الأديب د. حسن حميد: جوائز العرب هذه الأيام تمشي في الطرق الخاطئة بالمعنى الأدبي والأخلاقي

الثلاثاء, 3 أيار 2016 الساعة 16:29 | تقارير خاصة, حوارات

الأديب د. حسن حميد: جوائز العرب هذه الأيام تمشي في الطرق الخاطئة بالمعنى الأدبي والأخلاقي

جهينة- أحمد علي هلال:

دعوت إلى قراءة النصوص الأجنبية بعيوننا نحن وبما يترسم على مرآة عقولنا كي لا نبقى رهينة لأفكار الغرب عن الغرب 

"عوليس" رواية ظالمة للبلاد الفلسطينية وللشعب الفلسطيني لأنها كانت من الأدوات التي روّجت للمشروع الصهيوني في فلسطين

كنت منذ البداية وسأظل أوظف موهبتي وثقافتي من أجل صناعة النص الأدبي

كانت محبتنا للمخيم لا توصف ليس بوصفه مكاناً طارئاً وبديلاً.. وإنما بوصفه المحطة التي سنعبر من خلالها نحو فلسطين

الأحزان الفلسطينية مازالت كبيرة وعظيمة ومتكاثرة.. وهي ولود أيضاً لأن التوغل في الجرح الفلسطيني مازال جارحاً وظالماً 

الخراب الذي طال الحياة الفلسطينية بعد اجتياح بيروت عام 1982م كان خراباً شاملاً ومدمراً وفاجعاً

 

تتشكّل أقوال المبدع بنكهة الواقع حيناً، وبضراوة التخييل حيناً آخر، لكننا مع الشاعر والقاص والروائي والإعلامي حسن حميد سنذهب إلى تخوم الكتابة بوصفها مرآة الروح، وبوصفها مسقط رأس الحلم.. ففي سيرته هو تراجيديا الحكاية الفلسطينية والسورية، التي تذهب بنا إلى عماراته، أو مدوّناته المديدة المؤثثة بحجارة مدينة الله ودروبها، وبخفق ترابها وسنذهب أكثر قبضاً على روح السرد وكيمياء الكتابة، هو السارد الكبير لما دوّنه ليكون تراسل الوجدان الجمعي الجمالي العربي في لحظات فارقة في مسيرة الرواية الفلسطينية والعربية، وكيف يبدو الحبر دماً للكتابة واستعادة لأزمنة وأمكنة وأصوات، وخفقات ذاكرة، ليُنشئ المبدع كل ذلك في أكوانه الباذخة، والتي رمت على التلقي أسئلة شاقة ومثيرة، وبوصف الكتابة مغامرة سردية بامتياز، إنه الروائي والأكاديمي د. حسن حميد الذي التقته "جهينة" وكان الحوار التالي:

الفقد وتجليات المكان..

* في ارهاصاتك الأدبية الأولى، والتي بدأت بها شاعراً يتحسّس أوجاع الناس وآلامهم، ويسعى إلى اشتقاق تعبيره الخاص، ثمّة بحث عن شكل ما للكتابة، وإذا كان لكل كاتب هاجسه الضروري، فما هو هاجسك كإنسان أولاً، وككاتب ثانياً؟.

** أعي تماماً أنني لم أفكر بالكتابة كسبيل أو نهج على الإطلاق، بل كنتُ أخاف الكتابة، وأحياناً كنت أقترف الكثير من الأغلاط الكتابية رسماً، أكتب على طريقة الشعراء حين ينشغلون بالعروض والأوزان، فأكتب التنوين نوناً كاملة الاستدارة. لكنني أعي أيضاً أن تحديات كثيرة واجهتني لكي أبدو وأظهر وأنوف على أترابي داخل المدرسة وخارجها، من ذلك أنني كنت بلا أب داخل الخيمة التي عشت فيها، لأن أبي ذهب إلى "الفدائية"، وما كان لنا أن نراه سوى مرة أو مرتين في السنة. أمي، رحمها الله، كانت سيدة البيت، هي الأم والأب في آن. كان عليَّ أن أتقمّص دور الأب بوصفي الأخ الكبير، والابن البكر. وكان عليَّ أن أتنطح للمسؤوليات الواجبة داخل البيت؛ بل كان عليَّ أن أتميز عن زملائي في المدرسة ورصفائي في اللعب. فكان لي أن طرقت باب لعبة كرة القدم، ورحت أبدو فيها وأتميّز، ثم طرقت باب الرسم، وحاولت قدر استطاعتي، أن أكون رساماً، على الرغم من انعدام الإمكانات، وليس قلّتها. ثم حاولت التعبير عن طريق الكتابة، فكانت القصيدة الأمر المتاح أمامي، وقد شجعني عليها الكثيرون، ومنهم الأصدقاء الذين كانوا يأخذون ما أكتبه ويرسلونه إلى عشيقاتهم ادعاءً منهم أنهم هم من كتب الكلام الحلو، ومنهم أيضاً أساتذتي في المدرسة، ومنهم كذلك الناس الذين كانوا يسألون عني في أوقات المناسبات لقول قصيدة في أربعينية شهيد، أو في جنازة شهيد. وقد كتبت الشعر وقتاً طويلاً، ونشرته في الصحف والمجلات. لكنني توقفت عن كتابة الشعر وبتوجيه عقلي صرف، فقد أيقنت بأنني لن أغدو شاعراً مهمّاً لأن الشعراء الكبار يغلقون عليَّ سماء الشعر، لذلك كتبت القصة القصيرة، ورحت أحوز من خلالها على رضا شجعني للمتابعة والمثابرة في آن.

هاجسي الذي رعيته، منذ مطالع الشباب، هو أن أكون من أهل التعبير، أن أتحدث عن المخيمات وفلسطين، عن المكان البديل الطارئ الملعون "المخيم" والمكان الأصلي الأساسي الحبيب الطاهر "فلسطين". وعيي بفقد الأرض والبلاد هو الذي جعلني أتوجه إلى التعبير.

أجراس المخيم..

* شكّل المخيم علامة فارقة في مدوّنتك الروائية سواء ما ظهر منها مواربة أو ما جهرت به في إعادة تأثيث المكان، فهل كان المخيم الفلسطيني هو المكان المستعار للحلم الفلسطيني؟.

** المخيم كان المكان الطارئ، وليس المكان المستعار إنه المكان الذي ألفناه حتى صار قطعة من قلوبنا ووجداننا، على الرغم من أنه كان المكان البديل عن القرى والمدن الفلسطينية الباذخة في عمرانها وحضارتها وجمالها.

لقد وعيت على تناقض عجيب دار حول المخيم كمكان. فالمخيم مكان رجيم، بديل، طارئ، مكروه، لا جماليات فيه ولا طمأنينة. مكان للمخاوف، والعزلة، وندرة الحياة، هو المكان الذي تعشّش فيه اللعنات والأسئلة، صباحاته تفتتح باللعنات لأن الأهالي، حين يستيقظون يتذكرون فلسطين وبيوتها، يلعنون الحظ، والظروف، وقلّة الحيلة التي آلت بهم ليعيشوا مثل هذه الحياة الصعبة البائسة، الفقيرة إلى كل شيء. وهو مكان للأسئلة، كيف، ولماذا، وأين، ومتى، وكم، وإلامَ...؟! وهي أسئلة عصيّة، وقاتلة أحياناً، لأنها بلا إجابات!، بل تظل بلا إجابات طوال مدد سنوية تلفّ الحياة وتطويها معاً.

ولكن المخيم عقلياً، لا عاطفياً، هو الذي أوى الفلسطينيين وجمعهم على الرواية الفلسطينية، على الخبر الفلسطيني، وعلى المعنى الفلسطيني الواحد. وبذلك غدا المخيم الفلسطيني مقلعاً للمقاومين، أهل الفدائية، ومقلعاً للأساتذة، والمهندسين، والأطباء والقادة، والمحامين، والفنانين، والأدباء والكتّاب. ولذلك كانت محبتنا للمخيم لا توصف، ليس بوصفه مكاناً طارئاً وبديلاً، وإنما بوصفه المحطة التي سنعبر من خلالها نحو فلسطين، نحو الأحلام العزيزة. المخيم في واعيتي ليس سوى أمرين اثنين، هو البيت الذي احتضن الفلسطينيين في أوقات الشدة، في أزمنة المنفى، وهو أيضاً الجرس الدائم الرنين بأن البلاد الفلسطينية تنادينا، وعلينا أن نعمل ونعمل من أجلها الكثير الكثير لكي نعود، ولكي تعود. 

إغواء القارئ.. واللعبة السردية

* تحيلنا روايتك "تعالي نطيّر أوراق الخريف" إلى محاولات مجتهدة للبحث عن تقنيات روائية جديدة في اختبار جدلية الشكل والمضمون، والمضمون سيصبح بذاته شكلاً، علماً أنك قاربت تقنية تعدد الأصوات كتقنية اطمأن إليها خطابك الإبداعي فما رأيك؟.

** أجل.. كنت مهموماً، وأنا أكتب الرواية، بأن تكون على صيغة شكلية جديدة، لذلك استفدت من تقنيات السرد الأدبي العربي القديم الذي لم يأتِ على شكل روايات، وإنما على أشكال سردية عدة، منها السيرة، والتدوين الخبري عن الأعلام والأمكنة، ومطالعات الكتب، وأيام الحرب، والأسر، وأدب الرحلات. كان هاجس الاستدراك يماشيني طوال كتابتي، لذلك جاءت صيغ الحواشي، والهوامش، والتعقيبات، والتذييلات، والملاحق، والاستهلالات، والإشارات لكي تشارك السرد في لعبة الإغواء للقارئ أخذاً به، قلباً وعقلاً، إلى داخل غابة النص. فالكتابة عندي أنفاس، ومراحل، وحقول، وحالات وقف، ومراوحة، ثم استدراك ومتابعة، ثم التفات وانعطاف، ثم فرار أو خطف سامٍ. 

فصل الكلام..؟

* عبرت من الشعر إلى القصة إلى الرواية إلى البحث والنقد مروراً بالصحافة التي كانت تمثل الظلال المضيئة في تجربتك؛ فكيف تفسر إذاً تجاور الأجناس الأدبية وانفتاحها؟.

** ما كان ليخطر ببالي حين كتبت القصة القصيرة أنني سأكتب الرواية، لقناعتي آنذاك بأن كتابة القصة القصيرة أصعب وأجمل بكثير من كتابة الرواية!، الرواية قابلة لتحمل أغلاط السرد، لكن القصة غير قادرة على ذلك. القصة القصيرة مثل القصيدة، واللوحة، والمقطوعة الموسيقية.. إنها عارية إلا من فنها، إنها فراشة ليس إلا. ولكن اتساع التجربة، وإغواءات الصحافة الأدبية جعلتني أكتب المقالات، والنقد والدراسات التي لا أعرف إن أصبت من خلالها نجاحاً. كنت أغش نفسي وأنا أقول لها ليست كتاباتي هذه سوى مقاربة معرفية حتى بعد حيازتي لشهادة أكاديمية عالية. ما أردت قوله هو أنني كنت، منذ البداية، وسأظل أوظف موهبتي وثقافتي من أجل صناعة النص الأدبي.

مرايا الروح..

* تقول إنك كنت في مغارة الكتابة، في منجمها الحقيقي، فلا شيء يوقد نيران الكتابة والإبداع مثل الألم العظيم، وفي الحق أنك ذهبت في كتاباتك إلى معادل تلك الآلام، وذهبت أكثر إلى قاعها العميق بوساطة لغتك الثرة التي ماهت بين خصوصية النثر وجمالياته والسرديات التي تنفتح أمام المبدع لتشي بمحمولها الدلالي، فهل وضعت كتابة الألم أوزارها، وكيف اكتشفت روح السرد؟.

** على العكس تماماً من هذا الرأي، فالدنيا مازالت تقلب ظهر المجن للحياة الفلسطينية المأمولة والمرتجاة. مازالت أحلامي الفلسطينية هي هي، ومازالت أشواقي للكتابة في هذا المجال هي هي أيضاً. الألم الإنساني مازال عموداً من التوجع والتفجع والمكاره العظيمة. الأحزان الفلسطينية مازالت كبيرة، وعظيمة، ومتكاثرة، وهي ولود أيضاً لأن التوغل في الجرح الفلسطيني مازال جارحاً وظالماً. على المستوى الوطني الألم سيظل ألماً وأكثر مادام المحتل جاثماً فوق الأرض الطاهرة. الأرض تتألم، والتاريخ يتألم، والإنسان يتألم أيضاً، ومن حقي، وأنا الذي يدرك مدى حرق النار في روحي وقلبي، أن أكتب عن هذا الألم. أما اكتشاف السرد، فهو اكتشاف تماهي روحي معه ليكون المرآة التي تصوّر عذابات أبناء شعبي من جهة، والتي تنادي بأحلامهم لكي تصير واقعاً من جهة ثانية.

انفجارات ثقافية..!

* في الثمانينيات من القرن العشرين، رأيت بأن وهج المؤسسة الثقافية الفلسطينية انطفأ، فلم تعد تُعنى بالمبدعين، ترى ما هي حدود هذا الانطفاء، وكيف نفسره؟.

** ببساطة شديدة كان الخراب الذي طال الحياة الفلسطينية، بعد اجتياح بيروت عام 1982م، خراباً شاملاً، ومدمراً، وفاجعاً.. لأن المثقف الفلسطيني خسر الحياة الثقافية الخصبة في بيروت، خسر دور النشر، والصحف والمجلات، والمسارح، واستديوهات السينما، والنقاد، والعافية الأدبية.

قبل عام 1982، كان معظم المثقفين العرب وأهمهم يعيشون في بيروت ويعملون مع المؤسسة الثقافية الفلسطينية، ومن أجل ثقافة المقاومة. الجميع كانوا ينشدون فلسطين بلادي. القصيدة كانت تكتب لفلسطين، والرواية، والقصة، والتمثيل كان موجهاً نحو ثقافة المقاومة، نحو الفدائي، أفلام السينما كانت مشدودة إلى الإيقاع الفلسطيني، المزاج الثقافي الفني (في الرسم، والتصوير، والنحت، والموسيقا) كان مزاجاً مقاوماً تماماً. الحياة كانت فلسطينية في الخبر، والشاشة، والمسرحية، واللوحة، مثلما هي فلسطينية في الخنادق. بعد ذلك.. ماذا حدث؟! انفجار ثقافي كارثي!!.

آفاق التجريب..

* ثمّة من يرى أن الزمن الآن هو زمن الرواية. فهل خلقت هذه الفكرة تحديات أمام القصة القصيرة التي بدأت بالانحسار؟.

**الأجناس الأدبية في مناددة، ومنافسة، وتدافع، بعضها يتقدم مثل الرواية، في هذا الزمن، وبعضها يتأخر مثل الشعر والقصة القصيرة والمسرحية. وهذا ما يرتب على الأدباء تحديات كبيرة، وأعمالاً ثقافية جبارة لكي تعود المنافسة إلى عالم الأجناس الأدبية. ولكن تقدم جنس أدبي، مثل الرواية، لا يعني تقدماً أبدياً، وتأخر جنس أدبي، مثل القصة القصيرة، لا يعني تأخراً أبدياً أيضاً.

إن في تدافع الأجناس الأدبية، والتراسل فيما بينها، حالاً من المنافسة الرائعة التي قد تفصح الأيام عن مفاجآت قادمة تبدي لنا هذا الغنى، وهذا الجمال.

*كيف ترى إلى الجوائز الأدبية العربية، ما الذي تحققه الجائزة للمبدع العربي؟.

**الجوائز مهمة للكاتب والقارئ معاً، حين يكون الكاتب مستحقاً لهذه الجائزة أو تلك، وهي تشكل علامات راشدة للقارئ لكي يتبنوا ذائقة محكمي الجوائز، فيأخذون بالمؤلفات التي قرظتها الجوائز. ولكن جوائز العرب في هذه الأيام، هي جوائز تمشي في الطرق الخاطئة بالمعنى الأدبي والأخلاقي معاً!.

*هل مازالت الرواية الفلسطينية اليوم هي الأقدر على كتابة التراجيديا الفلسطينية؟.

**نعم، وبكل تأكيد. لكن هذه لا يعني عدم التسليم بقدرة الأجناس الأدبية على كتابة التراجيديا. الرواية اليوم هي الأكثر حضوراً وخصباً والتقاءً مع مزاج القارئ، ليس العربي وحده، بل والعالمي أيضاً. انظر ما يفعله رشاد أبو شاور.. إنه جبهة روائية بمفرده!!.

*استفدت من تقنيات فنية وكتابية وجدتها في التراث العربي، فاستولدت منها ما يعين على ولوجك الحداثة في الكتابة الروائية، هل ترى ذلك ممكناً على الدوام؟.

**أجل.. التراث الثقافي العربي بحر وسيع جداً، وفيه من أشكال التقنيات ما تعجز الذات العارفة عن تعداده. إنه الغنى الذي لا يدري الكثيرون شيئاً عن أهميته. كل أشكال التقنيات المعروفة في العالم، بالنسبة للرواية، مأخوذة من تقنيات التراث العربي، وهذه ليست مغالاة، ولا معطيات أنف مرفوع، إطلاقاً، إنها الحقيقة الموجودة في كل حضارة من الحضارات العالمية، علينا أن نعي ما لدينا من كنوز.

*ثمة من يرى أن التجريب في الرواية مشروع، ولطالما أنك مهموم "بعلة النقد" كيف تعلّل هذا الأمر؟.

**التجريب ليس مقتصراً على العلوم الرياضية (الحساب، الفيزياء، الكيمياء)، بل هو مجال واسع للأجناس الأدبية، وكل إبداع، بالتجريب تتطور الرواية، مثلما بالتجريب تتطور العلوم، وبالتجريب تتطور الحياة وتزدهي. أنا مع التجريب في الرواية، وفنون الأدب كلها، شريطة ألا يفسد التجريب الجاهل المعاني الحقيقية للجمال الأدبي.

عوليس رواية ظالمة ولكن!..

*تساءلت بصوت عالٍ، وأنت تقرأ "عوليس" للروائي الايرلندي جيمس جويس، ما هي علاقة جيمس جويس في روايته "عوليس" بفلسطين، ومدنها حيفا، يافا، طبريا، ولماذا اختار أبطاله من اليهود؟! وماذا وراء دعوتك لمراجعة الأعمال الكبرى عالمياً بعين أخرى؟.

**الحديث حول "عوليس" كرواية وتوجّه يطول كثيراً، لكن وباختصار شديد، أقول: هذه الرواية ظالمة للبلاد الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، لأنها كانت من الأدوات التي روّجت للمشروع الصهيوني في فلسطين. وقد يستغرب "البعض" كلاماً كهذا، ولكن أقول لمن يستغربه عودوا إلى زمن الرواية المكتوب، فهو 1904، أي سنة وفاة هرتزل، وقد كان صاحب حضور طاغٍ في أوروبا، وكانت الدعوات لإيجاد حل للمسألة اليهودية بعيداً عن أوروبا تتعالى في كل الأمكنة جهاراً نهاراً. وقد كان جويس وسط هذا المعمعات. من يقرأ روايته وغالبية شخوصها يهود يدرك ما الذي أراده حين قرن أحلام "بلوم" بطل الرواية بالوصول إلى الأمكنة الفلسطينية (حيفا، يافا، طبريا..).

لقد دعوت إلى قراءة النصوص الأجنبية بعيوننا نحن، وبما يترسم على مرآة عقولنا، كي لا نبقى رهينة لأفكار الغرب عن الغرب، ورهينة لقولات نقاد الغرب عن أدب الغرب. دعوت إلى المراجعة لنعرف ما هو وراء "الفردوس المفقود" لـ ملتون الإنكليزي، وما الذي يقصده بهذا العنوان، ولماذا جعله مقسوماً على اثني عشر جزءاً، مثلما هو عديد أسباط اليهود، ولماذا تحدث عن الرموز التوراتية... إلخ؟!!.

---------

كادر:

سيرة السيرة..

-ولد الروائي د. حسن حميد في كراد البقارة (صفد- فلسطين) عام 1955.

-هاجر إلى سورية مع أسرته وتلقى تعليمه في القنيطرة ودمشق، وتخرج من جامعة دمشق حاملاً الإجازة في الفلسفة وعلم الاجتماع، ودبلوم الدراسات العليا، ودبلوم التأهيل التربوي.

-نال الإجازة في اللغة العربية من جامعة بيروت العربية.. عمل معلماً في دمشق، ثم امتهن الصحافة.

-حاز درجة الدكتوراه في الأدب العربي.

-عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب، عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.

-من أعماله القصصية: اثنا عشر برجاً لبرج البراجنة، زعفران والمداسات المعتمة، دوي الموتى، هناك قرب شجر الصفصاف، قرنقل أحمر لأجلها، العودة إلى البيت.

-ومن الروايات: الوناس عطية، أنين القصب، السواد أو الخروج من البقارة، جسر بنات يعقوب، تعالي نطير أوراق الخريف، مدينة الله.

-ومن الدراسات: دراسة في الأدب العبري، البقع الأرجوانية في الرواية الغربية، ألف ليلة وليلة، شهوة الكلام.. شهوة الجسد.

قال د. حسن حميد عندما كرّمه اتحاد الكتّاب العرب: أبوان أميّان دفعاني لكي أكون من القارئين.. وعشّاق وعاشقات دفعوني كي أكون مرآة لهم عبر الكلام الجميل، ومقابر وشهداء وأمهات مفجوعات بالفقد، وندّابات حيارى، وأيتام شققت أرواحهم غيابات الآباء الطوال، وبلاد نداهة محجوبة بكف كبيرة سوداء، وأحزان عميقة أوقدها الحنين، ومخيم طارئ في كل شيء.. إنه نبت شيطاني لا أشجار له!!.

http://jouhina.com/magazine/article.php?id=3639


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا