عقدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري اليوم، جلسة حوارية ضمن مسار الحوار الوطني مع أبناء محافظة ريف دمشق، في المركز الثقافي العربي بكفرسوسة في دمشق، بمشاركة نحو 188 شخصاً من كل مكونات المجتمع الأهلي في ريف دمشق.
وتركزت مناقشات الجلسة حول العدالة الانتقالية، وصياغة دستور جديد، وإصلاح وبناء المؤسسات الحكومية ومحاسبة الفاسدين فيها، وقضايا الحريات الشخصية والعامة، واحترام الأديان، ودور المنظمات المجتمعية والدولية في مرحلة إعادة الإعمار، وتحديد المبادئ الاقتصادية العامة في المرحلة المقبلة، وضرورة محاسبة من تلطخت أيديهم بالدماء.
وأشار رئيس اللجنة التحضيرية ماهر علوش في كلمة له خلال افتتاح الجلسة، إلى أن أهمية المؤتمر تكمن في أن السوريين لم يتحاوروا فيما بينهم منذ 75 عاماً كما اليوم، ولم تكن لهم أي مشاركة سياسية في بناء بلدهم، وأن مؤتمر النصر كان مجرد بداية أو حجر أساس انطلقنا منه.
وبين علوش أن المؤتمر سيتناول 6 محاور، هي العدالة الانتقالية بالنظر إليها كركيزة لرد الحقوق ومحاسبة المتورطين في تعذيب الشعب السوري وتحقيق التصالح المجتمعي والسلم الأهلي، وكتابة الدستور الذي يعبر عن تطلعات السوريين، وإصلاح المؤسسات لتعزيز كفاءة الحكومة وأجهزة الدولة، وقضايا الحريات الشخصية والعامة والحياة السياسية، وضمان دور لمنظمات المجتمع المدني في بناء وتأسيس المرحلة الانتقالية، والمبادئ الاقتصادية العامة التي ينبغي أن يكون عليها الشكل في سوريا.
وأكد الحضور في مداخلاتهم على وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية، وتحقيق العدالة الانتقالية كركيزة أساسية لرد الحقوق ومحاسبة المتورطين وتحقيق التسامح المجتمعي والسلم الأهلي بعيداً عن الانتقامية والثأرية، والتحرر من كل أشكال النفوذ والوصاية والاحتلال الأجنبي، وضرورة الانتقال من فكر الثورة إلى فكر الدولة، والاستفادة من التجارب الانتقالية الناجحة في عدد من الدول، وتشكيل هيئة للعدالة الانتقالية.
وطالبوا بتحقيق العدالة والمساواة بالحقوق والواجبات، وجبر الضرر جراء حرب النظام البائد، من خلال إنشاء صناديق للتعويضات لتحديد الاحتياجات الأكثر تضرراً، والتحقيق مع من ارتكبوا الانتهاكات الجسيمة والممنهجة على المستوى الدولي والمحلي، ومعاقبة من ارتكبها في سوريا، وتشكيل لجان للتحقيق وكشف الانتهاكات وتخليد ذكرى ضحاياها، ومناقشة وضع المعتقلين الذي آلوا إليه، ومعرفة أين المفقودين والجثامين وتسليمها لذويها.
كما أكد عدد من الحضور على ضرورة عدم تسييس ملف العدالة الانتقالية، وعدم السماح باستخدام دماء الشهداء للضغط على طرف ثالث، وإعادة المفقودين والأسرى والاعتراف بالمقابر الجماعية، وتعويض أهالي شهداء الثورة، وضرورة التواصل مع المهجّرين السوريين في لبنان وإشراكهم في المؤتمر، ومع المغتربين السوريين الذين يتجاوز عددهم 10 ملايين سوري وعدم تهميشهم أو إقصائهم.
وتحدث الحضور عن أهمية إعادة هيكلة مؤسسات الدولة باختيار الأكفاء وأصحاب الاختصاص والخبرة، بعيداً عن الواسطات والمحسوبيات التي كانت سائدة في عهد النظام البائد، وإعادة هيكلة العملية التعليمية واتباع الأساليب الحديثة وإدخال الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي فيها، وبناء مدارس جديدة وتغيير المناهج المدرسية لما يخدم المجتمع والدولة، والعمل على تعزيز حرية التعبير والصحافة، من خلال وضع قوانين جديدة تخدم وتحمي الإعلام ليواكب وينافس الإعلام الخارجي، والتأكيد على دور المرأة كونها كانت شريكة الرجل في الثورة، اعتماداً على الكفاءة.
ودعا عدد من الحضور إلى تحرير الأجزاء المحتلة من الأراضي السورية، ووضع رؤية لآلية إعادة إعمار المناطق المدمرة بالتوجه نحو اللامركزية من أجل تعطيل البيروقراطية وتفعيل المحاسبة، وإعادة هيكلة الجيش والأمن وعدم تدخله في السياسة، وتجريم الإشادة بفكر البعث والرواية الأسدية سلوكاً ونهجاً، وتحقيق الأمن والأمان بعيداً عن الثأر والانتقام، مؤكدين أن نجاح الإدارة الجديدة على المستوى الداخلي والخارجي يكون عبر متابعة إنجازات الثورة وبناء الثقة بين الدولة والمجتمع.
المشاركون أشاروا إلى ضرورة تحسين الأوضاع الاقتصادية، وتفعيل مبدأ فصل السلطات، وتشكيل عقد اجتماعي من مختلف مكونات المجتمع، وتجنب اللون الواحد والمحاصصة الطائفية، وتشكيل حكومة شمولية بعيدة عنها، وضمان حرية العبادة لكل الطوائف، واحترام الحرية الشخصية وإعادة المفصولين إلى أعمالهم، مؤكدين على أهمية تكاتف الشعب السوري لبناء سوريا الجديدة.