في الساحل السوري.. خسائر بالملايين نتيجة لجائحة جدري الأبقار، وتضارب الأقوال حول فعالية اللقاح وتأثيره

السبت, 11 تموز 2020 الساعة 18:15 | شؤون محلية, أخبار محلية

في الساحل السوري.. خسائر بالملايين نتيجة لجائحة جدري الأبقار، وتضارب الأقوال حول فعالية اللقاح وتأثيره

جهينة نيوز:

خاص - جهينة نيوز:

رغم الحديث عن انفجارٍ مُحتمل لحالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في البلاد، إلا أن محافظة طرطوس وريفها تعيش جائحة من نوعٍ آخر، فقد أدّى فيروس الجدري الحيواني الموسمي إلى نفوق المئات من الأبقار ومرض العشرات منها وتراجع إنتاج الحليب بمقدار 50%، في المناطق الزراعية والمزارع العامة والخاصة ضمن المحافظة والريف الغربي لمحافظة حمص، على الرغم من المطالبات الشعبية لمديريات الزراعة بالتدخل السريع، لوقف الجائحة التي أدت لخسائر قُدرت بعشرات الملايين، في وقتٍ البلاد فيه بأمس الحاجة للاعتماد على الإمكانيات الزراعية لمواجهة الأزمة الاقتصادية والحصار الاقتصادي الخانق.

يقول "حيدر يازجي، أبو يامن" المالك لإحدى مزارع الأبقار في ريف تلكلخ الغربي التابع لمحافظة حمص، إن خسائر مزرعته الناتجة عن الجائحة قُدّرت بحوالي الـ25 مليون ليرة سورية، ما بين موت قسم من أبقاره وبيع القسم الآخر بسعر بخس نتيجة المرض، حيث أكد أن المرض انتشر بشكل سريع في مزرعته وأنه استقدم عشرات الأطباء البيطريين لوقفه أو الحيلولة دون موت القطيع بأكمله، لكن الأطباء أكدوا له عدم وجود العلاج الحقيقي لتلك المشكلة، مما استدعاه لبيع ما تبقى من قطيعه والخروج بأقل الخسائر الممكنة.

ويُشير أبو يامن في حديثه لـ"جهينة نيوز" إلى أن قصته بدأت عندما أرسلت الإرشادية الزراعية الموجودة في المنطقة، أطباء بيطريين ليقوموا بتلقيح الأبقار المتواجدة في قريته والقرى المجاورة تحسّباً من انتقال مرض الجدري إليها، الذي كان منتشراً في عدة مناطق بريف طرطوس، وبعد يومين فقط من قدوم الطبيب وتلقيح الأبقار تفاجأ بظهور أعراض المرض على عدد من أبقار مزرعته، فبدأ بمحاولة لمعالجة الموضوع عبر استقدام الأطباء البيطريين الذين باتوا عاجزين عن تقديم أي مساعدة حقيقة، سوى بعض التدابير الوقائية الخجولة التي لم يكن لها أي نفع، مما أدى لموت عدد من القطيع والتسبب بخسارة بلغت 9 ملايين ليرة سورية، على حسب تقديره، وعند لقائنا عدد من مربيي الأبقار في القرية نفسها وفي عدد من القرى المجاورة، الجميع أكد لنا ما قاله يازجي، وهو أن انتشار المرض كان بعد فترة وجيزة من تقديم اللقاح، مُطالبين الحكومة بتقديم التعويض لكل من كان لهذا المرض سبب بخسارته وفقدانه مصدر رزقه.

بالانتقال إلى منطقة القدموس في ريف محافظة طرطوس، أي المكان الذي بدأ فيه المرض يتفشى بشكل كبير بعد قدومه من اللاذقية، يقول "أبو صالح" أحد المزارعين الذين خسروا مصدر رزقهم بسبب الجدري، إنه فقد بقرتين بسبب ما وصفه بـ(اللقاح الفاسد الحامل للمرض)، حيث أكد أيضاً أن الإرشادية الزراعية أرسلت طبيباً لتلقيح الأبقار في القرية وبعد يوم واحد فقط من عملية التلقيح انتشر الجدري بين أبقار القرية مما أدى لنفوق أكثر من 20 بقرة خلال أيام قليلة جداً، ومن بينها كانتا البقرتان اللتان تعدان مصدر الرزق الوحيد له ولأولاده، لافتاً إلى أن كل المناشدات والمطالبات الأهلية لمديرية الزراعة بإيجاد حل لم تلق استجواباً.

 

في حوارنا مع الدكتور "مرهف صهيوني"، أحد الأطباء البيطريين في ريف محافظة طرطوس، والذين كان لهم دور نشيط وسريع في مواكبة الجائحة، لفت إلى أن الانتشار السريع للفيروس تزامن مع عمليات التلقيح التي كانت تقوم بها الإرشاديات الزراعية، ما أدى لظهور الشائعات التي تحدثت عن كون اللقاح هو السبب الرئيس لانتشار المرض، نافياً بذلك تلك الفرضية التي لم تستند على أساس علمي، على حد قوله.

وأوضح صهيوني أن الأبقار التي تأثرت بشكل كبير بالمرض هي بالأساس مناعتها ضعيفة، حيث أن هذه الموجة من الفيروس تعد الأكبر منذ عام 2014 عندما مرت البلاد بجائحة مماثلة لكنها كانت أقل حجماً وتأثيراً، عازياً السبب في ذلك إلى تأخر توزيع اللقاح هذا العام حوالي أكثر من شهر، مما استدعى الفيروس أن يتفشى وينتشر بشكل سريع ومفاجئ ليتحول بعدها إلى جائحة، مُشيراً إلى أنه تمت السيطرة على الفيروس إلى حد ما خلال الأسبوع الأخير بعدما أثبت اللقاح فعاليته، وأن عدد الأبقار التي ماتت بفعل المرض قد تراجع كثيراً، داعياً لاتباع أساليب التعقيم لتوفير الوقاية اللازمة لأن المرض بإمكانه أن يصيب الأبقار الملقحة وغير الملقحة، لكن تختلف مقاومة المرض لكل حيوان عن الآخر إن كان قد حصل على لقاح أم لا.

وعن دور مديرية الزراعة في الحد من الجائحة، قال الدكتور صهيوني إن المديرية قدمت اللقاح وأشرفت على عمليات التلقيح من خلال الإرشاديات الزراعية، كما أنها سعت لتوفير المواد المعقمة لأهالي القرى من أجل تعقيم حظائرهم ومزارعهم للحد من وجود الذباب الذي كان له دور كبير في انتشار المرض بشكل واسع، مؤكداً أنه لا وجود لأي بيان رسمي حول تعويض المزارعين الذين كان للجائحة سبب في خسارتهم، كما كشف أن العديد من مربيي المواشي يقومون بشراء اللقاح المهرّب من القطاع الخاص، مما يجل أبقارهم لا تتأثر باللقاح الوطني الذي تقدمه الإرشاديات الزراعية وبالتالي فإن خطورة المرض عليها ستكون أكبر، وسيؤدي ذلك لفقدان الثقة باللقاح الوطني وانتشار الشائعات حول عدم الجدوة منه.

ويعد فيروس الجدري من الأمراض الموسمية التي تُصيب الحيوانات وبخاصةً الأبقار، حيث أنه ينتقل عن طريق الذباب والبعوض ويُحدث تقرحات في جلد الحيوان تنزف منها دماء وقد تؤدي على موته في أغلب الأحيان، ويُعاني سكان المناطق الساحلية هذا العام من انتشار كثيف للمرض أدى لخسائر كبيرة في الثروة الحيوانية، وسط استهجان كبير ومطالبات بإيجاد حلول واقعية قبل نفوق تلك الثروة بشكل كامل بفعل الفيروس.

تقرير : حسن عيسى


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا