انتصار الأسد إبقاءٌ لفلسطين

الأحد, 31 كانون الأول 2017 الساعة 05:01 | مواقف واراء, زوايا

 انتصار الأسد إبقاءٌ لفلسطين

جهينة نيوز – إيهاب زكي

غالباً ما يستوجب على دارسي السياسة ومحلليها والمتعاطين معها ولها، أن يكون لديهم الاستعداد الكامل للتعايش مع عدم اليقين، ولكن هذه القاعدة قد تصلح أكاديمياً، أمّا الواقع فيدحضها جملةً وتفصيلاً، حيث اليقينيات تكاثرت وترسخت بما يشبه الإيمان الذي لا يدانيه شك، وهي يقينيات ليست مستجدة بقدر ما هي متجددة، وعلى رأسها انتصار سوريا وبقاء الرئيس الأسد، ومن ضمن اليقينيات هو الدعم الأمريكي و"الإسرائيلي" لما يسمى بـ"الثورة" السورية بكل مكوناتها من داعش وصولاً لأصحاب الفنادق ونجوم الشاشات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار إلى قعر الوسط، ومن ضمنها ايضاً هو أنّ تركيا أردوغان بالتعاون أحياناً وبالتناكف أحياناً أُخرى مع السعودية يسعيان لترسيخ الوجود "الإسرائيلي"، فطرفٌ يمسك بناصية القيادة السياسية الرسمية وآخرٌ يمسك بتلابيب القيادة السياسية للمقاومة، والحقيقة لا أعرف سر الرهان على الأطراف الخاسرة في عقل القيادات الفلسطينية تاريخياً، خصوصاً إذا افترضنا جدلاً أنّ القضية هي قضية تحرر وعودة، وليست قضية أحزاب وحركات ومكاسب شخصية وتنظيمية، والسر الأعظم هو في شخصٍ يحمل بندقيةً ليواجه"إسرائيل" يتعامل في ذات الوقت مع الهراء الذي يتفوه به إردوغان باعتباره مواقف تاريخية وحنكة سياسية.

يُطل أردوغان بمعدل ثلاث مرات يومياً بين خطاب ولقاء تلفزيوني وتصريح صحفي، وقد تقلب في السنوات السبع الماضية بقدر تقلب الليل والنهار، والحقيقة أنّه كان ولا يزال يملك ثابتاً وحيداً وهو عدم الثبات، فمن استعداء روسيا ثم التحالف معها واستعداء إيران ثم التحالف معها، ومن قرب الصلاة بالجامع الأموي إلى لم تعد الحكومة السورية تشكل تهديداً للأمن التركي، إلى أن قال عن لقائه بالأسد، في السياسة لا مستحيل، وصولاً إلى تصريحه في تونس أنّ الأسد "إرهابي" ولا يمكن تحقيق الإستقرار بوجوده، ثم الدعم اللامحدود لكل إرهابيي العالم عبر الحدود التركية، ثم تسليم رقابهم على طاولة أستانة، ثم حثهم على إصدار بيان عدم المشاركة في سوتشي، وقريباً سيسلمهم جميعاً ليستطيع الخروج من إدلب لا له ولا عليه، وفي المقابل وضع الخطوط الحمراء أمام ترامب حول القدس، وحين تجاوز ترامب الخطوط الحمراء لم يصدر من أردوغان أيّ رد فعل، حتى أنّه لم يرفع عدد الخطابات إلى أكثر من ثلاثة يومياً، ولك يصف ترامب بالإرهابي ولا نتن ياهو والذي بالمناسبة هو من يحتل القدس لا الأسد، وترامب من تخطى خطوط أردوغان الحمراء لا الأسد، ولكن الصراخ على القدس يستثمره أردوغان في مواجهة الأسد، فما علاقة هذا بذاك

إنّ صمود سوريا وعصيانها على التفتيت والتقسيم، هو ما حدا بترامب للتسريع بإعلان القدس عاصمة لكيان العدو، فهزيمة المشروع الأمريكي عسكرياً في سوريا جعل من محاولة البحث عن مكاسب سياسية أمراً مُلحاً، وبما أنّ من هزم الولايات المتحدة ومشروعها في سوريا هو محور المقاومة، وهو الوحيد الذي يقف عقبةً في وجه التغول الأمريكي والصلف "الإسرائيلي"، ولا يوجد من تخشاه امريكا سوى هذا المحور، فعمدت إلى هذا الإعلان، والذي فهم مغزاه وتوقيته السيد نصرالله حين قال، نحن في محور المقاومة قد تفرغنا الآن إلى القدس بعد انتصار سوريا والعراق في الحرب على الإرهاب، وهو يريد القول أنّ القرار جاء متأخراً، ولن يعمل بمثابة رافعة للمشروع الصهيوني وغطاءً للهزيمة، فيأتي دور أردوغان لتفعيل حنجرته نحو القدس، فيُصرف هذا التفعيل في مقر الهزيمة الحقيقي وهو سوريا، أمّا القول إنّ هجوم الجيش السوري على إدلب والتجهيز لتطهيرها من جبهة النصرة أو احتمال دعوة روسيا للمجموعات الكردية المشاركة في سوتشي، أو التعريف السوري الدائم للوجود التركي على الأراضي السورية باعتباره احتلالاً، هي بعض الأسباب التي دفعت أردوغان للتصعيد فهذا يحتاج للكثير من التدقيق، حيث أنّ كل هذا ليس جديداً وهي مواقف معلنة سابقاً، ولا يوجد طرف أعطى أردوغان أيّ ضمانات لبقائه في سوريا ولا يستطيع أحد إعطائه ذلك.

قامت لجنة العلاقات الدولية بمجلس اللوردات البريطاني بإجراء دراسة موسعة حول مستقبل الشرق الأوسط، ومن ضمن ما خلصت إليه الدراسة، هو إجراء انتخابات رئاسية في سوريا يفوز بها الرئيس الأسد، كما اعتبرت اللجنة أنّ سوريا في العام 2018 سيكون لها دورٌ في الشرق الأوسط ستحسب له الدول ألف حساب، والحقيقة أنّ تقرير هذه اللجنة جاء متأخراً جداً، فمننذ اليوم الأول للعدوان على سوريا كنا وبعيداً عن أكاديمية عدم اليقين، في ذروة اليقين بانتصار سوريا، وأن خرائط الشرق الأوسط ستكون على طاولة الرئيس الأسد، وهذا وحده ما يجعل فلسطين بأيدٍ أمينة، فلا يوجد ما تخشاه "إسرائيل" على الإطلاق سوى محور تتوسطه سوريا الموقع والموقف، ففي الوقت الذي تعبر فيه عن ارتياحها لاستلام أردوغان جزيرة سواكن السودانية في البحر الأحمر، تعبر عن قلقها المصيري من وصول الجيش السوري وحلفائه لحدود الجولان المحتلة، بعد تطهيرها من "الثوار" حماة احتلالها، لذلك فإنّ الانتصار السوري وضع جميع المتواطئين والمهرولين نحو العدو في أزمة، أزمة عرقلة صفقات البيع والشراء وانكشاف وجوه أصحابها، وأزمة بقاء فلسطين قضية مركزية وأزمة العودة لزمن المطالبة بزوال"إسرائيل"، وما تصريحات أردوغان حول الأسد من تونس سوى أحد تجليات هذه الأزمة.

المصدر: نبأ برس


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 عدنان احسان- امريكا
    31/12/2017
    13:47
    سوريه انتصرت لانها كانت ولازالت مدرسه لفن لسياسه عبرالتاريخ
    سياسيه الرئيس بشار الاسد هي نتاج للموروث التاريخي السوري الحديث والقديم للحضاره السوريه وحتي اعدائهم يعترفون ان السوريين كانوا عبر التريخ مدرسه في فن السياسه / والموقف السوري كان ثابت من كل القضايا ، والروس والايرانيين هم من يتعامل مع اردوغان والظاهره الايجابيه ان السوريين غير ملزمين بالدور الايراني والروسي من الموقف التركي والسوريين تجاوزوا هذه المرحله ، وفي المقلب الاخر لازال من المبكر الحديث عن مستقبل اجنده محور المقاومه والمهمه الاهم اليوم هي تثبيت الانتصار وهناك تغيرات كبيره ستحدث نتيجه فشل المشروع الصهيوامريكي في المنطقه اما اعاده سرد الاحداث لم يعد مهما الا من اجل توثيقها ومعسكر المؤامره لم يعد له اجنده وفقد المبادره وهذا لانتصار تحقق نتيجه الوعي والخبره الحضارية للشعب السوري

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا