جهينة نيوز
مقدمة ... يوما ً بعد يوم تتالى المشاهد التي تُثبت حالة الوهن والضعف التي وصلت إليها سلطة الكيان الإسرائيلي الغاصب, والتي أخذت تضرب أساسات وجودها وبقائها, بما يقض مضاجعها ويرفع مستوى ترجمة وتجسيد كوابيسها التي أخذت ترخي بظلالها وبشكلٍ واضحٍ على قادة الكيان السياسيين والعسكريين والمستوطنين أيضا ً, على الرغم من إمتلاكها لأقوى الترسانات العسكرية, وتلقيها الدعم الأمريكي والأوروبي, المالي والعسكري والسياسي اللامحدود, بالإضافة إلى حالة الإنقسام التي يعاني منها الصف العربي عموما ً, وهرولة بعض أنظمة وعروش التخاذل العربي نحو التطبيع المجاني, لإنهاء حالة الصراع عبر تصفية القضية الفلسطينية من خلال "صفقة القرن", والتي أعلنت فصائل المقاومة أنها لا تقبل بأي صفقة وبهذه التسمية جملة ًوتفصيلا ً.
وتبدو سلطات الاحتلال الإسرائيلي محقة ً في مخاوفها وهواجسها، مع تغيّر كافة معادلات وقواعد الإشتباك، فقد ثبت عقم القبة الحديدة أمام صواريخ المقاومة الفلسطينية وبنسخها الحديثة والمتطورة، في وقتٍ وعد سماحة السيد حسن نصر الله بتدمير الفرق والألوية التي تفكر بإجتياح لبنان، وبنقل مشاهد تدميرها عبر الفضائيات العالمية، في الوقت الذي اختبر الصهاينة قدرة الصواريخ السورية على كافة جبهات المقاومة، وتلك التي أُطلقت بإتجاه مستوطنات الجولان المحتل مؤخرا ً.
لقد أدمن الكيان الغاصب قرع صافرات الإنذار، والنزول إلى الملاجئ، وإنتشال القتلى والجرحى، وياله من مشهدٍ تنقله الشاشات ووسائل الإعلام وهي ترصد وزير الداخلية الإسرائيلي يختبئ داخل أحد الملاجئ، وسط بكاء الجنود وإرتفاع نسب الإنتحار في صفوفهم، بالتوازي مع مشهد تلك النائبة الإسرائيلية التي خرجت لتحدي صواريخ المقاوميين الغزاويين وانتهى بها الأمر للإنبطاح أرضا ً أمام كاميراتها التي أرادت عبرها توثيق التحدي .... فيما سجل المستوطنون سابقة ًعبر مطالبتهم بإخلاء المستوطنات قبل أي مواجهةٍ قادمة محتملة.
أما رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو" فقد تعرض لإنتقادات لم يسبق أن تعرض لها غيره من المسؤولين السياسيين أو حتى العسكريين، على خلفية الفشل العسكري الذريع في جولة التصعيد الأخيرة على قطاع غزة في مواجه المقاومة، وسط استهجان "نخبه" ومؤيديه حتى في أحزاب اليمين، لحالة العجز وتلاشي وإختفاء قدرة الردع الإسرائيلي التي يُفاخر بها.
وجاءت ردود أفعال الداخل الإسرائيلي، لتؤكد قناعة ً إسرائيلية كاملة حيال ضعف قوة الردع الإسرائيلية، وعدم قدرتها على حماية الداخل، وتراجعها أمام قواعد الإشتباك الجديدة، على الرغم من لجوئها إلى قصف الأهداف المدنية ولجوئها إلى استراتيجية الإغتيالات وتصفية القادة على الأرض.
لقد جاءت الكلمات القليلة التي تفوه بها "نتنياهو"، والتي تجنب فيها الإعلان عن التوصل إلى إتفاق إطلاق النار، لتؤكد شعوره بالمرارة والهزيمة، ليكتفي بالقول: "المعركة لم تنه"، وسط غياب "الإنجازات" والفشل الذريع في كسر معادلات الردع والإشتباك التي فرضتها المقاومة.
لقد افتضح التصعيد الأخير، أمر القادة االسياسيين والعسكريين على حدٍ سواء, وابتلع الجميع مرارة الفشل في كسر شوكة فصائل المقاومة الفلسطينية... ولم يكن أمام نتنياهو ورئيس أركانه سوى الحديث عن الأهداف التي تم قصفها، وتكرار تصريحات الوعيد والتهديد, في محاولةٍ يائسة لإخفاء الفشل, لكنه بذلك ساهم في تظهير عمق نفاقه... فقد بات واضحاً أن العمل المشترك والتنسيق الكبير عبر غرفة العمليات المشتركة أثبت نجاعته وكفائته على مستوى التصدي والصمود وتوازي الردع وتجاوزه, بتأكيد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة بأنه: "كان يفصلنا عن قصف تل أبيب ساعاتٌ قليلة".
لم يعد بإمكان الإسرائيليين إخفاء حالة الإرتباك والخوف والإنقسام الداخلي، الأمر الذي ظهر جليا ًفي تبادل وتقاذف الإتهامات ما بين السياسيين والعسكريين حتى داخل الكابينت، لتحميل مسؤولية الفشل الإستراتيجي، والذي سيكون له إنعكاساته -دونما شك -في المواجهات القادمة مع محور المقاومة وعلى أيٍ من الجبهات، وبما يفرض على تركيبة السلطة الإسرائيلية التخلي عن أوهامها بتجريد المقاومة من سلاحها خصوصا ً في غزة، والتفكير الجدي باّليةٍ جديدة للتسوية ولرفع الحصار، وسط استمرار مسيرات العودة السلمية التي لن تتوقف بإذن الله.