جهينة نيوز:
"بحكم وجودي في العاصمة السورية دمشق بالتزامن مع عقد القمة الروسية ـ التركية، لمست أجواء ارتياح في العاصمة بعد توقيع وثيقة موسكو الملحقة باتفاق سوتشي.. صحيح أن هدف القيادة السورية في إدلب كان تحريرها بالكامل وإغلاق ملف الجماعات المسلحة هناك، وأعتقد أن هذا كان متاحاً وممكناً في ضوء انهيار تلك الجماعات بسرعة أمام تقدم الجيش السوري، لكنّ التدخل التركي المباشر وحده من حال دون تحقيق هذا الهدف حتى الآن" يقول الإعلامي كمال خلف في مقالته التي المنشورة بموقع "رأي اليوم" والتي جاءت تحت عنوان: " كيف نظر السوريون إلى اتفاق بوتين أردوغان؟.. وكيف لعبت دمشق أوراقها بين الكبار؟..
ويتابع: دمشق قبل وثيقة موسكو وبعدها تصر على تحرير كل شبر من الأرض السورية، لكن القيادة في سورية تنظر إلى الآتفاق بمقياس الأهداف والمطالب التركية في الشمال، والتي من أجلها شنت تركية عملية عسكرية واسعة ومباشرة ضد الجيش السوري، واضعة في حسابها إعادة الجيش السوري إلى ما وراء جغرافيا نقاط المراقبة التركية وهذا لم يتحقق بل ثبت الاتفاق حقائق الجغرافيا وخرائط السيطرة.. ينظر السوريون باهتمام إلى مكان قواتهم على الخريطة الجديدة في إدلب، هي مكاسب حققها الجيش السوري بالدم، وإن كان قد وقف عند حدود وقف إطلاق النار الراهنة، لكنه يقف كذلك على بعد قفزة واحدة نحو مدينة إدلب وهو مالم يكن قائماً قبل العملية العسكرية الأخيرة.
ويوضح الكاتب: الجيش السوري بحاجة لهذا الاتفاق كفرصة لتثبيت قواته في مناطق سيطرته الجديدة، يحتاج لفترة التقاط أنفاس بعد معارك طاحنة واجه فيها الجيش التركي وتكبد خسائر كبيرة وألحق بالأتراك خسائر بشرية وعسكرية وسياسية على الصعيدين الخارجي والداخلي، مضيفاً: يجمع السوريون على أن الاتفاق في موسكو هو هدنة مؤقتة وليست حالاً مستداماً، وإن الفترة المقبلة هي للاستعداد لمواجهة جديدة قد تمنحهم فرصة استعادة إدلب بالكامل وإغلاق الملف.
ويتابع الكاتب: في الميدان السياسي لعب السوريون أوراقهم الخاصة وأولها اعتراف البرلمان السوري بمذابح الأرمن على يد الدولة العثمانية وهي خطوة ليس بسيطة، بل تصعيد كبير واستفزاز خطير لأنقرة، ومن ثم استقبال سورية لوفد حكومة الجنرال خليفة حفتر، وتسليم السفارة الليبية في دمشق له، وهي كذلك خطوة تعكس ربط الملفين الليبي والسوري معاً في مواجهة تركية وهذا يعني أن بداية تقارب أطراف متنافره لتشكيل جبهة تنسق ضد التدخل التركي، ومن المؤكد أنّ وفد حكومة حفتر قد أخذ الضوء الأخضر من الإمارات والسعودية ومصر ناهيك عن روسيا للتوجه والتنسيق مع دمشق وأردوغان يدرك ذلك تماماً، وإذا صحّت معلومات سربت لنا، أمس، تتحدث عن زيارة رئيس جهاز المخابرات المصرية لدمشق، فإنّ دمشق تحقق مكاسب سياسية من جراء التصعيد التركي الأخير في إدلب.
ويختم الكاتب بالقول: اللهجة السورية اتسمت بالهدوء وعدم التصعيد مع أنقرة تزامناً مع القمة في موسكو وإبرام الاتفاق الملحق باتفاق سوتشي 2018 ، لم يقتصر ذلك على المقابلة الهادئة التي أجرها الرئيس السوري بشار الأسد مع التلفزيون الروسي، وما تعمد الروس نشره من مقتطف قصير للمقابلة، يوم الأربعاء، عشية القمة وقبل يوم بث المقابلة كاملة، والمقطع تحدث فيه الرئيس الأسد عن عدم وجود سبب منطقي للعداء مع تركية وأنّ هناك تداخلاً بين الشعبين، إنّما انعكس الهدوء في وسائل الإعلام السورية، وما هو ما يؤشر على رغبة دمشق في نجاح القمة ومساعدة بوتين على تمرير الاتفاق، وتجنّب الضغط على الرئيس أردوغان وإحراجه، فمن الواضح أنّ أردوغان تنازل عن خطوطه الحمراء وسلّم بواقع الميدان وخارطة السيطرة الجديدة، وهذا مكسب تريد دمشق الحفاظ عليه ولو مؤقتاً.