جهينة نيوز
ركزت صحيفة الثورة في عددها الصادر اليوم الاحد 14 كانون الثاني 2018 على ظاهرة جديدة بدأت بالظهور في أسواق الذهب المحلية لم يُعرف بعد مصدرها أو من يقف ورائها، ولكن المعروف أن وجود هذه الظاهرة يجب ان يكون محل مكافحة فورية لضررها البالغ على صناعة وطنية عريقة ومصلحة المواطن ومدخراته.
وقالت ما يجري في الحقيقية هو بيع الذهب الايطالي منخفض العيارات على انه ذهب مرتفع العيار بل ومكفول ومضمون والاكثر من ذلك انه مدموغ بدمغة العيارات الاعلى، ولعل ما كشف المسألة مؤخراً هو طلب أحد المواطنين بيع سلسال ذهبي يزن نحو 60 غراماً ومدموغ بدمغة 750 إيطالي (ما يعادل بالضبط عيار 18 قيراطاً من الذهب العادي) ولدى شك الجهة الرسمية المعنية بالتثبت من صحة العيارات تبين ان السلسال من عيار 10 قراريط فقط دون زيادة، الأمر الذي تسبب بخسارة هائلة للزبون الذي خسر ما لا يقل عن 50% من ادخاره.
المشكلة الرئيسية في الموضوع وفق ما وقفت عليه (الثورة) خلال متابعة الأمر هو أن هذه القطع تدخل إلى البلاد بطريقة غير نظامية مع التأكيد على ان هذه القطع ذات منشأ تركي بالدرجة الاولى وايطالي بالدرجة الثانية بالنظر الى ان ورشات الصياغة التركية تشتهر على ما يبدو بهذا النوع من الغش والتلاعب في قطع الذهب، أما بالتفاصيل فإن نوعيات الذهب تقسم إلى أقسام ثلاثة رئيسية اولها عيار 750 إيطالي او تركي وهي نسبة تعادل عيار 18 قيراطاً أما عيار 875 فتعادل عيار 21 قيراطاً في حين ان عيار 995 تعادل 24 قيراطاً وهي سقف الذهب ولا يمكن رفع العيار لأنه معدن مرن ويمكن له أن ينثني باليد ما لم تبق نسبة 9/1000 منه نحاس، وعليه فإن الورشات التركية او ربما الإيطالية التي تستورد التركية منها تعمد إلى تزوير العيارات وطلي القطع بألوان ذهبية غير مكشوفة بالعين لغش الزبائن، في حين يبقى السؤال البارز هو من يستقدم هذه النوعية من الذهب الى سورية، أما السؤال المهم فهو كيف تدخل الى المناطق الآمنة المستقرة وتباع في المحال؟!
تبدو عيارات 750 تركي أو إيطالي مغرية بشكلها (وفقاً لكل من التقت معهم الثورة للحديث عن هذه المسألة) ولكن الجميع أيضا حذر من خطورتها وعلى كافة الصعد فمن جهة هي ذهب داخل إلى البلاد بطريقة غير نظامية وما من شيء يثبت نظاميته، ومن جهة أخرى فهو ذهب مشكوك بعياراته ونقاءه ويتطلب كل قطعة منه تحليلاً يثبت درجة النقاء، ناهيك عن مسألة أخرى غاية في الأهمية وهي عدم التثبت من كون هذه القطع خالية من مسببات الامراض كالاشعاع او غيره من العوامل.
أما عن أسعار الذهب في الأسواق العالمية فقد قال نقيب الصاغة غسان جزماتي في تصريح خاص للثورة أن الاونصة ارتفعت عالمياً بمقدار لا يقل عن 27 دولاراً دفعة واحدة ما اعطى زخماً لاسعار الذهب في البورصات العالمية، اما على المستوى المحلي فأكد جزماتي ارتفاع سعر غرام الذهب بمقدار 400 ليرة نتيجة لارتفاع أسعاره عالمياً، مؤكداً في هذا السياق زيادة الاقبال على ذهب الادخار بسبب ارتفاع الاسعار ورغبة المواطن بتحقيق ربح لدى بيعه بعد ارتفاع السعر أكثر، لافتاً في هذا السياق إلى أن الزيادة في الإقبال على الليرات والاونصات الذهبية المحلية تصل وسطياً الى 10% قابلة للزيادة قليلاً بحسب مؤشر المبيعات اليومية.
اما بالنسبة لنشرة أسعار الذهب ليوم أمس السبت فأوضح جزماتي ان غرام الذهب من عيار 21 قيراطاً سجل سعر 17100 ليرة في حين بلغ سعر غرام الذذهب من عيار 18 قيراطاً 14657 ليرة ، اما الليرة الذهبية السورية فقد سجلت يوم أمس سعر 142 ألف ليرة مقابل 623 ألف ليرة وهو سعر الاونصة الذهبية المحلية، وفي نفس السياق وصل سعر الليرة الذهبية الانكليزية من عيار 22 قيراطاً الى 150 ألف ليرة في حين بلغ سعر الليرة الذهبية الانكليزية من عيار 21 قيراطاً 142 ألف ليرة.
جزماتي وفيما يتعلق بنتاج نقابة الصاغة في استقطاب الكوادر التي عزفت أو التي خرجت من دائرة العمل اوضح أن عدد الصياغ المسددون لاشتراكاتهم والملتزمون بالنقابة بشكل كامل وصل في عام 2017 الى 1600 صائغ (بخلاف الاعضاء الاساسيون في النقابة) بزيادة مقدارها 200 صائغ عن عام 2016 في حين وصل عدد الورشات العاملة الى 150 ورشة، معتبراً هذه المعطيات مرحلة وسيطة لاعادة شد اوصال المهنة بشكل كامل وتجميع كل الكفاءات والمهارات التي خرج بعضها من العمل بسبب الحرب الارهابية التي تعرضت لها سورية.
بدورها صحيفة تشرين اهتمت بموضوع حظر استيراد او شراء أي مادة أو بضاعة أو تجهيزات ذات منشأ تركي حسب القرار الحكومي الصادر عام 2015 كما يمنع قبول العروض التي يدخل في تركيبها أي مكون تركي، مع تكليف جميع الجهات الرقابية بمتابعة تطبيق هذا القرار.
وللتأكيد في عام 2017 أي بعد عامين بالضبط كان قرار الحكومة الحالية أيضاً بتشديد الرقابة على ظاهرة تهريب الأقمشة التركية إلى الأسواق المحلية، في المقابل لم تمنح وزارة الاقتصاد- كما أكدت- أي إجازة استيراد من تركيا لأي شخص كان منذ 5 سنوات تقريباً، ومع كل تلك القرارات والتأكيدات الحكومية لا تزال الأسواق المحلية تعج بالسلع والبضائع التركية، ما يضع الكثير من إشارات الاستفهام حول كيفية دخول المنتجات التركية والأهم من ذلك أين تطبيق الجهات الرقابية في منع دخول تلك المنتجات؟.
على عينك يا تاجر
رب بندورة، جبنة، زيوت نباتية، مشروبات طبيعة، مشروبات طاقة، زبدة، بسكويت، سمون نباتية، فطر، علكة، جميع أنواع المعلبات، مشروبات غازية، فروج مجمد، بيض، ألبسة، أحذية، وحالياً سلع غذائية لماركات سورية معروفة (كسمنة أصيل) على أرض الواقع تكاد لا تجد سلعة محلية منها إلا وتجد مقابلها سلعة شبيهة ذات منشأ تركي، فمحلات معروفة وأقسام كاملة في مولات راقية تعرض وتبيع السلع التركية «على عينك يا تاجر»، لا بل وتتباهى بكم المنتجات التركية التي تحتويها فجودة البضاعة التركية- كما يقول أحد الباعة-لا تقارن بالمنتجات السورية إطلاقاً. صحيح أنها غالية الثمن لكنْ لكل بضاعة زبائن محددون، كما أن الغالي سعره معه، طبعاً هذا بالنسبة للتركي فما بالك بالبضائع الأجنبية الأخرى التي تغص بها الأسواق المحلية ولو أن 99% من المواد المهربة تركية كما أكد أحد المراقبين التموينيين.
دود الخل منه وفيه
مَنْ المسؤول عن دخول المنتجات التركية إلى الأسواق المحلية؟ سؤال تقاذفت فيه الجهات المعنية التهم رامية المسؤولية على بعضها لتكون مديرية الجمارك بطريقة أو بأخرى هي المسؤول الأول والأخير بالإجماع، في حين أكد مراقب تمويني رفض ذكر اسمه أن «دود الخل منه وفيه» وأن المسؤول عن تهريب البضائع التركية هي جهات لا تسري عليها أي رقابة.
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك الحلقة الأضعف في هذه الظاهرة، كما صنفت نفسها، فمهمتها لا تتعدى تسجيل مخالفة عدم وجود فاتورة وتحوله إلى الجمارك، بينما تملصت وزارة الاقتصاد من المسؤولية تماماً على اعتبار مهمتها منح إجازات استيراد فقط وهي لم تمنح أي إجازة استيراد لتركيا منذ سنوات.
فوق كل سلطة
حال وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مع المواد المهربة في الأسواق هذه الأيام «كشاهد ماشفش حاجة» يراها المراقب التمويني، فيشيح برأسه غاضاً الطرف عنها وكأنها غير موجودة «لتنفدي» القصة بتسجيل ضبط آخر أو الالتفاف «وراء دور» إلى محل آخر لتسجيل مخالفة أخرى بعيداً عن المواد المهربة.
ورغم سلطة وزارة التجارة الداخلية إلا أن المراقب التمويني لا يجرؤ على تنظيم أي ضبط إلا بوجود قوة مؤازرة كالمحافظ، يقول مراقب تمويني في حماة: غالباً ما نتجنب تنظيم ضبوط بالمواد المهربة ونادراً ما نسجلها، فطوال العام الماضي لم نسجل إلا 10 ضبوط، وكانت بحضور المحافظ مع أن الأسواق تغص بها.
ليست القضية مجرد محل أو محلين، يعرضون كم سلعة مهربة، بل ما يحصل في حقيقة الأمر، إدخال برادات كاملة قاطرة مقطورة مدججة بالمواد المهربة ذات المنشأ التركي، وحتى في حال كانت المواد المهربة موجودة في المحلات الصغيرة تكون محمية من قبل تلك الجهات ولا نستطيع مخالفتها أو مصادرتها إلا في حال كانت معنا قوة مؤازرة يقول مراقب تمويني آخر ويضيف: بمجرد أن يطلب المراقب فاتورة مادة مهربة تكون تلك الجهات المسؤولة حاضرة في الحال، مشيراً إلى أن المواد التركية تدخل من إدلب إلى حماة لتنتشر في أسواق دمشق، «متعجباً بسخرية» وفي آخر الأمر يتم إلقاء اللوم على وزارة التجارة الداخلية وتجاهل رقابة الجمارك!!
مدير تموين دمشق عدي الشبلي أكد أن دوريات التموين تقوم ليل نهار بمراقبة الأسواق، وفي حال وجدت أي مخالفة تقوم بتنظيم الضبط المناسب، وعند استهجاننا لتلك المراقبة باستفسارنا عن ملء الأسواق بالمنتجات التركية رغم كل تلك المراقبة أردف قائلاً: أين هي موجودة لنرسل دورية فورية إلى مكانها ونقوم بالضبط المناسب!.
لا نتجرأ على كتابة الضبوط إلا مع مؤازرة
منذ قرابة 4 أشهر احتفلت مديرية التجارة الداخلية والمحافظة في حماة بإغلاق مستودع ضخم «متروس» بالمواد الغذائية ومقبلات الأطفال ذات المنشأ التركي مدة أسبوع بعد تخفيف العقوبة، ليعود بعد تلك المدة فيفتح أبوابه ويبيع بالجملة المنتجات نفسها على عينك يا محافظة وتموين و«كأنك يازيد ما غزيت» يقول أحد المراقبين الذي شهد الإغلاق: جميع البضاعة الموجودة حالياً في المستودع مهربة وذات منشأ تركي ومع ذلك لا يمكننا ضبطه أو إغلاقه، ثم مالنا ومال المواد المهربة فنحن آخر جهة مسؤولة عن الموضوع وأضاف: إنجاز الإغلاق في المرة الأولى يحسب للمحافظ، لو لم يكن المحافظ موجوداً لما استطعنا إغلاق المستودع ومع ذلك وبالرغم من حضوره لم نستطع مصادرة سوى 200 كرتونة من أصل الآلاف وتم إغلاقه مدة أسبوع بدلاً من 15 يوماً.
لا سلطة للجمعية ودورها توعوي
25% نسبة وجود المواد الغذائية التركية في الأسواق السورية بينما ترتفع نسبة وجود الأحذية والملابس التركية خاصة المانطويات والجواكيت إلى 30%، حسب رئيسة جمعية حماية المستهلك سراب عثمان أغلبها تعرض في محلات معروفة بالاسم في المناطق الراقية في الجسر الأبيض والمالكي بالنسبة لمحلات الملابس، وفي منطقة باب الجابية ومساكن برزة وصحنايا تتركز أغلبية المواد الغذائية المهربة في وقت أحوج ما نكون فيه لتشجيع صناعة المنتجات الغذائية والملابس المحلية.
ورجحت عثمان أن تكون هذه المواد قد دخلت تهريباً عبر المنافذ الحدودية متسائلة: أين دور الجمارك المسؤولة عن ذلك ومهمتها في تشديد الرقابة على تلك المواد؟ مخلية الجمعية من المسؤولية فهي لا تملك سلطة وينحصر دورها بالتوعية والإرشاد والتثقيف عن طريق المحاضرات والندوات التي تقوم بها بشكل دوري عبر البروشورات وموقعها على الفيس بوك والجولات الميدانية إلى الأسواق.
مهرب ولا يدخل عن طريق إجازة استيراد لم ينكر مدير اقتصاد دمشق محمد صلوح وجود منتجات تركية في الأسواق المحلية، وقال: هناك ألبسة وأحذية وزيوت تركية وكل ما تريده حاضر في الأسواق مستدركاً لكنه لا يدخل عن طريق الوزارة إطلاقاً، فكل ما منشؤه تركي ممنوع استيراده ولم نمنح إجازة استيراد له منذ الشهر 9 من عام 2013، وأوضح صلوح طريقتين لا ثالث لهما لدخول المواد الأجنبية إلى الأسواق المحلية إما عبر إجازة استيراد نظامية، أو عبر الأمانات في الجمارك وفي حال لم تكن الطريقتان فالتهريب هو السبب.
وعن آلية منح إجازات الاستيراد قال صلوح: 4 آلاف بند جمركي مسموح استيرادها حالياً من أصل 6 آلاف قبل الأزمة، حيث عمدت الوزارة في عام 2013 إلى الترشيد عبر اعتماد معيارين في منح إجازات الاستيراد أولها: عدم وجود بديل محلي كالألبسة والأحذية، وثانيها: أن تكون ضرورية وليست كمالية، كالسكر والشاي والرز والبن ومعلبات الطن والسردين وكل ما يدخل في إعادة الإعمار والمواد الأولية للصناعة والتجهيزات الإلكترونية والآلات وقطع التبديل والأعلاف، ويمكن استيرادها من جميع الدول بما فيها الأوروبية باستثناء تركيا والسعودية.