جهينة نيوز:
عشر لوحات لشخصية واحدة عملاقة ملامحها الحزينة متشابهة حد التطابق لكنها في الوقت ذاته غامضة وتمتلك الكثير من التفاصيل الدقيقة وكلها تنضوي تحت عنوان مسرحية صموئيل بيكيت في انتظار غودو دون تبيان أوجه الشبه بين تفاصيل المسرحية لبطليها الرئيسيين فلاديمير وستراغون وبين تلك الشخصيات العملاقة المتشابهة إلا في الانتماء المفروض لعبثية الحياة ذاتها.
وتتكثف الحالة الانفعالية لتلك الشخوص عبر مشاهد الفيديو آرت التي تقترب من الألفة بين أعضاء الأسرة لتبتعد في الوقت ذاته نحو خيالات وأحلام متكررة عن طائرات ورقية وقمر يزين سماء مليئة بالنجوم ولوحات على الجدار لأب وأم تجمعهما أصالة اللباس والملامح المتشابهة لنجد أنفسنا أمام مقاربة بين شخصيات بيكيت وأفراد هذه العائلة الذين يعيشون انتظاراتهم كل منهم على طريقته.
وكما تتراكم الصور يضع الفراجي المتلقي أمام مجموعة كبيرة من الرموز التي لا تلبث أن تتحلل شيئاً فشيئاً أمام مشهد المائدة واجتماع الأسرة حوله ثم افتراقهم فرادى نحو مصيرهم المجهول بحيث أن السؤال عن جودو المنتظر يستعيد ألقه في هذا المعرض دون إجابة واضحة فمن الممكن أن يكون المجهول أو التوق أو الحرية أو السعادة.
ويبرز في هذا المعرض الذي يستمر حتى نهاية الشهر الجاري عبر اجتماع اللوحات مع الفيديو آرت محاولة الفراجي البحث في تركيبة الحياة ومجاهلها والاقتراب أكثر من مكنونات النفس البشرية أحلامها وتأويلاتها المستمرة عبر الإغراق في العوالم الوجودية والبحث الفلسفي عن مجازات العيش والشراكة مع الآخر وتحقيق الذات بأبعادها المختلفة.
ويبدو أن الاهتمام بالفكرة رافقها تقشف على صعيد العناية بالتفاصيل التشكيلية فالشخوص لا تتشابه فقط وإنما تتكرر وهي نسخ مكررة إلكترونياً إما عبر التقابل أو التناظر حول محور ما يؤدي إلى غياب الروح الحية لضربات الفرشاة مثلاً أو انسياب الحبر في مقابل قص جائر وتحديد مصقول بشكل زائد عن الحاجة للخط الخارجي وهذا ما أضعف القوة التعبيرية للوحة وأغرقها في تفاصيل كان من البساطة بمكان الاستغناء عنها وإغناء اللوحة بطريقة مغايرة.
يذكر أن الفراجي المولود في بغداد عام 1960 درس في معهد الفنون الجميلة وأكاديمية الفنون الجميلة في العراق عام 2000 حيث تابع تحصيله للحصول على دبلوم عال في التصميم الغرافيكي من معهد كونستانتين هايجنز في هولندا حيث يقيم حالياً وبعد مشاركته في عدد من المعارض حول العالم في ثمانينيات القرن الماضي صارت أعماله جزءاً من مجموعات المتحف الوطني للفن الحديث في العراق والمعرض الوطني للفنون الجميلة في الأرض ومتحف نوفوسيبيرسكي لفن الدولة في روسيا ومتحف كلوج نابوكا للفن في رومانيا.