واهم هذا الكيان بأنه من خلال إرهابه واستخدام آلة القتل بحق شعبنا الفلسطيني والاعتداء على مقدساته وفي مقدمته المسجد الاقصى ومن خلال الاستيطان والضم والتوسع والتهويد واعتقال الكبير والصغير والاعتداء على أسرانا سيمر مرور الكرام ويحسم المعركة لصالحه ظنا منه بأن شعبنا سيرفع الراية البيضاء أو يرضخ للأمر الواقع أو يستسلم ويتنازل عن حقوقه الوطنية الثابتة والتي لا شك فيها في حق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
بالطبع مما لا شك فيه بأن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه، وهذا ما حصل حالياً، فلولا التصعيد الاسرائيلي في القدس وفي بقية ارجاء الضفة الغربية وعامة فلسطين من اعدامات وقتل واقتحامات واعتقالات، لما جاء الرد من غزة ومن جنوب لبنان، ومن شعبنا البطل في القدس والداخل الفلسطيني والضفة وأبناء شعبنا في المخيمات وفي الشتات في رسالة واضحة للاحتلال مفادها بأن مقدساتنا خط أحمر والاعتداء عليها سيشعل المنطقة برمتها.
لقد باتت مشاهد التكسير والسحل والإهانة للكبير وللصغير للرجال والنساء موسمية وفي شهر رمضان بشكل لافت في رسالة احتلالية مفادها أن اخرجوا من القدس ولا تعودوا إليها، فتمر هذه الصور أمام نظر وأسماع العالم بأسره برسالة تحدي من الاحتلال للعالم العربي والإسلامي بأسره وكافة بقاع المعمورة ليقول لن نُبقي هذا المكان لكم وحدكم وسنقتلعكم من أرضكم ... ليأتي الرد من أبناء شعبنا الفلسطيني ... أنا باقون في أرضنا لا لن تهون.. إنا باقون ما بقي الزعتر والزيتون.
إن ما ينشر الرعب لدى قادة الاحتلال هو الشلال البشري الفلسطيني الحاشد في المسجد الذي لا يقتصر على فلسطينيي القدس، بل يشارك فيه كافة أبناء شعبنا من كل حدب وصوب من كل مدينة وقرية فلسطينية في الضفة ومن كل بقاع فلسطين وما ينطوي عليه هذا الاحتشاد من رسائل ومدلولات تبدد الحلم الإسرائيلي بأن القدس هي العاصمة الموحدة لكيانهم، فأي «عاصمة موحدة» يحتلها الجيش وقوات الأمن كما لو أنها قنبلة موقوتة تحتوي على مئات ألوف من أصحاب الأرض الأساسين الذين يعيشون داخلها وحولها، وفيها تجمع المقدسات التي تتوق إليها أفئدة الفلسطينيين جميعاً من كل الأراضي الفلسطينية المحتلة ، إلا أنها المكان الأكثر إشهاراً للفشل الإسرائيلي سواء على المستويين السياسي والمعنوي وحين يكون وضع «عاصمتهم الموحدة» على هذه الصورة، فمن يصدق مزاعم الكيان بأنها عاصمتهم الأبدية، وأن السيطرة عليها لمدة تربو عن نصف قرن ألغت الحضور الفلسطيني الدائم والقوي فيها، أو أنه جعل العالم يعترف بكونها عاصمة لكيانهم، وليست للفلسطينيين حقوق سياسية ووطنية وتاريخية ودينية وثقافية فيها .
وأخيراً فاذا كان كيان الاحتلال يظن نفسه بامتلاكه للقوة يستطيع حسم الصراع لصالحه، فهو واهم ولم يدرس التاريخ جيدا فالقوة امام الارادة لا تساوي شيئا، وكل ما يحدث من ممارسات بربرية وهمجية تجاه شعبنا الفلسطيني ... لا حل لها بالقمع الوحشي واستخدام آلة القتل، فما يجري ليس مجرد صراع بين احتلال ومصلين فقط بل إنه صراعنا على الماضي والحاضر والمستقبل فآلة القتل الإسرائيلية لن تحسم المعركة والصراع.