بايدن يهددُ نتنياهو ويعجلُ في نهايته بقلم : مصطفى يوسف اللداوي

الأحد, 14 شباط 2021 الساعة 00:44 | مواقف واراء, زوايا

بايدن يهددُ نتنياهو ويعجلُ في نهايته     بقلم : مصطفى يوسف اللداوي

جهينة نيوز:

يعيش رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو هذه الأيام كوابيس مزعجة كثيرة، ويعاني من أحلام كئيبة مخيفة، ويخشى مما تحمله الأيام القادمة، لكنه يتمنى ألا يطول ليله البهيم، وألا تتأكد أحلامه وأماني منافسيه، ويرجو أن يصحو بسرعةٍ من نومه المخيف، ليحافظ على مكانته تحت شمس كيانه، ويكمل مشروعه الذي بدأه، ويتم حلمه الذي عمل من أجله طويلاً وقدم في سبيله كثيراً، ليكون ملك إسرائيل وطالوتها المنتظر، ويستعيد الهيكل الثالث ويبني دولة اليهود الجديدة، التي لا وجود فيها لغيرهم، ولا ينازعهم على الأرض المقدسة سواهم.

استشعر نتنياهو الخطر، وأدرك أن منيته هذه المرة باتت قريبة وربما أكيدة، فلبس قلنسوته "الكيباه"، وزار حائط المبكى خاشعاً يتبتل، يدعو ربه ويتوسل إليه، ويسأله تجاوز المحنة والخروج بسلامٍ من الأزمةِ، إلا أنه بات متأكداً من أن الأيام القادمة لا تحمل له الخير، ولا تبشره بما يحب، بل إنها تنذره بالأخطر، وتحذره من الأسوأ، وقد بدت ملامحها وظهرت نذرها، وفرح الخصوم بها واستبشروا، وحزن المريدون بسببها واغتموا، فما كان ينقصهم هذا التحدي الجديد، ولا كانوا يأملون هذه الأزمة الكبيرة، إذ كان يكفيهم ما يلاقي زعيمهم من أهوال المحكمة وشبح الاتهامات، التي كانت تنذر بسقوطه وتهدد بخسارة عرشه، ولكنه كان يخطط بذكاءٍ وحنكةٍ للنجاة منها، فهو سيد المسرح السياسي وثعلب الأحزاب التي لا تقوى على الخلاص منه.

لكنه اليوم بات في مواجهة الإدارة الأمريكية الديمقراطية الجديدة، وأصبح ملزماً بالتعامل المباشر مع الرئيس الذي أهانه عندما كان نائباً للرئيس، وأساء إليه وإلى رئيسه أوباما وتحداهما في عقر دارهما، وحرض عليهما وأوشى بهما، وتسبب لهما في أزماتٍ متكررة مع مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين، وعرضهما لغضب اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وتصرف في بلادهما كما أنه الابن المدلل وصاحب الكلمة الأولى التي لا ترد، فدخل بلادهما دون إذنٍ منهما، وجال فيها على فعالياتها ومؤسساتها دون أن يلتقي بهما أو أن يستأذن منهما، ولم يكترث بالحرج الذي تسبب به للإدارة الأمريكية التي لوى ذراعها واستخف بها.

يدرك نتنياهو عظم ما اقترفت يداه، وسوء ما قام به في الدورة الثانية لباراك أوباما ونائبه جوزيف بايدن، وقد أصبح وجهه مسوداً وهو كظيم، أيعتذر لهما وهو مهينٌ، أم يصر على سلوكه المشين في حقهما وهو لعينٌ، إذ ما كان يتوقع أن نائبه سيفوز، وسيسكن البيت الأبيض، وسيصبح سيد واشنطن ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وربما يبقى رئيساً لدورتين متتاليتين كرئيسه السابق، وهو الذي ظن أنهما سيرحلان دون أن يبدي أحدٌ على رحيلهما أسفٌ أو ندمٌ، ولكنه اليوم بات لزاماً عليه أن يواجه بايدن وجهاً لوجه، وهو يعلم مدى حنقه وحجم غضبه عليه، وليس أدل على ذلك من امتناعه عن الاتصال به أسوةً بغيره من قادة ورؤساء دول العالم وحلفائه الكبار، الذين سارع بالاتصال بهم والتنسيق معهم.

نتنياهو اليوم في وضعٍ لا يُحسدُ عليه، فهو في مأزقٍ حقيقي، وعليه أن يواجه الحقيقة بنفسه، فبعد أيامٍ قليلة سيخوض معركة الانتخابات البرلمانية الجديدة للمرة الرابعة على التوالي، وقد وطن نفسه على الفوز فيها بعد أن صرع خصمه وشريكه في الحكومة بيني غانتس، وعراه أمام جمهوره وجرده من مؤيديه، وجعل فوزه في الانتخابات متعذراً وعصياً، وكذا حال بقيه خصومه القدامى والجدد، فهو مطمئنٌ إلى هزيمتهم والانتصار عليهم، وسيحصل وحزبه وائتلافه اليميني على ما يمكنه من الفوز وتشكيل الحكومة.

لكن بايدن وإدارته الجديدة أداروا له ظهورهم، وانقلبوا على بعض ما وعدهم به الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث صرح وزير خارجيته الجديد أنتوني بلينكن عن تمسك الإدارة الأمريكية بحل الدولتين، وعزمها على إعادة دعم وتمويل السلطة الفلسطينية، وفتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، والدعوة إلى عقد مؤتمرٍ جديدٍ للسلام يؤسس لحل الدولتين ويؤكد عليه، بالإضافة إلى تأكيده على أن مسألة القدس متروكة للحل النهائي، ولا يحق لطرفٍ أن يقرر في مصيرها منفرداً.

يحاول نتنياهو صد الهجمة الأمريكية عليه، والدفاع عن نفسه، والرد على الإدارة الجديدة من نفس البوابة التي دخل فيها البيت الأمريكي متجاهلاً إدارته، فلجأ إلى نفس السلاح الذي استخدمه قديماً آملاً أن ينجح فيه مرةً أخرى، فأمر رئيس أركان جيشه برفع الصوت والتهديد، والتلويح بإمكانية استخدام القوة من طرفٍ واحدٍ، وطلب من بعض الكتاب والإعلاميين الذين يؤيدونه ويؤمنون به، التركيز على مخاطر سياسة إدارة بايدن فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وأنها سياسة تضر بهم وتهدد مستقبلهم، وتهدد السلم والأمن الدوليين، وتعرض مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية للخطر، وأن على إدارة بايدن أن تصغي إلى المخاوف الإسرائيلية وأن تتفهم دوافعها الموضوعية.

يدرك الإسرائيليون أن مرحلة الانتقام من نتنياهو قد أزفت، وأن الإدارة الأمريكية الجديدة لا تريده، ولا ترغب في أن يكون هو رئيس الحكومة الإسرائيلية القادم، مع التأكيد على أنها لا تتخلى عن الكيان الصهيوني، ولا تتحلل من التزاماتها تجاهه، ولا تتراجع عن ضماناتها التقليدية التاريخية له، بل ستستمر في دعمها وتأييدها وحمايتها لهم والدفاع عنهم، ولكنها لا تريد أن يستمر تعاونها مع كيانهم من خلال شخص نتنياهو، الذي يفضل مصالحه الخاصة على مصالح شعبه و"بلاده"، وكأنهم بهذا يدعون الناخب الإسرائيلي إلى استبداله والتصويت لغيره، وعدم التجديد له أو الثقة فيه، فهو يضر بالعلاقات التاريخية العميقة التي تربط بين الولايات المتحدة الأمريكية و"دولة إسرائيل"، فهل يسقط بايدن نتنياهو انتقاماً ويستبدله ثأراً، ويعلمه وغيره درساً.


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 متابع
    14/2/2021
    19:37
    علاقات اسرائيل بامريكا
    ليست المسألة مسألة اتصال هاتفي فهنالك تنسيق استخباراتي دائم موساد+ سي اي اي
  2. 2 عمار يحي
    22/2/2021
    17:21
    سقوط بن سلمان ونتنياهو الوشيك
    نحترم ونقدر المعلومات القيمة التي قدمها الكاتب ؛ واسمح لنا أن نضيف التالي: خلال فترة الانتخابات الامريكية تورط نتنياهو ومحمد بن سلمان بتقديم الاموال لشراء أصوات ناخبين امريكيين لصالح ترامب بهدف اكمال صفقة القرن. والعالم صغير ولانعتقد أن بايدن ليس على دراية بهكذا أمور خطيرة. لكن شبه لترامب ونتنياهو وبن سلمان الانتصار بالانتخابات وخاب فألهم؛ وهنا الطامة الكبرى حيث سيقطع بايدين رأسيهما بدون سكين أي بدبلوماسية وذلك بتفعيل القضاء وعزل بن سلمان عن ولاية العهد؛ واسقاط ناعم لنتنياهو في الانتخابات الاسرائيلية بحيث يستطيع بايدن مع ادارتين جديدتين متابعة الاستراتيجية الامريكية الجديدة في الشرق الاوسط.
  3. 3 محمود
    24/2/2021
    04:32
    لا
    استاذ ليت ما ورد في المقال صحيح! والقضية ليست قضية اشخاص، اعني قضية العلاقة بين الولايات والكيان الصهيوني. وليس المهم ان بسقط النتن ياه او لم يسقط فسياسة اميركا تجاه اسراءيل لن تتغير. اما الادارة فلن تفعل وهي لا تستطيع شيءا، في الاصل، يغيظ اسراءيل.ام اشقاءنا السعوديون فيستمرون في دور البقرة ويتقبلونه. بل يعشقونه، ودليل عشقهم بان يكونوا بقرة تمسكهم بطرمب حالبهم وراعيهم. والبقرة الحلوب تتءالم من حدرتها ان لم تحلب.ولماذا تنزعج ادارة بايضن من مصدر مءامون للحليب؟ اميركا ايضا بقرة فلن تغامر بعليقها. اما الخشقجي فقد ذهب كالشخاخة بالرجمة
  4. 4 ام عبدو من حلب
    26/2/2021
    12:48
    بالنهاية : يصبح البطل مملا
    ليس نتنياهو أذكى من اولمرت الذي انتهى به الامر الى السجن... نتنياهو مهما خبط ولبط ... سينتهي به الأمر الى السجن..... لقد أصبح نتنياهو مملا .... حتى ولو أيده عربان الخليج نذكر بما قالته غولدا مائير يوم كانت رئيسة لوزراء اسرائيل : لا تتصالحوا مع العرب مستقبلا ... وان فعلتم لاتذكروني في التاريخ الأسرائيلي.
  5. 5 سيف الدين
    28/2/2021
    22:19
    لمحمود
    عبارة بقرة حلوب جميلة وتناسب محمد بن سلمان يللي فضحه اسامة فوزي حول تنشق الكوكايين وعرض ذلك على فيلم فيديو يثبت ذلك. برافو استاذ محمود
  6. 6 محمود
    1/3/2021
    21:55
    غصة
    والله يا ام عبده، بعد السلام،ان ذهب النتن ياه للسجن ام لم يذهب فذلك ليس مهما المهم هو على يد من يذهب؟ ما زالت نهاية شارون بالقلب غصة، ذهب ولم نستطع محاسبته وكذلك هذا المجرم اللعين. واذا صحت روايتك عن غولدا فهذا لانهم يعرفون انهم يعيشون على الدماء ومتى توقفت الدماء فبهذا نهايتهم. لم يمر في التاريخ مجرمون كالصهاينة ولم يكن في التاريخ من واجههم بهذا الكم من الجهل والضحالة كعرب العصر الصهيوني هذا تبا لهم عمالقة بين اقزام ..هم اقزام ايضا. الصحراء الفكرية والتقنية في عقولنا كصحراءنا قليلة الخضار والانتاج...اذا لم نركز جهودنا في صناعة الاجيال القادمة انتهينا
  7. 7 أم عبدو من حلب
    5/3/2021
    07:29
    من مقال للكاتب رفعت البدوي
    حوار مع نتنياهو السؤال الأول: هل إقبال العرب على السلام مع إسرائيل هو نتيجة الاقتناع بجدوى السلام أم إنه نتيجة ضعف؟ الجواب الإسرائيلي: إن سلام العرب معنا هو اعتراف بقوتنا الإستراتيجية ونتيجة خوفهم وضعفهم وليس عن اقتناع. السؤال الثاني: هل ترون إمكانية نشوب حرب بين العرب وإسرائيل إذا ما استعادوا قوتهم بغض النظر عن أي اتفاقيات مبرمة بيننا؟ الجواب الإسرائيلي: العرب سبق لهم وقبلوا بعقد اتفاقات مع الروم والفرس والصليبيين وهادنوا العثمانيين لكن العرب لا أمان لهم . السؤال الثالث: إذا كان الأمر كما ورد في السؤال الثاني فما هو الحل وكيف لنا ضمان بقاء إسرائيل وأمنها؟ الجواب: ضرورة العمل وبكل الوسائل المتاحة لإبقاء العرب في حالة إنهاك لضمان استمرار ضعفهم الدائم. بدو الخليج يجمعهم الطبل وتفرقهم العصا

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا