جهينة نيوز:
قبل الدخول في تداعيات تحرير الجنوب السوري و عودته إلى الدولة السورية ، لابد من التنويه إلى الأهمية العسكرية التي ينطوي عليها تحرير الجنوب السوري ، حيث تعتبر هذه المنطقة خط الدفاع الاستراتيجي الأول ضد العدو الاسرائيلي ، و شكلت منطقة الجنوب السوري الثغرة و نقطة الضعف خلال سنوات الحرب المفروضة على سوريا ، يضاف إلى ذلك أن سقوط معاقل الإرهاب في هذه البقعة الجغرافية يجعل من قاعدة التنف الأمريكية بلا قيمة بالمعنى الاستراتيجي ، فقد كانت هذه القاعدة نقطة ارتكاز و انطلاق الفصائل الإرهابية لشن الهجمات ضد مواقع الجيش السوري و حلفاؤه ، إضافة إلى الدعم اللوجستي و الاستخباراتي المقدم للفصائل الإرهابية عبر التنف ، و بالتالي نجد أن هاتين النقطتين شكلتا ضغطا على الدولة السورية في الفترة الماضية ، أما اليوم و بعد سحب البساط من تحت واشنطن و أدواتها و عودة الجنوب السوري للسيادة السورية ، فإن المواقع العسكرية و بنيتها التحتية من صواريخ و مدفعية ستعود للعمل و إلى دورها في الدفاع ضد اسرائيل .
استكمالا للمشهد السابق لجهة الأهمية العسكرية و الدخول في تداعيات تحرير الجنوب السوري ، يبدو أن مفاعيل الانتصار أتت سريعة عبر ترجمة واضحة للقلق الاسرائيلي من عودة الجيش السوري إلى الجنوب ، نتنياهو المذعور يطير إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ، و أكثر ما يقلق نتنياهو القاعدة العسكرية التي تقول " أنه بعد أن تنتصر الجيوش في حرب ما يجب إشغالها في حرب أُخرى، حتى توظف هذه الخبرة، والاستفادة من دروس الحرب وإبعادها عن السياسة " ، و هنا بيت القصيد ، نتنياهو المذعور يدرك تماما ما معني انتصار الجيش السوري و حلفاؤه في الجنوب السوري ، فبعد سنوات الحرب التي فُرضت على سوريا ، و الدور الذي لعبته اسرائيل في الجنوب السوري من تقديم اشكال الدعم كافة للفصائل الإرهابية و محاولة اقتطاع هذه البقعة الجغرافية من سوريا ، تمهيدا لإعلان دويلة الجنوب الموالية لإسرائيل فضلا عن الاستهدافات الاسرائيلية المتكررة للقوات السورية بدعوى وجود قوات ايرانية و اخرى تابعة لحزب الله ، كل هذه المعطيات و بالحسابات الاستراتيجية لإسرائيل يُفترض أن يُنهك الجيش السوري و هذا بطبيعة الحال ما سعت إليه اسرائيل ، لكن حساباتها و رهاناتها فشلت ، فالخبرة القتالية العالية التي اكتسبها الجيش السوري و حلفاؤه تمكنهم من فتح جبهات جديدة ، و عليه أطلق جلعاد أردان وزير الأمن العام الإسرائيلي تهديداته بضرب أي قوات سوريّة تقترب من الجانِب السوري في الجولان المحتل ، لكن للغة الانتصار رد خاص حيث لم تعد لمثل هذه التصريحات أي قيمة و لا تتجاوز حدود الهلوسات .
إذاً نتنياهو تلقى هزيمة أدواته في الجنوب السوري ، و قلقه من تداعيات الانتصار السوري تجعله يهرول إلى سيد الكرملين و يحمل في جعبته مخاوفه و قلقه من مفاعيل عودة السيادة السورية إلى الجبهة الجنوبية بالكامل ، و لهل أهم ما سيكون على جدول أعمال اللقاء هي المرحلة اللاحقة لانتصار الأسد و مصير حلفاء الجيش السوري في تلك المنطقة ، و بطبيعة الحال لا يمكن معرفة ما سيتمخض عنه هذا اللقاء ، لكن و كما بات معروفا عبر الزيارات الاضطرارية لنتنياهو إلى موسكو خلال سنوات الحرب في سوريا ، فقد كان يحمل جملة من المطالب و يعود الى تل أبيب خال الوفاض يجر ذيول الخيبة ، بدليل وصول الجيش السوري إلى الحدود الأردنية مدعوما بطائرات سورية و روسية ، و القضاء على بيادق تل أبيب في الجنوب السوري .
في المحصلة ، بات من الواضح أن الدولة السورية سيكون لها ثقلاً إقليميا في الشرق الأوسط ، فضلا عن تراكم الخبرات القتالية للجيش السوري ، و بالتالي و كنتيجة طبيعية للانتصار السوري ليس في الجنوب فحسب ، بل على امتداد الجغرافية السورية ، سنشاهد الكثير من حالات القلق و الذعر ليس لدى تل أبيب فقط ، بل أن بعض الدول الإقليمية التي وضعت يدها في يد اسرائيل و ارسلوا قطعانهم إلى سوريا لتدميرها هم اليوم يتجرعون كأس الهزيمة ، و لا بد من التذكير بقول الرئيس الأسد " إن الحرب على الإرهاب لن تتوقف طالما هناك إرهابي واحد يدنس قدسية التراب السوري " ، و ما حدث في الجنوب السوري و ما سيليه من انتصارات هي ترجمة حرفيه لما قاله الأسد ، لذلك على تل أبيب و اعوانها أن يتنبهوا ، فتسونامي الانتصار السوري قادم .