جهينة نيوز
أكد القائم بالأعمال بالنيابة لوفد سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور الحكم دندي أن كيان الاحتلال الإسرائيلي يواصل سعيه إلى إشعال المنطقة، عبر تصعيد اعتداءاته على الأراضي السورية، ومواصلة عدوانه الوحشي على قطاع غزة، وارتكابه مئات المجازر بحق أهله، مشيراً إلى أن الحماية التي توفرها له دول غربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تجعلها شريكةً في جرائمه وانتهاكاته الخطيرة للقانون الدولي.
وقال دندي خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم حول الشأنين السياسي والإنساني في سورية: في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى ما تشهده منطقتنا اليوم من عدوان إسرائيلي مستمر وخطير، ارتكبت فيه قوات الاحتلال عشرات المجازر والجرائم الوحشية في قطاع غزة، تواصل (إسرائيل) سعيها إلى إشعال المنطقة عبر تصعيد اعتداءاتها على الأراضي السورية، إذ شنت أربعة اعتداءات على مطاري دمشق وحلب الدوليين المدنيين خلال عشرة أيام فقط، ما أدى إلى خروجهما عن الخدمة، وتهديد حياة المسافرين وتعريض سلامة الطيران المدني للخطر، وتعطيل عمليات الأمم المتحدة الإنسانية.
وطالب دندي مجلس الأمن بالخروج عن صمته والنهوض بمسؤولياته وإدانة تلك الاعتداءات، ووضع حد لها، ومساءلة مرتكبيها، مبيناً أن الحماية التي توفرها الولايات المتحدة ودول غربية أخرى للاحتلال لضمان إفلاته من العقاب، يجعل هذه الدول شريكةً في تحمل المسؤولية عن جرائمه وانتهاكاته الخطيرة للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة.
وأوضح دندي أنه بالتزامن مع هذه الاعتداءات الإسرائيلية، تواصل التنظيمات الإرهابية ارتكاب جرائمها بحق الشعب السوري، حيث اقترفت في الخامس من الشهر الجاري، بدعم من دول معروفة، واحدةً من أبشع الجرائم وأكثرها دمويةً، إذ استهدفت بطائرات مسيرة تحمل ذخائر متفجرةً حفل تخريج طلاب ضباط الكلية الحربية في حمص، ما أسفر عن ارتقاء عشرات الشهداء وإصابة مئات العسكريين وأهاليهم من المدنيين المدعوين لحضور هذا الحفل، بمن فيهم نساء وأطفال، مؤكداً أن هذا العمل الإرهابي الشنيع لن يثني سورية عن المضي قدماً في سعيها إلى استئصال الإرهاب من أراضيها حتى القضاء عليه نهائياً.
وأشار دندي إلى أن الولايات المتحدة تستمر بانتهاكاتها الفاضحة لوحدة سورية وسلامة أراضيها، من خلال وجودها العسكري غير المشروع على الأراضي السورية، ودعمها الميليشيات الانفصالية في شمال شرق سورية، والتي قامت مؤخراً بقصف محطتي مياه في محافظة دير الزور باستخدام طائرات مسيرة، ما أدى إلى خروجهما عن الخدمة وحرمان عشرات آلاف المواطنين السوريين من مياه الشرب.
ولفت دندي إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يواصلان فرض إجراءات قسرية انفرادية غير قانونية وغير إنسانية على كل القطاعات الحيوية في سورية، مستهدفين أبسط حقوق الإنسان، بهدف حرمان شعبها من حقه في الغذاء، والصحة، والتعليم، والتنمية، مسببين له معاناةً اقتصاديةً وإنسانيةً كبيرةً وغير مسبوقة، يفاقمها قيام واشنطن، وبوقاحة قل نظيرها، بسرقة ونهب الثروات الوطنية من القمح، والغاز، والنفط.
وبين القائم بالأعمال بالنيابة أنه في إطار جهود سورية لتحسين الوضع الإنساني، فإنها تستمر بتعزيز تعاونها مع الأمم المتحدة، ووكالاتها، وبرامجها، بما في ذلك من خلال منحهم الموافقات اللازمة لتسهيل عملهم في جميع أرجاء سورية، حيث منحت، بقرار سيادي، الإذن للأمم المتحدة باستخدام ثلاثة معابر حدودية، واستخدام معبرين من الداخل عبر الخطوط، بما يسهم في استمرار تدفق المساعدات الإنسانية لمحتاجيها من المدنيين السوريين.
وأوضح دندي أنه رغم التسهيلات التي قدمتها سورية، فإن دخول المساعدات الإنسانية من خلال معبر باب الهوى تأخر لأكثر من شهرين، كما لم تدخل سوى قافلة واحدة من الداخل عبر الخطوط، ما يكشف بوضوح حقيقة الجهات التي تقف وراء منع حصول الشعب السوري على احتياجاته الإنسانية، ولهذا تؤكد سورية على ضرورة ممارسة أقصى درجات الضغط على التنظيمات الإرهابية ومشغليها في شمال غرب البلاد، لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها.
وأشار دندي إلى أن الجهود الأممية تواجه مشكلةً حقيقيةً، حيث بات انخفاض التمويل عقبةً كبرى تهدد قدرة البرامج، والوكالات الأممية على الوفاء بالولايات المنوطة بها، إذ بلغت نسبة تمويل خطة الاستجابة الإنسانية حتى الآن 29.3 بالمئة فقط، وهناك من يتعمد استمرار الوضع الإنساني الحرج في سورية، ولا سيما عقب الزلزال المدمر في شباط الماضي، في الوقت الذي تحتاج فيه سورية إلى توفير حلول مستدامة تدعم شعبها، وتقلل من اعتماده على المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، وتزيد قدرته على الصمود.
وأكد دندي مجدداً ترحيب سورية بعودة كل لاجئ سوري أجبر على مغادرة البلاد بسبب ممارسات التنظيمات الإرهابية وآثار الإجراءات الانفرادية القسرية، حيث تواصل اتخاذ كل ما يلزم لتسهيل عودة اللاجئين، وتستمر بالتعاون والتنسيق القائم مع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بما في ذلك تعزيز قناة التواصل والتشاور المعمول بها مع المفوضية، لمعالجة المشاغل الأساسية للاجئين بشكل فعال، مشيراً إلى أن عودة اللاجئين تستلزم توفير الظروف الملائمة لها، بما في ذلك رفع الإجراءات القسرية الانفرادية، وتعزيز تنفيذ مشاريع التعافي المبكر، بما فيها تمويل جهود إزالة الألغام والمخلفات المتفجرة.
وشدد دندي على أن القوات الأمريكية الموجودة بشكل غير شرعي على الأراضي السورية تتحمل مسؤولية المعاناة الإنسانية في مخيم الركبان، التي يتم إنهاؤها من خلال إغلاق المخيم، كذلك الأمر بالنسبة لمخيم الهول الذي تسيطر عليه ميليشيات انفصالية بدعم من تلك القوات، والذي يتوجب إغلاقه أيضاً بعد قيام البلدان الأصلية بتحمل مسؤولياتها واستعادة رعاياها المحتجزين فيه، مجدداً إدانة سورية لهذه الممارسات الأمريكية الرعناء، بما في ذلك دعمها للمجموعات الإرهابية، والميليشيات الانفصالية، وسعيها إلى الإبقاء على الوضع الراهن لهذا المخيم.
وأكد دندي أن تجاوز تداعيات الأزمة في سورية يحتاج إلى توافر إرادة سياسية صادقة لدى بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن، لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والممنهجة، وإنهاء الوجود الأجنبي غير الشرعي على الأراضي السورية، والرفع الفوري وغير المشروط للإجراءات الانفرادية القسرية، ودعم جهود الدولة ومؤسساتها، للارتقاء بالوضع الإنساني من خلال تلبية الاحتياجات الإنسانية للسوريين دون تمييز، بما في ذلك من خلال وفاء المانحين بتعهداتهم التي قطعوها حيال خطة الاستجابة الإنسانية، وزيادة مشاريع التعافي المبكر.
ورداً على بيان المندوبة الأمريكية قال دندي: سمعنا ادعاءاتها حول ما يسمى “حق الدفاع عن النفس” لقوات بلادها في الأراضي السورية، ويبدو أنها تناست أن قواتها موجودة بشكل غير شرعي على الأراضي السورية، كما يبدو أن واشنطن تعطي لنفسها الحق لوجود قواتها في أي مكان وفي أي زمان دون أي موافقة، وفي انتهاك كامل للقانون الدولي، متذرعةً بوجود قواتها لمكافحة تنظيم (داعش) الإرهابي الذي هو صناعة أمريكية مئة بالمئة.
وأضاف دندي: أذكّر سفيرة الولايات المتحدة بتاريخ بلادها المليء بالنقاط السوداء، وخاصةً في منطقة الشرق الأوسط، من خلال تدمير العراق بحجج وأكاذيب، ومؤخراً الدعم الكامل والمطلق للاحتلال الإسرائيلي، إذ لم تكتف خلال الأيام الماضية بتعطيل عمل مجلس الأمن ومنعه من حماية الشعب الفلسطيني، بل سارعت إلى تعزيز آلة الحرب الإسرائيلية من خلال إرسال حاملات طائراتها إلى المنطقة وتزويد (إسرائيل) بالعتاد العسكري والمركبات المتطورة، إضافةً إلى تخصيصها بدعم مالي بلغ مليارات الدولارات.