جهينة نيوز:
الحرب على سوريا و مع دخولها العام الثامن شكلت مشاهد جديدة ليس في الشرق الأوسط فحسب ، بل طالت هذه المشاهد العالم أجمع ، مولدة إصطفافات إقليمية و دولية جديدة ، و ليس بجديد إن قلنا أن أحد أهم أهداف الحرب على سوريا ، هو تقويض دورها المقاوم و القضاء على هيكلية الدولة السورية ، ليصار لاحقا إلى تقطيع أوصال محور المقاومة على اعتبار سوريا العمود الفقري لهذا المحور ، و لم يدخر أعداء سوريا جهدا في استخدام كافة الوسائل لإسقاط سوريا دولة و قيادة و جيشا ، كل ذلك تنفيذا لخطة أمريكية متعدد الجوانب ، حتى وصل الأمر بواشنطن و أدواتها إلى التدخل المباشر في الميدان السوري .
إن المتابع لمجريات الشأن السوري ، يدرك تماما أن الخطة الأمريكية المضمون إقليمية التنفيذ ، سُخر لها منظمات إرهابية كانت تتحرك بإشراف مباشر من البيت الأبيض ، و لا شك أن ما زاد في تعقيد المشهد السوري هي الذرائع التي قامت واشنطن بتسويقها من أجل إطالة بقاء قواتها و أدواتها في الجغرافية السورية ، و لا شك أيضا بأن الملف الإنساني حاضر دائما من أجل توظيفه في تزويد الإرهابيين بالسلاح و المال و المؤمن ، و في جانب أخر كانت ذريعة محاربة الإرهاب شماعة مناسبة أمريكيا للتواجد في الميدان السوري ، هذه الشماعة التي سمحت للأمريكي ببناء قواعد عسكرية في الشرق السوري ، و سمحت للتركي بعملية عسكرية شمال غربي سوريا ، و سمحت للإسرائيلي باستهداف نقاط عسكرية تابعة للجيش السوري ، كما يدرك المتابع للشأن السوري بأن التطورات السورية بشقيها الميداني و السياسي سمحت للدولة السورية و حلفاؤها بالرد مباشرة على الاعتداءات المتكررة من قبل واشنطن و أدواتها، ما يعني استراتيجيا قلب الموازيين الدولية لجهة انكفاء محور اعداء سوريا و تعاظم قوة الدولة السورية و حلفاؤها .
إذا هناك مرحلة جديدة عنوانها الأبرز تعاظم قوة الدولة السورية و حلفاؤها ، و هذا واقع لا لبس فيه ، بدليل اسقاط سوريا لطائرة اسرائيلية و القضاء على أدوات واشنطن الإرهابية في الغوطة الشرقية ، خاصة مع تهديدات واشنطن باستهداف دمشق عسكريا ، و على الرغم من محاولات واشنطن كبح تقدم الجيش السوري ، إلا ان مجنزرات الجيش السوري تمكنت من سحق الإرهابيين و على مرأى من واشنطن دون أن تحرك ساكنا ، و في هذا كسر للخطة الأمريكية ، ايضا حلفاء سوريا أعلنوا موقفهم من تهديدات واشنطن ، موسكو قامت برد فوري يتعدى إسقاط الصواريخ إلى إغراق البارجات التي أطلقتها، ايران ايضا وجهت رسائل قوية تلقفتها واشنطن مفادها لن نقف مكتوفي الأيدي تجاه أي عدوان على سوريا ، و بالتالي هذه المواقف التي تلقتها الإدارة الأمريكية جعلت البيت الأبيض عاجزا و خالي الوفاض ، و أصبحت الإدارة الأمريكية غير قادرة على استكمال أجندتها و إدارة الصراع في سوريا ، في مقابل محور سوري روسي ايراني قوي و مستعد للمواجهة أينما وصلت تطوراتها .
التغيرات التي طرأت على المشهد السوري لم ترق لأمريكا و أدواتها ، و هذه التغييرات ليست من فراغ ، بل هي تغييرات أثبتت قوة محور المقاومة و الحليف الروسي لهذا المحور ، ما يعني أن واشنطن اصبحت في خانة التراجع دوليا و إقصاء دورها كقطب أوحد في إدارة الصراع و توجيه تبعياته ، صحيح أن ترامب شكل حكومة حرب بكل ما للكلمة من معنى ، لكن هذه الحكومة غير قادرة سوى على التصريح و التهديد و التلويح بعصا الحرب و القوة العسكرية الأمريكية ، و أكثر ما تستطيع فعله هو فرض عقوبات على سوريا و روسيا و إيران ، بينما تقوم الدولة السورية بكنس قذرات واشنطن و السعودية من الجغرافية السورية ، و عليه لابد من القول ، أنه و بعد ثمان سنوات من الحرب المفروضة على سوريا ، باتت الدولة السورية بقيادة الأسد أقوى و خياراتها الاستراتيجية يدركها الجميع ، سوريا موحدة و خالية من الإرهاب ، شاء من شاء و أبى من أبى .
21:58