جهينة نيوز:
المواجهة المؤجلة بيننا وبين الكيان الصهيوني هو التوصيف الأدق، وكلما تحققت الهزيمة في الإرهاب كلما اقترب توقيت المواجهة حيث تعيش قيادة الكيان الصهيوني حالة خيبة وإحباط بسبب الهزائم المتكررة التي تلحق بالجماعات الإرهابية التي عوّلت قيادة الكيان عليها كثيرًا، وما الضربات الصهيونية في كل مرّة تتحقق الهزيمة بهذه الجماعات الا خير دليل على ذلك.
من المعروف أنّ استخبارات الكيان الصهيوني عملت بجد ونشاط حتى ما قبل اطلاق الحرب على سوريا، من خلال وضع الخطط المباشرة الإستخباراتية والعسكرية الهادفة الى تفكيك سوريا بالتعاون مع الإستخبارات الأميركية والخليجية والأوروبية، وهو امر لم يعد خافيًا ويمكن تأكيده بعشرات الوثائق والتصريحات التي تؤكد المسألة.
عندما تعلن "إسرائيل" عبر تقرير "معهد الأمن القومي الإسرائيلي" ان حزب الله هو العدو الأول، فهذا يعني ان سوريا تتشارك مع حزب الله هذه المرتبة والتصنيف، فساحة المواجهة القادمة لن تكون في لبنان وحده او سوريا وحدها فهذه معادلة كسرها السيد حسن نصرالله عندما اعلن وحدة الجبهات والإرادات وان المقاومة كنمط واسلوب ستكون معنية بخوض هذه المواجهة ضمن شروط ومعايير جديدة تحددها المقاومة، وانا هنا عندما أستخدم مصطلح المقاومة فإني أعني به سوريا وحلفاءها وعلى رأسهم حزب الله، وهي شراكة تعمدت بدم الشهداء ولا قدرة لأحد على إلغائها او عزلها.
سنة 2006 عندما شنّت "إسرائيل" عدوانها على لبنان كان المقصود ضرب احد اجنحة سوريا القوية بهدف اخضاعها، وعندما شنّت "إسرائيل" ايضًا عدوانها على غزة في سنتي2008 و2009 كان الهدف ضرب الجناح القوي الآخر لسوريا، وفي الحالتين فشل العدوان ولم يحقق اهدافه وخرجت المقاومتان اللبنانية والفلسطينية اكثر قوة ومعهما سوريا، التي كانت ولا زالت الحاضن الأساسي للمقاومة في لبنان وفلسطين.
سوريا ذاتها لم تعد دولة بالمعنى الكلاسيكي، فبعد ست سنوات من الحرب اصبحت سوريا مثالًا وقدوة للمقاومين وهي تدفع الثمن عن كل المنطقة. فالهدف الأميركي – الصهيوني لا يستهدف سوريا وحدها، إلّا أنّ باقي الدول العربية خضعت لمشروع الهيمنة عبر اتفاقيات الذل والإذعان في حين رفضت سوريا ذلك منذ زمن بعيد واختارت المضي بطريق المقاومة كخيار بثمن اقل بقليل من خيار الإذعان، وهو امر لن نتبيّن نتائجه الآن رغم ما لحق بسوريا من خراب ودمار إلّا انه برأيي كان الخيار الأكثر صوابية.
السؤال المطروح الآن ليس وقوع المواجهة فهي مستمرة بشكل غير مباشر بيننا وبين الكيان الصهيوني، حيث تشكل الجماعات الإرهابية ادوات طيعة بيد الكيان الصهيوني والقوى الداعمة الأخرى، وإنما بعد القضاء على هذه الجماعات حيث سنكون امام استحقاق حتمي يطرح السؤال الواقعي: كيف سيكون شكل هذه المواجهة؟
والجواب اننا مدركون كمحور مقاوم كيف ومتى واين سنقاتل والظروف التي سنقاتل بها، فمن المؤكد أنّ "إسرائيل" المنتظرة الآن لن تنتظر كثيرًا ان نأخذ الفرصة في اعادة تنظيم اوضاعنا وترتيب اولوياتنا، وهو ما سيجبر قيادة الكيان على اتخاذ قرار البدء بالمواجهة التي ستكون ساحتها لبنان وسوريا وتحديدًا المناطق الجنوبية من البلدين.
جيش الكيان الصهيوني سيحاول وللمرة الأخيرة ان يستخدم استراتيجيته القديمة التي تعتمد ثنائي الطائرة والدبابة تحت عنوان الحرب المتحركة السريعة، بعد قصف سجادي لبقعة التقدم بعد حصوله على عدد كافٍ من طائرات f-35 المتطورة والتي يمكنه من خلالها تحقيق خرق في عمق الأجواء اللبنانية والسورية، وبنك اهدافه سيكون اهدافًا من البنيتين التحتيتين في سوريا ولبنان حيث لا وجود لأهداف عسكرية مكشوفة لحزب الله ولا وجود لتشكيلات عسكرية كبرى للجيش السوري يمكنه اخراجها من الخدمة كما في الحروب السابقة. فالمقاومة التي تعتمد اسلوب التخفي منذ البداية يجاريها في ذلك الجيش السوري، الذي تعلم من تجربة الحرب الكثير في اساليب القتال بوحدات صغيرة وعلى قواعد وانماط جديدة بالكامل.
القصف الكثيف الذي يمكن ان يلجأ له الجيش الصهيوني لن يحقق شيئًا في مجال ضرب البنية العسكرية، حيث سيحتاج الجيش الصهيوني لعشرات آلاف الضربات الجوية للقضاء على وحدات الجيش السوري، وهو أمر متعذر في سوريا كما هو متعذر في لبنان، ما يبقينا امام تحدي ضرب الذراع الطويلة للجيش الصهيوني عبر استخدام عنصر المفاجأة ضد الطيران الصهيوني، عبر استخدام وسائط الدفاع الجوي باسلوب الكمائن الجوية المكثفة على ممرات عبور الطائرات وعلى كل الإرتفاعات، وهو ما تخشاه القيادة الصهيونية وبدأت باستخدام اسلوب بديل وهو الصواريخ الدقيقة والمؤثرة والتي لن تضيف شيئًا كبيرًا في معادلة الحرب.
كما ان لجوء الكيان لاستهداف البنية التحتية في لبنان وسوريا سيؤدي الى استهداف بنيته التحتية بضربات مدمرة، وكذلك الأمر سيكون اكثر رعبًا على شعب الكيان اذا ما استهدف تجمعاتنا السكانية.
اذا ما اختار العدو القيام بزحف مدرع، فهذا خيار سيكون متاحًا له في المراحل الأولى من المواجهة ولكنه سيكون مكلفًا عليه فيما بعد، حيث ستتحول مدرعاته الى نعوش متحركة بمشهد مماثل لمشهد وادي الحجير وسهل الخيام ولكن بحجم خسائر اكبر بكثير ونتائج سلبية على وجودية الكيان واستمراره، ما يعني ان كل خيارات العدو في المواجهة القادمة ستكون محصورة بين المرّ والأمرّ.
إذن المعادلة هذه المرة ستكون معادلة موجعة لنا، ولكنها اكثر وجعًا للكيان الصهيوني وشعبه والمسألة باتت مرتبطة بتوقيت المواجهة التي ستكون برأيي بتوقيت العدو لإظهاره بمظهر المعتدي امام المجتمع الدولي، وهو امر نحتاجه على الأقل في البعد التوثيقي والإعلامي ونأمل ان تبدأ الإستعدادات له من خلال تجهيز انماط مواجهة اعلامية مختلفة يمكن من خلالها كسب المواجهة في الساحات العسكرية والإعلامية والديبلوماسية.
المصدر بيروت برس
23:24