جهينة نيوز
ركزت صحيفة تشرين في عددها الصادر اليوم الاثنين 21 ايار 2018 على الاسعار التي ارتفعت من خلال التجار في اول ايام شهر رمضان وقالت .. ليس السبب ارتفاع سعر التكلفة، ولكن كما كل عام جميع المواد الغذائية بما فيها اللحوم والأجبان والألبان بأنواعها ترتفع في الأسبوع الأول من شهر رمضان والسبب كما وصفه عضو في جمعية حماية المستهلك «باللعبة» المحضر لها فلا توجد جهة تحاسب في حين أطلق عليه أحد مربي الدواجن مسمى «لعبة» من قبل التجار، حتى بات ارتفاع لهيب ألسنة الأسعار في رمضان طقساً تأقلم «جيب» المواطن السوري على استقباله، بينما اعتادت وزارة التموين على تلك «الهبة»- كما وصفها مصدر في مديرية التموين بدمشق- فلم تعد تتكلف عناء إصدار نشرات في تلك الأيام حفاظاً على ماء وجهها لأنها ستكون حبيسة الجدران، وعدم الالتزام، لا والأكثر من ذلك إنه ربما ستصدر بعد أيام نشرات ترفع فيها بعض المواد كالبيض والفروج كما كشف المصدر.
استغلال واضح
يراهن البعض على انخفاض أسعار المواد الغذائية اليوم الاثنين وكأنه بات أمراً مسلماً أن ترتفع الأسعار في أول 5 أيام من رمضان لتنخفض بعدها وتعاود الارتفاع مجدداً في آخره، لتجتمع كل أصابع الاتهام على تقصير دوريات حماية المستهلك المفترض بها أن تبقى على مدار 24 ساعة متيقظة قبل رمضان بيومين، ارتفع سعر أي نوع من اللحوم أكثر من 1000 ليرة للكيلو الواحد، فبات سعر كيلو اللحمة المقشورة 7500 ليرة بدلاً من 6500 واللحم بدون قشر 5500 ليرة بدلاً من 4200 والعجل 4500 بدلاً من 3500 ليرة ولحم البقر 4000 ليرة بدلاً من 3000 ليرة، ناهيك بارتفاع سعر الفروج على الرغم من امتلاء الأسواق بالفروج التركي المهرب فقد ارتفع سعر الوردة إلى 1350 ليرة بدلاً من 1100 ليرة، إضافة لارتفاع سعر الجبنة إلى 1300 بدلاً من 1000 والتمر من 800 إلى 1100 ليرة.
100% حركة البيع
ما إن يأتي شهر رمضان لا بل قبل مجيئه بحوالي الأسبوع حتى «تهب» أسعار جميع المواد الغذائية من دون استثناء وبالأخص المطلوبة في هذا الشهر، كالتمور والعصائر واللحوم، بحسب عضو في جمعية حماية المستهلك بسام درويش، ففي هذه الأيام تنشط حركة البيع لتصل إلى 100% وهنا يبدأ التجار بالتحضير لاستغلال المواطن ورفع أسعار جميع المواد الغذائية وفق أهوائهم، معداً ذلك أمراً مفتعلاً ولعبة تجار ليس أكثر فسعر الصرف لم يتغير، مشيراً إلى مشكلة انعدام ثقافة المستهلك وعادته السيئة بتحضيره المبالغ له من شراء المواد ووجوده بطوابير على المحلات فهذا ما يشجع التجار على رفع أسعارهم على عكس ما يتم في الدول الأخرى التي تجهز لتخفيض الأسعار في رمضان.
وعلى غير المواد الغذائية القابلة للتخزين لا يمكن لتاجر الخضر والفواكه، برأي درويش، أن يستغل المواطن خلال شهر رمضان ويرفع سعرها فهي قابلة للتلف بسبب حرارة الجو إضافة لوجود المنافسة لذا ستجد أن أسعارها تختلف كل نصف ساعة وكما يقال «الخضري لولا الكب لهب» أي لأصبح مليونيراً نتيجة ارتفاع أسعاره.
ورأى درويش أن مشكلة استغلال التجار برفعهم الأسعار في شهر رمضان غير قابلة للحل وستتكرر كل عام نتيجة عدم وجود تدخل إيجابي متوقعاً بدء العد التنازلي للأسعار عبر انخفاضها التدريجي ابتداء من اليوم لتعود كما كانت عليه بسبب انخفاض نسبة حركة البيع إلى 60%.
لم تحرك ساكناً
لم يتغير سعر الفروج منذ مدة فلا يزال مستقراً عند 650 ليرة ريشاً، في المقابل ارتفع سعر الوردة من 1100 إلى 1350، فما الذي يفسر ذلك ولِمَ لم تتحرك دوريات التموين؟! يقول أحد مربي الدواجن حكمت حداد لا يوجد أي تبرير لرفع أسعار الفروج فلو كان هنالك أي أمر لارتفع سعره من أرض المدجنة وإلا لِمَ لا يزال محافظاً على سعره حتى الآن؟ وهذا دليل أن كمية الإنتاج لا تزال موازية للطلب ولكن القضية هي استغلال تجار ليس أكثر بسبب زيادة الطلب عليه معقباً: «ما وقفت على الفروج ما في شي ما رفعوه» وهذا بات عادة يتعرض لها المواطن كل عام.
وأوضح حداد: في شهر رمضان يزداد الطلب على الوردة حوالي 30% تقريباً هذا ما يحمل التجار على رفع أسعارها، بالمقابل ينخفض استهلاك الشرحات بسبب قلة المطاعم ما يؤدي إلى انخفاض سعرها، مردفاً: «السبب استغلالي ليس أكثر والمربي مو نايبو شي»، مشيراً إلى أن دوريات حماية المستهلك هي المسؤولة عن ذلك، فلِمَ لم تتحرك إلى اليوم؟!
ما قصة ارتفاع البيض؟!
إذا كان ارتفاع أغلب سعر المواد الغذائية سببه جشع التجار فما قصة البيض الذي ارتفع سعره بشكل مفاجئ، يقول حداد: لم يعد هنالك فائض في إنتاج البيض بسبب إقدام أغلب مربي المناطق الشمالية على ذبح دواجنهم بعد الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم، إضافة إلى استهلاك أهالي الغوطة، هذا ما زاد نسبة الاستهلاك الموازي لقلة العرض، ما أدى إلى ارتفاع سعر تكلفة البيض، فأصبح سعر صندوق البيض 11 ألف ليرة، في حين وصل سعر البيضة الواحدة مابين 30 إلى 40 ليرة، مضيفاً منذ حوالي العشرين يوماً ارتفع سعر كرتونة البيض من 800 ليرة إلى 1050 من أرض المدجنة.
هبة رمضان
ومع كل تلك التأكيدات التي سبرناها من وحي الواقع والتي تقول بارتفاع الأسعار إلا أن مصدراً في مديرية التجارة الداخلية أكد لنا أن الأسعار بدأت بالانخفاض من لحظة اتصالنا به فهذه «هبة رمضان» كما وصفها والتي تعني بقاموسه ارتفاع الأسعار قبل رمضان بيومين وتستمر فترة الأيام الأولى منه، وعاد المصدر فاعترف بارتفاع سعر اللحوم حيث وصل سعر كيلو لحم الغنم إلى 2100 في حين انخفض اليوم إلى 1850 قائلاً: «استني ليوم الاثنين رح تنخفض الأسعار أكثر»
ولم يرجع المصدر ارتفاع سعر صحن البيض المفاجئ إلى استغلال التجار لشهر رمضان وإنما بسبب خروج المربين من السوق بعد الخسائر التي منيوا بها فهنالك عدد كبير منهم عزف عن التربية وباع كل «الأمايات» ولم يبق إلا الكبار منها فقط، هذا ما سبب قلة في العرض وتالياً ارتفاعاً للسعر، مشيراً إلى أن المديرية رفعت كتاباً إلى الوزارة بإعادة تسعير البيض ورفع سعره ليصبح 1150 بدلاً من 950 ليرة في خطوة لإنصاف المربي ! وإلى اليوم لم يأت رد من الوزارة.
نشرات التموين «ماشية»
وعلى الرغم من ارتفاع سعر «الوردة» 300 ليرة إلا أن المصدر لم يلحظ أي ارتفاع في سعر الفروج فهنالك معادلة تسعر وفقها وزارة التموين مكونات الفروج المتضمنة الوردة والجوانح والصدر والشرحات بحيث يشكل مجموعها السعر الأصلي للفروج فمثلاً ارتفاع سعر الوردة يحتم انخفاض سعر الشرحات.. وهكذا، نافياً عدم استفادة المربي من ارتفاع السعر فهو المحدد له.
وأكد المصدر أن المديرية بصدد إطلاق نشرات سعرية جديدة تتضمن رفع أسعار بعض المواد كالفروج والبيض وتخفيض بعضها توازياً مع واقع السوق، فسياسة تسعير المديرية تتضمن أخذ السعر الرائج وتعميمه مع نسبة ربح بسيط.
ورفض المصدر أن تكون نشرات التموين السعرية مجرد زينة يعلقها البائع على «عينك ياتموين» فقال: النشرات «ماشية» ومعمول بها قدر الإمكان لكن بالنسبة لنشرة اللحوم لم يكن هنالك التزام بسيط وسنلحظه لا حقاً بالنشرات القادمة فيومياً هنالك نشرة أسعار جديدة، كما أننا ومن أول يوم في رمضان أرسلنا دوريات التموين والمراقبين على أغلب المحلات وخاصة اللحوم وتمت كتابة ضبوط ومصادرة كميات ولكن ليس من المعقول أن نضع مراقباً تموينياً على كل محل!