الهجوم على حافلة المنيا ...الإرهاب يبدأ من هنا بقلم: محمد أبو قمر

السبت, 27 أيار 2017 الساعة 02:23 | مواقف واراء, كتاب جهينة

الهجوم على حافلة المنيا ...الإرهاب يبدأ من هنا   بقلم: محمد أبو قمر

خاص: القاهرة

هذا هجوم إرهابي آخر يحصد أرواح الأطفال والنساء بلا ذنب ولا جريرة. ثلاثون ضحية مزقت أجسادهم رصاصات الإرهاب في المنيا «باسم الله» وتنفيذا لتعاليم الدين كما يراها هؤلاء الإرهابيون.  

   هذا هو ما حدث ويحدث في سورية  وليبيا والعراق ولندن ، وكل هذه الحوادث نكتشف أن دوافعها واحدة، والفكر الذي يغذيها واحد، وفي كل مرة يخرج المتحدثون سواء سياسيين أم رجال دين ليقولوا لنا: إن هذا الإرهاب لا علاقة له بالدين، وأن الدين بريء من سفك دماء الأبرياء، وأن الدين يحض علي التعايش والتسامح وما إلي ذلك من العبارات التي لا تفعل سوى وضعنا في حالة انتظار لعملية أخرى أكثر دموية وبشاعة.

   في كل مرة يتحرك الأمن ، ويلقي القبض علي الإرهابيين القتلة ، وفي كل مرة يلقي رجال الدين علينا باستنكاراتهم، وفي كل مرة يعبر الناس عن حزنهم وألمهم بعبارات غاضبة متشنجة مفعمة بالحزن والأسى، لكن الإرهاب يظل ينمو ويزداد توحشا، ونظل نحن ندور في تلك الدائرة المرعبة الرهيبة التي ينتج عن دورانها مزيد من الضحايا في الوقت الذي يضيف الإرهاب إلى رصيده درجات أكثر تؤهله للجنة حيث يلاقي هناك الحور العين في متعة تفوق كل تخيل.

   يحدث ذلك كله  ويتكرر كل يوم في مصر وفي سورية وفي أماكن عديدة من العالم ، ورغم ذلك كله لا أحد يريد أن يمس المعين الذي ينهل منه الإرهاب، والحاضنة التي ينفّذ من خلالها  أعداء مصر وسورية على نحو خاص أجنداتهم السياسية. وكأن مثقفي الأمة أصيبوا بالضمور العقلي، لا أحد يريد أن يقترب من هذا النسق الفكري الذي يصنع لنا الموت والقهر والألم والخراب كل يوم ، وفي هذا المقال أحاول تسليط الضوء على تلك العلاقة الوثيقة بين الخطاب الذي يقدمه لنا رجال الدين باعتباره الدين ذاته, وبين الإرهاب.

  في البداية لابد من تأكيد أن الدين ليس هو النسق الفكري الذي يقدمون لنا الدين من خلاله، أي أن الدين ليس هو الخطاب الديني بالرغم من أن أنصار أو أتباع كل خطاب ديني يقدمون لنا خطابهم باعتباره الدين، وليس ذلك فحسب بل يكفرون كل من يقترب من خطابهم ويعتبرون هذا الاقتراب محاولة لهدم الدين.

   والحقيقة المرة هي أن الثقافة العربية بصفة عامة قد تشكلت وفق الخطاب الديني الذي صاغه البشر وفق ما يريدون توصيله للناس باعتباره الدين، وقد تغلغل هذا الخطاب في تفاصيل الوعي العربي، وسيطر على النسق المعرفي، وصرنا لا نرى أنفسنا ولا نتعرف على العالم من حولنا إلا من خلال هذا الخطاب.

  هذا الخطاب الذي تمدد في الضمير العربي وتسرب إلى وجدان مثقفينا وسيطر على عقل الأمة وصار يشكل مجمل معارفنا يتكون من عنصريين أساسيين:

1- الخطاب السلفي:

ويمثله السلفيون بصفة عامة سواء السلفية العلمية أم السلفية الوهابية.

وهذا الخطاب عموما لا يعترف بالعقل, بل يكفر كل من يحاول استخدام عقله في التعامل مع النصوص سواء القرآن أو الأحاديث.

وهذا الخطاب يقدس التراث ويعدّ كل ما فيه من مخازٍ جنسية أو عناصر دموية أو تكفير أوامر مطلقة.

أي أن هذا الخطاب لا مكان للعقل فيه ويعتمد كليا على النقل ، لا إبداع ولا اجتهاد وأي محاولة للخروج على إجماع الأئمة كفر صريح.

2- الخطاب الأشعري ( الأزهري )

ويصف الأزهريون خطابهم الأشعري هذا بالوسطية, وماذا تعني الوسطية ؟؟؟؟

الوسطية في العرف الأزهري هي التوفيق بين العقل والنقل. أي تقديم نموذج مزيج بين العقل والنقل.

ورغم أنني لا أعرف كيف يمكن المزج بين العقل الحالي وبين النقل المنتج منذ ما يزيد على الألف عام إلا أنني أجد نفسي مجبرا علي قبوله بصفتي واحداً من الخاضعين لمفردات وتفاصيل الثقافة العربية الإسلامية ، فهذا هو المتاح والمقدم لي علي أنه الدين الإسلامي، بل باعتباره الثقافة التي تشكل وعينا.

لكن لماذا نجد في أحايين كثيرة شيوخا أزهريين لا يتعاملون إلا بالنقل ويخشون إلى حد الجمود من أي محاولة لإعمال العقل؟؟؟؟

السبب هو في معنى الوسطية ذاتها التي يفسرها الأزهريون بالتفسير الآتي :

إن الأشعرية تعترف بالعقل وتأخذ بنتائجه بشرط أن يكون في النقل ما يؤيد ما جاء به العقل.

ويمكنك الآن ملاحظة أن الأشعرية هي الأخرى ترفع من شأن النقل وتجعله رقيبا حسيبا على المنجز العقلي.

وبوضوح وصراحة فإن الوسطية بمفهوم أصحابها وليس بمفهومي أنا هي صفة بلا معنى وبلا مضمون ، فماذا تعني الوسطية وأنت تجعل التراث قيما ورقيبا وحسيبا على المنجز العقلي .

فالوسطية بهذا المفهوم تصبح نوعا من التلفيق أو الالتفاف على العقل ودحره بلا رحمة وهم يقولون لك نحن وسطيون.

الوسطية تتجلى فقط في بيانات الاستنكار كلما حدث هجوم إرهابي ، وتبدو كمذهب اعتدالي فقط حين يورد أحد قادة الأزهر بعض الآيات التي تنكر قتل الأغيار أو تحض على التعايش أو تحرم سفك دماء الأبرياء. لكن بصفة عامة يمكنك اكتشاف بوضوح وبلا لبس أن الوسطية تتماهى تماما مع الخطاب السلفي غير العقلاني.

والدلائل على ذلك كثيرة منها ما جاء على ألسنة مشايخ السلفية عندما شهد الشيخ محمد الغزالي مثلا في قضية فرج فوده وأكد مشروعية قتله ، ومنها ما قاله الشيخ سالم عبد الجليل بشأن تكفير المسيحيين.

الخلاصة هي أن هذين الخطابين السلفي, والأشعري الوسطي الأزهري, يشكلان عصب الثقافة المصرية على وجه الخصوص، وأي أفندي أو أستاذ أو متعلم أو سياسي أو أيا من كان هو خاضع لهذه الثقافة، ووجدانه وعقله وروحه معبأة بمفردات هذه الثقافة ولا يمكنه الادعاء بغير ذلك.

فإذا كنا نريد التخلص من الإرهاب فينبغي تفجير هذه الثقافة من داخلها وإحلال ثقافة عقلية تجرم النقل وتدحره بكل ما فيه من دموية ومخازٍ ونكاح الصغيرات وشرب بول البعير ومفاخدة الرضيعة والذبح وسفك دماء الأبرياء إرضاء لما يعتقدونه أوامر إلهية!.

لن نحقق أي تقدم معرفي أو فكري أو تقني أو حضاري في ظل هذين الخطابين اللذين يشكلان معارفنا وعباداتنا وثقافتنا ووجداننا وضمائرنا.

 إما العقل أو سنظل في ذيل العالم ندعي الإيمان والوسطية وقبول الآخر ، في الوقت الذي تنكر فيه ثقافتنا مجرد الاجتهاد.

إذا لم نفعل ذلك سنموت ونحن نعتقد أننا نستحق الجنة في الوقت الذي لم تكن فيه الحياة من حقنا لأننا ننكر عقولنا.


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 عدنان احسان- امريكا
    28/5/2017
    09:16
    عمل مدبر من المخابرات المصريه بالتعاون مع الامريكان
    طبعا هذا العمل هو عمل استخباراتي مدبر ، بعد ان اصبح الارهاب استحقاق سياسي . ومثلما كان في السابق الاقتصاد يعكس السياسيه والسياسه تعكس الاقتصاد ، اليوم تبدل كل شى لتصبح نظريه الارهاب يعكس السياسيه ، لذلك بعد هذه العمليه سنجد دوله السيسي ربما قبلت بالعرض الذي قدم لها في قمه الرياض الاخيره ، لتكمل ملفات الارهاب التي تورط بها الربيع العربي وبقي السيسي ينتظر الاوامر والتي اتت اليه بشكل تصعيد ورقه الارهاب بمصر لخلق التبريرات للانتقال من صحارء سيناء ، لصحراء ليبيا ، ولذلك كلما استعصت الامور زادت العمليات الارهابيه ، يوم تقجير باص ويوم كنيسه ، والعمليات القادمه ترقبوا اغتيال بابا الاقباط ، لتفلت الامور بشكل كامل ، وتضيع الطاسه واذا فشلوا في المشرق ، والمغرب العربي ربما ينجحوا بوادي النيل .

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا