جهينة نيوز – علي محمود سليمان:
لا يسع المرء وهو يتابع حادث دهس أحد المواطنين على أوتستراد المزة مقابل مشفى الرازي مؤخراً، سوى أن يستعيد مقولات القتل المجاني التي لم تنقطع في تناولها لضحايا الحوادث المرورية.
الحادث، ساهمت فيه مجموعة من الأخطاء المرورية التي أودت بحياة مواطن في الخمسين من عمره.. ومع رحيله تغيرت حياة عائلة لا نعرفها، إلا أننا نستطيع أن نتخيل مصابها.
فأين المشكلة.. وكيف تسلسلت الأخطاء حتى أوصلتنا إلى فتحة مرورية تفصل بين طريقي الأوتستراد، تتسبب في معدلات وسطية بحادثي دهس أسبوعياً على ما يقول أصحاب مهن يتواجدون في تلك المنطقة على مدار الساعة.
تسلسل منطقي!!
تكرمت إدارة المرور منذ أشهر بإزالة إشارة المرور المنصوبة أمام مشفى الرازي على اتوستراد المزة ونقلتها إلى الأمام باتجاه طريق بيروت لمسافة ليست بالطويلة إلا أنها كانت كافية لتغيير عادات المارة وما يعنيه ذلك من تهديد لسلامتهم بعدما انتقل ممر المشاة "مع إشارة المرور" إلى مكان يمكن وصفه بالـ "لا عملي" لبعده عن المراكز الحيوية التي عادة ما تستقطب المواطنين إليه "مشفى، مراكز خدمة لشركات الخليوي، شوارع تؤدي إلى حيين شعبيين في تلك المنطقة".
هذا الواقع تسبب بدوره في استصعاب بعض المارة قطع المسافة إلى ممر المشاة البعيد نسبياً، في الوقت الذي يمكنهم فيه قطع الشارع من خلال فتحة تركتها المحافظة والمرور كـ "صلوة شر".. وهنا بالطبع يمكننا توقع النتيجة!!.
فنتيجة لبعد نفق وممر المشاة "الموجودين أمام مدرسة ابن زيدون حالياً" البعيدين بمسافة طويلة نسبياً عن محور الحركة في المنطقة، دفعا بغالبية العابرين إلى طرفي الأوتستراد سواء سكان المنطقة أو الطلاب أو موظفي الشركات المتواجدة على طرفي الاتوستراد، إلى المجازفة والمخاطرة بحياتهم وعبور الاتوستراد من خلال فتحة في المنصف والمناورة بين السيارات التي تصاعدت سرعتها بعدما علم السائقون بأن كاميرا المراقبة في تلك المنطقة لا تعمل!!.. لتبدأ حلقات السباق التي تتسبب بحادثين على الأقل في الأسبوع في تلك النقطة بالذات.
سكان المنطقة يشتكون وما من مجيب
بعض الأهالي القاطنين في المنطقة المحاذية لـ "جهينة نيوز" قالوا: إنهم تقدموا بشكوى أبلغوا فيها عن عدم وجود إي ممر مشاة نظامي ما بين نفق الآداب ونفق مدرسة ابن زيدون، مشيرين إلى أن المسافة بين النفقين تقارب "2" كيلو متر وهي مسافة طويلة لا يستطيع قطعها من يحتاج إلى العبور إلى أحد الطرفين بشكل يومي، وأضاف السكان إن هذا الوضع بالذات يشتكي منه طلاب المدارس والموظفون ممن هم في تماس دائم ويومي مع هذه المشكلة، ولا يجدون منفذاً لهم للعبور إلا هذه الفتحة في المنصف أو القفز فوق السياج.
الغالبية أطفال
ويقول بعض أصحاب المهن في تلك المنطقة إن أغلب الحوادث التي تقع على الاتوستراد بشكل يومي يتعرض لها الأطفال المستعجلون إلى مدارسهم نتيجة للخوف والإرباك الذي يصابون به وهم يجتازون الاتوستراد، كما يقول هؤلاء بأن كبار السن غير القادرين على السير إلى النفق للتقطيع هم أيضاً يضطرون لعبور الفتحة ليقعوا تحت رحمة سائقي الاتوستراد ورعونتهم، أما الشباب فربما لخفة حركتهم وسرعتهم فهم القلة التي تتعرض للحوادث.
بعض الحوادث بعين المسعفين
يقول أسامة حشمة "عامل الباركينغ" لـ "جهينة نيوز" والذي يسهل وقوف زبائن أحد المحال في المنطقة المحاذية للفتحة: "منذ عامين وقع الكثير الكثير من الحوادث أمام عيني".
وبيّن حشمة الذي شارك مراراً في إسعاف ضحايا الحوادث عند تلك الفتحة أن أحدثها نال من رجل في الخمسين من عمره حاول أن يجتاز الاتوستراد عبر الفتحة للوصول إلى مشفى الرازي وهنا جاءت سيارة "غولف" "تجاوزت سرعتها 80 كلم أمام الكاميرا المعطلة تماما"، لم يستطع سائقها إيقافها فـ "خبط" الرجل الذي ارتبك ولم يستطع الهرب، فقذف به في الهواء ليرتد على زجاج السيارة ويقع مضرجاً بدمائه.
وأضاف حشمة: قمنا والسائق وبعض المارة بإسعافه إلى مشفى الرازي.. وفي اليوم الثاني "توفي الرجل"!!.
وقال حشمة: "في نفس اليوم أدى اصطدام سائق دراجة نارية بشابين يعبران الاتوستراد من خلال الفتحة في المنصف لإصابة الثلاثة بكسور وجروح خطيرة أسعفهم أسامة ومن كان في المكان إلى مشفى الرازي وهم في العناية المشددة حتى الآن".
ويتابع حشمة الحديث عما شاهده من حوادث، مستذكراً حادثة بشعة ذهبت ضحيتها امرأة في الستين من عمرها كانت تحاول أن تجتاز الاتوستراد من خلال الفتحة مع ابنتها حوالى الساعة الثامنة مساءً حين فوجئتا بسيارة "بيجو" مسرعة "تجاوزت سرعتها حسب الشهود 100 كلم)، فاستطاعت الفتاة أن تعود للخلف لكن الأم المذهولة بسرعة السيارة لم تستطع الحراك فسحبتها السيارة لمسافة "100" م عن مكان الاصطدام ورمتها جثة هامدة.
المرور لا تتحرك إلا بعد وقوع الكارثة
ودائماً ما تأتي دوريات المرور بعد وقوع الحادث للتحقيق في "الملابسات" و"لشحط" سيارة الجاني إلى الفرع، بحسب أهالي المنطقة.
ورغم كل هذا العدد الكبير من الحوادث –يضيف هؤلاء- لم يتم تكليف دورية بالوقوف في المنطقة ومتابعة الوضع أو حتى ملاحقة السيارات التي تهرب ولا تتوقف عند وقوع الحادث، أو لمخالفة السيارات التي تسير بسرعات كبيرة غير مسموح بها، وربما هذا السبب بالذات أصبح من مهمة "الكاميرات".
للسرافيس نصيبها من المشكلة
أصبحت السرافيس والباصات العامة من المساهمين الأساسيين في هذه الحوادث لعدم التزامها بالوقوف بالمواقف الرسمية المخصصة لها من جهة ولوقوفها وبشكل مقصود أمام الفتحة لتنزل ركابها ليستطيعوا العبور من خلالها إلى الطرف المقابل من جهة ثانية، وطبعاً لشرطة المرور الحصة الأكبر في تمادي السرافيس والباصات في مخالفتها، فهي أي المرور تخصص مواقف خاصة لها من جانب ولا تخالف أصحاب السيارات التي تركن في هذه المواقف وتمنع السرافيس من الوقوف في مواقفها من جانب آخر، وعوضاً عن ذلك تصب شرطة المرور كل اهتمامها في ملاحقة السرافيس إذا خالفت ولم تتقيد بمواقفها (ومواقفها في الأساس مشغولة من الغير).
الحل سهل ....؟
أجمع أغلب سكان المنطقة ومن يعانون وبشكل يومي من خطر الموت تحت " دواليب المتهورين" على أن الحل واضح وليس بحاجة للتفكير العميق ويتمثل في إلغاء الفتحة الموجودة في المنصف وزيادة ارتفاع السياج في المنصف وإزالة "البحرة الموجودة في الفتحة" لمنع المغامرين ممن يعشق القفز، وبالمقابل إقامة نفق للمشاة في تلك المنطقة أو إعادة إشارة المرور السابقة ومعها ممر المشاة والعمل بنفس الأسلوب المعمول به على باقي الاتوستراد.
05:38