جهينة نيوز - جيمس جورج جاتراس
يقولون إن معظم المخاطر في العالم لا تنشأ بسبب ما يجهله الناس بل بسبب ما يصلهم من معلومات كاذبة.
على سبيل المثال سنتحدث حول ثلاثة أمور أكدتها مؤسسات واشنطن الحزبية حول كوريا، ولكنها بعيدة كل البعد عن الواقع:
الوهم الأول: جميع الخيارات ضد كوريا الشمالية مطروحة بما في ذلك القوة العسكرية الأمريكية:
الجميع يعرف أنه ليس أمام الولايات المتحدة خيارات عسكرية يمكن أن تستخدمها ضد كوريا الشمالية لأن ذلك سيؤدي إلى كارثة كبيرة. إن قدرات بيونغ يانغ النووية والصاروخية هي قدرات خيالية، ومن غير الممكن الاعتقاد أن هجوم محدود سيقضي عليها. فلن يكون فقط 30000 جندي أمريكي معرضاً للخطر، ولكن أيضاً 25 مليون شخص في العاصمة سيول، ناهيك عن الأرواح المهددة في كوريا الجنوبية وحتى اليابان.
وبالتالي فإن أي ضربة استباقية أمريكية يجب أن تكون ضخمة وقاضية منذ البداية، لأن أي شيء أقل من النجاح الكلي سيعني انتقاماً مدمراً من قبل كوريا الشمالية.
الوهم الثاني: كوريا الشمالية يجب أن تكون خالية من الأسلحة النووية
ستبقى كوريا الشمالية دولة أسلحة نووية خارج معاهدة انتشار الأسلحة النووية بالرغم من اعتراض الكثيرين على ذلك. تعلم كيم جونغ أون دروس صدام حسين ومعمر القذافي. وبسبب امتلاكه للأسلحة النووية سيبقى موجوداً وممتلكاً للقوة.
الوهم الثالث: إذا ضغطت الولايات المتحدة على الصين بما فيه الكفاية، فإن بكين ستحل المشكلة.
ليس هناك مزيج من العقوبات والتهديدات والضغوط الأمريكية التي يمكن أن تجعل بكين تتخذ خطوات تتعارض بشكل جوهري مع مصالح أمنها الوطني. وبصرف النظر عن التكهنات فإن الصين يمكن أن تسعى إلى انقلاب داخلي للإطاحة بكيم، ولكن الحفاظ على النظام الحالي هو خيار الصين الوحيد لتضمن عدم تجاورها مع دولة حليفة لأمريكا.
بعد تجربة موسكو مع توسع الناتو عقب توحيد ألمانيا عام 1990. ما الذي سيضمن لبكين مصداقية واشنطن بعدم التوسع في أي فراغ ينشأ عن انهيار كوريا الشمالية؟ بل على العكس من ذلك فإذا لم تتعامل الصين مع مشكلة كوريا الشمالية فإن واشنطن ستفعل ذلك بشروطها. وحتى لو لم تتوسع واشنطن ففي ظل هذا السيناريو ستبقى القوات الأمريكية على الحدود الصينية ولن تغادر في وقت قريب.
إن الانخفاض والارتفاع في حدة الخطاب الصادر عن بيونغ يانغ وواشنطن يحجب الحقائق وراء هذه الأوهام الثلاثة. ويمكن توقع تغيير طفيف في سياسة بيونغ يانغ
كانت هناك تقارير عن اتصالات مباشرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الشمالية في الأمم المتحدة. حتى أن السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون يشير إلى أنه يمكن أن يتم سحب القوات الأمريكية إلى الجنوب بالقرب من بوسان لتكون جاهزة للنشر في كل آسيا.
وكان من المفترض أن يكون التوضيح النهائي هو الافتتاحية التي نشرتها صحيفة غلوبال تايمز ومقرها بكين في 10 آب عام 2017 والتي كانت (اللعبة المتهورة في شبه الجزيرة الكورية تُعرضنا لخطر الحرب الحقيقية) ويُنظر إلى هذه الافتتاحية عالمياً على أنها تعكس موقف الحكومة الصينية.
هذا يعني أنه إذا قام كيم بالهجوم على الولايات المتحدة فسيكون الصراع بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة فقط. أما إذا حصل العكس وهجمت الولايات المتحدة على كوريا فستدخل الحرب مع الصين أيضاً، ومن المتوقع أن تقدم روسيا الدعم للصين دون الاقتتال ودخول الصراع، وهذا لن يكون في مصلحة أميركا.
هناك أولوية قصوى ينبغي للولايات المتحدة توجيه سياستها تجاه كوريا على أساسها. وهي ليست تغيير النظام في كوريا الشمالية، وإنما هي تجنب تطوير كيم لنظام صاروخي قادر على إيصال الأسلحة النووية إلى الولايات المتحدة.
كما يمكن لواشنطن أن تأخذ على محمل الجد اقتراح بكين بالتجميد المزدوج. فمن جهة ستعلق بيونغ يانغ برامجها النووية والصاروخية، ومن جهة أخرى ستعلق الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية المناورات العسكرية المشتركة.
إذا كانت حماية الإقليم والشعب هي الهدف الأساسي للولايات المتحدة فلماذا لا يكون التجميد المزدوج خطوة أولى معقولة ومن الممكن أن تؤدي إلى تسوية طال انتظارها في هذا الصراع.
المصدر: مركز كاثيهون
22:58
03:10
21:53