جهينة نيوز:
بعد فوز جو بايدن بالضربة “القاضية” على خصمه دونالد ترامب، باستحواذه على ولاية جورجيا، وحصوله على 306 نقاط، أي اكثر من 34 نقطة من العدد المطلوب للحسم (270)، بدأ الرئيس ترامب يقترب من التسليم رسميا بالهزيمة، ورفع الراية البيضاء، والبحث في الخيارات التي سيقدم عليها بعد مغادرته “المفترضة” للبيت الأبيض يوم 20 كانون الثاني (يناير) المقبل.
صحيفة “نيويورك تايمز” أفادت في تقرير لها اليوم السبت ان الرئيس ترامب اعترف في اجتماع عقده مع كبار مستشاريه في المكتب البيضاوي “ان فرصه في تغيير نتائج الاقتراع، والفوز بالانتخابات الرئاسية من خلال الطعون القانونية باتت محدودة ان لم يكن معدومة”.
***
هناك عدة خيارات امام الرئيس ترامب سواء في فترة الشهرين المتبقيين له في البيت الأبيض، او في السنوات الأربع المقبلة:
الأول: الخروج بمظهر “البطل” او الزعيم القوي الحازم، من خلال توجيه ضربات عسكرية قوية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، وسحب جميع القوت الامريكية من الشرق الأوسط، وخاصة من أفغانستان والعراق وسورية قبل هذه الضربات، وما يعزز هذا الخيار وجود حالة من القلق في أوساط مسؤولين سابقين في أجهزة الامن القومي ابرزهم الجنرال كوري شاك من عملية “التطهير” التي اجراها ترامب في وزارة الدفاع “البنتاغون” منذ الثلاثاء الماضي، بالإطاحة بالوزير مارك اسبر وجميع مستشاريه ومساعديه، وتعيين موالين له مكانهم، والامر الآخر رفضه، أي ترامب، منح الرئيس المنتخب بايدن تصريحا بالوصول الى المواد الاستخبارية والأمنية الحساسة مثلما جرت العادة في الحالات المماثلة، ربما خوفا من الاطلاع على مخططاته واستعداداته لهذا الهجوم المحتمل الذي ربما يقدم مايك بومبيو بوضع خططه التنفيذية اثناء جولته في الخليج في الأيام القليلة المقبلة.
الثاني إعطاء الضوء الأخضر لأنصاره العنصريين البيض بالنزول الى الشوارع لإظهار حجم التأييد الذي يحظى به، وشق الحزب الجمهوري، وتكوين حزب “فاشي” جديد بزعامته، وبدأ هؤلاء الأنصار يؤطرون انفسهم في حركات وميليشيات يمينية متشددة في معظم الولايات مثل “المحافظون على العهد”، و”الأولاد الفخورين”، واطلق هؤلاء على مسيراتهم المسلحة أسماء وشعارات مثل “مسيرة من اجل ترامب” و”أوقفوا السرقة”، و”مسيرة المليون ماجا” و”اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى”، وقد بارك ترامب هذه المسيرات والتحشيدات في تغريدات له على حسابه على “التويتر” وطالب باستمرارها وتوسعها.
الثالث: استعداد ترامب عمليا لخوض انتخابات عام 2024 الرئاسية بتأسيس مؤسسة إعلامية خاصة به، او يطلق برنامجا باسمه من خلال محطة “فوكس نيوز” الاثيرة الى قلبه، فهو يتمتع بشعبية كبيرة في أوساط أنصاره، وحتى المختلفين معه، بسبب “الكاريزما” المؤثرة التي يتمتع بها، وظهرت بجلاء اثناء تقديمه برنامج “ابرنتيس” الشعبوي في قناةNBC لاكثر من عشر سنوات.
الرابع: الغرق في محيط من الملاحقات الجنائية بتهم التهرب من الضرائب والتزوير، وعقد صفقات تجارية مخالفة للقوانين، فبمجرد خروجه من البيت الأبيض تسقط الحصانة الدستورية ويصبح مواطنا عاديا.
يصعب علينا ترجيح أي من السيناريوهات الأربعة، ولكن ما يمكن الجزم به ان هذا الرجل لن يخرج من السلطة بهدوء، وقد يكون خروجه عاصفا، لانه ليس من النوع الذي يقبل بالهزيمة بسهولة، فخلال السنوات الأربع الماضية من حكمه لم يكتف بتقسيم أمريكا ونسف هيبتها واضعافها، وهو الذي وعد بتعزيز قيادتها للعالم، وحوّل جميع حلفائها تقريبا الى أعداء، باستثناء “إسرائيل” وبعض الدول الخليجية، وانما أيضا بتكريس “ثقافة الكذب” وتصعيب مهمة من يأتي خلفه لإصلاح الضرر.
***
لا نستغرب لجوء ترامب الى اطلاق مؤسسة إعلامية خاصة به، تتبع نهج حلفائه العرب في منطقة الخليج، وتحظى بدعمهم او شراكتهم المالية، طوعا او ابتزازا، ولن يعوزه المال، فهو يملك الكثير من الاسرار الخطيرة جدا يمكن توظيفها في هذه المؤسسة، ولا نعتقد انه يريد “خبراء” عرب للاستفادة من خبراتهم في الكذب والتضليل الإعلامي، فقد اصبح بروفسورا في هذا المضمار، حيث احصت له صحيفة “واشنطن بوست” ثلاثة آلاف كذبة في السنوات الثلاث الماضية من حكمه، حتى ان الكاتب الأمريكي توماس فريدمان قال في آخر مقالاته في “نيويورك تايمز” ان الكذب بات هو القاعدة، والسؤال كيف تطوي أمريكا هذه الصفحة انقاذا لديمقراطيتها؟
المصدر رأي اليوم