جهينة نيوز
افتتح كل من الفنانين التشكيليين الشباب مهند عرابي وأسامة دياب ونهاد الترك وقيس سلمان مساء أمس معرضهم الفني المشترك في غاليري أيام بدمشق حيث تظهر لوحات الفنانين الأربعة مدى التداخل بين السياسة والفن ومجمل التطورات التي يشهدها العالم ويعكس المعرض أثر تفاعل الفنان السوري مع الاهتزازات التي أصابت المنطقة وشمال إفريقيا كما تظهر الأعمال خصوصيات الفنانين في التعامل مع الفكرة واللون وتقنيات التشكيل المختلفة.
وقال الفنان التشكيلي الشاب قيس سلمان إن عملي اليوم على مقترحاتي الفنية في اللوحة التشكيلية نابع من مناصبة العداء التام لأي توجه عنفي داخل المجتمع السوري الواحد الذي لطالما كان بجميع مشاربه وانتماءاته جسدا واحدا لا تتخلله مرايا الفرقة أيا كان نوعها أو شعارها.
وأوضح سلمان أن استخدامه للمرآة في لوحاته الفنية نابع من رغبة ملحة لديه لإشراك المتلقي في صياغة العمل الإبداعي وتحفيزه لتحديد موقعه مما يجري اليوم في مجتمعه وفق رؤية تشاركية تتيح لجمهور اللوحة التشكيلية الوصول إلى مساهمة جدية في صياغة مفردات العمل الفني وقراءته ضمن ثقافة الجميع ولذلك عمدت لإضافة المرآة في جسد أعمالي الفنية كي يشارك المتلقي فعليا في رؤية نفسه ولكن بين شخوصي التي أرسمها على سطح اللوحة التشكيلية.
وقال الفنان السوري الشاب إنه لجأ إلى اللون الأسود وتدرجاته في لوحاته لعكس حالات متباينة من تحولات الكائن الإنساني من الجميل المسالم إلى القبيح المتوحش بغية تشريح الحالة الدرامية الموجودة في عناصر اللوحة ولاسيما في اللجوء إلى عناصر السكين والجنزير كزركشة نسائية حملتها تقلبات إنسانية عميقة تعكس ثقافة دخيلة على مجتمعنا السوري الرافض بطبعه لثقافة الموت والضغينة تحت أي عنوان كان وتحت دعوات خارجية تجعل من الموت موضة الأجيال القادمة.
ويركز الفنان سلمان في مشروعه الفني الجديد على رفض مقترحات الخارج والتشكيك بنواياه التي لطالما انضوت على التظاهر بحماية حقوق الإنسان والعدل والدفاع عنها فيما هو يعمل ليلا نهارا على التخفي تحت هذه القيم الإنسانية النبيلة للنفاذ إلى مجتمعاتنا العربية التي تستقبل ما يصدره الخارج لها على هيئة عروض أزياء براقة فيما تكون هذه العروض ما هي إلا دعوة للهيمنة ومطاردة المصالح الغربية في أوطاننا.
بدوره قال الفنان أسامة دياب انه لجأ في لوحاته إلى توظيف شخصية ميكي ماوس المشهورة في أفلام والت ديزني الأمريكية للتدليل على مآرب وسائل الإعلام الأمريكية التي كانت ومازالت تعامل المجتمعات العربية بصفتها مجتمعات أطفال سذج ولا علاقة لها بالحضارة ولذلك قمت بتكريس هذا الرمز الأمريكي لترميز الدور الذي مارسته الولايات المتحدة الأمريكية في نمذجة المجتمعات العربية وجعلها مجرد لعبة في يد الشركات متعددة الجنسية لعكس مفارقات عدة في الخطاب الأمريكي الذي ما انفك يصر على حق الكيان الإسرائيلي في اغتصاب الحقوق العربية.
وبين دياب أن شغله على سطح اللوحة باستخدام ورق الجدران ومعالجته على خلفية قماشية جاء من رغبته لعكس روح العصر الذي صاغ له أعماله الفنية دون التعويل على فكرة الموضة السائدة بل بتحرير أكبر قدر ممكن من المادة المصنعة كي تظهر مدى التطابق بين وجوه الأطفال في اللوحة من جهة وقدرة هذه الوجوه على عكس متانة الموضوعات المطروحة من غير التركيز على الميكي ماوس الأمريكي كرمز بل كفضاء ساخر من الميديا الأمريكية الجديدة.
واعتمد الفنان مهند عرابي على صياغة لوحاته بطريقة خاصة تعتمد على التأسيس لنمط فني مغاير في التعاطي مع هذا النمط التشكيلي فرغم أن براءة الطفولة هي السمة الأساسية التي تجمع بين لوحاته الثلاث إلا أنه يعالجها بطرق مختلفة ففي إحداها يغلب اللون الرمادي الممتزج مع الأحمر وفي الأخرى الأصفر مع أوراق الشجر أما الثالثة فملونة بزرقة البحر وبياض أمواجه.
ويخرج هذا الفنان من لوحته بمعنى أنه يصبح متلقٍ عادٍ لها إذ إنه لا يعرف السبب وراء استخدام هذا اللون بالتحديد أو ذاك التكوين بالذات بل إنه يصر على أن المنتج الفني يخرج من صاحبه بمجرد عرضه أمام الجمهور لكنه في الوقت ذاته يقر بأهمية اكتمال الدائرة التي تصل الفنان بمنتجه بمتلقي ذاك المنتج.
ويلفت عرابي إلى أن الحالة الانفعالية التي يعيشها سواء داخل مرسمه أو خارجه هي من يوجهه في تحديد معالم لوحاته والألوان التي يستعملها في تغطية بياض اللوحة وترسيخ أركانها على صعيد التكوينات وما تتركه من إيحاءات مختلفة لدى المتلقي مبينا أن العلاقة بين عيون شخوصه وعين المتابع لأعماله هي الأساس وما تتركه عنده من تساؤلات مختلفة هي الركيزة التي يعتبرها مفتاح النجاح في أعماله.
أما على صعيد التضاد اللوني بين الحار والبارد وبين خلفيات اللوحات والتكوينات الأمامية فيلخص رؤيته لها بأنها تبدلات تفرضها حالته النفسية أثناء الرسم دون أي تصميم مسبق على استخدام الألوان إذ أنه يتعامل مع اللون بحساسية لاواعية