دمشق- خاص:
بذريعة «التدخل لأغراض إنسانية» سبق لحلف المرابين والدجّالين الجدد في أميركا وأوروبا أن قصف ليبيا ودمّر بنيتها التحتية وجيشها وسلاحها تمهيدا للهيمنة على حقولها النفطية ومقدراتها وقرارها السياسي, وإخراجها من دائرة العداء لإسرائيل, غير مبالٍ بقطعان التكفير المتأسلم المتصارعة التي أدخلها عامدا متعمدا لتحويل ليبيا إلى جحيم. وبالذريعة ذاتها سبق لذلك الحلف الأسود أن تدخّل في العراق وأوكرانيا وأماكن عدة من العالم, وفي كل مرة تتكشف الصورة عن بشاعة هذا الحلف, واستثماره لأكذوبة «الديمقراطية» الغربية الزائفة لتمرير عدوانه المستمر وتحقيق أهدافه القذرة في بسط نفوذه على العالم كل العالم, سواء بالعدوان المباشر أم عبر أدواته وعملائه و«ثوراته الملونة» التي تتلطى وراء منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان, فيما تعمل في الخفاء على قلب الأنظمة الوطنية المستقلة وإلحاقها بعجلة العولمة المتوحشة.
التصعيد الإعلامي الخطير والمكثف والمفبرك عبر أسطول فضائيات التضليل ضد سورية واتهام جيشها باستخدام السلاح الكيماوي وقتل المدنيين في خان شيخون(إدلب) لم يأتِ عبثاً خلال أربع وعشرين ساعة متواصلة, فقد كانت النيّة مبيّتة لعدوان أميركي على سورية, وكان لا بدّ من حرب إعلامية واسعة تهيئ الرأي العام الأميركي والدولي لتمرير هذا العدوان, ومن هنا جاءت تلك العاصفة الإعلامية «الكيماوية» لتعمي الأبصار عن حقيقة هذا العدوان وتسويغه أولاً, وإضفاء طابع التدخل الإنساني لأميركا لتجميل صورتها ثانياً, ولاستعراض عضلات الإدارة الجديدة بزعامة ترامب وعصابته ثالثاً, وثمنا لإرضاء العملاء في السعودية وقطر وتركيا وإسرائيل وائتلاف الخيانة رابعاً, بما يضمن لأميركا استمرار تدفق النفط والاستثمارات وتوظيف رؤوس الأموال ودوران مصانع السلاح, وبث الأمل في نفوس عملائها بعد هزائمهم المتكررة على وقع الانتصارات العسكرية والسياسية للدولة السورية.
إن المتتبع لمجريات ما قبل هذا العدوان يعرف تماما أن بلدة «خان شيخون» في ريف إدلب اختطفت من قبل العصابات الإرهابية التكفيرية منذ بداية الحرب الظالمة على سورية, واستطاعت «جبهة النصرة» التكفيرية أن تسيطر عليها بالكامل مطلع عام 2014م بعد أن قامت بتصفية عدد من الجماعات والألوية والكتائب الإرهابية التي كانت تتصارع على تلك المنطقة بسبب وقوعها على الأوتوستراد الدولي (حلب/ دمشق) مرورا بحماة وحمص من جهة, ولقربها من مصادر الإمداد والتمويل والتسليح عبر الخط الواصل بينها وبين إدلب ثم تركيا من جهة ثانية. وقد أذاقت تلك العصابات التي توالت على خان شيخون الويلات لسكانها مما دفع معظمهم إلى الهروب منها, وعملت جبهة النصرة على تخزين مختلف أنواع الأسلحة بما في ذلك السلاح الكيماوي في مستودعات داخل الأحياء المدنية وفي المدارس والمستوصفات والأبنية الحكومية, وسبق لجبهة النصرة أن شنّت هجوما سابقا على «خان العسل» انطلاقا من مقرها في خان شيخون استخدمت فيه غاز السارين بحسب التقارير التي أكدتها لجان التفتيش ورفعتها إلى مجلس الأمن الدولي. فالسلاح الكيماوي الذي اتُهم الجيش العربي السوري باستخدامه ليس بحوزته أو تحت سيطرته بل بحوزة جبهة النصرة, ومن هنا يمكن فهم هذا التهويل الإعلامي لإبعاد الشبهة عن جبهة النصرة وإلصاقها بالجيش العربي السوري تمريرا للعدوان الأميركي المبيّت سابقا الذي استثمر صوراً كثيرة بعضها مزيف لضحايا الانفجار الذي حدث في أحد مخازن هذا السلاح في خان شيخون.
والسوريون الصامدون باتوا على دراية بهذه الألاعيب, وهم قادرون على وضع كل ما يحدث في سياق التآمر المستمر على وطنهم, وذلك ما يزيد في قوتهم ومنعتهم وإصرارهم على النصر قيادة وجيشا وشعبا. ولن يفتّ العدوان الأميركي على القاعدة الجوية في المنطقة الوسطى من عضد الجيش أو يضعف الروح المعنوية لديه ولدى الصامدين معه من أبناء شعبه, بل زادهم حماسة على المواجهة والتحدي مهما كان الثمن.
خاص جهينة نيوز