جهينة نيوز:
ضمن إطار المنجزات الاستراتيجية التي أفضت إلى ترسيخ قواعد اشتباك جديدة، تمكن الجيش السوري و حلفاؤه من إعادة ترتيب أوراق الحرب على سورية، لتظهر أوراق القوة بيد الدولة السورية و شركاؤها في الحرب على الإرهاب، حيث أن التطورات النوعية لجُملة العمليات العسكرية للجيش السوري، مكّنت روسيا و بناء على المستجدات الطارئة في ما يخص الشأن السوري، من تجاهل الاعتراضات الأمريكية و الاسرائيلية المتعلقة بتزويد الجيش السوري بمنظومة S-300 الصاروخية، فكانت الترجمة الحقيقة للقرار الروسي الذي لم يُعر اهتماما للقلق الامريكي و الاسرائيلي، عبر ما ظهر على وسائل الإعلام للحظة إخراج منظومات S- 300 الصاروخية من طائرة"أن-124روسلان" في سوريا، والتي تضمّنت 49 قطعة من معدات منظومات S-300 بما فيها 4 منصات لإطلاق الصواريخ، و هنا أيضا ترجمة سياسية و عسكرية للقرار الروسي بالحفاظ على ما تم تحقيقه من منجزات استراتيجية في سوريا، إضافة إلى هذه المعطيات، فقد تواردت الأنباء عن اختبارات بدأها الجيش الروسي في سوريا تتمثل في اختبار سلاح كهرطيسي يمكنه تشتيت و كبح إشارات GPS وWi-Fi، جاء ذلك عبر تأكيد فلاديمير ميخييف مستشار النائب الأول لمدير عام شركة راديو الكترونيكس تكنولوجي" الروسية"، إنه سيتم اختبار سلاح كهرطيسي روسي على الظروف الميدانية في سوريا وذلك بعد أن خضع هذا النظام للتطوير مؤخراً .
تزويد الدولة السورية بنظام الدفاع الجوي S-300، لم يكن صفعة لإسرائيل فحسب، بل كان القرار الروسي في تفاصيله يحمل رسالة ساخنة لأمريكا، و بالنظر إلى أن أمريكا تكاد تخسر كل أوراقها الميدانية و نقاط قوتها في سوريا، إضافة إلى أن واشنطن تدرك جيدا أن قواعدها في سوريا مهددة بشكل دائم، و من الممكن أن تتعرض قواتها لهجمات في اي وقت، خاصة أن الوجود الامريكي في سوريا غير شرعي، و تعتبره دمشق احتلالا يجب مقاومته، يبدو أن واشنطن تعاني من قلق استراتيجي يتمثل في اقتراب نهاية الماراتون بين المنافسين الإقليمين و الدوليين في سوريا، و الذي انتصرت به سورية و روسيا و ايران ضد الارهاب الأمريكي الرامي لتغير الخارطة الجيوسياسية للشرق الأوسط، و ما بين فكي الـ S-300 و الوجود غير الشرعي لواشنطن في سوريا، بات من الواضح أن إدارة ترامب قد استشعرت الخطر الروسي المُهدد لواشنطن و خططها في سوريا و المنطقة، و عليه فقد أثبتت روسيا أنها اللاعب الأبرز ضمن الجغرافية السورية، و بالتالي لا يمكن لواشنطن وعملاؤها الإقليميون فرض أي حل سياسي أو عسكري مرتبط بالشأن السوري، دون أن تكون الحلول مستوفية للشروط السورية و الروسية.
صحيح أن موسكو أكدت أن قرار تسليم منظومة الصواريخ الدفاعيةS- 300 ليس موجها ضد أحد، لكن القرار الروسي يأتي ضمن إطار الدعم المتواصل للجيش السوري في حربه ضد الإرهاب، على اعتبار أنه القوة الوحيدة القادرة على التصدي للإرهاب، و زعزعة قواعده و تطهير الجغرافية السورية منه، و انطلاقا من الخطط الأمريكية الرامية لإطالة أمد الصراع في سورية، بات من الضروري وجود هذه المنظومة الدفاعية بيد الجيش السوري، و تأتي هذه الضرورة في ظل استمرار النهج الأمريكي المهدد للاستقرار في سورية، و بوصول S-300 إلى الجيش السوري، فقد أصاب المنظومة السياسية و العسكرية لإسرائيل و من خلفها واشنطن حالة من الارتباك الاستراتيجي و الشلل العسكري، فقد أعلن رئيس تحرير مجلة "ناتسونالنيا أوبورونا" الدفاع الوطني، إيغور كورتشينكو، أن منظومات S-300 التي أرسلتها روسيا إلى سوريا ستكشف المقاتلات الشبح الأمريكية F-22 إذا استُخدمت، وقال كورتشينكو لوكالة سبوتنيك الروسية أن" منظومات S-300 و S-400 تكشف المقاتلات الشبح، وسيتم رصد طائرات F-22 أو F-35 في حال ظهورها في سماء سوريا، و لا يوجد مقاتلات مخفية"، و أضاف أنه" بإنشاء أنظمة دفاع جوي فعالة، تضمن سلامة سوريا، والرادارات تراقب المجال الجوي وترصد أفعال أي طائرة حربية، وسيتم كشف الطائرات الأمريكية، و عليه ستتخذ القيادة الروسية الإجراءات اللازمة في هذه الحالة".
الحقيقة التي لا يمكن لأمريكا أن تتأقلم معها، بأن طائراتها ستظهر و بشكل جَّلي على أجهزة الرادار السورية، فضلا عن أن الطائرات الاسرائيلية باتت ضمن هدف الـS-300 ، و هذه حقيقة مُرة ، و على واشنطن و تل أبيب أن تتعامل مع المعادلات الجديدة التي باتت واقعا، فكلفة أي غارة اسرائيلية أو تهديد أمريكي مستقبلي، سيكون أكبر بكثير من اي نتائج تطمح الدولتان إلى تحقيقهما في سورية.
في المحصلة، شكلت الخطوة الروسية ضربة قوية لواشنطن و أدواتها في المنطقة، و هي خطوة تتجاوز كافة المعطيات و الوقائع العسكرية، و بعبارة أدق، فقد باتت بيد سورية و الحليف الروسي ورقة ضغط سياسية سيتم ترجمتها في فرض الشروط الرامية لتسوية الازمة في سورية، أما فيما يخص الطائرات الامريكية و الاسرائيلية في السماء السورية، فهي باتت مكشوفة، و بصرف النظر عن التوجيهات الروسية، ستقوم الدولة السورية بمعالجة أي اعتداء بطريقة صاروخية، فاليوم باتت خيوط اللعبة بيد سورية و جيشها، و على الاعداء الحذر.