جهينة نيوز
اهتمت صحيفة تشرين في عددها الصادر اليوم السبت 10 تشرين الثاني 2018 باستعدات الاسر السورية لفصل الشتاء في ظل الاسعار الكاوية لفواتير الكهرباء ووسائل التدفئة وجشع التجار في اسعارهم وقالت.. عام بعد عام ترتفع أسعار مستلزمات فصل الشتاء بما فيها السجاد والمدافىء بشكل يفوق الاحتمال، لكن هذا العام طرأ على ارتفاعها ما نسبته 60% في الوقت الذي تؤكد فيه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ضرورة تشديد الرقابة على كل مكان وليس فقط على مكان معين.
«الصوبيات» والسجاد والمازوت والملابس الشتوية كلها مستلزمات فصل الشتاء فالمطلوب من المواطن ما يقارب 150ألف ليرة من أجل تأمينها، أو إعادة تدوير ماكان معداً للإصلاح من أجل الاستفادة منه خلال سنة على أقل تقدير.
أبو كاسم صاحب محل لصيانة المدافىء أكد أن موضوع ارتفاع أسعار المدافىء يخدمهم لجهة أن المواطن غير القادر على شراء مدفأة جديدة يلجأ إلى صيانة القديمة أو يحولها إلى مدفئة تعمل على الحطب وذلك لأن بعضهم غير قادر على تعبئة المازوت، ناهيك بشراء مدفأة جديدة قد يصل سعرها إلى 60ألف ليرة هذا إذا كانت تعمل بمستوى جيد.
أسعار
في جولة على بعض المحال التي تبيع المدافىء تبين لنا أن الأسعار مبالغ فيها حيث وصل سعر مدفأة المازوت العادية من مستوى جيد إلى 40ألف ليرة بينما مدافىء الصالون فالحد الأدنى 100ألف والأعلى 150ألف ليرة، ولدى سؤالنا أحد الباعة (أبو حيان) عن سبب ارتفاعها برر قائلاً: إن أسعار المواد الداخلة في صناعتها وتركيبها اختلفت عن العام الماضي فكل عام ترتفع، وهذا ما يجبرنا على البيع بسعر زائد لأن التاجر له هامش ربح أيضاً، وبحسب «أبو حيان» فإن للمدافىء أنواعاً تبدأ أسعارها من1500ليرة للمدفأة التي لا تحمل ماركة فهي تصنع بطريقة يدوية، أما أسعار المدفأة ذات الشمعات الثلاث والمكفولة فتبدأ من 5000 ليرة و9000 ليرة لأربع شمعات، وهناك مدافىء تعمل بطريقة التوربين أو الهواء الساخن فقد وصل سعرها إلى 22ألف ليرة تقريباً .
وأكد عماد، وهو أحد مصنعي المدافىء الكهربائية، أن ارتفاع أسعار المدافىء يرجع لارتفاع تكاليف الإنتاج فمعظم المواد الداخلة في التصنيع مستوردة ومرتبطة بسعر الدولار، إضافة إلى تكاليف أخرى كارتفاع أسعار الكهرباء والمازوت للمعامل والورش، والأضرار التي لحقت بالعديد منها التي اضطر أصحابها إلى نقل منشآتهم لمناطق جديدة وتحملوا أعباء مادية وبعضهم توقف نهائياً عن العمل.
بديل من المدافىء
سعيد سلامة صاحب محل لبيع الحصر الكهربائية قال: يلجأ المواطنون حالياً إلى شراء الحصر الكهربائية بدلاً من المدافىء التي في نظرهم تفوق قدرتهم الشرائية، فالحصيرة الكهربائية مناسبة لمدخولهم وسعرها من 7000وحتى 12أو 14 ألفاً واستهلاكها للكهرباء منخفض.
بينما أوضح أبو زياد وهو بائع بسطة أنه اشترى مدفأة حطب لأنها الأقل تكلفة رغم وجود بعض المشكلات كتصاعد الدخان، إلا أنها الأفضل للتدفئة، كما أنه ليست لدية القدرة على شراء مدفأة عادية لأنها بحاجة لمازوت.
تتجاوز إمكاناتهم
المواطن عبد الله سلوم قال: إن الارتفاع الكبير لأسعار المدافىء جعله كغيره من المواطنين الذين يبحثون عن وسائل تدفئة على قدر دخلهم المتواضع، ويلفت إلى أنه، والأغلبية العظمى، توجهوا لشراء مدافىء الحطب أو التي تعمل على مخلفات الأخشاب وأغصان الأشجار بعد أن وصلت أسعار المدافىء إلى 50ألفاً للمدفأة الجيدة.
أما ميساء فتقول : كانت أسعار المدافىء رخيصة فأفضل مدفأة لا يتجاوز سعرها الـ10آلاف ليرة، أما اليوم فقد باتت أسوأ مدفأة بـ 10آلاف ليرة، ومدافىء الصالون لا نستطيع ذكر سعرها لأننا بحاجة لأن نجمع عدة أشهر حتى يمكننا شراؤها.
المواطن حمدان كان له رأي آخر فقد أشار إلى أننا في الماضي كنا نعطي المدفأة لمن يحتاج أما اليوم فبتنا نحسب لها حساباً، ونحاول صيانتها بدءاً من البواري لنحصل على مدفأة تقينا برد الشتاء هذا العام فقد تبين أن هذا الشتاء قارس، وكل منزل بحاجة إلى مدفأة.
العم حسين يروي حكايته فيقول إنه ذهب إلى السوق لشراء مدفأة له ولأحد أبنائه، لكنه تفاجأ بأنه نقوده لا تكفي حتى لواحدة فالبائع أخبره بأن سعر المدفأة الواحدة من النوع المتوسط 27 ألف ليرة.
أوضحت سميرة أنها تفاجأت بأسعار السجاد فقد بلغ سعر السجادة قياس 5 أمتار مربعة ما يقارب 34 ألف ليرة، هذا الارتفاع في أسعار السجاد دفع الكثيرين للتوجه لشراء السجاد المستعمل حيث باتت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المكان الرئيس لعرض أشكال متعددة من السجاد المستعمل وتباع السجادة من النوع الجيد بسعر يتراوح بين 10 إلى 15 ألف ليرة، أي بأقل من نصف سعر الجديد وهذا يناسب ذوي الدخل المحدود فبدلاً من شراء سجادة واحدة بإمكانه شراء اثنتين مستعملتين بسعر واحدة جديدة.
نضال مقصود -مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية أوضح أن أسعار المدافئ بكل أنواعها تتبع للقرار2082 المتضمن إلزام كل المنتجين والمستوردين إعداد بيانات تكلفة والاحتفاظ بها لحين الطلب في حال الشكوى أو الشك، وهناك لجان دراسة لعينات في كل محافظات القطر فمديرية التجارة الداخلية مهمتها دراسة العينات السعرية التي تسحب من الأسواق من قبل دوريات حماية المستهلك لدراستها وتكاليفها والتحقق من أسعار المبيع.
وأضاف مقصود: نتيجة المتابعة اليومية التي نقوم بها مع مديريات التجارة الداخلية تم سحب العديد من العينات السعرية وتجري حالياً دراستها ضمن اللجان المخصصة لهذه الغاية، كما لوحظ استقرار في أسعار المدافئ بكل أنواعها، مؤكداً أنه في حال تمت دراسة أي عينة سعرية وكانت النتيجة مخالفة يتم تنظيم ضبوط تموينية للمنتج والمستورد عملاً بالقانون 14لعام 2015والسجاد تنطبق عليه إجراءات المدافئ نفسها.
عبد المنعم رحال -معاون مدير التجارة الداخلية قال فيما يخص أسعار السجاد: ونحن على أبواب فصل الشتاء تقوم مديرية التجارة الداخلية بمراقبة أسواق مبيع السجاد، ويتم سحب عينات من الأسواق ونراقب مدى جودتها والمخالفة من عدة مراحل (سعر زائد _عدم الإعلان عن السعر _عدم الإعلان عن مواصفات المادة) ويتم تنظيم ضبوط وإحالة المخالف إلى القضاء بعد إغلاق محله.
الألبسة الشتوية أصبحت من الكماليات
فهناك سيناريو غلاء متواصل يفرض نفسه مع بداية كل فصل وحين يحتاج المواطن لاقتناء أشياء جديدة بسبب تبدل الفصول، وعلى مايبدو وزارة التجارة الداخلية لم تستطع إلى الآن وعلى الرغم من المناشدات لضبط الأسواق إقرار آلية تسعير جديدة وموحدة تضبط إيقاع أسعار السلع المتسارع وخاصة الألبسة تاركين لحيتان السوق الكبار مهمة تسعيرها حسب قانون الربح الزائد معللين ذلك بسيل من التسويغات تخلي مسؤوليتهم عن التلاعب بالأسعار من دون نكران وجود أسباب تقف وراء رفع أسعار الألبسة لكن من دون التحليق بها إلى مستويات خيالية.
صاحب أحد المحلات في سوق الصالحية قال: ارتفعت أسعار الألبسة الشتوية خلال العامين الماضيين نتيجة غلاء المواد الأولية من خيوط وأقمشة، ونتيجة زيادة الرسوم على البضاعة المستوردة وصعوبة التنقل وغلاء أجوره، وارتفاع سعر الصرف، إضافة إلى إغلاق بعض المعامل
ولاسيما في مدينة حلب مركز صناعة النسيج، لذلك اضطررنا لرفع سعرها مع هامش ربح بسيط.
أم كمال لديها أربعة أولاد تقول: لم أستطع شراء ملابس شتوية لأولادي الأربعة دفعة واحدة فالأسعار محلقة عالياً وراتبي لايكفي للشراء مع هذه الأسعار في السوق، فسعر الجاكيت الولادي يبدأ من 5000ليرة وصولاً إلى 9000ليرة والبنطال الولادي نوعية جديدة يصل إلى حدود 11ألف ليرة وذلك بحسب نوعية القماش وجودته، ومع هذا الواقع المزري أنا مضطرة لترقيع الثياب القديمة وإصلاح ما اهترأ من ثياب وأحذية، متسائلة عن دور الجهات المعنية ممن تدعي حمل راية الدفاع عن حقوق المستهلك وحمايته من أجل منع هذه الممارسات الجشعة، ولاسيما أن هناك سلعاً عديدة تنضم في كل يوم إلى قائمة الكماليات في ظل الاكتفاء بإطلاق تصريحات لن تقي المواطن برد الشتاء القارس.
وللتعرف على واقع أسعار ملبوسات الشتاء جالت جريدة «تشرين» في بعض أسواق دمشق المعروفة كالصالحية والحمراء إضافة إلى الشعبية كالحريقة والدويلعة، ومن خلال جولتنا تبين وجود بعض الفروقات السعرية في بعض الأنواع لكن ارتفاع سعرها الكبير كان سمة مشتركة جمعت بين هذه الأسواق التي تلعب عوامل عديدة في تحديد أسعارها كنوعية القماش ومصدره وإذا كانت نوعية القماش محلية أو أجنبية، فقد وصل سعر الجاكيت الجوخ النسائي في سوق الصالحية بين 8000ليرة و10000ليرة وسعر جاكيت جلد صناعي بـ10000ليرة وسعر جاكيت الصوف بـ5000ـليرة في حين بلغ سعر كنزة الصوف5000ليرة وسعر كنزة موهير بـ6000ليرة وسعر بيجامة مخمل بـ10000ليرة وسعر البنطال الجينز بين 8000ليرة و10000ليرة.. وعلى الرغم من وقوع سوق الحريقة في مركز مدينة دمشق إلا أن أسعار الألبسة الشتوية كانت مرتفعة فيه ولكنها تبقى أرحم من الأسواق الباقية ويعود ذلك إلى الاعتماد على المبيع بالجملة مع لجوء بعض تجاره إلى بيع البضاعة بالمفرق بسعر أعلى من مبيع الجملة فقد بلغ سعرجاكيت الجوخ النسائي بين 4000_8000ليرة وسعر جاكيت جلد صناعي بـ6000 ليرة بينما تراوحت أسعار الكنزات على اختلاف أنواعها بين 2000و4000 ليرة .
أما بالنسبة لأسعار الألبسة الولادية فقد لاحظنا وجود تقارب سعري بين جميع الأسواق ما يدل على وجود خلل كبير في آليات التسعير يظهر بشكل جلي أن الأسواق باتت -وكما يقال- وكالة من دون بواب في ظل تقاعس الجهات المعنية عن أداء دورها فمثلاً بلغ سعر الجاكيت المطري البناتي والصبياني ـ6000ليرة بينما يباع سعر فستان بناتي بين 3000و4000ليرة وسعر بنطال جينز بناتي وصبياني بين 2000و4000ليرة وسعر بيجامة ووتربروف ـ5000 ليرة.
وللوقوف على دور مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في مدينة دمشق التقينا المهندس عدي شبلي -مدير التجارة الداخلية فقال: مع قدوم فصل الشتاء وصلت إلى المديرية شكاوى عديدة تفيد بارتفاع أسعار الألبسة الشتوية وبناء على ذلك تقوم مديريات حماية المستهلك بمراقبة هذه الفعاليات من خلال تداول الفواتير والتقيد بنسب الأرباح المقررة وسحب عينات للتأكد من مدى مطابقتها للمواصفات والسعر المعلن وفي حال مخالفتها تحال أصولاً إلى القضاء مع العلم بأنه توجد وفرة كبيرة بالألبسة في الأسواق وبأسعار متنوعة وأسعار معقولة وفي حال وجود أسعار مرتفعة يتم ضبطها أصولاً، كما أن المديرية تقوم للحد من ارتفاع أسعار الألبسة بالطلب من جميع منتجي الألبسة بالتقدم ببيانات تكاليفهم للألبسة التي يقومون بإنتاجها وإيداعها بالمديرية كما تقوم دوريات حماية المستهلك بسحب عينات للألبسة المشكوك بارتفاع أسعارها لعرضها على لجنة دراسة الألبسة وفي حال مخالفتها سعرياً تتم إحالتها إلى القضاء، وخلال اليومين الماضيين تم تنظيم أكثر من 15ضبطاً تتعلق بالألبسة الشتوية والمراقبة مستمرة من قبل دوريات حماية المستهلك وتتابع أي شكوى في الأسواق وتتم معالجتها أصولاً
وفي ذات السياق قالت الصحيفة.. على غير المواسم السابقة وعلى غير عادته اقتحم الشتاء الأبواب عبر عاصفة مطرية قلبت كل الحسابات والإجراءات من قبل المعنيين بالخدمات، وأغرقت معها وعود وتطمينات المسؤولين عن «الصرف» صرف مياه المستنقعات والوحول التي جرفت معها كل القذارات وأكوام الزبالة وطافت بها الشوارع والحواري.
وعلى غير المتوقع والعادة أيضاً داهم البرد، الذي حملته معها العاصفة المطرية، البيوت والجيوب وعجّل في استعدادات الأسر وخطواتها الاحترازية من البرد, ودفعها إلى البحث عن مصادر تمويل فاتورة الشتاء سواء كان من «السترة» والألبسة الشتوية لتستر بها أجسادها وأجساد أطفالها بأسعارها الكاوية أو كان ذلك من خلال البحث عن مصادر التدفئة من وسائل التدفئة المتعددة التي «طرشت» بها الأسواق، بدءاً من وسائل التدفئة الكهربائية مروراً بـ «الصوبيات» العاملة على مختلف أنواع وقود التدفئة من مازوت وغاز وكهرباء، وحتى الحطب الذي بات وسيلة معظم الأسر لدرجة أن معظم الأسر لجأ إلى تحويل مدافئ المازوت للعمل على الحطب، وأي حطب، فقد باتت تحرق كل شيء قابل للاشتعال لتأمين مصدر دفء لها ولأولادها، من خلال اللجوء إلى جمع القوارير البلاستيكية الفارغة وعلب الكرتون والنفايات القابلة للحرق واللجوء إلى حرقها في مدافئ كيفما اتفق وذلك نتيجة ارتفاع أسعار وقود التدفئة من جهة وارتفاع أسعار وسائل التدفئة المختلفة من جهة أخرى، فسعر «الصوبا» مهما كان حجمها لا يقل عن ثلاثين ألف ليرة ما يدفع العديد من الأسر إلى اللجوء إلى وسائل التدفئة الكهربائية الرخيصة التي تفتقد إلى المعايير والمواصفات القياسية السورية، ما يجعلها مصدر خطر حقيقي، أو اللجوء إلى دفايات الغاز الرخيصة التي من شأنها أن تحول مصدر التدفئة إلى قنبلة موقوته قابلة للانفجار في أي لحظة وإحداث كارثة إنسانية لا تحمد عقباها، والأمثلة كثيرة على خطر تلك الوسائل، ولم ننس بعد حادثة موت أسرة بكاملها في أشرفية صحنايا من جراء استخدام وسيلة تدفئة تعمل على الغاز.
فاتورة الشتاء مرتفعة بل كاوية، والبدائل ربما تكون بالتعدي على الغابة وأشجار الحدائق والطرقات العامة وقطعها بشكل جائر لتأمين مصدر تدفئة بديل عن ارتفاع أسعار المتوافر منها.
ناهيك بارتفاع أسعار الألبسة الشتوية في ظل غياب رقابة فاعلة على الأسواق من شأنها أن تردع السوق ومن يحكمها ويتحكم بالأسعار لمختلف الوسائل المعيشية للمواطن، وبما يوفر هذه الوسائل بأسعار مناسبة وبمواصفات جيدة وآمنة على الأقل وبما يساعد المواطن والأسر المحتاجة على تجاوز الشتاء وبرده القارس، ويخفف من فاتورته المرتفعة على هذه الأسر في ظل محدودية الموارد وضآلة الأجور وتآكلها أمام توحش السوق وسيطرة المحتكرين للقمة عيش المواطن.
والحاجة ماسة لإجراءات استباقية ورقابة جدية على مختلف وسائل التدفئة بما يريح المواطن ويشعره بنوع من الدفء في الإجراءات يقيه برد الشتاء وعواصفه المطرية المحتملة في أي لحظة.
تشرين