فسيفساء طيبة الإمام شاهد على أن سورية كانت وستبقى مهداً للحضارات الإنسانية

الإثنين, 21 حزيران 2010 الساعة 00:45 | , آثار سورية

  جهينة نيوز: تعد لوحة فسيفساء طيبة الإمام في محافظة حماة من أهم وأجمل وأكبر لوحات الفسيفساء المشغولة في المنطقة قديما وأكثرها روعة إذ تصل مساحتها إلى 625 متراً مربعاً ويرجع تاريخها إلى القرن الخامس الميلادي وعليها رسومات وأشكال ترمز لعدة قضايا انسانية وحضارية وفكرية. وتتمتع اللوحة التي تم اكتشافها من قبل مديرية آثار حماة بين عامي 1985 و1987 بينما يعود تاريخها الأصلي إلى 442 ميلادية بجمال أخاذ وأسلوب زخرفي وهندسي غير مسبوق ونظراً للأهمية الكبيرة والمكانة العالية التي تحتلها اللوحة فنياً وتاريخياً فقد قامت المديرية العامة للآثار والمتاحف بالتعاون مع الحكومة الإيطالية بانشاء مبنى فوق اللوحة وفي محيطها وجعلها متحفاً يتيح للزوار والسائحين الفرصة للتمتع بمشاهدة اللوحة من جميع الجهات والتعرف على أدق التفاصيل فيها علاوة على حمايتها من التعرض للتخريب أوالاندثار. وقال جمال رمضان رئيس دائرة آثار حماة أنه وفقاً للمصادر التاريخية فإن هذه اللوحة كانت تشكل أرضية لكنيسة في العهد البيزنطي وقد استكملت عام 442 ميلادية وسميت هذه الكنيسة على اسم القديسين الشهداء لافتاً إلى الدقة المتناهية في صنع وتصميم واتساع نطاق اللوحة وامتدادها وصغر حجم المكعبات  الحجرية التي تحتويها والوقت الطويل والجهد المضني اللذين استغرقتهما عمليات انشائها. وأوضح أن الكتابة اليونانية الموجودة في منطقة الحتية تشير إلى أن هذه المساحة الكبيرة من الفسيفساء كانت تشكل قديما أرضية لكنيسة ذات طراز البازليك مشيراً إلى أن نظرة بسيطة في لوحة فسيفساء الطيبة تكفي لادراك أهمية هذه اللوحة وندرتها ومدى تأثر صناعها بالبيئة المحيطة وانطلاقاً من ذلك تم تنفيذ مشروع بناء متحف يغطي الفسيفساء الموجودة فيها حيث أسهم هذا الأمر باتاحة الفرصة للكشف عن اللوحة وعرضها في مكانها الأمر الذي شكل حلقة ضمن خط سياحي يشمل زيارة فسيفساء الطيبة وفسيفساء حي المدينة في حماة ومتحف المعرة للفسيفساء في محافظة ادلب. وقالت فاديا عبد الرحمن أمينة المتحف أن لوحة فسيفساء طيبة الإمام التي كانت تمثل في الماضي أرضية لكنيسة تحوي رسوماً وأشكالاً غاية في الروعة والجمال وأكثرها أهمية والذي يضفي على الجهة الشرقية من اللوحة هيبة وروحانية حيث يمكن رؤية جنة السلام والخلد مرموز لها بمدينتي القدس وبيت لحم كما جاء في سفر الرؤية وفي وسطها يظهر الحمل المنير الذي يضيء وطائر الفينيق ذو الدلالة الدينية في تلك الفترة التاريخية وكتابات تشير إلى أنهر الجنة الأربعة وهي جيحون وسيحون ودجلة والفرات وكذلك ستة نصوص مدونة باللغة اليونانية تواكب زخرفة اللوحة ثلاثة منها في الرواق الشمالي وواحد في الرواق الجنوبي وهناك صورة لمدينتي القدس وبيت لحم في فلسطين. وأضافت أن هناك المزيد من المشاهد الجميلة التي تظهر في اللوحة ومنها/الايائل/ الغزلان والتي كانت ترمز للمؤمنين الصادقين وهي تشرب من ماء الحياة لزيادة درجة ايمانها وتقواها وهناك شكل لشجرة الحياة وشجرة الرمان التي كانت تدل على الذرية الصالحة إلى جانب مشهد نقل ذخائر القديسين الشهداء وذلك في الرواق الشمالي من اللوحة. وأوضحت عبد الرحمن أن اللوحة تتميز باحتوائها صوراً لـ 28 بناء كنسياً تزين الأرضية على شكل بازيليكيات وعلى شكل صليب وأهمها شكلان لمبنيي كنيستي مار سمعان العمودي وقلب لوزة اللتين لم يدون عليهما اسماهما لكونها معروفتان وذاتا شهرة كبيرة وكذلك توجد على اللوحة أشكال هندسية تمنح لوحة الفسيفساء رونقاً خاصاً ولاسيما اطار الزخارف النباتية الرائعة الجمال المتضمن رسوماً لطيور وفواكه مختارة بشكل ينسجم مع الموضوعات الزراعية والحياتية التي كانت سائدة خلال تلك الحقبة التاريخية إلى جانب الأسطح والقباب والأبراج الشبيهة بالكثير من الأبنية القديمة التي يمكن مشاهدتها حتى الآن في سورية. وأشارت أمينة المتحف إلى أن عدد الزوار والسياح السوريين والعرب والأجانب الذين يقصدون اللوحة سنوياً لا يزيد على 2000 سائح وسائحة معربة عن أملها في زيادة الترويج والتعريف بهذه اللوحة وادراجها ضمن برنامج زيارة جميع المجموعات السياحية التي تزور سورية لما تحظى به من أهمية تاريخية وحضارية وباعتبارها شاهداً على عظمة الإنسان الذي أنشأها وبناها ورسالة للعالم أجمع تدل على أن سورية كانت وستبقى مهداً للديانات السماوية وملتقى للحضارات الإنسانية. يذكر أنه تم افتتاح متحف طيبة الإمام للفسيفساء الذي استمر العمل في بنائه مدة 9 أشهر في تموز 2007 حيث جرى في البداية ترميم اللوحة واعادة تثبيت بعض قطع الفسيفساء التي تحويها ثم تمت اشادة المبنى المحيط باللوحة بهدف حماية أرضية الفسيفساء وقد تم تزويد المتحف بلوحات دلالة وتعريف حول المكانة التاريخية والمعاني والكتابات والرسوم والأشكال الفنية التي ترمز لها اللوحة فضلاً عن انشاء مخطط تخيلي يظهر الشكل والمظهر الذي كانت تبدو فيه الكنيسة خلال العصور القديمة.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا