جهينة نيوز:
على الرغم من الحديث المتكرّر وحالة الإجماع الإقليمي والدولي على أن الحلّ السياسي وحده الكفيل بإنهاء الأزمة في سورية، وعلى الرغم من النشاط والحراك الدبلوماسي والسياسي الدولي الأخير من اجتماعات ثنائية وجماعية، آخرها اجتماع 17 دولة في فيينا لوضع خارطة الحل السياسي للأزمة، إلا أن الصورة تؤكد أن الميدان العسكري ما زال العامل المرجح في إطلاق شارة النهاية وصاحب الكلمة الفصل في تحديد ماهية المسارات السياسية التي ستنتج حتماً عن تغيير موازين القوى على الأرض.
بعد انتهاء مؤتمر فيينا أعلن «سلطان الأمر الواقع» رجب طيب أردوغان أنه بمواجهة حتى النهاية مع النظام في سورية، وكذلك الحال بالنسبة للسعودية و»سخافات» وزير خارجيتها عادل الجبير وتهديداته بالتدخل العسكري. أما الإدارة الأمريكية فهي توحي بأنها متمسكة بالحل السلمي، في الوقت الذي تعلن فيه عن مساعدة مالية إضافية بقيمة 100 مليون دولار لما تسميه «المعارضة المعتدلة»، إذ ومن جهة يؤكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من كازاخستان أن روسيا والولايات المتحدة تمكنتا خلال اجتماعات فيينا من إحراز تقدم حول موضوع التسوية السورية، واصفاً المحادثات بأنها كانت مثمرة للغاية، يعلن بين رودز مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون السياسة الخارجية من جهة ثانية أن مهمة القوة العسكرية التي تخطط واشنطن لإرسالها إلى سورية، ستكمن في (المساهمة في تعزيز قدرات الشركاء)، أي المجموعات الإرهابية المصنفة أمريكياً كـ»معتدلة»، لنلمس أن الحديث عن حلول سياسية ما هو إلا لكسب الوقت وتوسيع دائرة الرهانات لإعادة بناء قدرات هذه المجموعات المسلحة كي تكون العين فقط على الميدان.
المشهد الدولي العام تتصدّره عملية تصفية حسابات، وربما تفاهمات، بين الأطراف المتقاتلة على سورية ومعها، ولنتذكر أنه وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفكك حلف وارسو لصالح تمدّد الحلف الأطلسي تصاعد الاستهداف الأمريكي للدور الروسي في المنطقة إلى أن وصل إلى محيطها الأوراسي الذي بدأ لهيبه يطال الحدائق الخلفية للكرملين، من هنا أتى التدخل الروسي في جورجيا في اليوم التالي مباشرة لإعلان ضمّها للاتحاد الأوروبي، ومن هنا أيضاً أتت عملية استرداد شبه جزيرة القرم والمساعدة الروسية للجيش السوري، لقناعة بوتين المطلقة ومعه فريقه السياسي والعسكري بأن استهداف سورية ليس إلا حلقة من سلسلة الاستهدافات والحروب التي تخطط وتسعى إليها الإدارة الأمريكية وحلفاؤها.
وعلى هذا يمكن القول إن الصراع في بعديه السياسي والعسكري اليوم هو على شكل العالم الجديد الذي سيحدّد معالمه المنتصر على الساحة السورية، كما أن المعادلة الغربية في الحديث عن حلّ سلمي للحرب في سورية ما هي إلا لالتقاط الأنفاس لجولات ميدانية قادمة تمكّن المنتصر فيها من وضع شروطه في أي تفاوض مأمول، ما سيدفع حلفاء سورية –باعتقادنا- إلى زيادة حجم المساعدات المختلفة والنوعية لتأخذ أنماطاً وأشكالاً جديدة ستشهدها وقائع الميدان وربما المنطقة برمتها قريباً.
01:23
07:59
22:21
21:06