جهينة نيوز:
في الحسابات الاستراتيجية للقوة العظمى تندر الخسارة ، كيف لا و أمريكا هي القطب الأوحد بحساباتها الاستراتيجية ، وعلى هذا الأساس التف حولها أدواتها ، لكن ما حدث في الميدان أذهل حتى واشنطن فكانت أمريكا مخطئة في العنوان ، سوريا وروسيا وإيران وحزب الله عكسوا كفة الميزان و كان الحسم في الميدان.
إن حجم الأموال التي ضختها امريكا والسعودية والأردن وتركيا وقطر وفرنسا ، لدعم هذه الحرب يفوق كل التوقعات ، لكنها وكما ذكرت سابقا اخطأت في الحسابات ، وهنا سقط منها ان تحسب حساب الحليف الروسي ، والذي وجوده شرعي على الأرض السورية ، أما واشنطن فوجودها غير شرعي ، وهذا ما أكده الرئيس الأسد في أكثر من لقاء، و لأن أمريكا قوة عظمة وتحت ذرائع شتى وأهمها "مناهضة الإرهاب " مكنت لنفسها قواعد في سورية وكانت الفاعل والمفتعل للحرب ، بل والمراقب الاول لما يجري ، فالقواعد الأمريكية في منطقة التنف السورية والتي اقامتها أمريكا لتدريب الفصائل الإرهابية ، يتم نقلهم من و إلى المناطق المركزية لهذه الفصائل وتقديم الدعم اللوجستي لهم ، و خاصة في الجنوب و الشمال السوري ، كما أن لقاعدة التنف أهمية في عملية الربط بين الحلفاء كالسعودية وإسرائيل بغطاء أردني كما تعتبر كحاجز بين دمشق وبغداد ، ولكن ما سطره الجيش السوري من انتصارات في الجنوب ، جعل من أمريكا وحلفاؤها في موقف الضعف ، فبدأت المشاورات لحل مشكلة الجنوب إن كان أردنيا بين لافروف ونظيره الصفدي وإن كان أمريكيا والذي سيُعقد قريبا بين ترامب و بوتن ، خاصة و أن التعويل على درعا كان كبيرا فمنها ابتدأت الشرارة وفيها أكبر تجمع للفصائل الإرهابية وبسقوطها من ايديهم تعني تفككا وانهيارا لمشروعهم في الجنوب السوري وبالتالي لابد من التفكيك والانسحاب لهذه القواعد.
ولكن وبالنظر إلى مجريات التطورات على الساحة السياسية وخصوصا لجهة اللقاء الذي تم بين القائدين (الأسد و بوتين) في قمة سوتشي في نوفمبر 2017 في روسيا ، هذا اللقاء قد ادلى ثماره في الجنوب ، فقد أكد الرئيس الأسد على استعداده للتسوية السياسية في سورية إن لم تُثمر جهود الحل السلمي ، و ها هي الحرب في الجنوب السوري تجبر امريكا وحلفاؤها على التسليم والرضوخ للأمر الواقع ، وبات التفكيك والانسحاب لهذه القواعد حتمي ، خاصة وأن أمريكا وحلفاؤها باتوا يعون تماما أن أدواتهم الإرهابية على الأرض السورية لم تعد صالحة للمهمة ، لذلك ترى أمريكا بفرض شروطها على الدولة السورية حفظا لماء وجهها أمام حلفائها، والموعد المرتقب للرئيسين( بوتين و ترامب) سيكشف ما تُخفيه أمريكا تحت مسمى "شروط الانسحاب من سوريا" ، وإن كان لا يخفى على أحد أن "صفقة القرن" من أهم بنودها وشرط اساسي فيها ، هو النيل من سورية العروبة والسيادة ، كما ان للورقة الإيرانية أهمية كبيرة في اللقاء الذي سيجري بين بوتن و ترامب ، فخوف أمريكا وباقي الحلفاء مما يسمى حركات المقاومة وخاصة حزب الله بات معروفا خاصة لإسرائيل ، حيث يشكل وجود الحليف الإيراني جغرافيا على الأراضي السورية خطرا كبيرا على مخططاتهم.
ورغم اعتراف إسرائيل بانتصار الأسد إلا أنها تبقى على نهجها العدواني فتحاول توجيه ضربات عدة كل فينة وأخرى ، وهذا دليل أخر على خسارتها في الجنوب السوري ، فالمسارات قد تغيرت وأصبحت الموازين ترجح كفة القطب الأقوى (الدولة السورية و حلفاؤها) ، وما ستشهده المرحلة القادمة في الشمال السوري سيكون استكمالا للمشهد في الجنوب رغم حساسية منطقة الشمال لكونها مرتعا للفصائل الإرهابية ولتواجد القوات التركية فيها ، لكن سيناريو الجنوب سيعاد في الشمال فالأولوية السورية كما أكد الرئيس الأسد هي في تحقيق السيادة السورية على كامل الأرض السورية فهو حق شرعي لنا.