في جريدة الأخبار اللبنانية.. محاولات لخرق النسيج الاجتماعي السوري: إسرائيل تطوّر استراتيجيتها في جنوب سوريا

الإثنين, 27 تشرين الأول 2025 الساعة 14:04 | اخبار الصحف, الصحف العربية

في جريدة الأخبار اللبنانية.. محاولات لخرق النسيج الاجتماعي السوري: إسرائيل تطوّر استراتيجيتها في جنوب سوريا

يعكس المشهد السائد في جنوب سوريا تحوّلاً عميقاً في المقاربة الإسرائيلية، من الحسابات الأمنية المباشرة (المرتبطة باستراتيجية التوسع) التي اقتضت إنشاء نقاط عسكرية لا تبدي إسرائيل أي نية للانسحاب القريب منها، جنباً إلى جنب نقاط مراقبة تجعل من مناطق الجنوب، وخصوصاً القنيطرة، في متناول السيطرة الإسرائيلية، إلى محاولات علنية لإعادة هندسة الجغرافيا السورية من باب دعم قيام «كيانات حكم ذاتي».

ويستهدف هذا التحول جعل الواقع السوري منسجماً مع المشروع الصهيوني الأوسع، عبر الإدماج المتدرّج للقوة العسكرية على مراحل، ومحاولات الولوج المتكررة إلى النسيج الاجتماعي، وخلق حالة تطبيع بـ«الترهيب والترغيب» على حدّ سواء.

 

وخلال اليومين الماضيين، شهدت القنيطرة تدخلات إسرائيلية متصاعدة، بالتزامن مع المناورات التي تجريها قوات الاحتلال في الجولان المحتل؛ إذ زادت الأخيرة من وتيرة توغلاتها، مستقدمة معدات إضافية بهدف استكمال بناء نقاط عسكرية، كان العدو قد بدأ بإنشائها منذ ما قبل سقوط النظام بعامين، وذلك لخلق شبكة تواصل ميداني بين 9 قواعد عسكرية، وبين الوجود العسكري في هضبة الجولان.

 

وطبقاً لمعلومات حصلت عليها «الأخبار»، شملت أحدث تلك «البناءات» عمليات حفر متسارعة، بأكثر من 6 حفّارات، بالقرب من «برج الزراعة» المزود بتقنيات مراقبة في محمية جباتا الخشب، التي اقتصّت منها قوات الاحتلال ما يقارب 200 دونم من أصل 133 هكتاراً، من أجل تأمين كشف واسع للمناطق المحيطة.

 

وتشكل النقطة المشار إليها مركز رصد متقدّماً، فيما تظهر عمليات الحفر إمكانية استخدامها مهبطاً للمروحيّات ومركزاً لنقاط مراقبة وغرف مسبقة الصنع، ينقلها العدو بشكل متعاقب. كذلك، يعمل الاحتلال على شقّ طريق يربط النقطة المشار إليها بالحدود، تمهيداً لخلق تغيير جذري في المشهد الجغرافي، وفقاً لما يؤكده أحد المصادر المحلية.

 

وعلى قاعدة «المصافحة بيد والضرب بأخرى»، وفي سابقة خطيرة من نوعها، بثّت معرفات غير رسميّة تابعة للاحتلال، مقطع فيديو يظهر جنوداً إسرائيليين وهم يتجوّلون بحرّية في قرية طرنجة في ريف القنيطرة الشمالي، ويلاطِفون أطفالاً قُصّراً. ويؤدي الفيديو الذي بثّه جنديّ إسرائيليّ من أصول فرنسيّة، يعمل في «لواء المظليين»، دوراً دعائيّاً محسوباً، لا سيما أنّه أرفق بتصريحات من مثل أنّ «عدداً من المعارك تخاض اليوم عبر الإنترنت، وعلى الرأي العام، بسبب تقارير كاذبة أو ناقصة تُحرّض الناس على الدولة اليهودية».

 

وتَظهر في اللقطات منطقة عملت إسرائيل مطوّلاً على محاولة كسبها بعد سقوط النظام، وذلك عبر إقامة نقطة طبية فيها، علمت «الأخبار» أن الاحتلال يدّعي تبعيّتها لمنظمة «أطباء بلا حدود»، في حين أن دخولها وتأسيسها تم بإشرافه ودعمه، وسط تعتيم إعلامي يفرضه العدو على نشاطها، والذي يشمل توزيع ألعاب على الأطفال. وأثار ذلك، وفقاً لمصدر إعلامي تحدث إلى «الأخبار»، مخاوف من التطبيع مع تواجد الاحتلال وتأثيره النفسي والاجتماعي على السكان الحدوديين، والذين يتقرّب منهم بشكل متكرر.

 

وكانت إسرائيل قد عمدت، مباشرةً بعد سقوط النظام، إلى إجراء عملية إحصاء واستبيانات في القنيطرة، لا سيما في قرى بئر عجم، الرواضي، الحميدية، وبريقة، بهدف معرفة الاحتياجات وكميتها، وعرض مساعدات غذائية وطبية وترميم بنى تحتية متهالكة، وتقديم عروض عمل للشبان في الداخل المحتل. وسبق أن قدّمت مساعدات غذائية أحرقها الجنوبيون، الذين يستفيق بعضهم، بحسب مصادر «الأخبار»، ليجد كل 30 يوماً ما ينتظره على الباب من مساعدات، تقابل برفض من السكان.

 

ويعدّ واقع القنيطرة الإداري والتنفيذي مساحة خصبة للأجندة الإسرائيلية، في وقت يعاني فيه الأهالي هناك من فقر ونقص متزايد في الحاجات الأساسية، بفعل استهداف مصادر رزقهم كالزراعة ورعي المواشي، وتجريف الأراضي الذي سلبهم محاصيلهم الموسمية، لا سيما الزيتون والقمح. وفي خضمّ غياب الحكومة الانتقالية وأي مظلة حماية فعّالة أو استراتيجية واضحة لطمأنة الأهالي، يواجه هؤلاء محاولات مستمرة لإحداث شرخ في صفوفهم، على غرار ما حصل بعد تجريف محمية جباتا الخشب، حيث دخل بعض أهالي قرية حضر لتحطيب ما تم تجريفه، بحسب مصدر صحافي أكّد لـ«الأخبار» صحة الفيديو المتداول حول الحادثة.

 

وفي الجولان، يُسجل ما تصفه صحيفة «إسرائيل هيوم» بـ«التحول الدراماتيكي»، المتمثل بازدياد الانضمام إلى جيش الاحتلال، في الفترة الأخيرة، «بنسبة 600%»، بعدما كان هذا الانخراط «محرماً». وادعت الصحيفة العبرية، في تقرير، أنّه منذ اندلاع الحرب، التحق نحو 150 درزياً من الجولان بصفوف الجيش، مقارنة بأربعة فقط قبل اندلاعها، لافتةً إلى أنّ حوالى 120 انضموا إلى الخدمة الاحتياطية، فيما انضمّ 30 إلى الخدمة النظامية.

 

ووسط إقرار جيش الاحتلال بأن «الطريق لا تزال طويلة»، نظراً إلى أن الأعداد المشار إليها تبقى «قليلة»، إلا أن إسرائيل ترى في ما يحصل «تغيراً هائلاً في الوعي». وطبقاً للمصدر نفسه، وبالإضافة إلى الشق العسكري، تشهد مناطق الجولان «زيادة غير مسبوقة» في طلبات الحصول «على الجنسية الإسرائيلية»، فيما تشير التقديرات إلى أنه «في غضون عام واحد فقط، سوف يصبح حوالى نصف الدروز في مرتفعات الجولان مواطنين إسرائيليين كاملين»، على حدّ زعم الصحيفة العبرية.

 

وكان «الكنيست» الإسرائيلي قد بحث مشروع قانون يهدف إلى منح الإقامة الدائمة للدروز القادمين من منطقة السويداء، في خطوة وُصفت بأنها تخدم المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية؛ إذ يسمح القانون الذي أصدرته «وزارة الداخلية» الإسرائيلية للدروز الذين يستوفون شروطاً معينة، بما في ذلك «وجود روابط عائلية مع الإسرائيليين»، بالإقامة (في الأراضي المحتلة) والمشاركة في الخدمات الأمنية أو تقديم مساهمات مدنية، وذلك عقب إخضاع جميع الطلبات لـ«تقييمات أمنية وسياسية».


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا