وزارة الزراعة تطلق خطة لإعادة الغطاء النباتي تراعي التجدد الطبيعي

الجمعة, 8 آب 2025 الساعة 21:22 | منوعات, بيئة

وزارة الزراعة تطلق خطة لإعادة الغطاء النباتي تراعي التجدد الطبيعي

شكلت خسائر الحرائق التي أصابت مساحات واسعة في مناطق ريف اللاذقية الشمالي مؤخراً تحدياً أساسياً لكوادر مديرية الحراج في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي السورية لجهة معالجة الأضرار التي أحدثتها بالثروات الزراعية والحراجية في تلك المناطق، حيث تبذل وزارة الزراعة جهوداً كبيرةً في سبيل تجاوز آثارها، ووضع الخطط لإمكانية استعادة الغطاء النباتي الذي خسرته تلك الأراضي.

مدير الحراج في وزارة الزراعة المهندس مجد سليمان أشار إلى أنه تم تشكيل لجان فنية متخصصة عقب إطفاء الحرائق، تضم مجموعة من الخبراء والأكاديميين الحراجيين لتحديد الأضرار الناجمة عنها في المساحات الزراعية والحراجية، ووضع الرؤية المناسبة لكيفية استعادة النظم البيئية فيها.

وتعمل المديرية وفق سليمان في المدى القصير على التدخل بالمواقع الحراجية القريبة من القرى المتضررة، عبر زراعة أنواع حراجية مناسبة بيئياً لتلك المناطق، متعددة الأغراض واقتصادية مثل (الخرنوب، والسماق، والبطم، والغار)، لتشكيل نموذج من النهج التشاركي مع المجتمع المحلي القريب أو القاطن في الغابات.

ويتمثل المستوى البعيد حسب مدير الحراج بحماية المواقع التي تعرضت للحرائق، وإعطائها الفترة المناسبة للتجدد بشكل طبيعي وخاصة أن الحريق نشب في الفترة التي يوجد فيها الحمل البذري وخاصة لأنواع من المخروطيات كـ (الصنوبر، والبيوتي، وأنواع من عارضات الأوراق)، مشيراً إلى ضرورة تأمين حماية الغراس والأشجار الحراجية من القطع، إضافة إلى حماية التنوع البيولوجي الحيواني والنباتي، والمياه الجوفية ومساقط المياه فيها، وتأمين حماية التربة من الانجراف خلال مدة سنتين.

630 طرازاً وراثياً نباتياً في مناطق الحرائق

واعتبر سليمان أنه بعد حماية هذه المواقع خلال السنتين القادمتين، تكون وزارة الزراعة عملت من خلال الفرق الفنية في دائرة الحراج بمحافظة اللاذقية على جمع البذور الحراجية من الأشجار السليمة في موقع الحريق، أو الموازية للحريق للحفاظ على الطرز الوراثية الموجودة في تلك المنطقة، موضحاً أن مناطق الحرائق غنية بالطرز الوراثية النباتية، حيث يوجد فيها 630 طرازاً وراثياً.

وأشار سليمان إلى أن المديرية تجري دراسات على الغطاء النباتي الحراجي السائد في تلك المناطق وكيفية نموه، قائلاً: “إذا كان ضعيفاً فسنعطي الفرصة الأكبر للتجدد الطبيعي ونترك الجذوع دون قطع لمدة أطول، أما إذا كان نمو الأنواع الحراجية في تلك المناطق أكبر من النوع السائد فسنقوم بالتدخل إما بنثر البذور الحراجية أو بزراعة الغراس الحراجية المناسبة”.

وأكد مدير الحراج أن الغطاء النباتي الحراجي يستعيد نفسه بنفسه، وقادر على التجدد، ويحتاج إلى حماية هذه المواقع المحروقة، حيث تتحدد مدة تعافي النظام البيئي الحراجي بناء على شدة الحريق وتكراره، مشيراً إلى أن المواقع الحراجية المحروقة التي تعرضت لشدة متوسطة من الحريق تجدد نفسها بنفسها، عن طريق إنبات البذور الحراجية الموجودة في الفرشة الغابية أو عن طريق البصيلات والريزومات أو الأعضاء الحية في التربة، أما المواقع الحراجية التي تعرضت لحرائق عالية الشدة فتكون عن طريق نثر البذور الحراجية أو نثر البذور بكرات الطين.

وأوضح مدير الحراج أن وزارة الزراعة وضعت خطة لإنتاج الغراس والتحريج الاصطناعي، لاستصلاح الأراضي، وزراعة أكثر من 53 نوعاً حراجياً، وتحريج مواقع في مختلف المحافظات، حيث تشمل الخطة المقترحة للموسم (2025 – 2026) نحو 1000 هكتار، مبيناً أن المديرية تعمل على دعم الفرق الحراجية من خلال الدورات التدريبية الفنية، وتزويدهم بالعمال، وتقديم إمكانيات لوجستية عدة لتلبية مهامهم وفق الإمكانيات المتاحة.

من جهته، بين رئيس دائرة التنوع الحيوي في مديرية الحراج المهندس عمر زريق أنه تمت حماية محمية الفرنلق التي تتضمن أنواعاً متعددةً من السنديانيات، حيث عملت الفرق على منع تمدد النيران ووصولها إليها، وتتميز هذه المحمية بتنوع وغزارة وتفرد المناظر الطبيعية وتعدد المكونات الحيوية، وتعد منطقة لحفظ الأصول الوراثية للسنديان.

وأشار زريق إلى أن الحرائق تسببت بفقدان العوائد السياحية البيئية التي كانت توفرها هذه المساحات بالساحل السوري، والتي تدعم الاقتصاد والمجتمع المحليين، وبالتأثير في الخدمات البيئية التي تقدمها الغابات وحفظ مكونات التنوع الحيوي والتصدي لظاهرة التغيرات المناخية، وبخسارة المناطق لمراعي النحل والنباتات الطبية والعطرية التي تشكل مصادر دخل للمجتمعات المحلية، وبنفوق كائنات حية دقيقة في الطبقة السطحية العلوية من التربة، والعديد من الكائنات الحية بطيئة الحركة، وبهجرة الكائنات الحية القادرة على الحركة بسرعة.

كما أسهمت الحرائق، وفق رئيس دائرة الحماية في مديرية الحراج المهندس مهيدي اليوسف، في غياب الغطاء النباتي والتأثير في مكوناته المختلفة، وزيادة تركيز غاز ثاني أوكسيد الكربون، واحتراق العديد من الأشجار المعمرة، وزيادة التعرية المائية والريحية، وغياب التنوع الحيوي، إضافة إلى أضرار وقعت في المستلزمات الخدمية للمواطنين كالأسلاك الكهربائية، وأنابيب المياه، والآبار المغذية للأراضي، وتعبئة الصهاريج.

واعتبر اليوسف أن وعي المجتمع المحلي مهم في حماية الغابات وإمكانية الحد من تداعيات الحرائق، من خلال الإبلاغ السريع عن وقوعها، وإسهامهم في التدخل المباشر في إطفاء ما أمكن ريثما تصل فرق الإطفاء، وحصر النار ومنع امتدادها، مشيراً إلى دورهم في تقديم الدعم اللوجستي والمساعدة المطلوبة للفرق المختصة، وإرشادها خلال عمليات الإطفاء، وأهمية امتلاك المجتمع للوعي المطلوب وتعزيز ثقافة حماية الغابات والحفاظ على تنوعها الحيوي بما يحد من حالات التعدي على الثروة الحراجية.

ولفت رئيس دائرة الحماية إلى أنه لوحظ دور المجتمع الأهلي في إسهامهم بإطفاء الحرائق في مناطق ريف اللاذقية، حيث كانوا إلى جانب الفرق الحراجية والدفاع المدني، وشكلوا لجاناً محليةً بالتنسيق مع الدوائر الحراجية في المناطق التي تعرضت للحرائق لتقديم المساعدات الصحية والغذائية، وإرشاد الفرق خلال عمليات شق الطرق الحراجية وإخماد النيران.

وبين الثالث والخامس عشر من شهر تموز الماضي اندلعت حرائق واسعة في ريف اللاذقية الشمالي، دمرت أكثر من 16 ألف هكتار من الغابات الحراجية، منها 2200 هكتار من الأراضي الزراعية، وتسببت بتضرر 45 قرية.

وواجهت فرق الإطفاء والدفاع المدني صعوبات كبيرة لإخمادها، أبرزها الألغام ومخلفات الحرب، إضافة إلى الرياح القوية متبدلة الاتجاه ووعورة التضاريس وغياب خطوط الفصل الناري، نتيجة الإهمال الطويل للغابات في عهد النظام البائد، وساعدت فرق إطفاء من تركيا والأردن والعراق ولبنان وقطر في إخماد هذه الحرائق.

وذكرت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث أن فرق الإطفاء في عموم سوريا استجابت لأكثر من 4000 حريق منذ بداية شهر نيسان حتى ال 7 من تموز الماضيين، حيث سجلت مدينة حلب أكثر من 789 حريقاً، تلتها اللاذقية بـ 601 حريق، بينما تم تسجيل 2054 حريقاً حراجياً وزراعياً في عموم المناطق السورية، وسجلت محافظة اللاذقية العدد الأكبر بـ 441 حريقاً، تلتها طرطوس بـ 308 حرائق زراعية وحراجية.

 


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا