جهينة نيوز
تبدو الأزمة الخليجية التي تتخذ عنوان معاقبة قطر وصولاً لإسقاط أميرها أو تطويعه، نتاجاً من نتاجات زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة، ولكنها ليست بالتأكيد ثمار حملة لمكافحة الإرهاب ووقف تمويله، الذي تتساوى فيه قطر مع شركائها في الخليج، وتتصدره السعودية، وفقاً لتقارير الكونغرس حول مصادر الإرهاب ولخطاب نائب الرئيس السابق جو بايدن أمام جامعة هارفرد، بحيث يمكن القول إن ترصيد خسائر الحرب على سورية يتم توزيعها من الأقوياء في حلف الحرب على الأضعف فالأضعف.
– تستحيل قراءة زيارة ترامب وما جرى فيها بمعزل عن كلام ترامب نفسه حول اعتبار معاقبة قطر من ثمار الزيارة من جهة، وما حصده من مال سعودي من جهة ثانية، فواشنطن حمّلت السعودية رصيد الخليج الفارسي من الخسائر بمال حمله ترامب عقوداً والتزامات، وفوّضت السعودية بتوزيع نصاب الخسائر بين دول الخليج الفارسي مالاً ونفوذاً وسياسة، لكن لا يمكن أيضاً قراءة زيارة ترامب خارج سياق وصول ترامب نفسه للرئاسة مستقوياً بخطاب مؤسس على الفشل في حرب سورية، حتى يمكن القول إن ترامب هزم هيلاري كلينتون بقوة هزيمة حزبها في الحرب على سورية، وإدعائه القدرة على إخراج بلاده من هذه الحرب وتخفيف الخسائر وليس الفوز بها.
– مثل ترامب حال الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون الذي ينتمي للمعسكر ذاته الذي جاء منه سياسياً الرئيس الأسبق فرانسوا هولاند، لكنه وصل إلى الرئاسة منعاً لوصول منافسين كانوا يزمعون أخذ فرنسا خارج الاتحاد الأوروبي وإلى مواجهة أهلية، بتأثير وتداعيات الحرب على سورية، فكان ماكرون رئيس الوعد بتخفيف الخسائر وليس تحقيق الأرباح، والحاضر الدائم هي الحرب على سورية، التي كانت إدارة هولاند وقبله إدارة نيكولاي ساركوزي شريكاً نشطاً فيها.
– ليس من الغيبيات القول بلعنة سورية تلاحق كل الذين تورطوا في الحرب عليها، فما جرى مع أمير قطر السابق ورئيس وزرائه ليس بعيداً عن نتاج هذه اللعنة، ولا ما أصاب بندر بن سلطان، ولا ما يصيب الرئيس التركي رجب أردوغان، سواء بتأزم علاقته بواشنطن أو بذعره من ولادة كيان كردي على حدوده لن يحول دونه إلا سورية والسوريون، وتكفي نظرة سريعة على الأسماء التي تتالت وتنافست على التطاول على سورية ورئيسها وجيشها وهي تبشّر بقرب سقوط دمشق، وتتحدث عن ايام معدودة، ليضم المشهد مبعوثين أمميين وقادة دول ووزراء خارجية ورؤساء حكومات وملوكاً وأمراء وشيوخاً، ونتساءل عن مصيرهم اليوم لنشهد خروجهم بصورة مهينة من المشهد العام، وليس من الحرب فقط.
– هي لعنة حقيقية تلاحق كل الذين تورطوا في الحرب على سورية، وبمفهوم صناعة التاريخ وقوانينه هي تداعيات الهزيمة في حرب جعل أصحابها تورّطهم فيها مصيرياً ووجودياً، بصورة ترتب على الفشل تداعيات يصعب احتواؤها، ومن الواضح أن أحداً من المتورّطين لن ينجو منها مهما افتعل القرابين لتفادي بئس المصير، كما يفعل السعوديون بالقطريين اليوم، بل الواضح أن المهدّدين بالسقوط بقوة دماء السوريين وعذاباتهم التي تلاحق كل متورط، لن يجدوا حبل نجاة إلا الاعتذار من سورية والتكفير عما ارتكبت أيديهم، وتسديد الفواتير التي ترضي سورية إن كان لا يزال لاسترضائها فرصة.
البناء