كان يفترض لهذا المقال أن يظهر يوم الثلاثاء الماضي في زاوية "آفاق" التي أقصيت عنها نهائيا, وتم تحويله إلى النشر في الصفحات الداخلية مذيلا بالكثير من الخطوط الحمراء التي تعني حكما عدم موافقة السيدة رئيسة التحرير "سميرة المسالمة" على القضايا الفكرية المطروحة فيه, كتمهيد لحذفها قبل الدفع به إلى الطباعة.
لهذا آثرت سحبه, كي لايتعرض للحذف والتشويه, ومن ثم نقله إلى هذا المنبر الوطني الحر, لمتابعة السلسلة التي ابتدأها الزميل سعيد هلال الشريفي هنا, والذي خضعت مقالاته إلى المعايير نفسها في مقياس الرفض, أي إقصاء كل كاتب في الصحيفة يناهض الحداثة المستوردة من ثقافة "كيكا", والجوائز الأدبية الملغومة, ويتمسك بالثوابت القومية وفكر المقاومة.
أترك للقراء عناية الحكم ببصيرتهم الحية, مؤكدة في الوقت نفسه أن خلافي والزميل سعيد مع رئاسة تحرير الصحيفة ينحصر ضمن هذا الجانب الفكري والثقافي فقط.
من يدفع أجر العازف..؟
بقلم: د. رغداء مارديني
استغربت فيما رصده التقرير الثاني للتنمية الثقافية لعام 2009 من معلومات، والصادر عن مؤسسة الفكر العربي في بيروت، معلومات تتعلق بأهمية الخطاب الثقافي في وسائل الإعلام، والأهداف المرجوة من تحليل هذا الخطاب من خلال عينات لعشرات من المجلات والصحف والقنوات والبرامج التلفزيونية الثقافية العربية.
وربما توقفت في استغرابي عند (الخطاب الثقافي في الصحافة العربية) عندما لاحظت اعتماد الدراسة على جدول تحليلي للجرائد العربية التي ضمت في مجملها على الأقل لخمس أو أربع صحف من كل دولة عربية، فيما اكتفت من سورية بجريدة الثورة فقط، وصفحة شؤونها الثقافية.
وإن كان الأمر يحمل أكثر من تساؤل، يقود إلى الموضوعية في إجراء البحث، في تجاهله لصحيفة تشرين المعروفة عربياً، إما لجهل كاتب الدراسة وعدم معرفته، أو لدوافع لا أعرف مضمونها، وخاصة عندما يختار من اليمن مثلاً ثلاث صحف ليناقشها، ومثلها من سلطنة عمان، أو الجزائر... الخ.. أو هو تجاهل العارف.
المهم أنني لن أدخل نظرية الشك في تناولي لهذا الموضوع، لأنني سأستفيد مما خلصت له تلك الدراسة التي رأت في الخطاب الثقافي، تراجعاً بيناً في الأهمية النقدية كوظيفة أساسية من وظائف الخطاب، وقد ظهرت تجليات هذه الوظيفة في إطار بعض المقالات التي تنوه لأعمال إبداعية وتحللها، وفي الوقت نفسه يغيب عنها الرأي الفاعل في الحركة الثقافية.. في الوقت الذي كانت فيه الوظيفة الإخبارية هي الغالبة على المضمون الصحفي العربي، في حين تتراجع أهمية الوظيفة التفسيرية التي تتجلى في الاهتمام بنشر التقارير والتحقيقات حول الظواهر القطرية والقومية.
وكان الأهم فيما أشارت له الدراسة علاقة المثقف بالسلطة السياسية على مستوى الوطن العربي، تلك العلاقة شديدة الالتباس، والتي يبدو فيها نوع من الإصرار من جانب المثقفين الذين يظهرون داخل الخطاب الصحفي للتأكيد على فكرة الاستقلال عن السلطة السياسية، حتى ولو كان رسمياً جزءاً منها، إذ يبدون وهم يفصلون باستمرار بين فعلهم الثقافي ووظائفهم لدى السلطة السياسية.
كما طرحت قضية علاقة المثقف بالمال العديد من التساؤلات – في البحث – هذا الموضوع الذي اعتبر من الموضوعات الأساسية التي تم التركيز عليها، حيث ظهرت في السياق أطروحة (بحث المثقف العربي المستمر عن المال، من خلال التأكيد على وجود ثلاث مصائب أساسية تجتمع في المثقف العربي في آن واحد: الأولى، أنه يقيّم نفسه بأكثر مما يستحق. والمصيبة الثانية، أنه لا يقرن فكرته بأي مجهود لتحقيقها، والثالثة، هي رضوخه للمال وفقاً لاحتياجات النفس أو دناءتها..).
ومن هذا المنظور، يبدو علينا واجباً، في التفكير ملياً بآلية السياسة – الثقافية التي تدار عربياً، فيما تبدو علاقة المال هي الأهم فيما يجري توجهه عربياً وعالمياً، على الأقل من خلال ضمان أصوات تسير في أجندات فكرية ثقافية غير أجندتها، أو تستبق نوعاً من الحداثة ليس في معطيات بيئتها أو تفرعاته.. ولاشك أن الاكتساح الأميركي مثلاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وجه الكثير من المثقفين للدوران في فلك قيم الثقافة الغربية، في محاولة لتكوين نخب جديدة تؤثر في الجماهير بمعطياتها الفكرية والثقافية والإباحية الوافدة، خارج معطيات المنطق والتحليل المبني على ماذا تريده الأمة العربية من مجمل هذه الأفكار لتنطلق في نهضتها على خلفية الاستفادة من التقانة المحكومة بالعقل، وليس الغرائز بمستواها المتدني، وإنما بمستواها الرفيع الذي لا يفصل الروح عن جسدها.
ويبدو أن مسؤولة المخابرات الأميركية فرانسيس ستونور ساوندرز أجبرتنا على التفكير في معطيات نظرية المؤامرة التي نسخر منها سخرية العارف، عندما كشفت النقاب عن وثائق بالغة الخطورة، تعلن مسؤولية المخابرات الأميركية في تأسيس منظمة الثقافة الحرة التي غابت الآن وتركت لفروعها السرطانية في الوطن العربي أن تقوم بدورها.
كشف الوثائق جاء منسجماً مع مبدأ إخراج الوثائق التي يمر عليها 30 عاماً، توضع بعدها في متناول الجمهور، جاء هذا في كتاب (المخابرات في سوق الصحافة – من يدفع للمزمرين؟)..
مثل إنكليزي نعرف هدفه تماماً، يؤكد أن مَنْ يدفع أجر العازف يختار اللحن..!!
و للحديث صلة......
Raghdamardinie@yahoo.com
05:36
05:42
05:42
05:45
07:11
07:44
12:54
21:36
21:46
07:09
07:38
08:01
08:37
10:18
11:13
11:39
01:07
02:57
05:52
05:52
06:41
07:57
08:16
04:48
08:20
18:43
20:45
06:50
08:27