في إطار ما شهده الساحل السوري يومي 7 و8 آذار الفائت من أحداثاً دامية بدأت بهجوم شنّته مجموعات إجرامية على حاجز تابع للأمن العام، أدى إلى مقتل عدد من العناصر، فيما أعقب ذلك رد فعل واسع من قبل عناصر تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية مدعومة بقوات رديفة، تم خلاله تنفيذ عمليات تصفية جماعية، أسفرت عن مقتل نحو 1676 مدنياً من أبناء الطائفة العلوية بحسب توثيقات المرصد السوري لحقوق الإنسان في حصيلة مرشحة للارتفاع.
وفي سياق ذلك أفادت مصادر المرصد السوري بتعرض ذوي ضحايا مجازر الإبادة الجماعية لممارسات من قبل الجهات الأمنية والإدارية، تهدف إلى فرض رواية رسمية مغايرة لظروف مقتل ذويهم في المجازر المرتكبة بالساحل السوري.
حيث تتمثل هذه الإجراءات بإلزام الأهالي على توقيع إفادات تشير إلى أن الضحايا قضوا على يد من تصفهم السلطات بـ”فلول النظام” كشرط للحصول على شهادة وفاة.
وفي حال رفض ذوي الضحايا التوقيع تُمنع عنهم الوثائق الرسمية، وتُتخذ إجراءات إضافية تشمل حذف أسماء الضحايا من السجلات المدنية، نظراً لاستمرار اعتماد نظام السجلات الإلكترونية، الذي تم إدخاله في المراحل الأخيرة من حكم النظام السابق، وما يزال يُعمل به في ظل الإدارة الحالية، والذي يتيح بدوره إمكانية إزالة الأسماء بشكل كامل من قاعدة البيانات، نظراً لغياب ما كان يُعرف بـ”الخانة” وهي الآلية التي كانت تُستخدم في السجلات الورقية لتوثيق جميع الأفراد الذين يندرجون ضمنها في سجل واحد منذ تاريخ إنشائه، مما يجعل عملية محو أسماء ضحايا المجازر أكثر سهولة ودون ترك أي أثر لوجودهم من قبل.
ووفقاً لمصادر المرصد السوري تتمثل أبرز هذه الحالات، بمقتل مدني من قرية سقوبين بريف اللاذقية، على يد عناصر حاجز يتبع لإدارة العمليات العسكرية في المنطقة.
وبحسب المعلومات طُلب من ذويه التوقيع على إفادة تدعي بأنه قُتل على يد “فلول النظام” مقابل إصدار شهادة وفاة وهو ما رفضته العائلة.
بدوره اعتبر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن هذه الممارسات تندرج ضمن سياسة ممنهجة تهدف إلى تزييف الوقائع وتغيير طبيعة الجرائم المرتكبة عبر التحكم في السجلات الرسمية وفرض رواية معينة على الأهالي.
ورأى المرصد أن استمرار اعتماد هذا النهج يسهم في تقويض أي إمكانية مستقبلية لتحقيق العدالة أو إجراء عمليات تحقيق محايدة وشفافة.
كما أشار المرصد إلى أن هذا التوجه يرسّخ مناخ الإفلات من العقاب، وبالتالي التشجيع على ارتكاب جرائم أكثر،
إلى جانب المساهمة في تعميق حالة الانقسام داخل المجتمع المحلي، لاسيما في الساحل السوري.
وحذر المرصد من أن استمرارية هذا النهج قد تُسهم في تعزيز بيئة عدم الاستقرار، عبر مراكمة الشعور بالظلم والتهميش لدى شرائح واسعة من السكان، ما قد ينعكس سلباً على السلم الأهلي ويعيق جهود أي مصالحة مستقبلية قائمة على الاعتراف بالضحايا ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.