جهينة نيوز
ركزت صحيفة تشرين في عددها الصادر اليوم الاربعاء 3 كانون الثاني 2018 على ما تقوم بعمله المؤسسة العامة للبريد حيث كان مراجعوها يتزاحمون كالمدعوين في صالات الأعراس .. مخصصاتها في اليوم أكثر من عشرات ملايين الرسائل.. ولكن تحالف القطاع الخاص ووسائل التواصل الاجتماعي ثم الحرب والحصار ضد المؤسسة تم «تشليحها» اختصاصاتها من طرود وحوالات ورسائل.
أقل من 20% هو كل ما بقي لمؤسسة البريد من أعمالها التاريخية، فقد بدأت مهماتها تتعرض للسطو منذ 1991مع بداية الترخيص للقطاع الخاص، وفي عام 2004 أجاز القانون ترخيص أنشطة بريدية للقطاع الخاص من دون حصول هذه المؤسسة على المعاملة بالمثل!
تغيرت الأحوال
30 شركة بريد خاصة أصبحت تنافس مؤسسة البريد 7 منها خارجية، وإذا كان هذا بداية التدهور في عمل مؤسسة البريد، فلم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل كانت الضربة الثانية التي تلقتها المؤسسة العامة للبريد هي بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي أخرجت خدمة ساعي البريد ومؤسسته من الحاجة، وأصبح الظرف المخصص لحفظ الرسائل شكلاً من التاريخ قد يحتفظ فيه البعض للذكرى بعدما أصبح «الواتس، والمسنجر» يؤديان الخدمة ذاتها بلمح البصر.
أما الضربة الثالثة التي تلقتها المؤسسة العامة للبريد فكانت خلال الحرب، وقد نالت حصتها من الحرب على محورين: الإغلاق والحصار، حيث خرج أكثر من 65% من مكاتبها المنتشرة في كل القطر من الخدمة نتيجة وجودها في مناطق ساخنة.
منافسة شرسة
مدير المؤسسة أحمد سعد يؤكد أنه من أصل 407 مراكز خدمة هناك 164 مركزاً شغالاً فقط، فمكاتب حلب الأربعة والأربعين خارج الخدمة، إضافة إلى وجود 50 مركزاً مغلقاً في إدلب وكذلك الرقة ودير الزور، والقسم الأكبر من مراكز البريد في درعا وحمص وريف دمشق.
لم يكن هذا كل شيء بل كانت آثار العقوبات الاقتصادية مباشرة على هذه المؤسسة وذلك بعد توقف البريد الصادر والوارد الدولي لعدم هبوط الطيران في مطار دمشق الدولي بعد العقوبات الاقتصادية والحصار.
عبثاً يحاول سعد التذكير بالمهمات التي يمكن أن تؤديها مؤسسته بكفاءة وأمانة أعلى ولاسيما في المناطق الآمنة, مؤكداً أن مؤسسة البريد مكلفة بخدمة بريدية شمولية، وعليها تقديم الخدمة لكل المواطنين وعلى كل مساحة الأرض بغض النظر عن الربح والخسارة، وليس كما يحصل مع الشركات الخاصة التي تستثمر في المناطق الرابحة فقط، بينما يصل البريد إلى العنوان المحدد في أي قرية كانت، إضافة إلى الأمان والمصداقية، فالدولة تضمن حقوق الناس حتى لو تعثرت.
أسباب المقاطعة
وعن أسباب عزوف الناس عن التعامل مع المؤسسة وتفضيل القطاع الخاص على مراجعة أفرع المؤسسة رغم تعرض أصحاب الحوالات المودعين في شركات خاصة إلى حالتي خطر خلال سنوات الحرب كما حصل مع أصحاب الحوالات في كل من شركتي «العنكبوت واكسبرس»؟
يعتقد سعد أن المشكلة في ضعف الدعاية والإعلان، أو التسويق الإعلامي، سواء أصاب في هذا التحليل أم لا، كان هناك واقع يجب علاجه، وأكثر من 2400 عامل ما زالوا على رأس عملهم ويجب توفير البدائل لهم، ولكيلا تبقى المؤسسة هيكلاً من دون عمل بدؤوا العمل بمهمات جديدة كبيع وصرف جوائز بطاقات يا نصيب معرض دمشق الدولي، إضافة لخدمة دفع رواتب المتقاعدين، من التأمينات الاجتماعية والتأمين والمعاشات، مع عرض خدمة إيصال الراتب للراغبين إلى مكان إقامتهم بتكلفة تصل الآن إلى 400 ليرة لكل راتب يتم إيصاله. وقد بدأت من مبلغ 50 ليرة. وأضاف سعد أن عدد المسجلين في هذه الخدمة 40 ألف شخص.
ليس هذا كل ما تحاول المؤسسة عمله بعدما خسرت مهماتها، بل يقدمون خدمة وثيقة غير عامل، والأحوال المدنية (طلاق, زواج, بيان عائلي) وكذلك شحن ونقل البضائع بين المحافظات، وتصديق الوثائق في وزارة الخارجية…الخ. ويرى سعد أنها كلها خدمات توفر الجهد والوقت وتقدم بأسعار رمزية.
بدورها جريدة الوطن اهتمت بما كشفه المدير العام للهيئة العامة للطب الشرعي في سورية زاهر حجو أنه تم توثيق نحو 35 ألف ضحية خلال الأزمة نتيجة القذائف وحالات القنص من المسلحين في أربع محافظات وهي دمشق وحلب وحمص واللاذقية.
وفي تصريح خاص لها أوضح حجو أن عدد الضحايا الموثقين في دمشق بلغ أكثر من 10 آلاف في حين وصل العدد في حلب إلى 13 ألفاً وفي حمص إلى أكثر من 9700 ضحية وأخيراً اللاذقية ألفي ضحية.
وأكد حجو أنه لا إحصائيات دقيقة عن عدد الضحايا في باقي المحافظات وأنه سيتم العمل على إعداد إحصائيات خلال العام الحالي، مؤكداً أن لدى الهيئة معلومات عن وجود أماكن المقابر الجماعية في مدينة الرقة.
ولفت حجو إلى أنه يتم العمل حالياً على أتمتة عمل الهيئة في كل فروعها في المحافظات، إضافة إلى إصدار الدليل الخاص بالطب الشرعي لتعريف الطبيب في أسس عمل هذا الاختصاص.
مخابر هي الأولى من نوعها
وأعلن حجو أنه خلال العام الحالي سيتم إحداث مخبر خاص بالسموم هو الأول من نوعه في سورية لكشف أي حالة تسمم تحدث مهما كانت معقدة، كاشفاً عن وجود العديد من حالات الوفاة ناجمة عن تسمم إلا أنها كانت تتغطى وتتظاهر أنها نبوة احتشاء قلبية لأنه لا مخبر مختصاً لكشف الحالة السمية.
ورأى حجو أن هناك ضعفاً في الثقافة الطبية المتعلقة بحالات التسمم وهذا ما جعل العديد من حالات الوفاة الناجمة عن التسمم تمر مرور الكرام من دون كشفها.
وأكد حجو أنه يتم العمل على إحداث مخبر خاص بالبصمة الوراثية «dna» تابع للهيئة سيكون له دور كبير في الكشف عن الكثير من الجرائم إضافة إلى مساعدة الموطنين في معرفة أبنائهم، مشيراً إلى العمل لإحداث مخبر خاص بالبصمة السنية.
الطب الشرعي بحاجة إلى إسعاف
وقال حجو: الطب الشرعي في سورية تراجع بشكل كبير وحالياً يحتضر وبحاجة إلى إسعاف فوري، كاشفاً أن 70 بالمئة من الأطباء الشرعيين هاجروا خارج البلاد من أصل 150 طبيباً.
وأكد حجو أن عدد الموجودين حالياً لا يتجاوز 56 طبيبا في حين البلاد تحتاج إلى 400 طبيب على الأقل، موضحاً بأنه حالياً لا يوجد أي طبيب مقيم في وزارتي الصحة والتعليم العالي مختص بالطب الشرعي ما يعني أنه ستمضي أربع سنوات من دون أن يكون هناك دم جديد في الطب الشرعي باعتبار أن الاختصاص أربع سنوات، معتبراً أن هذه كارثة بحد ذاتها.
ورأى حجو أن سبب قلة عدد الأطباء الشرعيين يعود إلى الظروف المادية بالدرجة الأولى، موضحاً أن الطبيب ملزم بالعمل الحكومي وبالتالي فهو يعيش على الراتب والذي يعد معدوماً مقارنة بالظروف المعيشية، وداعياً إلى معاملة الطبيب الشرعي على الأقل أسوة بطبيب التخدير.
وأضاف حجو: من الأسباب أيضاً أن الطبيب الشرعي يعتبر طرفا في المشكلة باعتبار أنه سيقدم تقريره إلى الوزارة بالمختصة أم بتبرئة الشخص أم باتهامه وبالتالي فهو معرض للانتقادات ويتم اتهامه في حين الطبيب العادي تنشأ علاقة ود بينه وبين المريض لأن الهدف هو العلاج.
تشكيك بالنزاهة
وكشف حجو عن وجود العديد من الادعاءات على أطباء شرعيين تضمنت التشكيك بنزاهة تقرير الطبيب الشرعي والتواطؤ مع الطرف الآخر.
ورأى حجو أن تقرير الطبيب الشرعي من الممكن أن يتسبب بدخول صاحبه السجن وخسارة شهادته ولو كان الخطأ غير مقصود، مضيفاً: هنا تكمن خطورة عمل الطب الشرعي إضافة إلى أن الطبيب يتعامل مع الجثث ومنها متفسخ ومسرح ومرتع للأمراض.
وأشار حجو إلى أن اللجنة المشكلة لوضع مقترحات خاصة بتحسين أوضاع الطبيب الشرعي خرجت بالعديد من التوصيات وهي شبيهة بتوصيات أطباء التخدير التي أقرت أخيراً، مؤكداً أن قانون أحداث الهيئة لحظ إحداث طابع خاص بالأطباء الشرعيين وهو ما يتم العمل عليه حالياً إضافة إلى التقارير المأجورة وهذا يتم بالتنسيق مع نقابة الأطباء.
لا يوجد موظفون
وأكد حجو أن قانون إحداث الهيئة والذي صدر بالمرسوم رقم 17 لعام 2014 رائع ويضاهي أفضل القوانين في أكثر الدول تطوراً في الطب الشرعي، معتبراً أنه لو طبق وقت ظهوره لكانت سورية في مصاف الدول المتطورة على الأقل في الشرق الأوسط.
وكشف حجو أن هناك العديد من المعوقات تواجه عمل الهيئة منها الأمور التنظيمية رغم محاولة وزارة الصحة المساعدة في ذلك، مؤكداً أن الهيئة لا يوجد فيها إلا 12 موظفاً فقط وهم منتدبون من وزارات أخرى.
وأشار حجو إلى أن الهيئة بفروعها في المحافظات بحاجة إلى 510 أشخاص من أطباء شرعيين وموظفين على حين مقر الهيئة في دمشق بحاجة إلى 100 موظف.
وأضاف حجو: إلى الآن لم يصدر الملاك العددي والنظام الداخلي للهيئة رغم أنه تم الانتهاء حالياً من وضعهما، مؤكداً أن الهيئة كانت تعاني من عدم تبعية الأطباء الشرعيين لها إلا أن صدور قرار مؤخراً بإتباعهم لها، وهذه كانت مفارقة بأن تكون الهيئة مسؤولة عن الأطباء الشرعيين، إلا أنهم غير تابعين لها.
وأوضح حجو أن الهدف من إحداث الهيئة توثيق وتنسيق عمل الطب الشرعي باعتبار أن مجال عمل الطبيب في عدة وزارات وهي الصحة والعدل والداخلية، مضيفاً: الهدف أيضاً رفع السوية العملية وهذا ما حدث بالفعل من خلال عقد ست ورشات عمل خلال الفترة الماضية تتناول موضوع الاستعراف والتشريح ومواضيع أخرى.
وأكد حجو أن الهيئة عبر هذه الورشات تعمل على رفع السوية العلمية للطبيب الشرعي عبر محاضرين في الجامعة، إضافة إلى التعاون مع المفوضية العليا للاجئين والصليب الأحمر.
نظرة سلبية
وأوضح حجو أن تعامل الطبيب الشرعي مع الجثث لا يتعدى نسبة 9 بالمئة بالأحول العادية على حين في ظروف الحرب فإنها تتراوح بين 20 إلى 25 بالمئة، على حين هناك أعمال مختلفة للطبيب الشرعي غير فحص الجثث مثل حوادث السير والتأمين، مؤكداً أنه خلال بداية العام سيتم تزويد الطبابات الشرعية في المحافظات بحقيبة خاصة بالطب الشرعي تتضمن كل احتياجات الطبيب أثناء قيامه بعمله.
ورأى حجو أن هناك الكثير من المواطنين وحتى الأطباء العاديين يجهلون ماهية عمل الطبيب الشرعي وأن هناك نظرة سلبية للطبيب الشرعي وهذا ما يجعلنا نتعب في عملنا، مؤكداً أنه خلال الفترة القادمة سيتم عقد الكثير من الندوات للتعريف بعمل الطب الشرعي وقيمته لتحفيز خريجي كلية الطب للتسجيل في هذا الاختصاص.