جهينة نيوز:
يؤرخ متحف التراث التربوي الذي اقامته مديرية التربية بحلب في منطقة باب النصر ضمن المدينة القديمة للعملية التربوية في مدارس المدينة والريف وإدارييها وكوادرها التعليمية خلال العهود الماضية من مختلف الاختصاصات العلمية في مجالات الفيزياء والكيمياء والرياضيات والجغرافيا والموسيقا.
ويضم المتحف العديد من الصور والوثائق التاريخية التربوية النادرة واجهزة ومعدات ووسائل تعلمية وتربوية قديمة من آلات موسيقية وحاسبة وسحب الأوراق ومقاييس وموازين وهواتف وأجهزة اسقاط وعرض ونماذج لمدخرات قديمة ومناظير ومضخات صغيرة وعدسات ونول يدوي وخرائط ومجسمات ومواشير ومولدات وأوعية وأنابيب وكليشات لطباعة الخرائط وصور لشخصيات تاريخية تركت بصمات ايجابية في الحقل التربوي وساهمت في بنائه وتطوره وتبوأت مراكز ومناصب قيادية هامة والعديد من اللوحات والصور والشهادات الورقية التراثية النموذجية القيمة المتعلقة بالمجال التربوي في حلب.
واشار نضال مريش مدير تربية حلب الى اهمية المتحف الذي دأبت المديرية على اقامته لعرض التقنيات التراثية التي استخدمت منذ عقود بمدارس حلب وليكون محطة هامة لزيارات التلاميذ والمعلمين والمهتمين بالتراث ولاسيما انه يضم وسائل وادوات الانشطة الفنية والحرفية القديمة النادرة مما يقدم تجربة تفاعلية متكاملة نابعة من الحضارة العربية السورية وتاريخها التربوي والعلم .
ولفت مريش الى اهمية اقامة المتاحف الشعبية التي تهتم بالتراث التربوي والعلمي والانساني في زيادة وعي الشباب والتلاميذ والحفاظ على تاريخ المجتمع وحضارته الموغلة في القدم مبينا انه تم احداث هذا المتحف في الموقع الاثري المناسب وتم تجهيزه في مرحلته الاولى على ان يعود في مراحل لاحقة بالعديد من الادوات والوسائل القديمة الاخرى المتوفرة في المدارس . من جهته أكد سامر حلاق معاون مدير التربية لشؤون التعليم الأساسي ان المتحف يعكس عراقة العملية التربوية في سورية ويشكل فرصة لاطلاع الطلاب على مسيرة تطور التعليم ووسائله مما ينمي لديهم الرغبة في الاستكشاف وحب المادة التربوية ويخلق حافزاً لديهم للتفوق والتميز مستقبلا .
واوضح حلاق بأن اقامة المتحف وما يضم من مقتنيات متنوعة قيمة دليل على ان المؤسسة التربوية في سورية تملك منذ القدم رؤية في استخدام الوسائل التعليمية من اجل توصيل المعلومة بشكل أفضل للطلاب والمساهمة في تنمية مواهب الطفل وقدرته على الإبداع وابتكار وسائل جديدة متمنيا أن يكون المتحف حافزاً باتجاه تطوير العملية التربوية في حلب.
بدوره استعرض المهندس عبد الحميد حريري معاون مدير التربية لشؤون التعليم المهني والتقني مراحل اعداد واقامة المتحف ومكانه وهو عبارة عن كنيسة تحولت فيما بعد الى مدرسة ومن ثم الى روضة وتم تجهيزها وترميمها واعادة هيكلتها من قبل دائرة الابنية المدرسية مع الحفاظ على طابعها العمراني ومظهرها الجمالي الاثري.
ولفت حريري الى ان المعروضات من الأجهزة والوسائل واللوحات والصور والمطبوعات والسجلات التي تتمتع بطابع أثري وتغني أنشطة المتحف احضرت من المدراس والمجمعات والمؤسسات التربوية المتعددة مشيرا إلى أن المتحف يحوي مقتنيات نادرة في مجال العلوم الجيولوجية والبيولوجية إضافة إلى بعض التجهيزات المهنية كآلات الطباعة والكتابة القديمة وذلك بهدف المحافظة على التراث وتعريف الطلاب بالفرق بين الوسائل المستخدمة حاليا وتلك المستخدمة قديما.
وبين أن المعرض يحوي فقط 10 بالمائة من المقتنيات القديمة الموجودة في المدارس سواء في المدينة أو الريف وبالتالي سيتم تجديده وتطويره والاضافة عليه باستمرار بما يرتقي الى مستوى ومكانة وتاريخ مديرية التربية في حلب.
من جانبه اعتبر عبدو قدور مدير المتحف ان اقامة مثل هذه المتاحف تعتبر خطوة جريئة في عالم التربية والتعليم وذلك بهدف لفت الانتباه الى اهمية وقيمة الوسائل التعليمية والتقنيات التربوية الموجودة في المدارس القديمة والحديثة وخاصة وسائل الإيضاح ذات الطابع الأثري القديم والوقوف على أصالة النظام التربوي والتعليمي في القرن الماضي واسهاماته في اعداد وبناء جيل واع قدم للمجتمع الكثير من الابداعات والانجازات التي ساهمت في تطوره على كافة الصعد والمجالات.
وأشار قدور إلى أن المتحف الذي يضم نحو 2300 قطعة نادرة عرض قسم منها فيما يتم تحضير القسم الآخر للعرض قريبا يتألف من قاعة رئيسية خصصت لمعروضات علوم الجغرافيا والفيزياء والكيمياء والموسيقا واجهزة عرض واسقاط وغيرها من الوسائل التعليمية وست غرف خصصت لمعروضات العلوم وعلم الاحياء اضافة الى عدد آخر من الغرف والأقسام التي سيتم استثمارها واستخدامها مستقبلا حيث تتواصل جهود المعنيين لزيادة عدد المعروضات وعرضها بعد توثيقها.
ورأى الدكتور يوسف كنجو مدير الآثار والمتاحف في حلب ان اقامة مثل هذه المتاحف في المدن والاماكن التاريخية القديمة تعيد اليها الروح وتروج وتعرف بها وبقيمتها التاريخية الاثرية وتزيد من اقبال الزوار عليها وتوفر الوسائل والأدوات الأساسية للقيام بالنشاطات الفنية والحرفية وتمكن الأطفال من التعبير عن إبداعاتهم.
ولفت كنجو الى دور مديرية الآثار في الاشراف على عمليات الترميم وطريقة الاستخدام بحيث لا تتعارض مع الوظيفة الأثرية والتاريخية للمبنى وتوظيفه بمتحف تراثي للطفل والتربية مبديا استعداد المديرية للمساهمة بأي عمل او انجاز مماثل يمكن ان يساهم في تطوير المدينة القديمة ويحافظ على طابعها التاريخي والعمراني الاثري.
واعتبر غالب البرهودي مدير الثقافة بحلب أن هذا المتحف يشكل ذاكرة القطاع التربوي والتعليمي في حلب ويقدم فرصة للاطلاع على كافة المعروضات العلمية القديمة التي كانت تدرس و تستخدم في المدارس منذ نحو100 عام بهدف التعرف على التطور والقفزات النوعية التي حققها التعليم مقارنة بالأدوات والآلات السابقة.
وأوضح هشام فلاحة مدرس فيزياء و كيمياء أن المتحف يعتبر صلة وصل ضرورية بين الماضي والحاضر للتعرف على آلية تطور الوسائل والأجهزة من جهاز بحجم كبير جدا إلى حجم اقل وإمكانية أكبر ونوعية جيدة ومدى الجهود التي بذلها الانسان في هذا المجال في سبيل بناء الفرد والمجتمع إضافة إلى التعرف على نمط التفكير لدى القدماء في ابتكار الأدوات والوسائل والتي أصبحت النواة الحقيقية للأجهزة الحديثة والمتقدمة في مختلف المجالات العلمية.
واشار المدرس أحمد ماهر وراق الى اهمية المتحف في توثيق العملية التربوية بما تتضمن من وسائل وادوات وسجلات هامة والاحتفاظ بها من التلف والضياع وابرازها بالشكل المناسب وايصالها للجيل الحالي والقادم وخاصة ان هذه المقتنيات تعبر عن مراحل تاريخية متعددة مر بها التعليم في حلب.