جهينة نيوز:
تميزت اللاذقية عبر العصور بتاريخها العريق الغائر في القدم والتي تتحدث عنه اوابدها الاثرية وتلالها وخصوصا قلاعها المتربعة على قممها الشاهقة كقلعة المهالبة وبني قحطان والمنيقة وصلاح الدين.
وقال الباحث الدكتور جمال حيدر مدير اثار اللاذقية .. تعتبر قلعة صلاح الدين الأيوبي من اهم القلاع في المحافظة فهي تقع على بعد 35 كم شرق مدينة اللاذقية قرب مدينة الحفة وتقع على رأس صخري مثلث الشكل مرتبط بالجهة الشرقية بالهضبة المجاورة ويحيط بالقلعة من الجهتين الشمالية والجنوبية واديان عميقان وترتفع عن سطح البحر 500 متر كما يبلغ طولها 740 مترا أما مساحتها فتزيد على خمسة هكتارات.
وأشار إلى أن قلعة صلاح الدين تعتبر من اروع القلاع التي خلفتها لنا القرون الوسطى فإذا تصفحنا موءلفات الرحالة الاجانب الذين زاروها والعلماء الذين شاهدوا اثارها نراهم يعبرون جميعا عن اعجابهم بضخامة ابنيتها ومناعة تحصيناتها وجمال موقعها فبعضهم اعتبرها من أهم الحصون القائمة في بلادنا فهي محاطة بوديان عميقة ماعدا الجهة الشرقية التي حفرت كحدود اصطناعية بطول 150 مترا وعرض 20 مترا وارتفاع مابين 30 و40 مترا وتركت في وسطها الشمالي المسلة الحجرية بارتفاع 30 مترا تقريبا والتي بواسطتها كانت ترتبط القلعة مع محيطها.
واعاد حيدر تاريخ القلعة الى القرن العاشر الميلادي حيث توالت عليها احقاب ثلاثة هي البيزنطية من عام 975 الى1118 ميلادية والفرنجية من 1118 الى 1188 ميلادية والعصر العربي الاسلامي الذي بدأ في 1188ميلادية وتشهد القلعة اعمال ترميم كل عام تنفذها دائرة اثار اللاذقية وتم تسجيلها على لائحة التراث العالمي كواحدة من اهم المواقع التراثية في العالم.
ومن قلاع اللاذقية الهامة ايضا قلعة المهالبة التي تقع على بعد 40 كيلو مترا الى الشرق من مدينة اللاذقية وتجاور مدينة القرداحة شمالا بنيت فوق واحدة من قمم الساحل على ارتفاع 750 مترا من سطح البحر وقد ورد تعريف القلعة في معجم البلدان بأنها حصن منيع على سواحل الشام مقابل اللاذقية من اعمال حلب.
واشار حيدر إلى أن الجغرافيين والموءرخين العرب اطلقوا عليها اسم بلاطنيس أما اسمها الحالي المهالبة فلا نعرف الى اي فترة يعود اما تاريخ بناء القلعة فيرجع الى اوائل القرن الحادي عشر الميلادي ويعتقد انها شيدت من قبل عشائر بني الاحمر الجبلية او من قبل وجهاء محليين.
اما نسيجها المعماري فيشرح مدير اثار اللاذقية بأنه يتوضع فوق كتلة صخرية ضخمة ويتألف من اثني عشر برجا على اسوار ومستودعات وخزانات واقبية ودهاليز وساحات ولحقت بالقلعة اضرار كبيرة نتيجة استخدامها مقلعا للحجارة من قبل الاهالي للاستفادة منها في تشييد المنازل الحديثة ما أفقدها اجزاء هامة من نسيجها المعماري.
ونظرا لأهميتها الكبيرة تاريخيا واثريا فقد تم تسجيلها موقعا اثريا عام1992 ومنذ عدة سنوات تشهد القلعة اعمال ترميم اثرية موسمية تنفذها دائرة اثار اللاذقية تهدف الى صيانة نسيجها المعماري واظهاره فهي مبنية بهندسة معمارية متناهية الدقة والجمال على طريقة الاقواس التي تحمل السقوف اما الابواب والمداخل فهي على شكل حدوة الفرس.
وتتوسط الاسطحة فتحات مربعة مصممة لايصال الضوء والموءن ولاتخلو القلعة من الساحات الواسعة لممارسة التدريبات العسكرية والانشطة الرياضية.
واشار حيدر الى ان الترميم الاثري للقلعة يهدف الى احياء الموقع واعادة ادماجه في المحيط الاجتماعي وتفعيل دوره الثقافي بغية الاستفادة منها في تنشيط السياحة الثقافية نظرا لما تحظى به القلعة من جمال الموقع والاطلالة الرائعة على الحقول والبساتين وتعطي افكارا هامة عن عظمة العمارة السورية قبل الف سنة خلت.
أما قلعة بني قحطان فتعتبر من اهم القلاع في المحافظة وتقع على بعد 20 كيلو مترا من مدينة جبلة وارتبط اسمها بالقحطانيين او الاعراب وتشهد سهولها وهضابها وجبالها العديد من اثار الحضارات التي مرت عليها وخاصة الاثار القحطانية حيث بنى القحطانيون بعد وصولهم من حلب قلعة لاتزال شاهقة حتى يومنا هذا في قرية بني قحطان التي تختلف في بيئتها وطبيعتها وتصميمها الخارجي المائل لاشكال الحيوانات عن باقي القرى.
وأشار الباحث ابراهيم خير بك مدير آثار جبلة إلى أن اسم القلعة وتعريفها ورد في معجم البلدان بأنها حصن على سواحل حمص مقابل جبلة وإن البيزنطيين بنوا اول تحصينات بني قحطان عام 1030 ميلادية ثم احتلها الصليبيون عام 1111 ميلادية وشيدوا فيها بعض التحصينات واحتفظوا بها عشرين عاما ثم استولى عليها سكان الجبل واعلنوا طاعتهم للسلطان صلاح الدين الذي استولى عليها لاحقا.
وتأخذ القلعة بأسوارها شكل التل الصخري الذي بنيت فوقه وتمتد عمارتها باتجاه شرق غرب بطول 250 مترا وترتفع عن سطح البحر 360 مترا وتحيط بالقلعة بقايا اسوار ضخمة مدعمة بأبراج دفاعية.
ويضاف إلى قلاع اللاذقية قلعة المنيقة التي بنيت بحسب خيربك من قبل العرب المحليين في بداية القرن الحادي عشر الميلادي فوق قمة جبلية ترتفع 630 مترا عن سطح البحر وتأخذ شكلا مستطيلا يتجه من الشمال الشرقي الى الجنوب الغربي وهي محيطة بوديان عميقة فيها مسيلات مائية يتم الدخول اليها عبر فجوة من الجدار الغربي وهي محاطة بالانحدارات الجبلية العميقة من كل لجوانب.
وقد حفر المدافعون عن القلعة حولها خندقا في الصخر بطول 40مترا وعرض8 أمتار أما عمقها فغير معروف كونه مردوما بالحجارة ولاتزال الدفاعات الشمالية التي تشكلها الابراج الدفاعية بحالة سليمة اما باقي جدران وابراج القلعة فهي مخربة وداخل القلعة توجد مجموعة من الغرف التي كانت تستخدم كإصطبلات للخيل اضافة الى خزانات ومستودعات.
وتحيط بالقلعة مجموعة من القرى كما تعتبر بيئة القلعة والاحراج المحيطة بها والتي يتخللها الينابيع المائية وشلالاتها المتدفقة عبر المنحدرات والجروف الصخرية العالية مشهدا بيئيا وتراثيا قل نظيره ما يوفر فرصة نادرة للسياح والزوار للاستمتاع بجمال الطبيعة الاخاذ وعبق التاريخ القديم.
سلوى سليمان
00:35