جهينة نيوز – علي محمود سليمان:
يحل يوم غد العيد العالمي غير المعترف به لـ "الكذب".. هذا الطقس الذي داوم البشر على الاحتفال به منذ العام 1582 وحتى الآن، عبر اختلاق الكذبات "البيضاء" في صباح اليوم الأول من شهر نيسان من كل عام بداعي المداعبة والمزاح، فيما تتخذ في بعض الأحيان طابع الإزعاج والأذى عندما يبتكر البعض كذبة "ثقيلة دم".
وما أن تمر الكذبة وتترك فعلها على الطرف الآخر، حتى يبادر الكاذب إلى تلوينها بالأبيض ويقول قبل أن "ينشف دم السامع": "تعيش وتأكل غيرها" كذبة أول نيسان.. ويتبعها بضحكة طويلة.
السوريون يتوزعون بين مناصر لهذا العيد لما يراه فيه من مناسبة للمقالب التي يفبركونها مع الأهل والأصدقاء، فيما آخرون يرفضونه لاعتبارات الأذى التي صادفوها أو سمعوا عنها من أحاديث الناس.
لا يوجد كذب أبيض أو غيره
"ي.س" التي تعمل موظفة في في تقول " الكذب كذب لا يوجد كذب ملون ... أبيض أو أسود أو أحمر ولا أحب هذا اليوم لكثرة ما شاهدت من استخدام سيء لمعنى هذا اليوم وتحويله إلى مناسبة لأذية الغير بإطلاق أكاذيب مزعجة ومؤذية، وبالنسبة للقرارات فقد تعودنا أن تفاجئنا حكومتنا دائماً بقرارات تحتاج إلى الكثير من الشرح والتفسير حتى تفهم، فأتمنى أن تعتمد الحكومة هذا اليوم في إصدار مثل هذه القرارات لنستطيع هضمها قليلاً ".
صدفة مؤلمة
أما م.أ الطالبة الجامعية فتقول "في حادثة مؤسفة جرت في قريتي توفي زوجان بحادث سير على دراجة نارية، وكان اليوم هو الأول من نيسان، وهنا كانت المصيبة فكل من حاول أن يخبر أولادهم بأن والديهم في المستشفى بين الحياة والموت كان يفاجئ برد فعل الأبناء باعتبارهم الخبر هو كذبة أول نيسان، ومن ذلك التاريخ ما عدت أحب الأول من نيسان، وأتمنى من إدارة الجامعة أن تعتبر الموعد الرسمي لإصدار القرارات الغريبة العجيبة التي تصدر عنها هو الأول من نيسان".
اعترفت لزوجتي بحبي يومها
أما رامي أحمد "مهندس زراعي" قال "عندما كنت طالباً في كلية الزراعة أعجبت بإحدى الزميلات وقررت أن أخبرها بإعجابي ولخوفي من ردة فعلها، فضلت أن أرسل صديقة لي لتخبرها عني وهنا كان الموقف الغريب فعندما أخبرتها صديقتي تفاجأت بجوابها ( تمزحين كذبة أول نيسان) وفعلاً صادف يومها الأول من نيسان، ولم تصدق حتى نادتني صديقتي لأؤكد لها بأني معجب بها فعلاً، والحمد لله كان ردها إيجابياً وهي الآن زوجتي، وبما أني موظف ومتزوج فأتمنى على الحكومة لو أنها تلغي قرارها بدعم المازوت بطريقة الشيكات وتعتبر الأول من نيسان موعد رسمي لإصدار مثل هكذا قرارات ".
حبذا لو تصدر القرارات الحكومية في هذا اليوم
عمار يعمل موظفاً ويحب المزاح كثيراً ولديه طرق وأساليب غريبة في تنفيذ حيله وهذه إحداها، يقول عمار "أخذت من صديقي جهازه الخليوي واتصلت منه بأخيه وهو في عمله وقلت له بأني وجدت الجهاز في إحدى الحدائق ولا أعرف صاحبه، ووجدت رقمك في أخر مكالمة ولذلك اتصلت بك لأسألك عن صاحب الجهاز، فقال لي (هذا الجهاز لأخي أرجوك أن تعيد الجهاز وسأكرمك) قلت له لا مشكلة لدي ولكن أين ألاقيك واتفقنا على اللقاء بإحدى المقاهي في دمشق، وفعلاً ترك عمله وأتجه إلى المقهى وكانت المفاجأة له عندما أتصل به أخوه ليخبره بأنه أكل المقلب، وأقول بصراحة أن أفضل وقت لتصدر فيه المؤسسات الحكومية وغيرها قراراتها التي تمطرنا بها بدون رحمة هو الأول من نيسان، لنتمكن من استيعابها بعد أن نعتبرها كذبة".
أحب المزاح
أما "رنا قاسم" الفتاة التي أجبرت على ترك المدرسة بعد حصولها على الشهادة الإعدادية نتيجة لظروف عائلية تقول" لم أتعرض لكذبة تزعجني كثيراً فأغلبها كانت مقبولة، وأحب أن امزح في ذلك اليوم ولكن بطريقة لا أزعج فيها أحد، وأما بالنسبة للقرارات فأتمنى لو أن وزارة التربية أعلنت عن إلغائها السماح للمعاهد الخاصة بتدريس البكالوريا في الأول من نيسان لنعتبرها مزحة من الوزارة، فهذا القرار سبب الضرر لعدد كبير من الطلاب الذين لا يستطيعون دفع رسوم المدارس الخاصة نظراً لتكلفتها المرتفعة، ويتجهون إلى هذه المعاهد الخاصة ليكملوا تعليمهم ويفضلونها لأن رسومها أقل من المدارس الخاصة، ولكن بهذا القرار أصبحنا تائهين.
كذبة نيسان في التاريخ
ولكن إذا حاولنا أن نقرب الصورة إلينا أكثر لمعرفة تاريخ هذه البدعة أو المناسبة، بما أن البعض يعتبرها عيداً للكذب، فإننا سنجد بين صفحات التاريخ أكثر من حادثة يمكن أخذها على أنها الأصل في هذه المناسبة، ولكن يبدو أن الحادثة التي أعتبرها غالبية المؤرخون هي الأصل تعود لعام 1582، وتقول القصة انه في عام 1562 قدم البابا غريغوريوس التقويم الجديد لمسيحي العالم( التقويم المتبع الآن ومقترن باسمه الغريغوري) ، وفي عام 1582 أصبحت فرنسا أول دولة في العالم تعتمد هذا التقويم بدلاً من التقويم الجولياني وكان ذلك في عهد الملك تشارلز التاسع، وهذا التغير يعني انتقال الاحتفال برأس السنة من الأول من نيسان إلى الأول من كانون الثاني، بما أنه وحسب التقويم الجولياني الذي كان يعتمد في وقتها فإن الاحتفال برأس السنة الجديدة يدوم على مدى ثمانية أيام من يوم 25 آذار إلى يوم 1 نيسان حيث ذروة الاحتفال فيه.
ونتيجة لبدائية الاتصالات في ذلك الزمان وبطئها في الوصول في الوقت المناسب فأغلبها كان يتم على الأرجل أو الخيل، وبالتالي كان وصولها متأخراً إلى نسبة كبيرة من الناس، يدفعهم لعدم التصديق وهذا ما حدث مع المتعصبين للتقويم القديم برفضهم لتغيير تاريخ الاحتفال واستمرارهم بالاحتفال في الأول من نيسان، وهذا ما دفع غالبية الناس إلى اعتبارهم حمقى ومدعاة للسخرية وإطلاق النكات عليهم في الأول من نيسان.
وكما يحصل دائماً في التاريخ فقد تناقلت الشعوب هذه العادة وأصبحت من المناسبات التي ينتظرها الناس بفارغ الصبر ليبدأو بتنفيذ مخططاتهم في إطلاق الكذب " الأبيض".