جهينة نيوز
ركزت صحيفة تشرين في عددها الصادر اليوم السبت 14 تموز 2018 على ما تقدمه منظومة الإسعاف والطوارئ في مدينة دمشق حيث تشكل جزءاً من نسيج منظومة الإسعاف و الطوارئ في سورية، و أحد الجوانب الأساسية في المنظومة الصحية وخاصة في مدى تلبية النداء الوارد إليها وسرعة الاستجابة على الرقم /110/.
ثماني نقاط إسعافية في مدينة دمشق و كل نقطة مجهزة بسيارة إسعاف يوجد فيها ممرض وسائق، حيث لا يقتصر عمل سيارة الإسعاف في النقطة الإسعافية على نقل المريض وحسب، بل أصبحت تحوي العديد من التجهيزات الطبية المتنوعة تستخدم في إنقاذ حياة المريض، إضافة إلى تقديم الإسعاف الأولي الأساسي في مكان الحادث، كما يتلقى كل من السائق و الممرض العديد من الدورات التدريبية التي من شأنها تأهيلهم لتقديم الإسعافات الأولية المنقذة لحياة المريض.
صعوبات
يتحدث المسعف يوسف فيقول :لا يوجد سكن للكادر أو الممرضين إنما نقيم على حسابنا أو نستأجر منازل لنا بسبب بعد مكان سكننا عن مركز المدينة، وأحياناً يسمح للسائق بالنوم في سيارته في أحد المجمعات التابعة للمنظومة، إضافة إلى أننا بحاجة لوجبة إطعام، وهذه غير موجودة أيضاً.
بدوره جهاد -مسعف أيضاً تحدث عن الظلم الذي يلحق بهم فليس لديهم طبيعة عمل ولا حتى مكافآت ولا لباس عمال ولا أدنى مقومات العمل على الرغم من الصعوبات التي يعانون منها وحضورهم في منتصف الليل لإسعاف إحدى الحالات.. ويوضح جهاد أن معظم زملائه تركوا العمل لعدم وجود ما يشجعهم على الاستمرار أو البقاء بالرغم من دراستهم سنوات طويلة.
د.توفيق حسابا -مدير الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة أوضح بداية ما هي منظومة الإسعاف حيث قال: من المعروف أن وزارة الصحة قديماً كانت تسمى (وزارة الصحة و الإسعاف العام) وكانت لدينا استجابة من قبل عام 1990 من خلال سيارات الإسعاف التي كانت موجودة في المشافي أو في مراكز المدن الكبيرة، وفي عام 1992 تم توقيع مذكرة تعاون فيما بين وزارة الصحة السورية ووكالة (جايكا) اليابانية، في عام 1993 تم وضع 160سيارة إسعاف في الخدمة تحت ما يسمى (نداء الإسعاف 110).. إذاً يعود تأسيس هذه المنظومة لعام 1993ولكن قبل هذا العام كنا نعمل على ما يسمى منظومة الإسعاف العام ضمن المشافي ومراكز المدن الكبيرة، وفي عام 1993 أصبحت على شكل منظومة متخصصة بالاستجابة أي صار لدينا نداء وهو /110/ يمكن الاتصال عليه لاستدعاء سيارة الإسعاف تعتمد على وجود مركز للنداء بكل محافظة، مهمته استقبال اتصالات الإخوة المواطنين على الرقم /110/وهو رقم مجاني سواء من الخط الأرضي أو من الموبايل، المشكلة التي نواجهها، ولكون الخط مجانياً من الخليوي، أنه تأتينا إزعاجات لدرجة أننا حاولنا أن يكون الاتصال من الهاتف الجوال مأجوراً حكماً، ولكن في المقابل سنقع في مشكلة أن يتردد الشخص في الإبلاغ وهذه ليست من سمات المواطن السوري حتى لو سيتكلف.
عدد نقاط الإسعاف
لدينا في دمشق حالياً ثماني نقاط إسعافية، وفي الحالة الطارئة نحن قادرون على تمديدهم إلى /12/ نقطة إسعافية كما يحصل في فترة العيد، وتتوضع النقاط في المهاجرين – العدوي – الدويلعة – الزاهرة – مستوصف أديب اللحام في الميدان – مركز أبي ذر الغفاري في المزة – ابن النفيس.
تؤازر هذه النقاط الثماني نقطة من ريف دمشق موجودة في ساحة الشهبندر قريبة من مديرية الصحة وهي نقطة استجابة مشتركة ما بين المنظومتين دمشق و ريف دمشق.
الاتصال لا يعني حضور السيارة
هناك أمر مهم يجب أن نوضحه -بحسب د. حسابا- وهو أن اتصال أي مواطن بالإسعاف لا يعني حضور سيارة الإسعاف، لأنه من الممكن ألا يكون النداء من اختصاصنا مثلاً: يأتينا اتصال بأن هناك حريقاً في منطقة ما ولكن من دون إصابات في هذه الحالة يجب الاتصال بالإطفاء مادامت لا توجد إصابات، لذا نوجهه للاتصال بالرقم /113/، وأحياناً نقع في مشكلة عندما نقوم نحن كمنظومة إسعاف بالإبلاغ عن حريق معين لا تقبل منظومة الإطفاء إلا المواطن نفسه أن يقوم بالتبليغ خشية أن يكون البلاغ كاذباً.
والنقطة الثانية، التي أتمنى أن يتم تسليط الضوء عليها، هي أنه ليست كل الحالات يطلب إرسال سيارات إسعاف إليها.
مثلاً: حالات الولادة ليست حالة إسعافية، يأتينا اتصال أن هناك ولادة أو أن هناك حالات باردة وليست حادة فإذا كنا سنستجيب لحالات لا تستوجب الإسعاف إذاً مئتا سيارة إسعاف لا تكفي دمشق وحدها، نحن نخرج للحالات الحادة كحوادث الطرق – حريق – حالات قلبية – الغرق – فقد الوعي، هذه كلها حالات تستوجب الإسعاف، ومن الممكن إعطاء معلومات صحية للمواطن في حال تأخرت سيارة الإسعاف في الوصول، إذاً بإمكانه القيام ببعض الإسعافات لحين وصول المسعفين.
دورات للمتدربين
المتدربون خريجو مدارس التمريض، ولكن أود لفت الانتباه إلى أن مدة دراستهم ثلاث سنوات والطلاب من المتميزين في شهادة الدراسة الثانوية لأن معدل القبول تجاوز الـ205 علامات وبعد أن ينهي دراسته في مدارس التمريض يخضع إلى ما لايقل عن أربع دورات تدريبية و تأهيلية في منظومة الإسعاف بدءاً بدورات الإسعاف الأولي – تدبير رضوض – تدبير السموم- تدبير الحروق – الأذيات الكيميائية- وحالياً أدخلنا اختصاص إدارة الكوارث بموقع الحدث و تدبير الإصابات الحربية بموقع الحدث – وحتى السائق يخضع لدورات في موضوع الإسعاف و الإنقاذ لأن دوره أساس مع الممرض.
مهام منظومة الإسعاف
هي جزء من استجابة القطاع الصحي للحالات الطارئة و تتمثل في نقل المرضى سواء في الحالات الإسعافية أو في الحالات المدروسة ما بين المشافي، فأحياناً نضطر إلى نقل المريض إلى مشفى عام أو تخصصي مثل مركز الباسل لأمراض و جراحة القلب، أو ممكن أن أضطر إلى نقل طفل إلى مشفى حواضن أو نقل حالة تحتاج إلى تدبير أو إلى مشفى تخصصي آخر، و المنظومة معنية بخطة الطوارئ لكل المؤسسات الصحية و معنية أيضاً بالتثقيف الصحي فليست هي النداء (110)إنما هي معنية بموضوع استجابة المجتمع للحالات الطارئة و متابعة مستودعات الطوارئ في كل الجهات سواء أكانت مديريات الصحة أو المشافي و متابعة المرضى في أقسام الإسعاف هذه كلها من مسؤولية مديرية الإسعاف و الطوارئ في وزارة الصحة.
خسائر المنظومة
خلال السنوات الماضية خسرنا 24 شهيداً في منظومة الإسعاف ما بين سائق وممرض، وهناك 89 إصابة تراوحت نسبتها ما بين 30و حتى 100%أي هناك نسبة عجز إضافة إلى 6 عناصر في عداد المفقودين، وللأسف كان لدينا 40 نقطة استجابة كانت الهدف الأول للإرهاب الذي أصاب كل قطاعات الصحة، وفقدنا ما نسبته 50% من سيارات الإسعاف أي حوالي 350 سيارة مابين سيارات تم سلبها أو حرقها، وهناك سيارات استهدفت بالقذائف وخرجت من الخدمة ولا يتم إصلاحها فتكلفتها تساوي تكلفة شراء سيارة جديدة فالأضرار كبيرة ولا توجد جدوى اقتصادية من إصلاحها، هناك سيارات تكلف 13-14 مليوناً لإصلاحها في هذه الحالة من الأجدى استبدالها بسيارة جديدة.
89 إصابة حرجة
هذا التحدي الذي نواجهه ومن المعروف أن الكوادر من الذكور، وجزء كبير من هؤلاء الشباب ينهي دراسته و يذهب للخدمة الإلزامية، وآخر بلغ سنّ التقاعد وعدد منهم شهداء والجزء الأكبر أصيب إصابة بليغة منعته من الاستمرار في ممارسة عمله، فهناك 89 إصابة حرجة في منظومة الإسعاف لن تعود إلى العمل، ففي منظومة إسعاف دمشق على مدى ثماني سنوات لم يأتنا أي كادر جديد، بل على العكس الكوادر التي لدينا فقدناها.
السؤال: كيف يمكننا التعامل مع هذا الموضوع في الحالات الطارئة؟.. يمكننا الاستعانة بتمريض المشافي وحتى هذا النوع من (تمريض المشافي) أواجه معه مشكلة، فهم أيضاً لديهم نقص ولكن في الحالات الطارئة يمكن الاستعانة بتمريض الإسعاف في كل المشافي.
مثال واقعي
في محافظة اللاذقية أجرينا تجربة وهي وضع عنصر نسائي في منظومة الإسعاف، لكنها للأسف لم تنجح و السبب أن ظروف العمل و المناوبات قاسية، وأحياناً كان دخولنا إلى مناطق ساخنة يمنعهم من ذلك وخاصة أن المهمات التي يتعرض لها عناصر الإسعاف تمنع العنصر النسائي من أن يكون جزءاً من الكادر الخاص بنا.
تعويض طبيعة العمل
للأسف هذا الكادر مظلوم لجهة طبيعة العمل فمنذ عام 2007 و نحن نكافح لحصول هذا الكادر على طبيعة العمل.. ودائماً يكون الجواب (للتريث)، يضاف للتمريض تعويض 2%، أما السائق فليس له أي طبيعة عمل، والوجع الأكبر الذي نعاني منه ليس له إطعام لأنه في قانون المشافي لا يعدونه كادراً طبياً إنما ينظر له على أنه وحدة إدارية لأنه ليس في المشفى، وبالرغم من المحاولات و المراسلات، سواء لمجلس الوزراء أولأي جهة معنية، لم نحصل على نتيجة، ومؤخراً قدم معروض إلى مجلس الشعب من أجل إقرار إطعام هؤلاء العناصر ولكن للأسف لا جواب مع العلم أننا نسعى لإطعام (1200)شخص في كل سورية، وهو ليس عدداً كبيراً وهؤلاء الأشخاص يعملون في الطرقات وفي المناطق الحدودية.
مثلاً : لدينا اليوم سيارات إسعاف في البادية وهذه منطقة مقطوعة لاتوجد فيها بقالية و لا «سوبر ماركت» أو مطعم، هذا الشخص يجب أن يحصل على مواد جافة مثل سكر – زيت – رز – معلبات، فهو بعيد عن أي مكان أو عن أي تجمعات سكنية.
وأضاف د. حسابا: كنا سابقاً ننادي بطبيعة العمل، وأصبحنا اليوم نسعى لإطعام العناصر وتأمين اللباس الذي هو هدف أساس في مهنتنا، فالغاية منه تمييز هذا الشخص بأنه ممرض أو للتعريف به عن طريق اللباس، الذي حوربنا به، أي إذا أخذ لباساً حرم من وصل اللباس العمالي وهذه ثغرة نحاول حلها.
نقص الكادر
تحدث د. حسابا عن النقص الكبير في الكادر، وأوضح أنه إذا لم تكن هناك محفزات أو مكافآت فكيف سأشجعه على دخول هذا العمل؟ ويستشهد د. حسابا بواقع العمل في مشفى الأمراض النفسية (ابن سينا) إذ إن الكادر الطبي كان يصف قرار فرزه إلى المشفى بالعقوبة ولكن الحال اختلف بعدما تم رفع نسبة طبيعة العمل إلى 80%، فإذا لم تكن هناك محفزات فلن يتم ترميم النقص.
مشكلات أخرى
إصلاح سيارات الإسعاف يشكل تحدياً للقطاع الصحي، فهناك الكثير من السيارات ليس لديها وكيل كي يصلحها أو قطع لتبديلها، فقطع الغيار لأي سيارة غير متوافرة وحتى إن توافرت فهي غير أصلية وتعود بسرعة إلى العطل نفسه وسعرها عشرة أضعاف، علماً أن سيارات الإسعاف لا تشمّل بالتأمين الشامل إنما بالتأمين الإلزامي فقط..لدينا في كل المشافي مع المنظومات و نقاط الإسعاف بحدود 314 سيارة لا تكفي ولا تفي بالغرض، مع العلم أنه أتانا من الجمهورية الإيرانية 50 سيارة إسعاف ومنظمة الصحة العالمية زودتنا بـ (42) سيارة إسعاف و قامت وزارة الصحة بتنفيذ عقد ب 60 سريراً ونفذنا عقداً بشراء 36 سيارة إسعاف من ميزانية وزارة الصحة عن طريق شؤون الآليات في رئاسة الجمهورية.
توسيع اختصاص طب الطوارئ
في عام 2007 كان يتقدم لامتحان طب الطوارئ (50) طبيباً ما بين سنة أولى و (50) طبيباً سنة ثانية حتى 2011 كان طلاب الطب يرغبون في هذا الاختصاص، أي وسطياً لدينا قبول 70-100 طبيب في اختصاص طب الطوارئ، حالياً 2 أو 3 يتقدمون لهذا الاختصاص نتيجة الظروف الصعبة وعدم وجود الحوافز، مع العلم في عام 2017 صدر قرار من رئاسة مجلس الوزراء و أصدرت وزارة الصحة التعليمات التنفيذية وهو منح مقيم (طب الطوارئ) مكافأة شهرية 15 ألف ليرة.
وعن السكن أوضح د. حسابا أن الكادر بحاجة ماسة لتأمين سكن داخلي لهم لتلبية الحالات من جهة وتالياً ليكونوا قريبين من مركز المدينة وحتى لا يتكبدوا عناء الطريق ذهاباً و إياباً بشكل يومي.
وفي نفس السياق قالت الصحيفة في مادة اخرى.. هل تساءل أحد عن عمل العاملين في منظومات الطوارئ (الإسعاف- الإطفاء والمعنيون بالجاهزية) لدرء الحوادث الطارئة التي قد يتعرض لها المواطن من حريق شب فجأة أو حالة مرض وعارض طبي ألم به، فإن من يلبي النداء أولئك العاملون تحت منظومة الطوارئ، وإن حدث وتأخروا عن تلبية النداء فإن وقع المصيبة بالتأكيد سيكون أكبر إذ كثيراً ما تسمع عن حريق التهم الأخضر واليابس ربما لتقاعس الإطفاء أو موت مريض نظراً لتأخر المسعفين.. قد يحدث ذلك لسبب أو لآخر ربما نتيجة زحمة السير والاختناقات الطرقية وقد يكون أيضاً ناجماً عن عدم تأمين المساعدة لهذه المنظومة وعدم تعاون المواطنين معها بتسهيل عبورها ووصولها في الوقت المحدد إلى مكان الحادث أو الحريق وإخماده وما أكثر ما يواجهه أولئك الجنود المجهولون من مصاعب في محاولة منهم لإنقاذ أرواح الناس.. لكن هل فكر أحد ما كيف يعمل هؤلاء (الطوارئ) وتحت أي ظروف وما المصاعب التي تواجههم من نقص في العدة والعتاد ونقص في الكوادر المؤهلة، أو من صعوبات تواجههم على صعيد توفير مستلزمات عملهم من تعويضات ومكافآت تشجيعية ومحفزات على العمل؟.. بالتأكيد لا أحد يعرف ذلك، ولا يعرف ربما حتى المسؤولون عنهم عمداً أنهم ينامون مثلاً في سيارات العمل والاستنفار على مدار الساعة تلبية للنداء من دون أن يستنفر أحد من أجل معاناتهم وحقوقهم.. لذا الكثيرون منهم يتركون العمل ومن يبقى منهم لا يتقاعس عن تلبية نداء مستغيث لينقذه من حريق أو غرق أو مرض رغم أنه بحاجة لمن يسعفه ويسمع استغاثته ويعرف حاجته ومقومات صموده وتعويضه في مهنة تصنف على أنها في خانة المهن الخطرة لابل الأخطر من خلال المواجهة المباشرة والاحتكاك اليومي وعلى مدار الساعة مع الأخطار.
هؤلاء العمال ترفع لهم القبعة كجنود مجهولين وربما شهداء أحياء خاصة أن دورهم خلال الأزمة كان أضعافاً مضاعفة نتيجة نقص الكوادر من جهة، وكثرة الأخطار المحدقة بهم من جهة أخرى، يلبون النداء ولا أحد يستمع لنداءاتهم.