جهينة نيوز
إن ما جرى في هلسنكي بين القطبين روسيا وأمريكا ، قد أثمر بالضرورة إلى تفاهمات ادت إلى إيجاد حلول مبدئية للأزمة السورية ، و التي قاربت على سنواتها الثمان ، وخصوصا من ناحية "مناطق خفض التوتر "، والتي هي مخرجات استانا ، فإعادة سيطرة الجيش العربي السوري على كامل المحافظات الجنوبية (درعا-السويداء-القنيطرة) ، إضافة إلى تحرير أهالي الفوعة وكفريا المحاصرتين منذ ثلاث سنوات ، ومتابعة ملف اللاجئين في الأردن و لبنان وإعادتهم إلى وطنهم ، وكذلك ملف المساعدات الإنسانية ، يعتبر نصرا لسورية بمساعدة روسيا الحليف القوي ، ولكن على الأرض وكنتيجة لتنفيذ هذه التفاهمات فإن مسلحي الفصائل كهيئة تحرير الشام رفضت التسوية مع الحكومة السورية بأمر و بتوجيه من تركيا ، وبالتالي مطالبتهم الانسحاب من إدلب ، و ما زاد الأمر استهجانا لهذه الفصائل المسلحة هو وجود لعناصر من حزب الله بين المقاتلين المدافعين عن كفريا والفوعة وخروجهم مع الأهالي في عملية التبادل الأخيرة، والذي شكل قلقا وتساؤلا عن أسباب التكتم وما مدى دور حزب الله في دعم الجيش السوري في الشمال؟ .
من البديهي وكتتابع لعملية تحرير الجنوب السوري ، المرحلة القادمة هي (الشمال السوري) وهنا لابد من طرح السؤال ما هو الموقف التركي من قمة هلسنكي وخصوصا ما يجري على الأرض السورية؟ ، فالسيادة السورية ستكون على كامل أراضيها فماذا سيحدث في الشمال كردة فعل لتركيا؟ ، وإذا ما قبلت الفصائل المسلحة "النصرة" التسوية مع الحكومة السورية في الشمال السوري فهل تركيا سترد عسكريا أم أنها ستتوصل لتسوية عبر شركائها في أستانا (روسيا - إيران) ، أم أنها ستقوم بحثهم على الوساطة ليتم الأمر بينها وبين الحكومة السورية بشكل مباشر ، فتركيا كانت قد اعلنت "ان مهاجمة الجيش السوري لإدلب سينسف اتفاق استانا " ، وهذا الإعلان أتى بعد سيطرتها على منطقة عفرين والمعروفة بغالبيتها الكردية ، والمعلوم بأن أمريكا تدعم قوات سورية الديمقراطية وهذا من شأنه أن يحدث تصادم بين امريكا وتركيا وخصوصا في منبج ، وعلى ما يبدو ان هذه الوقائع قد تفضي إلى مزيد من التوتر في الشمال .
هنا يتعين على تركيا مفاوضة واشنطن حول ما يجري في سورية، فالعلاقات بينهما توحي بخلافات حول منبج ، علما ان الخلاف الأسبق كان حول عزم تركيا شراء منظومة دفاع جوية روسية S-400 وكذلك لجهة علاقتها بإيران ، وخصوصا بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي في أيار 2018 ، فادعاءات أمريكا السابقة سحق الإرهاب في سورية كان حجة واهية لحفظ ماء الوجه ، وبالتالي ذريعة بقاء قواعدها غير ممكن وهذا ما حصل لقواعدها في منطقة التنف بعد انتصار الجيش السوري ، وعليه هذا ما سيحصل لقواعدها في الشمال ولكن مع وجود تركيا كيف ستكون المفاوضات والتسويات بين الغازيتين ، خصوصا أن الأكراد السوريون والممثل لهم مجلس سورية الديمقراطي "مسد" قد عقدوا مؤخرا اجتماعا في مدينة الطبقة الخاضعة إداريا للحكومة السورية وعسكريا للقوات الكردية والمدعومة من أمريكا ، حيث أبدوا استعدادهم لزيارة دمشق وعقد حوار وطني سوري وفتح مكاتب لهم في دمشق ، وكان أن توقف مجلس سورية الديمقراطي "مسد" عن المطالبة بنظام فدرالي والعودة للتركيز عن النظام اللامركزي والذي بدوره يخدم قضية السيادة السورية لكل شبر فيها .
وفي النهاية ستكون خواتيم الحلول بيد الجيش السوري والحكومة السورية
إما سياسيا و إما عسكريا لا حلول أخرى.