جهينة نيوز
هناك ثلاث مشاكل أساسية مرتبطة بالموارد المائية في مدينة دمشق وريفها وهي:
1- زيادة الطلب في استهلاك المياه عن الإمكانات المتاحة لحوض بردى والأعوج منذ عام 2000 ففي حين تكون امكانات الحوض بحدود 850 مليون متر مكعب تصل الاحتياجات حاليا" الى حوالي مليار وأربعمائة أو خمسمائة مليون م3 منها حوالي مليار لاحتياجات الري , التي تروي مابين 65 و73 ألف هكتار و60 مليون متر مكعب للصناعة والباقي لأغراض الشرب والاستخدامات المنزلية والسياحية , فعندما تنقطع المياه 16 ساعة في اليوم عن أكثر أحياء دمشق معظم أيام السنة , وتأتي عدة ساعات كل عدة ايام في الكثير من الضواحي والريف فاعلم بأننا في أزمة مياه حقيقية . و هذا يوضح أن الموارد المائية في حوض دمشق محدودة ولا تلبي احتياجات الشرب والري في الوقت الراهن , بل و منذ أكثر من 15 سنة خلت ولا يمكن بالتالي التخطيط لأي توسع في هذه الاستهلاكات قبل تأمين مصادر مائية جديدة من خارج حوض دمشق
لذلك جرى التفكير بجر مياه الساحل من سد يقام على نهر مرقية بالقرب من قرية قرقفتي ومن نبع الباصية جنوب بانياس ضمن مياه البحر , وجرت دراسة هذا الأمر منذ بداية الألفية الثالثة وتبين أن التكاليف باهظه وغير مجدية اقتصاديا" , وجرى التفكير بجر مياه نهر الفرات بنفس الفترة أيضا" إلا أنها بعيدة جدا" , ولتخفيف العجز جرى حفر مجموعة أبار في عطيب ومعدر ودير العشلئر والسفوح الشرقية لجبل الشيخ , إلا أن افضل وسيلة لتأمين المياه من خارج الحوض حاليا" هو العمل على جر مياه الجولان وجبل الشيخ , حيث أن واردات المياه في الجولان تتجاوز 1,2 مليار متر مكعب سنويا" التي يسرق منها العدو الصهيوني جزءا" مهما" يتجاوز نصف هذا الرقم فيمكن استجرار حتى 500 مليون متر مكعب سنويا" وهي من أرخص المصادر المتوفرة خارج حوض دمشق وأقربها حيث المسافة بحدود 70كم وهذه الكلفة ضمن إمكانيات سوريا الاقتصادية والفنية وبأقل مدة للدراسة والتنفيذ
2- مشكلة حفر الآبار العشوائية واستنزاف المياه : تفيد سجلات الموارد المائية بأنه يوجد أكثر من 51 الف بئر في دمشق وريفها منها 35 الف بئرغير مرخصة ويتم استثمار المياه منها بشكل عشوائي ودون أي ضابط، مما قاد الى استنزاف المياه الجوفية في الحوض وهببوط مستواها عشرات الأمتار وجفاف بعضها نتيجة ذلك، وهذا يشكل مشكلة كبيرة لاستنزاف هذه الموارد , فيما إجمالي الآبار المرخصة يبلغ حوالي 15 ألف بئر، تستخدم لأغراض الزراعة والصناعة والسياحة والشرب والاستخدامات المنزلية ومغاسل السيارات ( منها للزراعة 12419 بئر)
3- مشكلة تلوث هذه المياه وخاصة مياه نهر بردى بعد خروجها من مدينة دمشق ,حيث تكون شديدة التلوث , بالإضافة لمياه الآبارفي الغوطة فقد بينت دراساتنا منذ عام 1998وجود مجموعة من العناصر والمركبات العضوية الملوثة في المياه السطحية المستخدمة في الري منها النترات والنتريت والأمونيا والفوسفور إن مصدر هذا النوع من التلوث يعود إلى إلقاء النفايات الصناعية والعضوية و الصحية و هذا يهيئ الظروف الملائمة لنمو المتعضيات الدقيقة بما فيها الجراثيم التي يمكن أن تؤدي إلى نشوب العدوى. كما يوجد مجموعة من العناصر الثقيلة الملوثة مثل الكادميوم- الكروم- الرصاص- النحاس- الزنك و القصديروالناتجة عن النفايات الصناعية والنقل والمبيدات السامة
مقترحات وتوصيات للمساهمة بالحلول
من خلال هذا الواقع فإني أرى أهمية طرح مجموعة من المقترحات التي يمكن أن تساهم في التخفيف من معاناة الطلب على المياه ريثما يتم تأمين مصادر بديلة من خارج الحوض
1- عدم التخطيط لأي توسع في استهلاكات المياه قبل تأمين مصادر مائية جديدة
2- لقد فاق عدد السكان استيعاب الحوض وإمكانياته الطبيعية، في ظروف بعيدة عن الاستغلال الأمثل لثرواته المائية ، تزامنت مع فترة مناخية سيئة وحرب عدوانية أسوأ. و عليه فإن استثمار الموارد المائية في هذا الحوض بشكل عقلاني والمحافظة عليها وحمايتها من التلوث واجب وطني وأخلاقي ووجودي
3- منع البناء العشوائي منعا" باتا" مهما كانت الظروف والأسباب ويجب محاسبة رؤساء البلديات عن أي خلل يحدث في هذا الإطار وقمع المخالفة مباشرة ,لأن التهاون في تطبيق القوانين الناظمة للبناء وعدم ضبط المخالفات بشكل صارم كان سبباً هاماَ في التوسع العشوائي, الذي سبب مشاكل مجتمعية لاتحصى وخاصة أثناء الحرب العدوانية علينا
4- جمع البيانات المناخية والمعطيات السطحية والجوفية كماً ونوعاً من محطات الرصد المنتشرة على كامل مساحة ريف دمشق وبناء قاعدة بيانات رقمية تحدّث دوريا" لمعرفة التغيرات السلبية والايجابية التي تطرأ على هذه الموارد
5- تعتبر الزراعة المستهلك الأساسي للمياه في حوض بردى والأعوج كونها النشاط الاقتصادي الأساسي في هذا الحوض لذلك من الضروري إحصاء وضبط الآبار غير المرخصة وتركيب العدادات عليها وعلى الآبار المرخصة لضبط ومراقبة السحب المائي ليكون متوافقاً مع المقننات المائية المعتمدة للمساحات المرخص بزراعتها، واتباع طرق الري و الاساليب الزراعية الحديثة و التي من شأنها استخدام المياه بالشكل الأمثل و تقليل الهدر في المياه إلى حدوده الدنيا و ذلك بتطبيق أسلوب الري بالرذاذ أو بالتنقيط و استخدام بعض المواد الصناعية التي تساعد على الاحتفاظ بالمياه مما يجعله متاحاً للنباتات لأطول وقت ممكن.
6- إن مفهوم البحث عن الأصناف عالية الإنتاج بوحدة المساحة يجب أن يستبدل بمفهوم البحث عن المحاصيل عالية الإنتاج بوحدة الحجم من المياه المستخدمة.
7- توزيع المشاريع الصناعية بشكل يتناسب و خصائص البيئة و الأشكال الأرضية للمناطق و الأخذ بعين الاعتبار المقدرة الجيوديناميكية للمنطقة والمقدرة الجيوكيميائية للترب و وردة اتجاه الرياح.
8- منع إعطاء أي ترخيص صناعي لأي منشأة دون التعهد بتركيب و استخدام أجهزة صناعية حديثة تستخدم دورات المياه المغلقة و تخفف من النفايات الناتجة عنها و خاصة في ضوء الجفاف الذي تعيشه المنطقة و فرض رقابة صارمة على المصانع و مصادر التلوث.
9- إعادة تأهيل الغوطة عمرانيا" وزراعيا" وبيئيا" للحفاظ عليها كمتنفس لمدينة دمشق , وتأهيل سكانها للتخلص من آثار ومخلفات الحرب العدوانية والإرهابية التي تعرضت لها هذه المنطقة
10- الاستفادة من مياه العواصف المطرية في الشتاء و إقامة السدود والخزانات السطحية للاستفادة من كل قطرة ماء تهطل .
11- العناية بمجرى نهر بردى و فروعه و تنظيفه مع شبكات الري بشكل دوري وكذلك بالنسبة لنهر الأعوج و اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يرمي النفايات و الأوساخ فيه.
12- منع وضع مقالب النفايات الصلبة في المقالع المهجورة لمنع تلوث المياه السطحية والجوفية.
13- مسح و جرد الملوثات الصناعية التي تطرح في المجاري المائية كماً و نوعاً و إجراء معالجة للنفايات الصناعية قبل طرحها في المجاري المائية أو شبكة الصرف الصحي.
14- محاولة إعادة دراسة التوزع الديموغرافي و تخفيف الضغط السكاني عن محافظة دمشق وريفها.
15- تطبيق مبادىء الإدارة المتكاملة للموارد المائية كمعيارناظم ؛ وربط الخطط المطبقة لاستخدام الأراضي بالموارد الطبيعية المتاحة في مناطق الحوض
16- معالجة المياه العادمة قبل إطلاقها في الأوساط الطبيعية، وفق المواصفات القياسية المعتمدة في الري الزراعي. وتهيئتها لتكون مورداً مائياً إضافياً لسد العجز المائي الزراعي، وأن تحّقق المزيد من الفائدة عبر إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة غير مرة , وهذا يتطلب استكمال بناء محطات معالجة مياه الصرف الصحي بالمناطق التي تسمح بمعالجة كافة كميات المياه العادمة التي تطلق في الحوض كّلها
17- التخفيف من الضياعات المائية من شبكات وأقنية التوزيع. وذلك للتخفيف من الهدر والضياعات التي تواجه الموارد المائية ورفع إنتاجيتها. حيث أن الضياع في هذه الشبكات يصل إلى 20 بالمئة
18- - اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية المياه الجوفية والموارد الطبيعية الأخرى من التلوث. وضبط استخدام الأسمدة والمبيدات الزراعية بما يحمي نوعية المياه الجوفية والسطحية.
19- توعية المواطنين على أهمية الحفاظ على المياه و عدم هدرها و تلوثيها.والتركيز اعلاميا" على هذا الأمر
20- الالتزام بالقوانين و التشريعات التي من شأنها الحفاظ على المياه كماً ونوعاً و فرض العقوبات على مخالفي هذه التشريعات و متابعة تطبيقها لدى الجهات المعنية