زماري أحمدي وتسعة من أفراد عائلته في كابول، من بينهم سبعة أطفال، وهو ما اعتبره البنتاغون "خطأ غير مقصود" دون توقيع أي عقاب.

وعلى الرغم من أن القيادة المركزية الأمريكية قالت إن "تهديد وشيك من قبل تنظيم الدولة الإسلامية-خراسان" كان هدفهم الحقيقي، إلا أن العديد من وسائل الإعلام، مثل ((نيويورك تايمز)) و((واشنطن بوست))، وجدت أن أحمدي لم يكن إرهابيا على الإطلاق، وإنما موظف منذ فترة طويلة في مجموعة إغاثة مقرها كاليفورنيا.

وقال إيمال، شقيق أحمدي، الذي فقد ابنته البالغة من العمر 3 سنوات في المأساة، "إنهم جميعا أبرياء"، مضيفا "أنتم (الأمريكيون) تقولون إنه كان ينتمي لداعش، لكنه كان يعمل مع الأمريكيين".

ووفقا لتقرير صادر عن مشروع تكاليف الحرب في جامعة براون، فإن الحرب التي استمرت عقدين في أفغانستان، وهي أيضا الأطول في التاريخ الأمريكي، أودت بحياة 47245 مدنيا أفغانيا وما يتراوح بين 66 ألف و69 ألف جندي وضابط شرطة أفغاني.

وفي الفترة ما بين عامي 2015 و2020، قدر مكتب الصحافة الاستقصائية غير الربحي ومقره لندن أن الولايات المتحدة شنت أكثر من 13 ألف غارة بطائرات بدون طيار في أفغانستان، ما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 10 آلاف شخص.

وعلقت مجلة ((نيوزويك الأمريكية)) قائلة إن "حوادث مثل القصف الذي أسفر عن مقتل عائلة أحمدي لم تكن الاستثناء بل القاعدة"، مضيفة أن "الولايات المتحدة أكدت مجددا الرسالة التي بعثت بها طوال 20 عاما من الحرب في أفغانستان وهي: إنها لا تقدر حياة الأفغان".

بالنظر إلى الأفعال الشريرة التي ارتكبتها الولايات المتحدة بحق المدنيين على مدى العقود الماضية، يمكن للمرء أن يستنتج أن الولايات المتحدة لم تهتم في الواقع أبدا بحقوق الإنسان. الموضوع مجرد أداة تستخدمها لصرف الانتباه عن ذنب اقترفته والتدخل في شؤون الآخرين.

وعلقت مجلة ((فورين بوليسي)) في مقال رأي قائلة "من المريح للغاية بالنسبة للأمريكيين أن ينتقدوا الآخرين على جرائمهم ضد الإنسانية بينما هم أنفسهم يرفضون النظر في المرآة -- ويمكن للجميع رؤية الحقيقة بجلاء".

المصدر: وكالة شينخوا


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا