الباحث الإستراتيجي د. سليم حربا: حذاء المقاتل العربي السوري يرسم اليوم خارطة الشرق الأوسط الجديد

الإثنين, 22 نيسان 2013 الساعة 19:31 | مواقف واراء, حوارات

 الباحث الإستراتيجي د. سليم حربا: حذاء المقاتل العربي السوري يرسم اليوم خارطة الشرق الأوسط الجديد

جهينة نيوز-خاص: شغل الأداء الملفت للجيش العربي السوري الكثير من المحللين العسكريين والإستراتيجيين، واستوقفت قدرته على الصدّ والرد والهجوم الدوائر الأمنية والعسكرية الغربية التي أدركت أنها تواجه جيشاً مدرباً تدريباً عالياً، يرتكز إلى عقيدة قتالية متينة تمتلك القدرة على ابتكار تكتيكات جديدة في المناورة والمواجهة عجزت عنها أقوى جيوش العالم، لذا آثرنا في المحور الأخير في حوارنا مع الباحث الإستراتيجي د. سليم حربا أن نتحدث عن هذا الجيش وصموده الأسطوري، فضلاً عن الوقوف على حقيقة ما سمّاه البعض معركة دمشق الكبرى. *برزت إلى العلن سواء خلال مناورات بداية الأزمة أو عبر طبيعة المواجهات مع المجموعات الإرهابية المسلحة القوة العسكرية السورية كعامل رادع ضد أي احتمال بتدخل خارجي.. أين تقف هذه القوة من بين الأوراق التي تمتلكها سورية للتصدي لهذه الحرب؟. **أولاً لا يوجد جيش قوي بدون شعب قوي ووفي وأبي، فقوة الجيش من قوة الشعب، وعندما يكون هناك ثنائية (الجيش والشعب القوي) فهذا يعطي بالضرورة بلداً قوياً وهذا ما حصل في سورية فعلاً لأن الجيش الخيّر خرج من هذا الشعب الخيّر. ثانياً: الجيش العربي السوري على مستوى بنيته التنظيمية المادية والعقائدية وكفاءته وتدريبه ومستوى استعداده، تحوّل إلى جيش نوعي يملك مقومات النصر، فمعادلة النوعية والنصر تقول بضرورة توفر المقاتل النوعي وهذا ما يمتلكه الجيش العربي السوري، فالمقاتل النوعي يكون بقدرته وكفاءته وتدريبه وقدرته على التعامل مع كل البيئات التكتيكية والتكنولوجية وكل الأسلحة والأهم بعقيدته القتالية والوطنية. الركن الثاني هو السلاح النوعي الذي يملكه الجيش العربي السوري بكل مقوماته التكتيكية والإستراتيجية، والأهم فيه أنه صنع في سورية أي وطّن سورياً، والجيش العربي السوري امتلك القدرة التكنولوجية لتصنيع كل أنواع الأسلحة، وما ذاقته إسرائيل من ويلات هذه القدرات العسكرية في المقاومة في لبنان وغزة كان جزءاً يسيراً مما أنتجته سورية على مستوى السلاح النوعي. الركن الثالث: هو القيادة النوعية لقواتنا المسلحة بأعلى مستوياتها من قائد الجيش والقوات المسلحة إلى آخر مقاتل في الجيش العربي السوري، والقيادة النوعية دليلها أن وزيراً للدفاع يُستشهد في سياق مواجهة هذا العدوان، وهذا يعني أن كل مقاتلي الجيش تحولوا إلى قادة نوعيين. هذه المقومات الثلاثة تساوي بمعادلات البناء العسكري نصراً مؤكداً لا يمكن أن يقبل الشك، فالجيش السوري تحول إلى جيش نوعي وهو أساساً بقدرته على الصد والرد بُني لمواجهة عدوان خارجي وخاصة العدوان الذي كان ومازال وسيبقى الرئيسي هو الكيان الصهيوني، لذلك تشكلت القدرة الإستراتيجية بـ80% من إمكانياته و20% من قدراته التكتيكية، فـ20% هي التي واجه بها هذا الجيش من الإرهاب في الداخل، والقدرات الإستراتيجية مازالت واضحة. والمناورات التي أجراها كانت رسالة وخاصة في ذروة التهديد بالتدخل العسكري والمناطق العازلة والحظر الجوي، لتعطي رسالة بالغة الدلالة بأن الجيش العربي السوري بالرغم من كل ما واجهه قادر على الرد والصد الواثق والمطمئن والرد المزلزل على أي عدوان، وهذا كان تحدياً كبيراً للجيش ببنيته التنظيمية وخاصة البنية القتالية لصد عدوان ومواجهة إرهاب تمرس في أفغانستان والعراق والشيشان والكثير من المناطق، واستطاع أن يعيد تكييف نفسه ويبتكر تكتيكات غير مسبوقة في الحروب ويكسر كل الموازين التقليدية في الحسابات.. فكنا نرى مجموعة من الجيش العربي السوري بحدود العشرات تواجه آلافاً من قطعان الإرهابيين وكانت الغلبة لهؤلاء العشرات من الجيش، بل ابتكر تكتيكات مذهلة على مستوى الأداء في المعارك الدفاعية أو الهجومية منها تكتيكات القضم والهضم والسهم والطعم والبركة والتجميع وتجفيف مياه البحيرة واصطياد السمك والمناورة والمداورة والإغراء والتشتيت والتطويق والبيضة المسلوقة كل هذه التكتيكات أبدعها وابتكرها المفكرون والمخططون الإستراتيجيون في جيشنا الباسل. فلم يكن محرجاً لا في الهدف ولا التخطيط ولا التنفيذ وكان يحقق نتائج مذهلة، لذلك كانت بيده المبادرة على مستوى التخطيط والتكتيك وعلى مستوى المراحل وتحديد المهام التكتيكية والإستراتيجية والتدرج في استخدام السلاح المناسب في المكان المناسب، وتحقيق هادفية كبيرة جداً بكل عملياته، وفاجأ وصعق كل هذه العصابات الإرهابية بالرغم من خبرتها ودعمها وتسليحها بكل أنواع الأسلحة، فالجيش العربي السوري لا يمكن المساومة والمراهنة عليه، فهو مصنف عالمياً بالمرتبة رقم 14 من حيث كمه ونوعه والمرتبة رقم 7 من حيث قدرته الإستراتيجية، والأهم أنه يصنف في المرتبة الأولى من حيث عقيدته القتالية والوطنية، وهذا ما أذهل كل من اشترك فعلاً وراهن على العدوان بأنه يمكن أن يحقق أهدافه. وأذكر قولاً للمحلل الإستراتيجي أنطوني كودسمان وهو يكره سورية من الصميم، كتب مقالاً قال فيه: هذا الجيش الذي حيّرني، ويضيف: إن ما واجهه الجيش العربي السوري أكثر مما واجهه الجيش الأمريكي في العراق وفي أفغانستان على مدى عشرات السنوات!!.. وللعلم الجيش الأمريكي كله خدم في العراق، لم يبقَ أي جندي أمريكي لم يخدم في العراق، وقد كان مردود الجيش العربي السوري أكبر من مردود الجيش الأمريكي. ويتساءل هذا الكاتب: هل هناك ملائكة تقاتل مع هذا الجيش؟.. ونحن نقول فعلاً إن هناك ملائكة تقاتل معه لأنه يدافع عن الحق، لكن الأهم أن هناك ملائكة تقاتل على الأرض هم أفراد الجيش العربي السوري العقائديين المدافعين عن قضيتهم وعن الحق وعن خيارات شعبهم وعن هذا الوطن، فالمواجهات التي خاضها الجيش العربي السوري يعجز عنها جيش كالجيش الأمريكي، فقد واجه منظومة الإرهاب بفكرها وسلاحها بمسلحيها ومرتزقتها وداعميها بأموال قارون القطري والسعودي والتدريب التركي، إضافة إلى عشرات أجهزة المخابرات في العالم بما فيها المخابرات الإسرائيلية. الجيش العربي السوري إذاً واجه جيشاً من الإرهاب واستطاع أن ينسف مشروعهم الإرهابي العسكري. المهمة الثانية أنه ضبط الحدود بما استطاع على مسافة نحو 2500 كم بالرغم من تدفق السلاح والمسلحين والاشتراك المباشر وخاصة من تركيا بتسهيل دخول المسلحين والتنسيق أمنياً وعسكرياً لتأمين دخولهم، المهمة الثالثة وتحتاج إلى جيش بأكمله وهي تأمين مفهوم الأمن المجتمعي أي بمعنى تدخل الجيش وصان وحافظ على الاقتصاد، أمن النقل، أمن التعليم، أمن الحياة المجتمعية بما معناه أمن الحياة، فقد استطاع الجيش السوري أن يبقي على الحياة الطبيعية على المستوى الرسمي وعلى المستوى الإداري في كل المحافظات تقريباً، وهذه المهمة كانت هامة وشاقة جداً، والمهمة الرابعة أنه بنفس الدرجة الذي يواجه هذا الإرهاب وحرس الحدود ويحقق الأمن الداخلي والمجتمعي أيضاً يستعد لصد عدوان خارجي وبمنتهى الكفاءة، وخاصة أن عقيدة الجيش العربي السوري تقول إن أمن الوطن لا يقبل الغفلة، والخطأ الإستراتيجي غير مسموح، وأمن الوطن يجب ألا يتمّ التعامل معه بحسن النوايا أو التصريحات، أي بمعنى أن الجيش العربي السوري يستعد بمنتهى درجات الاستعداد وكأن العدوان الخارجي ممكن أن يكون غداً، وما نفذه الجيش كبير وكبير جداً، والصمود يتواضع أمام صمود الجيش العربي السوري، لذلك أقول ما أنجزه هو إعجاز أسطوري بكل معنى الكلمة.   * إذاً هذا الجيش لا يحتاج كما تزعم الأطراف المتآمرة إلى مقاتلي حزب الله والحرس الثوري الإيراني؟!. أعتقد أن الإجابة عن هذا التساؤل لا تحتاج إلى الكثير من التحليل، بل لقليل من الوعي والمحاكمة، فالجيش واجه كل ما كانوا يدّعونه من معارك وملاحم وزلازل ويحشدون لها عشرات الآلاف من قطعان الإرهاب، واستطاع الجيش أن يصيبهم بالضربة القاصمة ويحبط كل أحلامهم وأوهامهم، وأن يضعفهم إلى حدود النهاية، وما تبقى من إرهابيين في الداخل السوري بالمفهوم العسكري لا يشكلون حالة قلق للجيش، فما بالك بذروة وقوة الإرهاب في الداخل السوري، الجيش لم يكن يحتاج لأحد ومازال قوياً وقادراً على تصفية فلول هذه العصابات الإرهابية، والأهم من ذلك أنه لا يحتاج من أحد أي مقاتل لا على المستوى البشري ولا غير البشري، ومازال يملك قدرات وقوات بشرية ونارية تمكنه من الاستمرار والصمود لسنوات وسنوات في مواجهة هذا الإرهاب. والأمر الثاني تعوّدنا على هذا الطرح فأنا أحيل كل من يستمع إلينا إلى الأسبوع الأول من الحراك الذي حصل في سورية وخاصة في درعا، كنت أسمع محطات العدوان على سورية وعن طريق بعض شهود العيان الذين أصبحوا أضحوكة فيما بعد وبنيت الحالة الافتراضية لما حصل وتطور في سورية كله على هؤلاء، كانوا يقولون إن هناك عناصر من حزب الله والحرس الثوري الإيراني تشترك في قمع المظاهرات التي كانوا يدّعون أنها سلمية، عندها قلت إن هناك مخططاً مدبراً ومؤامرة كبيرة فهم أرادوا أن يقحموا حزب الله والحرس الثوري الإيراني من الأسبوع الأول واستماتوا لكي يثبتوا ذلك ولجؤوا إلى كثير من الانحدار عندما اختطفوا بعض الحجاج الإيرانيين وبعض الحجاج من جنوب لبنان وادعوا أنهم مقاتلون من حزب الله والحرس الثوري الإيراني!!. إن وعي المواطن السوري ومحاكمته قادرة على فرز هذه الترهات وهذه الأكاذيب، فهم ادّعوا هذا الأمر لسببين: الأول لأن أحد مكونات العدوان الوهابي القاعدي التكفيري الذي استخدم كل الأسلحة الإيديولوجية والقنابل الطائفية والمذهبية يعتمد على خلق مبررات لتسويق المشروع الطائفي، والأمر الثاني أرادوا تجييش الحالة ليس فقط في سورية بل الحالة العربية أيضاً بأن هناك صراعاً طائفياً، ودلالة وشيطانية هذا التسويق هي ضرب هذا المحور المقاوم، فلا يمكن أن أقول إن هناك محوراً شيعياً مقاوماً من لبنان إلى سورية وصولاً للعراق وإيران، لأنه أمر معيب، فإسلام بلاد الشام هو ميزان الإسلام في العالم، الإسلام الذي يرعب إسرائيل وأمريكا لذلك أرادوا هذا الفهم والممارسة للإسلام وهو الذي يشرعن المقاومة ضد العدو الصهيوني، أضف إلى أن هذا الفكر الوهابي القاعدي يتقاطع مع الفكر الإخواني تماماً لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد، فالفكر الوهابي والإخواني هما الحاملان الأساسيان لتقسيم المنطقة على أساس طائفي ومذهبي واثني وعرقي لتكون إسرائيل هي الكيان الأكبر في هذه المنطقة، ولا يوجد في هذه المنطقة دولة أكبر من فلسطين التي تحتلها إسرائيل سوى سورية والعراق ونجح الأمريكي في تقسيم العراق تقسيماً مقنعاً ولكن سورية هي الهدف الأساسي، كما لم نسمع يوماً من الفكر الوهابي القاعدي وكل مشتقاته أنهم أفتوا بقتل صهيوني واحد، إذاً هذا المشروع وهذا التسويق لمقاتلين من حزب الله والحرس الثوري الإيراني أريد منه بث السموم والخطاب المذهبي واستنهاض الغرائز بدون محاكمة وهذا الأمر سقط أمام وعي وقدرة السوريين ومحاكمتهم لأي شيء من هذا القبيل.   *واجهت وحداتنا العسكرية بعض الصعوبات في بسط سيطرتها على أحياء مدنية مغلقة أو مفتوحة في قلب وعلى أطراف المدن مثل بلدات بعينها في ريف دمشق وحلب وإدلب.. ما التكتيك العسكري الذي يمكن أن يضمن للجيش العربي السوري إحكام السيطرة على مثل هذه الأحياء التي يمكن أن تشكل ممراً لعودة المسلحين؟. **الجيش العربي السوري الآن أنجز نقلة نوعية في أدائه وخاصة في الأيام والأسابيع الماضية، وهذه الإنجازات التي نرى مؤشراتها ومبشّراتها ربما تتحدث عن نفسها وخاصة في ريف دمشق ودرعا وأكثر من منطقة، فالجيش انتقل من الدفاع الإستراتيجي إلى الهجوم الإستراتيجي وهذا لا يعني أن الدفاع الإستراتيجي لا يوجد فيه هجوم أو العكس. فالجيش ينفذ هذه المهام بتخطيط وفكر وإبداع منقطع النظير، بمعنى عندما يتوقع الإرهابيون أن الجيش السوري سيهاجمهم يلجأ الجيش للدفاع وعندما يتوقع الإرهابيون أن الجيش سيدافع يهاجمهم، أي إذا كانوا يتوقعون أن الجيش السوري سيأتيهم من اليمين أو اليسار أو الخلف أو من الأمام يأتيهم من حيث لا يحتسبون، فالجيش الآن بيده المبادرة في المكان والزمان والميدان أينما كان ولا يستطيعون انتزاع المبادرة من أيدي الجيش ولا لحظة واحدة، هذا الأمر يجب أن نؤكده، وهم وأسيادهم يعرفون ذلك، ومن هنا نقول إنهم أفلسوا بتحقيق أهدافهم وما كانوا يسوقون له أنه معركة دمشق الكبرى اللاحقة أنا أقول سقطت قبل أن تولد وسقطت خارج دمشق، وعندما كانوا يحاولون تسريب بعض المسلحين من درعا إلى دمشق وتغيرت موازين القوى في ريف دمشق انتهت هذه المعركة في درعا ولم تصل إلى ريف دمشق. وعمليات الجيش العربي السوري كانت محكومة بعدة مسائل، منها أخلاقية ومناقبية المقاتل العربي السوري وحرصه وحفاظه وصيانته للأملاك العامة والخاصة وتحديداً الأبرياء والمدنيين، وبالرغم من كل ما استخدمه الجيش كان يمهل كثيراً وكثيراً جداً ولكنه لا يهمل بمعنى الزمن الذي يتحكم بالجيش العربي السوري كي لا يقع أبرياء، وكي لا يستهدف إلا المسلحين والعصابات، لذلك ليس المهم ما أنجزه الجيش بالرغم من أهميته ولكن الأهم ماسينجزه الجيش العربي السوري لاحقاً وهو سيكون أكثر قوة وأكثر مفاجأة وأكثر صعقاً وأكثر هادفية وأكثر نوعية وكيفية بتنفيذ العمليات، وأكثر اطمئناناً وإنجازاً والقادم من الأيام والأسابيع سيكشف الكثير من المفاجآت والإنجازات ربما عن أشهر خلت، وكل ما يتوهمونه ببعض نقاط القوة أو السيطرة المزعومة على بعض المناطق سينسف تماماً. فأي حي حوله الإرهابيون إلى منطقة محصنة أو عصية، فإنه لا توجد منطقة عصية على دخول الجيش العربي السوري، ولكن كما ذكرت بأن الجيش محكوم أحياناً بالأولويات، فقد تتقدم أولوية منطقة على منطقة من حيث حجم الإرهابيين ونوعيتهم وجنسياتهم وأسلحتهم وتحصينهم وطبيعة هؤلاء الإرهابيين، هل هم خلايا نائمة قائمة مناورة متمرسة مدربة غير مدربة وموقع المنطقة وجغرافيتها وأهميتها الجغرافية بالنسبة للعاصمة دمشق وريف دمشق كونها تشكل منطقة مفصلية، هذا الأمر يحكم الجيش العربي السوري في سرعته أو إبطاء عملياته في هذه المنطقة أو تأجيلها من منطق يمهل ولا يهمل، المسألة الثانية أن الكثير يتساءل أن الجيش العربي السوري يطهر منطقة ثم يعود الإرهابيون إليها، وهنا أقول إن منطق العمل العسكري يحتاج إلى عدة مراحل أولاً تقويض وقتل هؤلاء الإرهابيين بمعنى تقويض البنية البشرية والتسليحية لهم والمرحلة الثانية هي التطهير وخاصة في السراديب والأنفاق والمرحلة الثالثة هي التعقيم والمرحلة الرابعة إعادة التحقق من التعقيم، وقد تحتاج منطقة لمرحلتين أو ثلاث أو أربع مراحل، كالسرطان تماماً يحتاج إلى اجتثاث ثم جلسات معالجة إشعاعية، ولكن هنا يجب التنويه إلى مسألة أنه مهما أبدع الجيش العربي السوري في عملياته إذا لم يتوافق ويتكامل مع أداء أجهزة الدولة وخاصة الجهاز الحكومي والإداري والشعبي لاستثمار ما أنجزه سيبقى إنجاز الجيش منقوصاً، فيجب أن يتحول كل مواطن إلى مقاتل، وبالتالي يستثمر جهاز الدولة على مستوى البلديات والمؤسسات استثماراً مباشراً ما أنجزه الجيش لإعادة الحياة الطبيعية لهذه المناطق، لهذا يجب أن نؤكد على تكامل دور الجيش مع مختلف أجهزة الدولة.   * جرى الحديث كثيراً عن التحضير لمعركة دمشق الكبرى مقابل إنجازات عسكرية كبيرة للجيش السوري.. ما هي حقيقة هذه التحضيرات وإمكانية حدوثها برأيكم؟. ما أكثر العبر وأقل المعتبرين، فأنا أقول وأطمئن أنه ليس بمقدورهم وهم أعجز عن تنفيذ معركة لا صغرى ولا كبرى، والآن ما تبقى منهم غير قادر على تنفيذ أي معركة إلا معركة الموت أمام الجيش العربي السوري وما تبقى منهم لا يتعدى صوت وصدى وصرخة وقنابل إعلامية لا أكثر ولا أقل. فالوضع الميداني يقول بعد أن حقق الجيش العربي السوري الكثير من العمليات الناجحة وبالأخص في مناطق الغوطة الغربية، بدءاً من المعضمية وداريا مروراً بالحجر الأسود والسبينة وصولاً إلى السيدة زينب وبعد أن اطمئن على داريا اطمئناناً مطلقاً من الوجهة العسكرية وربما الوجهة الأمنية وهي في خواتيمها الآن وصولاً إلى ما أنجزه بمناطق الغوطة الغربية والآن أكمل طوقه في مناطق الغوطة الشرقية والتي كانت تشكل أهم خزان لما تبقى من فلول هذه العصابات، فأحكم الطوق عليها بمنطقين منطق الحصر والعصر، وقطع الإمدادات من الاتجاه الشرقي والجنوب الشرقي من اتجاه درعا ومن اتجاه تدمر والحدود اللبنانية، وهي الآن أمام خيارين إما الموت أو الاستسلام، وقد استسلم الكثير منها ومن متزعميها وخاصة عندما خلعوا قمصانهم الداخلية البيضاء ورفعوها إيذاناً بالاستسلام في مناطق دوما وعدرا، فالجيش الآن يحكم الطوق على هذه المنطقة ويقسمها إلى ثلاثة قطاعات، الأول من طريق المطار إلى طريق المليحة هذا القطاع مختص فيه بعض التشكيلات القتالية والنارية لسحق ما تبقى من فلول ومتزعمي العصابات الإرهابية ويستهدفهم الجيش على مدار الدقيقة والساعة ويوقع فيهم إصابات وينفذ تكتيكات مذهلة جداً والكثير من متزعميهم يسقطون صرعى، والآن هواجس واتصالات هؤلاء الإرهابيين مثيرة للاستهزاء، فإذا استمعنا إليهم كأننا نشعر بوجود حديقة حيوانات لكثرة شتائمهم لبعضهم ويهددون بأنهم سيسلمون بعضهم للجيش السوري وسيدلون على بعض أوكارهم ويتهمون بعضهم بالتقصير والبعض بالخيانة فهذه حالة ضياع وشتات وفوضى حقيقية. والقطاع الثاني من طريق المليحة إلى النشابية إلى طريق جوبر زملكا وصولاً إلى منطقة بيت نايم أو منطقة أوتايا هذه المنطقة ينفذ بها الجيش مهام نارية وقتالية مهمة جداً، أما القطاع الثالث فيمتد من منطقة جوبر زملكا باتجاه حرستا ودوما وصولاً إلى أوتستراد دمشق، والجيش وضعهم بين فكي كماشة أمني وعسكري وناري، والأهم من ذلك أن تعاون الأهالي في هذه المناطق تعاون مثالي مع الجيش العربي السوري. لذلك أقول الآن إن الجيش أحكم سيطرته على هذه المناطق، ولا يمكن لهذه العصابات الإرهابية تنفيذ أي فعل ايجابي بالمفهوم العسكري إلا بلجوئها إلى بعض العمليات المفلسة من خلال استخدام قذائف الهاون الموجودة في أقبية كثير من البيوت والمناطق التي هجروا أهلها وحولوها إلى مستودعات أسلحة وذخائر. وأكرر أنهم حاولوا إرسال بعض المسلحين من درعا إلى ما يسمّى منطقة العزل في الجولان وإلى مناطق الغوطة الشرقية والغربية محاولة منهم لإعادة تغيير موازين القوى، وهذا ما بشّر وأعطى أمراً به روبرت فورد السفير الأمريكي السابق في دمشق عندما تغنى بفلول العصابات في منطقة جوبر وقال إن هذه الكتلة المسلحة يمكن أن تنفذ معركة باتجاه دمشق لذلك الجيش يحبط كل هذه الأوهام حتى قبل أن تبدأ. وما سينجزه الجيش قريباً في الغوطة سيشكل انهياراً دراماتيكياً لهذه العصابات وفي الكثير من المناطق حتى في درعا التي بدأ الوضع يتحسن فيها بشكل ممتاز وعادت إلى ماكانت عليه وأفضل مما كانت عليه وهذا الأمر ينطبق على حمص وخاصة عمليات الجيش النوعية وضبطه المهم جداً وتصفيته لكل تلك الفلول في منطقة القصير وتلكلخ وصولاً إلى حماة وريفها وريف إدلب. وأذكر حادثة عن بعض الأشخاص الذين فروا من الجيش العربي السوري أرادوا أن يلتحقوا بهذه العصابات وهذه اعترافات أحد عناصر الجيش الذي فكر بالفرار والانضمام إليهم وكان خاله أحد متزعمي هذه العصابات فضربه وقال له عد إلى قطعتك لأننا في حالة فوضى وتشتت وموت، فتتنا الجيش قتلنا الجيش لم يبقَ عندي إلا بضع عناصر كيف يمكن أن أضع وجهي أمام أهالي هؤلاء الذين قتلوا فأنا يمكن أن أهرب من هنا باتجاه تركيا أما أنت ابن أختي كيف سأضع وجهي بوجه أختي، فارجع إلى قطعتك وهناك أضمن لك لأنكم منتصرون ونحن الخاسرون ونندم على كل لحظة حملنا فيها السلاح. وفي حلب عمليات الجيش متواصلة بعد أن أحكم قدرته وقبضته على المناطق الإستراتيجية كالطريق الدولي وطريق السلمية والسفيرة والنيرب ومناطق مؤسسة معامل الدفاع ومطار حلب المدني والعسكري والباب بالتعاون مع عناصر الدفاع الوطني ودخوله مناطق الجنوبية الشرقية من حلب وخاصة منطقة الشيخ سعيد ومنطقة الصالحين والبرج والآن ينفذ عمليات والقادم سيكون مفاجئاً في هذه المنطقة وخاصة أن الدفاع الوطني وأهالي حلب الشرفاء يتقدمون بأدائهم على عمليات الجيش العربي السوري. لهذا نسمع أن هذه العصابات وإعلامها الكاذب يسوقون أنهم سيفتحون جبهة في القامشلي، وهذا برأيي تحضير في الإعلام لما يسمّى "انسحاب تكتيكي"، وهو بمثابة انسحاب إستراتيجي كما كل تلك الانسحاب التي كنا نسمعها، وقريباً سنسمع انسحاب تكتيكي من ريف دمشق ومن حلب ومن ريف إدلب، وهذه الانسحابات ببعدها الميداني هزيمة إستراتيجية حتى محافظة دير الزور تنفذ بها عمليات جيدة وهي في قبضة الجيش العربي السوري والوضع مطمئن فيها، والرقة التي عولوا وهولوا لها هناك عمليات أكثر من نوعية وهي مطوقة ويتمهل الجيش للدخول إليها، وأعتقد بمنطق التحليل الميداني الإستراتيجي والعسكري وقدرة أهلنا في الرقة على طرد هؤلاء الإرهابيين، أن الرقة لن تحتاج إلى معركة، وإن احتاجت فستكون لساعات بحكم جغرافيتها وطبيعتها وأسهل من معركة أي حي من أحياء ريف دمشق كحي جوبر. المشهد الميداني عموماً مشهد مطمئن، وما أنجزه الجيش كبير جداً وما ينتظره أكبر، وكل من راهن على أن الجيش ممكن أن يضعف أو يهتز كان رهانه خاسراً، والأيام والأسابيع ستشهد تحسناً كبيراً على المستوى الأمني وعلى المستوى العسكري وعلى مستوى إنجازات الجيش العربي السوري التي ستغير المزاج الشعبي والسياسي في الداخل السوري إيجاباً، وأيضاً ستغير القراءة للمشهد السياسي والأمني والعسكري على المستوى الإقليمي، والعالم كله سيعود انطلاقاً من إنجازات هذا الجيش التي تحكم وتتحكم في موازين الحل والربط للأزمة السورية منذ البداية إلى هذه اللحظة، كما سيعود إلى الواقعية الوطنية السورية المتمثلة بالجيش العربي السوري والمبادرة السياسية التي أطلقها الرئيس بشار الأسد والبرنامج التنفيذي للحل السياسي الذي يعبّر عن خيار إستراتيجي سوري بالحل السياسي ومرتكزه الحوار الوطني والحكم فيه وحكمه هو خيار الشعب العربي السوري. نحن الآن نشهد حالة تخلص وتملص لإفلاس المشروع العسكري والإرهابي بكل مكوناته الخارجية والداخلية ونجاح المشروع السوري بكل ثوابته ومكوناته الوطنية والانطلاق إلى العملية السياسية التي يريدونها معركة سياسية ونحن جاهزون لها، لكن ستبقى ثوابتنا وخياراتنا هي الأساس ونحن الآن بعد عامين ونيف من الصمود والإنجاز وإحباط العدوان، وبمنتهى الموضوعية، أقوى من أي يوم مضى في تاريخ الأزمة السورية عسكرياً وشعبياً وأمنياً وإدارياً، ومشروع العدوان بما فيه الإرهاب هو أضعف من أي يوم مضى من تاريخ الأزمة والمبادرة بيدنا، وحذاء المقاتل العربي السوري هو الذي مزق خارطة الذل وخارطة الإرهاب وخارطة العدوان، وبهذه القدم نفسها هو الذي يرسم خارطة الشرق الأوسط الجديد الذي نريده وخارطة الخيارات والحفاظ على ثوابتنا وخياراتنا لأننا حققنا وسنحقق هذه الثوابت وسنبقى وحدة وطنية واحدة جامعة، وسنبقى قلب العروبة النابض وسنحفظ العروبة والإسلام والمقاومة والممانعة، وأعتقد أن تباشير النصر بدأت تلوح في خبطة أقدام هؤلاء الأبطال الهدارة على الأرض والقادم أكثر إنجازاً وقوة واطمئناناً.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 وسن
    22/4/2013
    20:16
    الجيش الملائكي الإعجازي الأسطوري ،،، نفديكم بأعمارنا
    نفديكم فعلآ بأعمارنا ومهجنا وأقئدتنا التي لا تكل ولا تمل من الدعاء لكم ليل نهار ونعتز بكم ونقدسكم وندعو لكم بطول البقاء أحبتنا يارجالنا ولنا كل الفخر،،،،،، في الواقع تخيلت كل الخطط التي انتهجها المثيرة أبطالناالذين لم يعد يتسع القلب لمحبتهم لعظمتها ، إلا البيضة المسلوقة عجز خيالي عن تصورها والقضم والهضم ، المهم لي صديقة من درعا أقسمت لي أنهم في فترة سيطرة قوى الخيانة على مناطقهم كان المسلحين يكيلون لهن أبشع الشتائم التي لا تتحملها حرة عندما كنّ يحاولن الخروج من بيوتهن لغرض شراء حليب أو خبز وكانوا يهددونهن بالسلاح وعندما أتى أبطالنا صاروا يوزعون لكل البيوت التي كانت محاصرة الخبز والحليب بالمجان ! هكذا رجال توضع بساطيرهم على الرؤوس وبكل فخر واعتزاز
  2. 2 وسن
    22/4/2013
    20:59
    الجيش الملائكي الإعجازي الأسطوري ،،، نفديكم بأعمارنا
    سلمك الله د. سليم ... كل ماقلته حق ونشهد أنا لمسنا الكثير منه ... لكن يبقى في خاطري تساؤل عجزت عن تصور إجابة له وأشعر بأن الجميع يتجنب التطرق له : ماذا عن المحور الرابع لمدينتنا (مخيم اليرموك) المتاخم لمنطقة الميدان والزاهرة وطريق المطار والذي يمتلئ بالمسلحين من جبهة النصرة وآخرين من شباب المخيم والحجر الأسود ؟ منطقة استراتيجية جداً لهم ويقال أنها موصولة بطريق ما يؤدي إلى درعا !!! أعلم أن القيادة لن تتركها كالعين العوراء أو كمستنقع لجرائيم تحيا وتنمو وتتكاثر فيه يوماً بعد يوم .. هل ينتظرون انسحابهم عن طريق اتفاق ما عن طريق الأونيروا مثلآ ؟ طيب والشباب الفلسطيني ونازحي القنيطرة والجولان وهم من أبناء المنطقة هل سيكتفون برمي سلاحهم مثلآ ويشكلون خلايا نائمة لبعض الوقت ؟ أسئلة تقض مضجعي حقاً .

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا