جهينة نيوز
في زمن الزلازل الجيولوجية والسياسية والعسكرية والإقتصادية والثقافية الإجتماعية ، والتي تسببت بهز استقرار غالبية دول العالم , تُخرج الإدارة الأمريكية كل ما في جعبتها من وحشية وكراهية وشراسة في مواجهة من تصفنهم أعدائها , على حساب إثبات إنسانيتها المشكوك فيها أصلاً , ووسط من إكتشف مؤخراً أو منذ أمدٍ بعيد , أصابعها الخفية ووقوفها وراء عشرات الزلازل السياسية والعسكرية والإقتصادية.
فجّر الصحفي الأمريكي سيمورهيرش زلزالاً جديداً , وجه من خلاله الإتهام مباشرةً إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإدارتها الحالية بتفجير أنابيب نورد ستريم 1و2 في بحر البليق العام الماضي , وفضح في تقريرٍ أصدره مؤخراً , اّلية حدوث وتنفيذ تلك التفجيرات التخريبية , التي امتدت تداعياتها من روسيا إلى تركيا إلى كافة دول المرور والتزود بالغاز الروسي , وقد تزامن صدور تقرير هيرش مع وقوع الزلزال المدمر الذي ضرب كل من سورية وتركيا فجر السادس من فبراير/شباط الحالي , الأمر الذي يثير التساؤلات حول احتمالية وجود نوايا "لزلزالٍ " أمريكي إرهابي لإستهداف غير خطوط وأنابيب , وقد يكون على رأسها استهداف السيل التركي بخطيه ترك ستريم وبلو ستريم .
تقرير هيرش أحرج الإدارة الأمريكية وأجبرها على التحرك , فسارعت بالأمس وزارة الخارجية الأمريكية لإصدار بيانٍ نفت من خلاله علاقتها بالحادث , في حين امتنع المتحدث بإسم وزارة الخارجية الصينية "وانغ وين بين" عن توجيه الإتهامات بشكلٍ مباشر للولايات المتحدة وتورطها في التخريب ، لكنه لفت الانتباه صمت كبريات وسائل الإعلام الغربية التعليق على تقرير هيرش وتفاصيل المخطط التي أوردها فيه , ودعا وانغ إلى إجراء تحقيق موضوعي , فيما وصفت موسكو التفجير بأنه "عمل إرهابي دولي".
بالنسبة إلى تركيا , وفي ظل العلاقات التركية الأمريكية المتوترة , وعشرات الخلافات المعقدة العالقة , وعدم الترحيب الأمريكي بإستقلال القرار التركي المتنامي , وتأثير التقارب التركي الروسي المتزايد على ذلك , بالإضافة إلى الهدية التي قدمها الرئيس بوتين إلى تركيا بتحويلها إلى مركزٍ دولي للغاز , وفي ظل تقرير هيرش , واتجاه الأنظار إليها على أنها المشتبه به الأول في تفجيرات أنابيب نورد ستريم , وهو خط أنابيب الغاز الوحيد الذي لا يزال الغاز الروسي يمر من خلاله "يدخل أوروبا".
وكذلك استهداف إيصال الوقود الأزرق الروسي إلى أوروبا الغربية , ترتفع المخاوف التركية والروسية , من فعل أمريكي مشابه , في ظل التصعيد العسكري الأمريكي وحلف الناتو والإتحاد الأوروبي لمواجهة روسيا عبر الساحة الأوكرانية , الأمر الذي قد يشكل حاجةً أمريكية – غربية للنيل من موسكو ولمعاقبة أنقرة .
بالتوازي مع تصاعد بعض الأصوات الأمريكية الداخلية المؤيدة لطلب جون بولتون بطرد تركيا من الناتو , وخروج أصواتٍ أمريكية بالمقابل تدعم وصف جيفري يانغ , مرشح الحزب الديمقراطي لتولي منصب حاكم ولاية كنتاكي ، للرئيس بايدن , ومستشار الأمن القومي سوليفان , ووزير الخارجية بلينكن , ووزيرالدفاع أوستن , ونائبة وزير الخارجية فكتوريا نولاند ، بأنهم :"مجرموا حرب ، ويجب إقالتهم و محاكمتهم".
من جهةٍ أخرى تدرك تركيا أن أهمية أوكرانيا بالنسبة للولايات المتحدة , والتي تتجاوز كافة الأيام السعيدة التي مرت وتلك التي قد تأتي لاحقاً بين واشنطن وأنقرة , من خلال المصلحة المشتركة القديمة والتي لا زالت مستمرة , بين كييف وواشنطن لتعطيل أو تبطيىء حجم التدفق عبر الخطوط التركية , وهذا بحد ذاته قد يشكل هاجساً تركياً من تكرار إرهابيي نظام كييف محاولة تفجير خط الأنابيب المؤدية إلى تركيا , في نوفمبر/تشرين2 العام الماضي.
وفي ظل أزمة الطاقة التي تعاني منها دول العالم , بات من الواضح أن الإستغلال الأمريكي للعنوان الأوكراني , يستهدف شن الحرب على روسيا , وأوروبا أيضاً وحرمان دولها من الغاز الروسي , وزيادة إعتمادهم على الغاز الأمريكي وبسعر يعادل أربع مرات سعر الغاز الروسي.
على الرغم من اختلاف طبيعة وأعماق بحر البلطيق عن البحر الأسود , لا يمكن استبعاد حدوث أي عملٍ إرهابي مماثل لما تعرضت له أنابيب نورد ستريم , وقد تكون أنابيب السيل التركي هدفاً على لائحة التخريب الإرهابي الدولي المنظم , خصوصاً وأن الولايات المتحدة تحاول قطع كافة خطوط الغاز الروسي المتجهة نحو أوروبا.