جهينة نيوز:
بزيارة الرئيس المصري إلى أمريكا التي ستستمر عدة أيام ولقائه مع الإدارة الأمريكية الجديدة ، يمكن القول إن تغيرات كثيرة سوف تحدث في المنطقة كلّها، إذ أن مصر على الرغم من أنها خارجيا وداخليا في أضعف حالاتها، ولم تستطع أن تكون على مسافة واحدة من كل الدول التي تتشارك معها إقليميا ودوليا، إلا أنها ستظل حجر الزاوية في الشرق الأوسط حتى بالمنطق السلبي. فمنذ اتجهت إلى روسيا قبل عامين بشكل بدا للجميع وكأنه استراتيجيه جديدة للسياسة المصرية، إلا أن ذلك التوجه لم يستمر طويلا، نتيجة لظروف كثيرة ، أولها رؤية مصر غير الاستراتيجية في تمتين وتفعيل هذه العلاقة، وكأن ذلك التوجه في الوقت الضائع إلى روسيا كان عابراً ومرهونا فقط بعودة العلاقة مع أمريكا من عدمها، ولهذا بمجرد انتهاء ولاية أوباما، اتجهت مصر كليّا إلى أمريكا، والزيارة الحالية تشير إلى عودة العلاقة كما كانت عليه قبل ما يسمى بالربيع العربي، وهو ما وضح منذ اللحظات الأولى لدخول ترامب البيت الأبيض.
ونظرا لأن استراتيجية أمريكا في سورية بدأت تأخذ طريقا جديدة، خصوصا بعد انتصارات سورية الكبيرة مؤخراً ، لدرجة أنها بدأت في العد التنازلي لدحر الإرهاب والقضاء عليه، إلا أن الأمريكان يريدون عودة الأمور إلى المربع صفر، ولهذا حرصت الإدارة الأمريكية على لعب عدة أدوار في وقت واحد، فقامت بالضغط على السعودية، لإعادة ضخ البترول مرة أخرى إلى مصر، وفتحت أبواب البيت الأبيض للرئيس المصري كرئيس شرعي، وتغيير طريقة مخاطبته، فقد كانت الإدارة السابقة تنعته بالانقلابي قبل شهور قليلة، وقد ساد شعور عام لدى المصريين أن مصر بعد أن خلعت الإخوان سوف تتجه إلى محاربة الإرهاب مباشرة متقاطعة مع التوجهات نفسها التي تقوم بها الدولة السورية ضد الإرهاب، كما هو الأمر في ليبيا، واليمن ، والعراق، إلا أن ذلك الشعور قد خاب ، فالإدارة المصرية اعتبرت أمن الخليج الأمريكي من أمن مصر، وهي رؤية تتناغم مع رؤية الأمريكي تماما، الذي يُعدّ حامي الخليج الأساسي، ما يشير إلى أن مصر لا يهمُّها سوى رضاه، ولهذا أبقت على سفارة سورية مغلقة، ولم تقم بتفعيل علاقتها بسورية على الأرض، كما أن ما يسمّى «المعارضة السورية» ما زالت ترتع في ضواحي القاهرة، وتقام لها الولائم والمؤتمرات! ولهذا فنتائج زيارة السيسي إلى أمريكا ولقاؤه الرئيس ترامب، ستكون بالغة الخطورة، فيما لو استمرت أمريكا باللعب على خلق فوضى جديدة توقف تقدم الدولة السورية عن مواصلة انتصاراتها. وقد بدأت بادعاء استخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي في خان شيخون (إدلب) علما أن سورية تخلصت تماما من أي سلاح كيماوي بحسب التقارير المقدمة إلى مجلس الأمن، وترافق هذا الادعاء مع الانفجار في مترو سان بطرسبورغ الروسية، والترويج المصري لشعار أن مصر "بلد آمن"، ودعوة الأمريكان للسفر إليها، في إشارة إلى عودة السياحة، وتراجع وطأة الإرهاب الممول خليجيا في سيناء، في مقابل ظهور الحلف الجديد السعودي /المصري /الأمريكي/ الإسرائيلي, والتمهيد لتدويل المفاوضات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وما يجري اليوم ليس جديدا على السياسة المصرية فقد عشنا تلك الفصول في ظل حكم حسني مبارك، الذي شارك دول الخليج ومعهم أمريكا وأوروبا في ضرب العراق، وما أشبه الليلة بالبارحة، فهذه السياسة تنتهجها مصر قبل سنوات طويلة منذ «كامب ديفيد» وحتى وقتنا الحالي، ولهذا يبرز السؤال المشحون بالمخاوف وهو هل ستشارك مع أمريكا في الحرب الدائرة على سورية بدعوى محاربة الإرهاب؟
خاص جهينة نيوز
21:28