سورية القلب.. للكاتبة فاديا جبريل

شارك |

جهينة نيوز- أحمد هلال:

قدمت الكاتبة الإعلامية فاديا جبريل في كتابها "سورية القلب": 37 مقالاً صحفياً في قسمين متتاليين، الأول تضمن 14 مقالاً نشرت في مجلة "جهينة" ما بين عامي 2006 و2010، و23 مقالاً في جريدة "تشرين" بدأ سياقها التاريخي من النصف الأول لعام 2013 وحتى أواخر عام 2014.

وبالانتباه إلى العناوين الأولى في القسم الأول وبشكل خاص عنوان مقالها الذي نشر في مطلع 2006(كل عام وأنت محصّن من هؤلاء يا وطني) نلاحظ استشرافها للخطر القادم على مستوى وطنها، إذ تقول: "فمن زعامة الأحياء والأزقة إلى المحافل الدولية والعالمية، عندئذ تضاعفت الآمال والأحلام ورُسمت خرائط لمستقبل المنطقة الجديد في جلسات السمر، ووزعت المغانم المفترضة، ولكلٍ دوره حتى الإعلامي المغمور حاول اغتنام الفرصة". وتشير في المقال ذاته إلى قرار دولي وآلية تنفيذ جاهزة تبدأ باغتيال ومن ثم حملة إعلامية مكثفة مع قليل من الإثارة الطائفية ترافقها حفلة ندب. واختتمت جبريل قراءتها: "أتمنى مع قدوم العام الجديد كل الخير والمجد لسورية في مسيرتها نحو الحق ومزيداً من العلا لشعب سورية الصامد أبداً، وكل عام وأنت بخير يا وطني".

وتعدّت لحظة استشرافها لتبلغ حال المجتمع العربي المربك، متسائلة: ما المرحلة التي تخبو، وما المرحلة الجديدة القادمة، في مقالها (المجتمع العربي والقفز في الفراغ) المنشور عام 2007، والذي يؤكد على استخدامها المنهج العلمي التحليلي في استقراء الأزمات القادمة، وانطلاقها من رؤية تقول بوصف الواقع المشرذم على أنه دليل على طفولة سياسية لا يزال يعيشها المواطن العربي بقولها: "كل هذا يعني أننا نعيش فراغاً ثقافياً وسياسياً يتم ملؤه بمفاهيم ثقافية جديدة تخدم نوعاً جديداً من الاحتلال".

مطلع عام 2008 في مقالها (مخاتير ومؤسسات) شخّصت جبريل بعض السلوكيات السلبية في أداء بعض المؤسسات العامة على أنها لا تحمل إلا معنى واحداً ألا وهو الفساد، إذ تقول: "ولعل الفساد يتمثل في شواهد واضحة لبعض من هم في موقع المسؤولية في بعض مؤسساتنا العامة، حيث نرى كيف تراجعت لدى هؤلاء المصلحة العليا للوطن أمام المصلحة الشخصية"، لتؤكد أن "عدم وصولنا إلى اقتصاد وطني ناهض ومتقدم هو وجود مدراء هم أقرب إلى المخاتير منهم إلى الموظفين المسؤولين"، معتبرة أن البيروقراطية أكبر عدو للإصلاح وأكبر عقبة في طريق التجديد.

ومما يعزّز حوامل ذلك المنهج رؤيتها لما شهدته المنطقة العربية من حراك شعبي ضاغط ضد أنظمة ديكتاتورية تشكل رصاصاً في بنادق الغرب الموجّهة إلى صدور شعوب تلك المنطقة في مقالتها (العلة أم المعلول) آذار 2010 إذ تقول: "ولو شئنا أن نخضع ما يحدث اليوم من تحولات سياسية لمعادلة العلة والمعلول، لأدركنا أن الشباب العربي بوعيه المتنامي اقتلع المعلول وبقيت العلة" وفي سياق مقالها تضيف: "ما يدفعنا للاعتقاد أن ما يحدث في العالم العربي ما هو إلا نوطة موسيقية صاخبة للحن الحرية يجري ضبط إيقاعها جيداً متواكبة بحملة إعلامية ضاغطة تعرف تماماً الهدف الحقيقي من وراء ما يحدث ضمن ما يقال حق يراد به باطل".

وبالانتقال من الجزئي إلى الكلي ومن الخاص إلى العام تتكامل الرؤيا بطابعها الاستشرافي المؤسس لما يعني الوعي بالمؤامرة على سورية والوطن العربي في ولادة شرق أوسط جديد يتناسب مع الإرادة الأمريكية والصهيونية العالمية.

ما يؤكد أن كتاب "سورية القلب" للإعلامية فاديا جبريل هو كتاب استباقي في تحرير المعنى في وعي الأزمة وأبعاده والمؤشر على أن الوعي السوري الوطني قد تجاوز في جدليته المعرفية الراهنة والمستقبلية لكل ما خطط له أعداء سورية.