الصين تحتفل بمئويتها الشيوعية الأولى ورئيسها يتحدى أمريكا ويحذرها بالدم..بقلم عبد الباري عطوان

الخميس, 1 تموز 2021 الساعة 19:48 | مواقف واراء, زوايا

الصين تحتفل بمئويتها الشيوعية الأولى ورئيسها يتحدى أمريكا ويحذرها بالدم..بقلم عبد الباري عطوان

جهينة نيوز:

كان الرئيس الصيني تشي جينغبنغ يتحدث في خطابه بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي كرئيس دولة عظمى باتت على قرب قوسين او ادنى من التربع على زعامة العالم، حيث وجه تحذيرات صارمة الى الولايات المتحدة التي تحشد الدول الغربية تحت قيادتها لمواجهة بلاده “بانه لن يسمح لاي قوة اجنبية ان ترهب او تقمع وان تستبعد الشعب الصيني بعد اليوم”.

الخطاب الذي جاء في مناسبة سنوية تقليدية لم يكن تقليديا على الاطلاق، وينتقل صاحبه من الدفاع الى الهجوم، ولعله جاء ردا على جولة الرئيس الأمريكي جو بايدن الأوروبية الأسبوع الماضي التي كان هدفها الأول ترميم “العالم الغربي” وإعادة تجديد مفاصله الرئيسية وتوحيده في مواجهة القوة العالمية الصاعدة بسرعة الضوء، أي الصين.

كان الرئيس الصيني في ذروة الصدق والتحدي في الوقت نفسه عندما قال “نقلنا الصين من مستعمرة مهانة الى قوة عظمى، وانهينا زمن التنمر علينا، وانتشلنا مئات الملايين من الفقر، والدولة القوية يجب ان تملك جيشا قويا يضمن امنها، وتعهد باستعادة تايوان بالقوة واعادتها الى حضن الدولة الام”.

***

التجربة الصينية تستحق الدراسة، مثلما تستحق ان تكون قدوة لنا كعرب أيضا، فقبل مئة عام تقريبا جرى توقيع اتفاقات “سايكس بيكو” التي قسمت العرب، ووضعتهم تحت الاستعمارين الفرنسي البريطاني، وكانت الصين في ذلك الوقت متخلفة ومقسمة، والفارق واضح بين ما آل اليه الحالان العربي والصيني، مع التذكير بأن الامة العربية على عكس الصين امتلكت ثروة نفطية ضخمة ضخت تريليونات الدولارات على خزائنها تبخرت في الترف والفساد، وما زالت معظم شعوبها تحت خط الفقر والفاقة.

القيادة الصينية طورت الفكر الشيوعي واخرجته من الكثير من سلبياته، واخذت من الرأسمالية الغربية افضل جوانبها الاقتصادية والتكنولوجية، والآن باتت تنافسها في عقر دارها، وتتفوق عليها، وتهدد هيمنتها العالمية، وتضع برنامجا استراتيجيا لتوحيد المشرق، وتشكيل تحالف عسكري مشترك مع روسيا وكوريا الشمالية وايران، وربما باكستان وكل من يريد الانعتاق من الاذلال الغربي.

بعض العرب الذين ما زالوا يعيشون فكريا في زمن الحرب الباردة، والدعايات الامريكية المضادة للشيوعية، ويستمتعون بالإهانات الامريكية واحتلالاتها للعرب ونهب ثرواتهم، يشحذون السنتهم للتعبئة ضد الصين، واختلاق الاعذار لتبرير مواقفهم هذه، حتى لكأن أمريكا، والمعسكر الغربي الذي تتزعمه تتعاطى معهم بإحترام، ولم تنهب ثرواتهم، وتفتت بلادهم وتغرق المنطقة بحروب متواصلة لإضعافهم لمصلحة الكيان الإسرائيلي.

لا نجادل مطلقا في ان السلطات الصينية استخدمت سياسة القبضة الحديدية ضد اقلية الايغور الإسلامية في شرقها، وقمعت بالقوة كل النزعات الاستقلالية في مناطقها، وهذا ليس مبررا، ويستحق الإدانة، ولكن هل تتعاطى “الديمقراطيات” العربية مع معارضيها وانفصالييها بالرحمة والحنية والتسامح؟

معظم الحكومات العربية تتعامل مع الصين تجاريا وسياسيا وربما عسكريا في المستقبل دون أي التفات لمحنة اقلية الايغور الإسلامية، ووصل الامر بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحكومته الى تسليم بعض رموز المعارضة الايغورية الى الحكومة الصينية، والصمت كليا على اضطهادها لهذه الاقلية التركمانية الاصل والثقافة والولاء.

نحن لا نقول ان الصين افضل من أمريكا، ولكنها قطعا ليست أسوأ، والرئيس الصيني كان واضحا ودقيقا عندما قال في الخطاب نفسه “لم نتنمر على احد، ولم نضطهد أي شعب آخر، ولهذا لن نقبل محاضرات من احد في قضايا حقوق الانسان، ومن يتنمر علينا سيواجه حائطا صلبا من 1,4 مليار صيني، وسنتصدى له بالدماء”، والقصد هنا أمريكا والدول الاستعمارية الأوروبية ذات التاريخ الأسود في هذا المضمار.

***

نعم.. نحن نقف في خندق الحلف الرباعي الصيني الروسي الكوري الشمالي الإيراني الجديد، ونتمنى لقاعدته ان تتسع وتضم دولا عربية واسلامية أخرى، فيكفينا مئة عام من الهوان والذل على ايدي المعسكر الغربي المقابل الذي لم ينالنا منه غير الديكتاتوريات والاحتلال والقمع والمؤامرة وسرقة ثرواتنا وكراماتنا، وما زال هناك من يصفق له، وينظم القصائد تغنيا بمثالبه، ومدحا لانجازاته في دعم اعدائنا، ومحتلي أراضينا ومقدساتنا.

مرة أخرى نقول علينا ان نقتدي بالتجربة الصينية ودروس تجربتها البليغة، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا لعلنا نبلور مشروعا عربيا نهضويا في المئة عام المقبلة، ونأمل ان يكون تفاؤلنا في محله.


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا