جهينة نيوز:
قد يكون لدى الرئيس الفرنسي ما يكفي من الدوافع والأسباب للشعور بالقلق، وأن تنتابه مشاعر الخوف والهلع، لكن ليس على الوضع الإنساني في إدلب، بل على ما يواجهه في الداخل الفرنسي من مشكلات ومعضلات، دفعت الفرنسيين إلى تنظيم احتجاجات غاضبة، شهدتها باريس على مدى الأسابيع والأشهر الماضية، ولا تزال تنذر بما هو أخطر.
وقد يكون لديه أيضاً من الأسباب الموجبة ما يكفي للخشية، وربما الرعب على مصير الإرهابيين والمرتزقة، الذين جندت فرنسا أذرعها السياسية والإعلامية والدبلوماسية لإرسالهم إلى سورية، والذين بدأ بعضهم رحلة العودة من حيث أتوا، والبقية الباقية من الذين يكتب لهم البقاء على الطريق ذاته.
لكن أن يدعي غير ذلك، فهو يعرف كما يعرف غيره أنه في آخر اهتماماته، ولا يعنيه في شيء، ولنا في التجارب السابقة في مناطق أخرى قرينة دامغة، حين كانوا يتباكون على المدنيين، ويتذرعون بالخوف عليهم من أجل حماية الإرهابيين من المصير المحتوم الذي ينتظرهم، لأن حياة المدنيين لو كانت تعنيهم لما جيّروا كل هذا الإرهاب من أجل استهدافهم في حياتهم، ولما سعوا بكل ما لديهم من أجل مدّ الإرهابيين من أصقاع الدنيا بأسباب البقاء مالاً وتسليحاً ورعايةً واحتضاناً.
المفارقة السياسية في المقاربة الفرنسية ومن ذهب خلفها ليس في ضحالة الحجة، ولا في حجم الرياء والتضليل والنفاق فيها، بقدر ما هي في المشاهد التفصيلية المضافة والموازية التي تسبق أو ترافق كل عملية للجيش العربي السوري تستهدف الإرهابيين، وتتكرر بالصيغة نفسها والسيناريو ذاته، والتي تدفع إلى الجزم بأن بنك الأكاذيب المصنعة قد شارف على نهايته، كما أنّ الإرهاب في إدلب تقترب نهايته، وأن الذريعة باتت تفتقد صلاحية الاستخدام.
والمدهش في المسألة أن منظومة العدوان لم تستسلم رغم الخيبات، ولم تتراجع رغم الفشل المتكرر، وهذه الجرعة الإضافية من دعم الإرهابيين تبدو وصفة فاشلة بامتياز، والوقت قد تجاوزها، ولم تعد تجدي نفعاً، وخصوصاً أنها لم تنفع مع سواها مع كل التجيير الإعلامي والضغط السياسي والدبلوماسي، وأن النهاية محسومة.
المؤسف أن تصل السياسة الفرنسية إلى هذا الدرك غير المسبوق في تباكيها على الإرهابيين، وأن تكون المقاربة بهذه الوضاعة، وأن يُجير مجلس الأمن لعقد جلسة دفاعاً عن الإرهابيين، وأن ينساق البعض العربي، ليكون شريكاً في الوصول إلى هذا الدرك، رغم ما مرّ به من تجارب، وأن يكون عوناً له، وهو الذي كان يُنتظر منه أن يكون في غير هذا الموقع بعد كل هذه التطورات.
كذبة ماكرون مفضوحة اليوم، كما لم تكن في يوم من الأيام، والعرج الفرنسي ليس خارج دائرة الدور الوظيفي الموكل والمفصّل على حجمه، والمعضلة أنّ الكذبة هذه المرة أكبر من المقاس الفرنسي، وفوق طاقة الرئيس ماكرون على تحمّلها، وأصعب من أن تقدر السياسة الفرنسية على تمريرها، وخصوصاً أنه سبق لغيره أن تباكى من دون جدوى.
فحين يقلق ماكرون ومن معه من منظومة العدوان على الإرهابيين وعلى تنظيم إرهابي بالعرف الأممي وبالتصنيف الغربي وسواه، فهذا مؤشر على النتيجة المحسومة، والقرينة على أنّ الإرهاب يواجه نهاياته المحتومة، وهو مؤشر سبق أن رأيناه سابقاً، وخبرناه لاحقاً، ولنا أن نبشّره بأنّ منسوب القلق والخوف والهلع سيشهد ارتفاعاً غير مسبوق، ولنا في الأيام القادمة المثال والدليل.
بقلم علي قاسم - صحيفة الثورة
08:10