حذّر الرئيس المشارك في مجموعة الأزمات الدولية، فرانك غوسترا من تنامي التجارة الدولية بعملات غير الدولار في اشارة الى اليوان الصيني دون أن يسميه، و أكد أن إلغاء اعتماد دول العالم على الدولار الأمريكي قد أصبح حتمية لا مفر منها، وقال إن ذلك يُهدد بأن يتحول إلى مصدر قلق للأمن القومي.
وقال غوسترا، في تعليق نشره موقع Responsible Statecraft الأمريكي، إن فكرة فقدان الدولار لهيمنته لم تكن تخطر ببال غالبية دول العالم المتقدم، حتى قررت الولايات المتحدة والحلفاء تجميد احتياطيات العملة الروسية، وفصلها عن نظام سويفت، على خلفية هجوم موسكو على أوكرانيا.
حيث أسفرت تلك الخطوة عن تنامي مقاومة الدولار الأمريكي، بحسب غوسترا، مع إبرام العديد من الدول لاتفاقيات تجارية غير دولارية، وعودة خطط مجموعة بريكس لإصدار عملتها الخاصة. وقال: "يعتمد بناء الأنظمة المالية على الثقة. وإذا تم تسليح تلك الأنظمة المالية، فسوف تفقد الثقة اللازمة للحفاظ على هيمنتها".
لهذا بدأت البنوك المركزية في تقليل احتياطياتها من الدولار، مع مراكمة المزيد من الذهب، بعد أن رأت في العقوبات الروسية قصةً لمن يعتبر. ولا شك أن قيمة الدولار تهم بقية دول العالم، لأن غالبية الديون السيادية يجري سدادها بالعملة الأمريكية. وأردف غوسترا أن إدارة تلك الديون أصبحت صعبة؛ نظراً لمعدلات قيمة العملة الخضراء حالياً.
في الوقت ذاته، يؤدي ارتفاع سعر الدولار الأمريكي إلى رفع أسعار السلع، مما يُجبر الدول النامية على استيراد التضخم الأمريكي فعلياً. وأردف: "ستظل جهود إلغاء الدولرة قائمةً رغم المعارضة الأمريكية المحتملة، لأن غالبية دول العالم غير الغربي تريد نظام تجارةٍ لا يجعلها عرضةً لمخاطر تسليح أو هيمنة الدولار. ولم يعد الأمر مجرد احتمالية، بل أصبح مسألة وقت".
لكن الانخفاض المفاجئ في الطلب على الدولار الأمريكي قد يؤدي لارتفاع التضخم المحلي، وربما يهدد بحدوث التضخم المفرط. وحذّر من أن هذا الأمر قد يتسبب في دورةٍ من الديون وطباعة الأموال، مما قد يُمزق النسيج الاجتماعي الأمريكي.
كما قال غوسترا: "يُمكن القول باختصار إن الإدارة الأمريكية ستعتبر أي خطوات لإلغاء الدولرة من المسائل التي تخص الأمن القومي بنهاية المطاف".
لتجنب حدوث ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تتعامل بانفتاح مع أي حوار يخص تكوين نظام نقدي جديد. ومن المحتمل أن يصبح أي نظام عملةٍ عالمية جديدة مدعوماً بالذهب أو غيره من السلع، لكن غوسترا أقر بأن الولايات المتحدة لن تستسيغ الأمر سياسياً على الأرجح.
حيث كتب غوسترا: "قد يُوفّر النظام النقدي متعدد الأقطاب ساحة لعب أكثر إنصافاً للدول الأفقر، وربما يمنح الولايات المتحدة والعالم استقراراً اقتصادياً وسياسياً على المدى البعيد. لكن النتائج المحتملة لذلك ستكون فوضوية بعض الشيء، وستنطوي على انخفاض في مستويات معيشة الأمريكيين".
في الوقت ذاته، استبعد معلقون آخرون تهديدات إلغاء الدولرة، قائلين إنه سيكون من الصعب محاكاة قوة الدولار أو خلق بديلٍ له.