جهينة نيوز:
الحقيقة ، كلنا يعلم ماذا أحدثته هذه الثورة المزعومة في بلدنا . هي دمرت الحجر والبشر وما تزال ، وان كانت انتصارات جيشنا البطل على وشك ان تكتب النصر النهائي على الارهاب لتبدأ مرحلة جديدة من تحديات اعادة البناء . وهذا البناء ليس فقط يتعلق بالحجر بل بناحية قد تبدو أكثر أهمية حتى ، وهي البشر . ان احد اهم اهداف هذه المؤامرة الكبرى على بلدنا سورية هو تدمير الفكر والعقول لخلق حالة اجتماعية جديدة تائهة لا تعرف من الحياة سوى الركض خلف الغرائز من اكل وشرب ونوم بعيدا عن كل قضايا الوطنية والقومية والكرامة الانسانية .
ومن يتأمل بعمق ماوصلنا اليه يدرك حجم الكارثة التي قد تكون أشد خطورة من التدميرالمادي ، فما تم تدميره يمكن ان يعاد بناؤه خلال سنين بينما اعادة بناء الفكر المخرب قد يستمر عقوداً ! ولعل من أهم أسباب ما حدث هو تلاشي الأمن والأمان في المناطق التي سيطر عليها المسلحون بل وحتى الكثير من مناطق سيطرة الدولة بسبب تراجع الامكانات وتغلغل الفكر المتخلف عبر وسائل التواصل خاصة .. غاب الأمن ، غابت أسباب العيش الكريم ، تراجعت الصلات بيم الناس حتى أقربهم ...صار هم البشر واهتمامهم النجاة والحصول ولو على أي مكسب ، بالحلال ، بالحرام ، ليست مشكلة فالمهم أن تصل وللأسف ! .. صارت الأنانية موضة والفردية والجهل صفة والتخلف الديني والعقائدي ميزة ...تراجع التعليم ان بقي منه شيء في كثير من المناطق ... نشطت الجريمة ونهش الأعراض وتصديق الروايات حتى التي تهدم المجتمع وصار الناس يصدقون كل ما يسمعون ...ولو دققنا في كل ذلك لوجدنا أن لاسرائيل اليد الطولى فيما يجري سعياً لتدمير كل ما يرمز الى العروبة والدين الحق !
اننا بأمس الحاجة وبعد أن نقضي على الارهاب الذي تطاول على كل شبر من بلادنا أن نعيد تجديد وتنظيف الفكر الديني واصلاح خطابه وأن ننتبه بحذر شديد الى أولئك الذين يتمسكون بالدين سعياً لتحقيق مكاسب دنيوية وهم أكبر خطر على هذا الدين ؟!
نحن بحاجة الى الصدق والايمان الصحيح بمصالح الوطن قولاً وفعلاً وان نحمي مجتمعاتنا من الانحلال والتدهور وأن نستبدل معارك السلاح بمعارك الانتاج وليس القتل والتصفيات فالعمل الصادق وحده هو الممر الآمن لتجاوز كل هذه الأزمات .
علينا أن نركز على بناء الأخلاق التي تنمي الاحساس بالآخرين والشعور الجماعي وتنظيم العلاقات بين الأفراد الأمر الذي يقوي المجتمع ويزيد المحبة فيه ويعزز تعاونه مع بعضه وتماسكه وبالتالي قوته .
ان للأخلاق الدور الأهم في تنمية الارادة وكبح الشهوات الأمر الذي يدفع الناس الى الحصول عليها بأساليب مشروعة وقانونية بدل الطرق المتخلفة التي لا تنعكس الا سلبا على قوة المجتمع ومناعته .
كيف نعزز الأخلاق في المجتمع ؟ الحقيقة مطلوب منا جميعاً العناية بتربية الأبناء تربية صحيحة وتنشئتهم على مكارم الأخلاق كالحياء والصبر والعفة والكرم والتسامح وغيرها الأمر الذي سيخلق حالة من النضوج الفكري والعاطفي فينتقل الفرد من حالة الانضباط بسبب الآخرين الى حالة الالتزام الداخلي مما يعزز فرصة احترام وتطبيق القانون واحترامه وحماية قيم المجتمع و كذلك يجب توفير طرق اشباع الحاجات الحياتية بطرائق نظامية من خلال توفير فرص العمل الصحيحة والسليمة وتناسب دخل العامل مع متطلبات العيش وتوفير السكن وتهيئة المجال للارتباط والزواج وبناء الاسر على أسس صحيحة وسليمة . علينا أن نهتم باعادة برمجة الاعلام كي يكون ايجابيا مدروساً و في كل مراحل الحياة وحاجاتها ..علينا اعادة النظر في كل القوانين وسن الجديد منها ليكون مناسبا لعيش كريم وايجاد أساليب منطقية عادلة لردع المخالفين ودون تمييز . ويبقى ايماني المطلق بأنه لن تستقيم أمورنا وننافس الأمم على سلم الرقي والعيش الكريم ونحل مشاكلنا عامة الا بعد اعادة النظر علميا ومنطثيا وانسانيا بأنظمتنا وقوانيننا وصياغة البديل لكل متخلف ليتماشى مع النهج الحضاري المتبع في دول عدة قمة في التطور كاليابان مثلا ، وكذلك أن نوجد ثمة ارادة لا تعرف التراجع دون تطبيق هذه القوانين ودون تمييز أو تحيز، أياً كان ما يعيق ذلك .
17:44