فيتنام جديدة تنتظر الولايات المتحدة بعد اغتيال القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس. بقلم : عليان عليان

الإثنين, 6 كانون الثاني 2020 الساعة 23:58 | مواقف واراء, زوايا

فيتنام جديدة تنتظر الولايات المتحدة بعد اغتيال القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.  بقلم : عليان عليان

خاص جهينة نيوز

الخطوة الإجرامية التي أقدم عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتوجيهه الأمر باغتيال القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ، فتحت عليه أبواب جهنم ، ونقلت المنطقة من حالة المواجهة المحدودة في مواقع معينة بين محور المقاومة من جهة، والولايات المتحدة والكيان الصهيوني وأدواتهما الرجعية من جهة أخرى ، إلى حالة المواجهة الاستراتيجية في عموم المنطقة ، والتي باتت أهدافها بالنسبة لمحور المقاومة واضحة جداً ولا تحتاج إلى استقراء وتنبؤ .

وهذه الأهداف أعلن عنها بشفافية ووضوح كامل سيد المقاومة حسن نصر الله في خطابه التأبيني للشهيدين سليماني والمهندس بقوله : "القصاص يكون بطرد القوات الأمريكية من المنطقة، وباستهداف كافة المواقع الأمريكية في المنطقة، من قواعد وبوارج حربية ، باستهداف المؤسسة العسكرية الأمريكية، التي نفذت عملية الاغتيال بحيث يعود الجنود الأمريكيين إلى الولايات المتحدة بالتوابيت أفقياً، بعد أن دخلوا المنطقة عمودياً".

هذه الأهداف أعلن عنها أيضاً ، الجنرال حسين سلامي قائد قوات الحرس الثوري بقوله :" أن الرد سيجري على نطاق جغرافي واسع، من شأنه إنهاء الوجود الأميركي بالمنطقة، وأن هذه الجريمة خلقت طاقة جديدة في جغرافية شاسعة لإنجاز الرد الحازم، وأن الانتقام سيكون واسع النطاق في الجغرافيا وبمرور الوقت وبآثار حاسمة، وأن اغتيال سليماني سيكون نقطة البداية لإنهاء الوجود الأميركي في المنطقة"..

هذه التصريحات التي قد يفسرها البعض بأنها ردة فعل مؤقتة على اغتيال القائدين الشهيدين ، لكن موقف مجلس الأمن القومي الإيراني ،الذي يضم مختلف ألوان الطيف السياسي الإيراني جاء ليؤكد ما ذهب إليه الجنرال سلامي وسيد المقاومة حسن نصر ،بأن الرد الاستراتيجي قادم وأن الأهداف أل 33 قد حددت ، وأن إيران ستختار الزمان والمكان لتنفيذها.

ما تقدم يعني أن المنطقة باتت على موعد مع فيتنام جديدة ، لكنس الوجود الأمريكي من المنطقة، وما يترتب على ذلك من وضع الكيان الصهيوني في إطار سؤال الوجود ، بحيث "يصبح تحرير القدس بعد رحيل القوات الأمريكية - كما قال نصر الله- اقرب من أي وقت مضى، وقد لا نحتاج إلى معركة".

جمهورية إيران الاسلامية – وفق أكثر من مسؤول عسكري وسياسي إيراني- سيكون له ردها الاستراتيجي الحاسم ، أما أطراف محور المقاومة فسيكون لها أيضاً ردها الاستراتيجي ، ليس في إطار رد ثأري قبلي أو بدوي ، بل في إطار استراتيجي يشمل الجغرافيا السياسية في المنطقة برمتها ، في ضوء إدراك هذه الأطراف بأن استهداف الفريق سليماني ، كان استهدافاً لكل طرف من أطراف هذا المحور ، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن سليماني كان القائد العسكري الفعلي لهذا المحور ، والذي وفر كل أسباب الدعم للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية ، ولعب دوراً رئيسياً وميدانياً في هزيمة الارهاب التكفيري – المدعوم أمريكياً في العراق ، وكان له الدور القيادي والميداني في هزيمة المشروع الصهيوأميركي الرجعي التكفيري في سورية.

والسؤال هنا : هل المواجهة ستكون محدودة مع الولايات المتحدة ، أم مواجهة مفتوحة متدرجة معها ومع أدواتها في المنطقة ؟

وللإجابة على هذا السؤال، نشير إلى أن المواجهة ستكون مفتوحة متدرجة في سياق تراكمي متصاعد مع القوات الأمريكية وأدواتها في المنطقة، لمصلحة أيران وسورية والعراق واليمن، ولمصلحة المقاومتين اللبنانية والفلسطينية ،في ضوء ما يلي:

1-أنه رغم إدراك إيران وأطراف محور المقاومة بأن توازن القوى بالمعنى العسكري والتسليحي وموازنات الجيش على مستوى العالم يميل لمصلحة الولايات المتحدة ، إلا أن ميزان الردع الاستراتيجي في المنطقة بات يميل في المنطقة يميل لمصلحة إيران وعموم محور المقاومة.

2- أن ميزان الردع الاستراتيجي ، حقق إنجازات هائلة على الأرض لصالح إيران ومحور المقاومة ،وفشلاً كبيراً للإمبريالية الأمريكية ، وأدواتها في المنطقة ، فهذا الميزان المسنود بإرادة المقاومة حرر 90 في المائة من سورية العروبة من المجاميع الارهابية المدعومة أمريكياً ، ومكن العراق من تحطيم الوجود الداعشي الارهابي ، ومكن اليمن من إلحاق هزيمة نكراء بالعدوان السعودي الصهيو أمريكي على اليمن ، ناهيك أن إيران واجهت العقوبات الأمريكية غير المسبوقة باقتدار ،وواجهت الغطرسة الأمريكية بإسقاط طائرة التجسس الأمريكية التي خرقت الأجواء الإيرانية ، واحتجزت ناقلة النفط البريطانية رداً على احتجاز ناقلة النفط الإيرانية في مضيق جبل طارق ، ورفضت بعنفوان التفاوض بشأن المطالب الأمريكية حول الاتفاق النووي والصواريخ الباليستيىة وقضايا المنطقة.

3- أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية ، المستندة إلى محور المقاومة – والتي باتت جزءاً لا يتجزأ منه- استطاعت أن تخلق ردعاً استراتيجياً مع الكيان الصهيوني ، وأن تضرب العمق الصهيوني باقتدار في حروب 2008 ، 2012 ، 2014 وعلى مدى العامين 2018 و 2019 ،وآخرها الرد الصاروخي الهائل على اغتيال القائد الشهيد بهاء أبو العطا ، حين أمطرت الجهاد الاسلامي الكيان الصهيوني ب 400 صاروخ مطور ، ما دفع نتنياهو لاستجداء مصر لإقناع " حركة الجهاد الإسلامي " بوقف إطلاق النار.

والسؤال الآخر : ما هي المعطيات الأخرى ، التي تمكن إيران وعموم أطراف محور المقاومة من خوض المعركة في السياق الاستراتيجي على المديين المتوسط والطويل ، وبهدف طرد القوات الأمريكية من المنطقة، وإنهاء المشروع الصهيوني في فلسطين ؟

المعطى الأول : يكمن في تحول العراق من دولة خاضعة عملياً للاحتلال الأمريكي، إلى طرف فاعل من أطراف محور المقاومة، بعد قرار البرلمان الإيراني الحازم الداعي للحكومة العراقية بحزم، بأن تباشر الطلب بخروج القوات الأمريكية من العراق ، وتصريحات أطراف فصائل المقاومة بأنه في حال تلكؤ القوات الأمريكية بالانسحاب الفوري ، فإنها ستباشر بإخراجها بالقوة على اعتبار أنها قوات احتلال .

المعطى الثاني : أن انسحاب القوات الأمريكية من العراق – التي وظفها ترامب صراحة للتآمر على إيران ولإدامة الوجود الارهابي في سورية ، يحرر إيران من الخطر العسكري و الاستخباري الصهيو أميركي الجاثم على حدودها ، ناهيك أن خروج قوات الاحتلال الأمريكي من العراق يعني بالتداعي والتتابع إجبار قوات الاحتلال الأمريكية على الانسحاب الذليل من منطقة التنف ومن مناطق النفط في الشمال والشمال الشرق السوري ، ما يمكن سورية من التفرغ لمواجهة العدو الصهيوني والأمريكي في عموم المنطقة .

المعطى الثالث : : أن خروج قوات الاحتلال الأمريكية من العراق وسورية، سيجعل الطريق سالكاً بين طهران وبغداد ودمشق وبيروت ، ما يوفر الامكانية للتلاحم القتالي واللوجستي بين أطراف محور المقاومة، في المواجهة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وأدواتهما في المنطقة .

المعطى الرابع : وهو الأهم هو توفر البيئة الشعبية الحاضنة لمحور المقاومة في المواجهة الاستراتيجية ، وهذا ما تجلى في مسيرات التشييع المليونية في بغداد وكربلاء والنجف ومشهد وطهران ، وفي مسيرات التضامن المليونية في اليمن ،وفي مجالس العزاء في كل من دمشق وبيروت وغزة والضفة الغربية.

المعطى الخامس: أن محور المقاومة بات يستند إلى حليف استراتيجي ممثلاً بكل من روسيا والصين ودول البريكس ،التي تجمعها مع هذا المحور مصلحة مشتركة في مواجهة الهيمنة الأمريكية، وفي مواجهة العقوبات المفروضة على هذه الدول جميعها.

وفي المقابل فإن أطراف الحلف المعادي تعيش حالة إرباك وأزمة ، فالكيان الصهيوني بات يتحسس رأسه ، بعد أن حددت إيران 33 هدفاً من ضمنها أهداف داخل هذا الكيان ، والاتحاد الأوروبي بات في ورطة ولا يجرؤ على اتخاذ موقف استراتيجي لصالح الولايات المتحدة ، أما دول الخليج الزجاجية التي راهنت على ترامب فقد أسقط في يديها ، لأنها في المواجهة القادمة لن تعدو سوى " فرق حساب " ،ولأن جزءاً أساسياً من المعركة ستدور على أراضيها بحكم وجود القواعد والبوارج الأمريكية والمصالح النفطية الأمريكية والاقتصادية على أراضيها وفي مياهها .

إدارة ترامب الإمبريالية ، التي نفذت عملية الاغتيال لعدة أسباب، من بينها : ( أولاً)استجابة لطلب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو ، بإنجاز عمل عسكري مهما كان حجمه ضد قيادات إيرانية وضد قيادات الحشد الشعبي - بعد اقتحام الجماهير العراقية للسفارة الأمريكية في بغداد رداً على القصف الأمريكي لقوات الحشد في مدينتي القائم والبو كمال- ( وثانياً) لكسب دعم اللوبي اليهودي في الانتخابات الرئاسية القادمة.

هذه الإدارة لم تتوانى عن بعث الرسائل والوساطات للقيادة الإيرانية ، متوسلة إياها بعدم الرد ، وأنها مستعدة لإجراء مفاوضات معها لإلغاء العقوبات ، لكن القيادة الإيرانية رفضت كل الوساطات وتعاملت مع كل الرسائل عبر السفارة السويسرية بازدراء ، معلنةً أن الرد سيكون بالميدان... أما حديث هذه الإدارة عن تحديد 52 هدفاً إيرانيا لقصفها إذا تعرضت القوات أو المنشآت الأمريكية إلى أي هجوم ، فلن يغير من طبيعة المواجهة الاستراتيجية ،عند إطلاق صافرة الصاروخ الباليستي الأول .


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 عدنان احسان- امريكا
    7/1/2020
    01:06
    لاخد العـــــلم فقط ..
    فيتنام اليوم اكبــــر شريك تجاري ..في جنوب شرق اسيا .وافضل علاقت وديه من اي دوله اخرى .. . لحد شبه التحالف . ..
  2. 2 محمود
    7/1/2020
    17:03
    المتاح
    لا سلاح نووي ردعي بيد ايران حتى الآن .. لو وفرت روسيا هذا الغطاء فالنصر محتمل... وإلاّ المهادنة! حتى الحصول عليه محليا ثم الحصول على وسائط توصيله .. يهم روسيا انهاك ايران لعل وعسى تتمكن من غرس نفوذها في ايران وكبح تقدمها وذلك حماية لاسرائيل.. وتحويل ايران الى سوريا رقم اثنين... هيهات ان يجرؤ بوتين على الذهاب بالعداء مع الصهيونية فمخالبها في عنقه... إذن تبقى الصين الحليف المضمون إن أرادت.. اما الهند فعلى الرفّ بإنتظار ذبح البقرالعربي وهضمه جيدا... الوضع الإستراتيجي لا يسمح بالهجوم ... الهروب سيد الموقف... المتاح بكاء قتلانا فقط

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا