كيف تواطأت الولايات المتحدة مع رأس المال الأمريكي للتمادي على الاقتصاد العالمي ..؟

الأربعاء, 5 نيسان 2023 الساعة 22:16 | اقتصاد, اقتصاد عالمي

كيف تواطأت الولايات المتحدة مع رأس المال الأمريكي للتمادي على الاقتصاد العالمي ..؟

جهينة نيوز

كشفت وكالة شينخوا في تقرير لها عن أسباب انهيار البنوك وكيف ينتقل المسؤولين الامريكيين من مناصب سياسية إلى مناصب اقتصادية وبالعكس.

و بحسب التقرير.. فقد هيمنت ملحمة التواطؤ بين الحكومة الأمريكية وقطاع الأعمال وسياسات اختطاف المصالح الخاصة مرة أخرى على عناوين الصحف العالمية بعدما انهارت ثلاثة بنوك أمريكية الشهر الماضي.

ومع وقوفه وراء الهيمنة المالية الأمريكية حدد رأس المال الأمريكي "قواعد اللعبة" لسوق رأس المال العالمي. ومع ذلك فإن الولايات المتحدة تتمتع فقط بـ"المكاسب" من وضعها دون تحمل مسؤوليات مقابلة.

لسنوات سمح أكبر اقتصاد في العالم لرأس المال "باختطاف" السياسة وعرقلة اللوائح مما تسبب مرارا في إحداث فوضى مالية في جميع أنحاء العالم.

__ تلاعب رأس المال باللوائح

تعد الأزمة المصرفية الأخيرة مثالا حيا آخر على "الباب الدوار" سيء السمعة والذي يشير إلى انتقال كبار المسؤولين من الحكومة إلى قطاع الأعمال والعكس صحيح.

في الشهر الماضي أغلقت الجهات التنظيمية الأمريكية بنك سيغنتشر ومقره نيويورك ووسط دهشة المراقبين انضم عضو الكونغرس الأمريكي السابق (بارني فرانك) الذي أُطلق اسمه على قانون دود-فرانك إلى مجلس إدارة البنك في عام 2015 بعد عامين من مغادرته الكونغرس.

عندما كان فرانك في منصبه دفع الكونغرس لتمرير قانون دود-فرانك ودعا إلى لوائح أكثر صرامة لتجنب تكرار الأزمة المالية بعد ترك منصبه وانضمامه إلى مجلس إدارة بنك (سيغنتشر) دعا علنا إلى إلغاء القيود المالية وحتى دعا الحزب الديمقراطي إلى تبني الضغوط التي تدفع بها وول ستريت.

في البنك الآخر المنهار (سيليكون فالي) كان لعضو واحد فقط من مجلس إدارته مسيرة مهنية في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية في حين كان الباقون من كبار المانحين الديمقراطيين.

لذا فإن السبب الجذري وراء الفوضى المالية في أمريكا هو أن رأس المال يقف في قلب النظام الاقتصادي ويتلاعب باللوائح وينتج المخاطر والأخطار.

منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي قلصت الولايات المتحدة قوة الجهات التنظيمية المالية.

وقبل الأزمة المالية الدولية لعام 2008 ازدهر تطوير العمليات المختلطة في القطاع المالي الأمريكي بينما فشلت اللوائح في مواكبة ذلك مما أدى إلى التراكم السريع للمخاطر المالية وفي نهاية المطاف أدى انهيار قروض الرهن العقاري عالية الخطورة وانفجار الفقاعات العقارية إلى اندلاع أزمة اقتصادية عالمية حادة.

بعد ذلك فرض الإصلاح التنظيمي المالي في الولايات المتحدة متطلبات أكثر صرامة على "البنوك ذات الأهمية بالنسبة للنظام بالكامل" مما يتطلب من تلك التي لديها أصول تزيد عن 50 مليار دولار الخضوع لاختبارات الإجهاد السنوية التي يجريها الاحتياطي الفيدرالي.

ومع ذلك لم تتعلم الحكومة الأمريكية من الدرس القاسي وبسبب الضغط على المؤسسات المالية مثل بنك (سيليكون فالي) دفعت إدارة ترامب الكونغرس في عام 2018 لرفع عتبة الأصول لاختبارات الإجهاد إلى 250 مليار دولار واستفادت البنوك الأمريكية التي أغلقت مؤخرا من قبل الجهات التنظيمية من العتبة الجديدة.

والأمر الأكثر غرابة هو أن الآلية التنظيمية المعيبة تمكن المصرفيين من العمل "كرياضيين" و"حكام".

وكان الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، بصفته جهة تنظيمية، بطيئا للغاية في رصد مشكلات بنك (سيليكون فالي) في حين كان الرئيس التنفيذي للبنك غريغوري بيكر مديرا في مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو قبل انهيار البنك الشهر الماضي ووصفه السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز بأنه "أحد أكثر الجوانب سخافة في انهيار بنك سيليكون فالي".

__ نتائج الفوضى المالية الأمريكية

وتكمن تداعيات الفوضى المالية في أمريكا في أنها تسمح لرأس المال بالتخلص من الفوضى العالمية.

وباسم الإبداع انغمس رأس مال (وول ستريت) في مضاربات متهورة ومخاطر مالية متضخمة الأمر الذي تسبب في إلحاق ضرر شديد بالاقتصاد الحقيقي لقد زعزعت هيمنة رأس المال الأمريكي العالم بقدر ما فعلت هيمنتها العسكرية.

في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي كانت صناديق التحوط جزءا من الابتكار في الأدوات المالية الأمريكية. وخلال الأزمة المالية في آسيا في عام 1997 أحدثت صناديق التحوط هذه موجات وجمعت ثروة من تايلاند وإندونيسيا وكوريا الجنوبية.

مع سحب كمية كبيرة من رأس المال الدولي انفجرت الفقاعات الاقتصادية في دول جنوب شرق آسيا واحدة تلو الأخرى وبالتالي تضررت تنميتها الاقتصادية بشدة.

قبل الأزمة المالية الدولية في عام 2008 ارتدت بعض وكالات التصنيف الائتماني قناعا يظهرها في هيئة حراس "موثوقين" و"عادلين" للسوق المالية الأمريكية ووصفت الأصول عالية المخاطر بأنها "عالية الجودة".

فالأميركيون العاديون و المستثمرون العالميون هم ضحايا الهيمنة الرأسمالية في حين يستفيد منها الأوليغارشية المالية. ووجد المستثمرون الذين خسروا أموالهم في الأزمة المصرفية الأخيرة أن العديد من المديرين التنفيذيين في بنك (سيليكون فالي) قد باعوا الأسهم نقدا قبل انهيار البنك على وجه التحديد على سبيل المثال باع بيكر ما قيمته 3.6 مليون دولار من الأسهم في بنكه قبل أقل من أسبوعين من انهياره.

وأشار (والاس توربفيل) وهو مصرفي سابق في (غولدمان ساكس) إلى أن الاقتصاد الأمريكي أصبح تدريجيا "لعبة ذات محصلة صفرية بين أصحاب الثروة المالية وبقية أمريكا".

من المشاكل التي خلقتها صناديق التحوط في 1997 إلى الفوضى الناجمة عن أزمة الرهن العقاري عالية المخاطر في الولايات المتحدة في 2008 والاضطرابات المستمرة في البنوك الأمريكية والأوروبية كانت الولايات المتحدة تعمل على تجديد طرق زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي في حين حافظ رأس المال لديها على دوره كـ"صانع للأزمات" دون أي تغيير.

وبينما توجه الولايات المتحدة مسار الهيمنة المالية الدولية فإنها تواجه تدقيقا عالميا بشأن سياساتها الاقتصادية والمالية وفعالية لوائحها السوقية.

عبر التمادي في الفساد بين الحكومة وقطاع الأعمال والتسامح مع نقص الرقابة الفعالة والسماح لرأس المال بالاندفاع بهمجية فإن الولايات المتحدة خذلت شعبها وقوضت مصداقيتها في جميع أنحاء العالم.


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا